محاكاة العقل البشري
مع دخول الذكاء الاصطناعي إلى جميع مجالات حياتنا في جميع أنحاء العالم، يهدف نظام الذكاء الاصطناعي الحالي إلى محاكاة العقل البشري للتعلم
تاريخ محاكاة العقل البشري
المشكلة الخاصة بتقليد مستوى ذكاء الإنسان هي مشكلة قديمة ظهرت منذ ظهور الحواسيب الرقمية، حيث يعتبر جهاز تشارلز باباقي الحسابي في القرن التاسع عشر بداية لعمل أجهزة توازي قدرة العقل البشري في المنطق والحساب.
في منتصف القرن العشرين، ظهر علماء رياضيات عباقرة مثل كلود شانون ونوربيرت وينير وجون فون نيومن وألن تيورنج وغيرهم الذين أسسوا الأسس الأساسية لنظريات الحوسبة الرقمية وضمنوا الأدوات اللازمة لتطبيقها. في عام 1955 على وجه التحديد، قام مجموعة من الباحثين بطرح أول مشروع بحثي في مجال الذكاء الاصطناعي على مستوى العالم. في هذا المشروع، أشاروا إلى أنه إذا تم توجيه جهود عشرة من العلماء سنويا، فإنه يمكن تحقيق تقدم في مجال الذكاء الاصطناعي في غضون شهرين. وحتى اليوم، لا يزال هذا المشروع البحثي قائما بكل طاقته.
مشروع محاكاة العقل البشري
في يناير 2013، أعلنت المفوضية الأوروبية عن نتائج جائزة “المشاريع الرائدة FET Flagships” التي تبلغقيمتها مليار يورو من التمويل الحكومي، وتركز على المشاريع العلمية ذات التأثير الكبير، وكان من بين هذه المشاريع محاكاة العقل البشري.
وصلت ثلاث مشاريع سويسرية إلى المراحل النهائية، ولحسن حظ إحداها فازت على الأخريين، وتقيّم swissinfo.ch الوضع بعد مرور عام.
في سويسرا، بدأ الناس يتأقلمون مع هذا الواقع، حيث لا مجال للتعصب والضيق الأفقي، لأنه تم حظُّنا في أن يكون بلدنا مركزًا لعدة مشاريع علمية ذات أبعاد قارية
لم يتسبب إعلان نقل مشروع الدماغ البشري إلى جنيف في 29 أكتوبر 2013 في أي ردة فعل مستاءة من المسؤولين في المعهد التقني الفدرالي العالي في لوزان.
محاكاة عقل الإنسان وعلم النفس
في هذا الفرع من الذكاء الاصطناعي، يتم محاكاة عمل عقل الإنسان عن طريق بناء الشبكات العصبية وتمثيلها، وكبداية لمحاكاة عمل جزء صغير من عقل البشر، قام العلماء بتمثيل الخلايا العصبية في دماغ كائن حي بسيط على الأرض وهو الدودة “سي”، التي تحتوي على ثلاثمائة خلية عصبية، وقاموا بدراستها بشكل مكثف. ولكن تمثيل الخلايا العصبية ليس الطريق لمحاكاة كيفية عمل الدماغ، والذي يمكن من خلاله فهم آلية عمل الخلايا العصبية والإدراك. فعلى سبيل المقابل، يحتوي لحاء دماغ الإنسان على مائة مليون ضعف عدد الخلايا العصبية في دماغ الدودة “سي”، بالإضافة إلى أن الوصلات العصبية في دماغ الدودة تقارب سبعة آلاف رابط، مما يعني أن ما يقابل ذلك في دماغ الإنسان هو مائة بليون ضعف.
إن مشكلة التمثيل الصحيح للخلية العصبية والروابط العصبية والتفاعل فيما بينها يجعل عملية محاكاة عمل الدماغ أمر شبه مستحيل في الوقت الحالي، والدليل على ذلك هو أن أكبر تمثيل شبكة عصبية اصطناعية معروفة حتى الآن تحتوي على 64 مدخلا وحوالي 256مخرجا وخلايا عصبية في الوسط، حتى ولو قام العلماء بتطوير شبكة عصبية اصطناعية مكونة من ثلاث طبقات من الخلايا العصبية وكل طبقة تحتوي على 64خلية عصبية اصطناعية متصلة بكل خلية من الطبقة المقابلة، يعني ما مجموعه 17 مليون وصلة عصبية وهذا العدد لا يشكل إلا نسبة هامشية من تعقيد وصلات العقل البشري والبالغ قرابة 600 بليون ضعف.
