متى بدأ التدوين عند العرب
بداية التدوين عند العرب
هناك أدلة عديدة تشير إلى أن التدوين بدأ قبل التاريخ المعروف حاليا، وأن الصحابة كانوا يدونون الأحاديث النبوية وسيرة الرسول محمد ويحفظون هذه الدفاتر كوراثة من جيل إلى جيل، وأن بعض الصحابة كان لديهم دفاتر خاصة بهم للكتابة والتدوين، وأن هذه الدفاتر أصبحت روافد لمجاميع ومدونات كبيرة، ومع مرور الزمن، فقد اختفت معظم هذه الدفاتر .
فبداية التدوين والكتابة التاريخية إنما شرعت في بدايتها من حوالي قرن على أقل تقدير عما كان يعتقد الباحثون ، وأن دراسة العربي الذي ظل كامناً بالصدور وبالذاكرة وصولاً لأواسط القرن الثاني ولكن هذا الا يعد سوا خرافة . لقد استخدم لفظ التاريخ في الآونة الأخيرة على الكثير من المعان المتقاربة، فهو يعني التاريخ العام، وهو تسجيل ابرز الاحداث كما وردت في تاريخ الطبري قبل ظهور الإسلام وبالكتب الأخرى.
كما ظهرت الحوليات، والتي تعني تدوين الاحداث عاماً بعد عاماً كتاريخ الطبري بعد الإسلام وتاريخ إبن الأثير واخرين مثلهما ، وهو يفسر تدوين الأخبار بترتبها ووفقاً للعصور، كسيرة بني أمية بعنوان بن الحكم ، ومعناه التراجم، كما يوجد في كتاب “إخبار العلماء بأخبار الحكماء” لابن القفطى ومعجم ابن خلكان واخرين .
وتعرف أيضاً على مصنفات مختلفة عن المصنفات التاريخية بإختلافاً ضخماً ، كالتاريخ الهندني للبيروني، إذ هو أقرب مثل للمصنفات بالبحوث العقلية منه للمصنفات التاريخية، وهذا معناه إلى جوار كل هذه المعاني، الدليل اللغوي الأول، أي توضيح بداية الأخبار المتخصصة لكل عصور من العصور، أو حساب الآزمنة وحصرها، أو توضيح وقت الاحداث بشكل محدد ودقيق.
ولضرورة البحث بالتاريخ ولاهمية التدوين ، قام الدكتور حسين نصار بكتابه عن بداية التدوين التاريخي لدى العرب موضحاً تاريخ بداية التدوين بالعصر الجاهلي ومع ظهور الإسلام، ثم تكلم عن بعض المؤرخون وكتابنهم بالتاريخ مثل : زياد بن أبيه، دغفل النسابة، عودة بن الزبير، سليمان بن طرفان واخرين .
ثم يتناول الكتاب في فصوله أشكال الكتابة التاريخية، التي بدأت من خلال تيارين متنوعين. التيار القديم يتألف من القصص الخيالية والأساطير الشعبية، أما التيار الحديث الذي استخدمه الإسلام فيعرف بالسيرة .
التدوين التاريخي في الحضارة العربية الإسلامية
لا يزال غموض نشأة التأليف وعصر الكتابة عند العرب يؤدي إلى الكثير من الأخبار. تعتمد المصادر الخاصة بهم بشكل رئيسي على الكتب التي ترجع إلى الأجيال السابقة، سواء كانت هذه الكتب قد تم تأليفها في مراحل مبكرة مثل كتاب سيبويه وكتاب مالك وكتاب الشافعي وكتاب الجاحظ، أو في وقت لاحق مثل القرن السابع وما بعده. لا توجد الكتب التي استندوا إليها في تأليف كتبهم، ولا يوجد مؤشر على أنهم قاموا بكتابتها اعتمادا على الذاكرة. وإذا كان هذا صحيحا في القرن الثاني، فإنه لا ينطبق على القرون اللاحقة .
والذي يصعب الأمر أن التكلم عن فقدان كتب التراث، وإحراقها وقتها ، أو تقطعها ورميها في النهر وقت آخر يجعل المهتم بالامر مكتوف الأيدي ، أمام ما اتى من أخبار، ومعلومات عن هذا العصر، وما سجل وكتب به من مؤلفات، بدافع أنه قد يكون تم احراق القديم منها ، أو القيا بها بالنهر. والحقيقة أننا نحتاج لأن نكرر النظر في العديد من التصورات التي ورثت من هذا .
