متى يغير الله تعالى حال المجتمع
سنة التغيير من سنن الله
التغيير هو سنة من سنن الله تعالى، تعمل بنظام وإحكام وانتظام تام ومتناهٍ، وهي علم مطلق لا يتغير ولا يتبدل، ولا يحابي أحدًا على آخر، ولا تفرق بين أمة وأخرى، إذ إنها نظام وضعه الله تعالى في كل شيء في الكون، وعلى الرغم من تغير الكثير من الأمور في الكون
- تولد نجوم وتموت أخرى.
- وينزل الغيث بعد الجفاف: وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ مِنْ بَعْدِ مَا قَنَطُوا وَيَنشُرُ رَحْمَتَهُ [الشورى: 28].
- وأرض تحيا بعد الموت: وَآيَةٌ لَهُمُ الأَرْضُ الْمَيْتَةُ أَحْيَيْنَاهَا [يس: 33].
- ليل ونهار يتعاقبان نور وظلام: وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُورًا [الفرقان: 62].
- التغيير في البشر كثير سواءً كان في مراحل الخلقة: وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ مِن سُلَالَةٍ مِّن طِينٍ ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَكِينٍ ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ [المؤمنون: 12 – 14].
- تغير الأحوال وتبدلها، من قوة إلى ضعف: اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفًا وَشَيْبَةً [الروم: 54].
- من عز إلى ذل: قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ [آل عمران: 26]. من غنى إلى فقر، ومن فقر إلى غنى: اللَّهُ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ[الرعد: 26].
التغيير في حال المجتمع
- يتم التغيير في حال المجتمعات وفقا لنظام إلهي منظم، ولا يكون تغييرا عشوائيا. وذكر الله -تعالى- قانونه في التغيير، عندما قال: “إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم [الرعد: 11].
- هذه سنة ثابتة لا تتغير باختلاف الأفراد أو المجتمعات، فالله يرفع أقواماً ويذل أقواماً، ويرزق بنعم ويمنع بعضها، وينقل المجتمعات من الفقر إلى الغنى، ومن الغنى إلى الفقر، ومن القوة إلى الضعف والعكس، وهكذا..
أسباب التغيير في المجتمع والأفراد
لا شيء يحدث بدون سبب حتى التغيير من حال إلى حال يحدث بسبب وقانون الله لا يجامل أحداً فإذا غير الناس حالهم أو إذا غير المجتمع حاله غير الله عليهم ونفذت سنته فيهم فحدوث التغيير من الله مترتب على حدوثه من البشر أولًا أي أن تغيير الله لما بالناس، يأتي بعد أن يغير الناس ما بأنفسهم.. سواء كان ذلك تغيير جيد أو سيء فإن كان حسناً فحسن، وإن كان سوءً فسوء، وفي الآية تم ذكر هذين التغيرين:
- التغيير الأول: يُحدثه الله: إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ [الرعد: 11].
- والتغير الثاني: يحدثه الناس: حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ[الرعد: 11].
لا يتغير شيء حتى يقوم الناس بتغيير ما في أنفسهم من التزام ديني إلى عدم التزام، أو بالعكس، فالناس هم من يختارون لأنفسهم ويتحملون مسؤولية ونتيجة اختياراتهم .
كل ما يحدث للإنسان من نعم ونقم لا يحدث بالصدفة ولكنه نتيجة للأسباب والظروف والتغييرات التي يتسبب فيها الإنسان .
اقوال علماء الدين عن التغيير سنة الحياة
- يقول الشيخ الشعراوي رحمه الله: وفقًا لهذا القانون الإلهي، يجب أن يتم مواجهة تغيير الناس من الإيمان إلى الكفر بتغيير في نعمة الله عليهم، وإلا فإن منهج الله لن يكون له قيمة.
ويقول أيضا: “وما دام الإنسان قد غير، لابد أن يغير الحق النعمة إلى نقمة، ومن رحمته سبحانه أنه شاء أن يكون الإنسان هو البادئ، فالحق سبحانه منزّه أن يكون ظالما أو بادئا بالعقوبة، بل بدأ الإنسان بظلم نفسه. ولذلك يقول الحق سبحانه وتعالى: {ذٰلِكَ بِأَنَّ ٱللَّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّراً نِّعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَىٰ قَوْمٍ حَتَّىٰ يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ}[الأنفال: 53]. - ويقول الإمام ابن جرير الطبري عند تفسير هذه الآية أيضا: “يَقُول ـ تَعَالَى ذِكْره: إِنَّ اللَّه لَا يُغَيِّر مَا بِقَوْمٍ مِنْ عَافِيَة وَنِعْمَة فَيُزِيل ذَلِكَ عَنْهُمْ وَيُهْلِكهُمْ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ مِنْ ذَلِكَ: بِظُلْمِ بَعْضهمْ بَعْضًا، وَاعْتِدَاء بَعْضهمْ عَلَى بَعْض، فَتَحِلّ بِهِمْ حِينَئِذٍ عُقُوبَته وَتَغْيِيره.
