مدينة أشباح أم مصيدة سياحية ” قصة جولدفيلد بأريزونا “
في زمن الغرب القديم، حيث تم اكتشاف الذهب في جبال سوبر ستيشن، والتي كانت تحتوي على خام ذهبي عالي الجودة، أدى هذا إلى تدفق المزيد من الناس إلى هذه المنطقة، حيث تم افتتاح منجم الماموث، والذي أدى إلى تشكيل مستوطنة جديدة حوله .
مدينة تعدين الغرب القديم
تمت إضافة هذا المنجم الجديد إلى أسطورة منجم الذهب الهولندي المفقود، الذي تم تداوله سابقا في وسائل الإعلام. وقد جذبت هذه القصة المزيد من المستوطنين، وخاصة عمال المناجم، إلى هذه المدينة. وتطورت جولدفيلد من مستوطنة صغيرة إلى بلدة تضم أكثر من ألف نسمة، وأصبحت رسميا مدينة بعد الحصول على مكتب بريد خاص بها في عام 1893. وقد بنى المستوطنون كنيسة ومدرسة ومخزن عام وسوق لحوم، وافتتحوا مصنعا للجعة وعددا قليلا من الصالونات ودار إيواء وفندقا. استمر نمو المدينة حتى جاء عصر الجفاف وأغلقت المناجم، ومع إغلاقها تراجعت البلدة، وغادر آخر سكانها بعد خمس سنوات من أن أصبحت مدينة .
في عام 1898، تم التخلي عن مدينة جولدفيلد وأصبحت معروفة بمدينة الأشباح، خاصة بسبب الرياح التي تجتاح مبانيها. حاول المنقبون البقاء في المدينة للبحث عن المنجم الأسطوري المفقود، وحاول البعض الآخر إعادة فتح المنجم القديم، ولكنهم لم يجدوا أي ذهب. في أوائل عام 1900، أحضر منقب ثري يدعى جورج يونغ معدات تعدين حديثة، مما جعله قادرا على إعادة فتح المناجم. تم إحياء المدينة مرة أخرى في عام 1921 تحت اسم يونغسبرغ، ولكن هذا النشاط لم يدم طويلا. بعد خمس سنوات أخرى، عادت المدينة لتصبح مدينة أشباح مرة أخرى .
الجذب السياحي في جولدفيلد اليوم
في عام 1966 انتقل عشاق مدن الأشباح والمناجم روبرت شوش وزوجته إلى هذه المنطقة، وقاموا بزيارة جولدفيلد، حيث عثروا حينها على القليل من الأساسيات، وعدد قليل من الأكواخ المتبقية من المدينة، ووجدوا كذلك الموقع الذي يوجد به مطحنة جولدفيلد، والتي اشتروها مع المنطقة المحيطة بها، وقرروا إعادة بناء المدينة، التي استغرقت منهم الكثير من العمل الشاق، والوقت الذي تعدى العشرين عام، ولكنهم نجحوا في النهاية، حيث قاموا أولا بإعادة بناء نفق التعدين، ثم مباني المدينة، واستغلالها في العمل كمدينة أشباح للزيارات السياحية، وذلك نحو عام 1988 .
في الوقت الحالي ، تعتبر جولدفيلد واحدة من أهم معالم الجذب السياحي في مدينة فينيكس بولاية أريزونا حيث توجد مبان قديمة بها محلات سياحية وبعض المقاهي ومتجر للآيس كريم. يمكن للسياح القيام بجولات داخل المناجم للبحث عن الذهب من خلال ركوب القطار. واحدة من أهم الأحداث السياحية في المنطقة هي “عرض منتصف الطريق” الذي يعقد في نهاية كل أسبوع ويتم إعادته كل ساعة، حيث يرتدي الممثلون الملابس الغريبة والقديمة ويطلقون النار في وسط الشارع الرئيس .
خلال عطلة نهاية الأسبوع، تكون المدينة في أوج حركتها وانشغالها، حيث تمتلئ مواقف السيارات، وتتجول الأسر في جميع أنحاء المدينة، وتزور المحلات التجارية المختلفة، وتكون القطارات مزدحمة عند مغادرة المحطة للذهاب إلى مناجم الذهب، ويوجد هناك مبنى بورديلو الذي يحتوي على محلات تجارية تبيع الهدايا التذكارية للسياح، وهناك مبنى قديم آخر يحوي مخبزا ومقهى، ويمكن التوقف في متجر الجلود والسجن وغيرها من الأماكن التي تلبي احتياجات السياح، وتحتاج كل جولة في مناجم جولدفيلد الإرشادية حوالي 25 دقيقة تحت الأرض، وتستغرق رحلة القطار 20 دقيقة، وتوفر المدينة ركوب الخيل وزيارة متحف الزواحف ومتحف جولدفيلد .
أسطورة الهولندي المفقود
من المعروف أن هذه الأسطورة تحتوي على كم كبير من الخيال، وهو الذي يؤمن به السكان المحليون بأريزونا. وبالرغم من أن الرجل الهولندي كان شخصا حقيقيا، إلا أنه لم يكن هولندي الجنسية، بل كان ألمانيا. وكان يقوم بالتنقيب عن الذهب وجاء إلى منطقة سوبير ستيتيوس بحثا عنه. وتقول الأسطورة أنه لم يجد الذهب، ومع ذلك أبقى الموقع سرا. وقد سمع سكان هذه المنطقة عدة حكايات مختلفة عن هذه الأسطورة، بما في ذلك نسخة في أمريكا ونسخة أباتشيش وإصدارات ألمانية متعددة. ولذا فإن تحديد ما هو حقيقي وما هو خيال في هذه الأسطورة يكون أمرا صعبا، ولكن من المرجح أنها تم إنشاؤها عن طريق وسائل الإعلام .
وكانت هناك العديد من الشائعات عن آلاف المناجم في منطقة الغرب الكبير، وكان منجم جولدفيلد واحد منهم، حيث ما زال يعتقد الناس أن هناك منجم ذهب مخفي في هذه المدينة، على الرغم من أن الجيولوجيين أثبتوا أنه لا يوجد مثل هذا الشيء، ويعتقد المؤرخين أن هذا المنجم هو الذي جلب هذه المدينة إلى الحياة .
نحن لا نعلم ما هي النسبة الحقيقة في ذلك، ولكن الأسطورة ما زالت باقية وحاضرة، وهي إضافة كبيرة لعادات وتقاليد أريزونا .