اولاً أن التدوين كان به ، وأن كل ما كان عند العلماء من قبل كان عبارة عن روايات شفوية، يحتفظ بها العلماء والرواة بصدورهم، وهي حقيقة تنكلاها الروايات الأخرى التي تقول أن العرب تعرفوا على الكتابة بمراحل حديثة من حياتهم الحضارية، فقد اتت مرويات عديدة توضح أن الكتابة كانت فالعادة عند العرب من قبل الإسلام، وأنه قد تم التدوين ما يروه باحتياج لذلك.
في حال تجاهلنا تاريخ كتابة اليهود الشهير في اليمن ونجران ويثرب والشام والعراق، ووجود بعض اليهود العرب الذين عرفوا بأسمائهم وقرؤوا كتب اليهود والنصارى، فإن قصة قريش بمقاطعة النبي وآل بيته من ابناء هاشم بالشعب وتعليقها في الكعبة وانتشارها بين أصحاب السير يدل على أن كتابة المواثيق والعهود وتقييد الأمر الهام كان شائعا وهذا ما تم ذكره في آية الدين بسورة البقرة، وفي نفس الوقت طلب من الناس كتابة البيوع الآجلة وتدوينها.
مراحل التدوين عند العرب
ولتوضيح الامر ، يجب ان يتم الاشارة الى الجانب الذي اتبعت في استقبال الرواية وتنقلها و عرف العرب الكتابة ، والتي عرفت بطرق التحمل ، حيث كان التلميذ يأخذ من شيخه القصة وينقلها بطريقته الى الذين سيكونوا لاحقاً تلاميذه، وطرق النقل حتى التدوين هي:
- السماع: السماع يتضمن استماع الشيوخ إلى كلامهم سواء من كتابتهم أو مما حفظوه، وبواسطته يوضح للسامع في حالة سماعه لأحد هذه العبارات: (حدثنا) و (أخبرنا) و (أنبأنا) و (قال لنا) و (ذكر —). كما هو مثال للخطيب البغدادي: العبارات مثل (سمعت) ثم (حدثنا) و(حدثني). واندثرت هذه الطريقة تدريجيا مع تطور الكتابة .
- القراءة على الشيخ: يعتبر الكثير من المحدثين أنها عرضة، حيث يلقي القارئ ما قرأه على الشيخ بنفس طريقة قراءة القرآن للقارئ. بغض النظر عن مصدر القراءة للطالب، سواء كانت من الكتاب أو الحفظ، وبغض النظر عما إذا كان الشيخ حفظ ما قرئ عليه أم لا. إذا عرف الأصل، فإنه يؤدي إلى ثقة الاعتماد.
- الاجازة: هناك أنواع متعددة، والأفضلية تكون للوصف المحدد، على سبيل المثال: أعطيتك الكتاب المذكور، أو محتوى قائمة المراجع الخاصة بي. وتعتبر هذه الاجازة العامة من الأمور المتاحة للتعامل.
- المناولة: يمكن تقديم الخدمة الصوتية بنظام الدفع بالأجرة، حيث يسدد الشخص مقابل سماعه للكتاب، ويوجد نوع آخر من الخدمة من غير أجرة، يتم فيه تناول الكتاب فقط بناء على ما يسمعه المتكلم، ولا يقال عنها “رأت عن .
- المكاتبة: فكرة هنا هي أن يكتب له بأمر من كلامه، فإذا سمح له في الرواية عنه فإنه يعتبر مثل المناولة المقترنة بالإجازة، وإذا لم يكن بها إجازة، فهو معروف بين أهل الحديث.
- الإعلام: يتم تعليم الشيخ الطالب عن طريق إخباره بأن هذا الكتاب مأخوذ من رواية أو سماعه، ويعتمد فقط على ذلك. وتجوز الرواية فيه العديد من أصحاب الحديث والفقه والأصول والظاهر
- الوصية: الوصية هي أن يتم تعيين شخص آخر لكتابة الرواية في حالة وفاة الراوي أو سفره. وبعض السلف قد منحوا الشخص الموصى به كتابة الرواية وصية، وكان هذا يشبه مناولة الرواية ونقلها .
- الوجادة: يمكن أن يحتوي الحديث أو الكتاب بخط الأشخاص على أي شيء يروونه عن شخص ما، ويتم ذلك عن طريق الحكايات، ويمكن أن يتم ذلك بالإشارة إلى الخط الذي كتب به شخص معين، ويتم توثيق الإسناد والمتن، وهذا الأمر متبع في العمل القديم والحديث .