- وأخرج ابن أبي حاتم أثرا عن إبراهيم قال : أوحى الله إلى نبي من أنبياء بني إسرائيل أن يقول لقومه: إنه ليس من أهل قرية ولا أهل بيت يكونون على طاعة الله فيتحولون منها إلى معصية الله، إلا أن الله يحولهم عنها إلى ما يحبون ويكرهون. ثم قال: إن تصديق ذلك مذكور في كتاب الله: {إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم} .
كيف يبدأ تغيير النفس
لكي يحدث التغيير يجب معرفة أن :
- يأتي التغيير من الداخل، حيث يجب أن تكون رغبتك في التغيير حقيقية وليست سطحية فقط. فإذا أردت أن يغير الله حالك إلى ما تحب، فيجب عليك أن تغير نفسك لتكون مطيعًا لله وتفعل ما يحبه الله .
- أن الواقع الذي نعيشه بكل ما فيه هو مسؤوليتنا نحن بمعنى أن الأمة إنما أوتيت من داخلها، {قل هو من عند أنفسكم} ولن يتم تغيير ما يحدث إلا إذا غيرنا نحن ما بأنفسنا من ظلم وفساد وحروب وخداع ونفاق وتخلف وبعد عن منهج الله.
- يجب أن يحدث التغيير في نفوس الناس أولًا، قبل أن يحدث في الأحوال الخارجية، وبالتالي يحدث التغيير بناءً على ما يوجد في نفوس الناس من شر أو خير، ويتم إما تحقيق التغيير للأفضل أو للأسوأ.
- يمكن تغيير الواقع عندما يريد الناس ذلك وعندما يقومون بتغيير أنفسهم.
- يجب على الأفراد تغيير أنفسهم بشكل حقيقي قبل دعوة الآخرين للتغيير، فالتحدي الحقيقي يكمن في تغيير الذات حتى يكونوا لله كما يريدون حقًا قبل أن يطلبوا ذلك من الآخرين .
- لتحقيق التغيير، يلزم الشجاعة والصبر والحكمة، ولكنه يجلب الجزاء في النهاية .
- الله قادر على تغيير الوضع في لمح البصر، لذا لا تفقد الأمل أو تستسلم لأي صعوبات تواجهك .
- الآيتان المذكورتان تستخدمان صيغة الجمع “لا يغير ما بقوم حتى يغيروا.” وبالتالي، فإن التغيير الحقيقي في المجتمع لن يحدث إلا إذا كان التغيير موجودا في أغلب الناس، وإذا كان حقيقيا في نفوس جمع كبير ووسطهم، أو على الأقل، إذا تكاتفت وتعاونت مجموعة من الناس لتغيير واقعهم ليستحقوا نصر الله، وفي الحديث الشريف “لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق لا يضرهم من خذلهم ولا من خالفهم حتى يأتي أمر الله، وهم على ذلك.
تعريف التغيير
- التغيير في اللغة: التحويل يعني تغيير حالة الشيء وإزالته عن حالته السابقة.
- ويقال: إذا قمت بتغييره، فإنني أقوم بإزالة الأول ووضع الثاني بدلاً منه.
سنن الله تعالى وواجبنا نحوها
لله في الأرض سنن وحكم، وهذه السنن تجعل من يفهمها قادرا على تفسير ما يحدث وفهم التحولات المحيطة به وكذلك توقع النتائج المتعلقة بها .
من واجبنا تجاه السنن أن :
- نحن نسعى لاكتشاف السنن والتدبر في طريقة عملها.
- تفسير الأحداث عن طريقها : يتم ذلك عن طريق فهم الناس لسنن الله فيما حدث مسبقًا، ثم ربطها بالواقع الذي يعيشونه حتى يتمكنوا من فهم الرؤية وتوضيحها لهم .
- الرؤية المستقبلية للأحداث: أي توقع العواقب الناتجة من الأسباب .
- نحن بحاجة لاستخدام تلك السنن لإحداث تغيير إيجابي في مجتمعاتنا وحياتنا