بمعنى آخر، إذا حاول العلماء كتابة برنامج يحاكي تمثيل الخلايا العصبية في عقل الإنسان، حيث يتم تمثيل كل خلية عصبية بسطر برمجي، فسينتج لدينا برنامج يحتوي على عدد أكبر بـ 25 مليون ضعف من حجم برنامج نظام التشغيل ويندوز الذي يحتوي على 40 مليون سطر برمجي
محاكاة العقل البشري بالإنسان الآلى
حاول العلماء أن يقوموا بمحاكاة العقل البشري من خلال صناعة روبوت عمل باستقلالية تامة ويمكنه من التعلم عن طريق التفاعل مع البيئة من حوله والتصرف بذكاء البشر، ويضم هذا الفرع أيضا تفرعين هما فرع سايبرتك (cybernetics) وفرع الحوسبة الروبوتية (computerized robotics)، فجهاز تورنق (Turing) للحوار والذي صنع في السبعينات يعتبر أول نموذج روبوت لمحاكاة تمييز البشر.
تم استخدام هذا الجهاز للتواصل الطبيعي بين الإنسان والآلة. في بداية القرن الحادي والعشرين، نجح علماء كوريون في تطوير روبوت يدعى أزيمو الذي يتصرف مثل البشر، ويستطيع التعرف على الوجوه وتسلق الدرجات وتجاوز العقبات. كما قام علماء معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا (MIT) بمحاولات لإنشاء روبوت ذو عقلية طفل يبلغ من العمر سنتين يدعى كوق (Cog) وتعليمه مثلما يتم تعليم الأطفال بطريقة بنائية. هذه المحاولات تهدف إلى تحقيق حلم الإنسان الآلي (الروبوت) المستقل في تصرفاته وتفكيره.
حوسبة العقل البشري
يعرف بالنظرية الحسابية للعقل، وفي هذا الفرع يتم النظر للخلايا العصبية في عقل الإنسان على أنها رموز لا تحتوي على أي دلالة معنوية، أي أن عملها يقوم على تمثيل وظيفة محددة فقط، ويتم الاستفادة من هذا التمثيل في القيام بعمليات منطقية وحسابية لكمية بيانات كبيرة وبسرعة هائلة في وقت قصير.
فعلى سبيل المثال، عند معالجة نص مكتوب لمعرفة محتوى مقالة ما، يتم استخلاص كلمات النص من قيمتها المعنوية وتحويلها إلى رموز ضمن سياق معين للاستنتاج الفحوى. وقد سهم هذا الأسلوب الحسابي في تطوير Cyc، وهي أكبر قاعدة معرفية على الإنترنت، والتي أسسها دوغلاس لانيت، خبير الذكاء الاصطناعي. يزعم دوغلاس أن Cyc يحتوي على ما بين 30 و 50 بالمائة من المعرفة البشرية.
تطور نظام Cyc منذ إنشائه عام 1990م ليشمل أنظمة مساندة تساعده في الحصول على المعلومات وإدخالها إلى النظام بشكل آلي دون تدخل الإنسان.
يستخدم نظام قاعدة المعلومات Cyc من قبل وزارة الدفاع الأمريكية ومؤسسات مدنية أخرى لاستخراج المعلومات من الإنترنت وتوقع العلاقات المختلفة بينها والإجابة على الاستفسارات.
أخطاء شائعة حول الدماغ البشري
- النصف الأيمن من المخ هو الجانب العاطفي، بينما النصف الأيسر هو الجانب العقلي، الصحيح والخاطئ.
في النصف الأيمن، يتيح لنا التمتع بالفن والموسيقى وجمال الطبيعة، بينما يتحكم النصف الأيسر في وظائف مثل الكلام والكتابة والحساب
في الواقع، تعتمد المهام التي يتم تنفيذها بواسطة أحد الشقين على المناطق الموجودة في الشق الآخر، حيث يتم دائمًا تبادل المعلومات بين الشقين في الدماغ.
- كلما زاد حجم المخ، زادت الذكاء – خطأ
وزن دماغ ألبرت أينشتاين كان 1.25 كغم، وهذا هو المتوسط العام. فالمسألة ليست مسألة حجم أو وزن، بل تعتمد على التنظيم والروابط بين الخلايا العصبية التي تؤثر على القدرات الفكرية والعقلية للأفراد. وهذه المعايير تحددها الجينات والبيئة الاجتماعية.
- التفكير عملية صعبة – صحيح
يمثل الدماغ 2٪ فقط من وزن الشخص البالغ، مع ذلك، يتلقى 15٪ من الدم و يستهلك 20٪ من الأكسجين و25٪ من الغلوكوز، الذي يستهلكه الجسم كله، وعندما نقوم بنشاط عقلي، فإننا نستهلك مزيدا من الجلوكوز والأكسجين. وبخصوص الطاقة، يستهلك الدماغ ما يعادِل 10 إلى 25 واط، تبعا لمستوى النشاط والتركيز.