ما هي نظرية الوكالة
تعريف الـ Agency Theory
نظرية الوكالة أو نظرية التفويض تفسر العلاقة بين الوكيل والموكل في مجال إدارة الأعمال والاقتصاد. تعتمد هذه النظرية على فكرة منح الوكيل الصلاحية للقيام بالمهام نيابة عن الموكل بما يحقق مصلحته الأفضل. ظهرت هذه النظرية نتيجة الدعاوى التي أكدت أهمية فصل الملكية عن الإدارة في عالم الشركات. تدرس هذه النظرية في الأساس العلاقة بين المدير التنفيذي للشركة كونه الوكيل وبين الملاك والمساهمين كونهم الموكلين.
ويرجع تاريخ هذه النظرية إلى وقت ظهورها في عام 1970 على إثر المشكلات التي طرأت على الشركات والمؤسسات ، وقد كان لظهور نظرية الوكالة أهداف تمثل في تفسير المشكلات الأخلاقية التي تظهر في الشركات ، وظهر الاهتمام بدراسة منظور الوكالة بعد ظهور عدد من الشركات غير الكفءة ، التي أظهرت وجود وكلاء يعملون لتحقيق مصالح ذاتية ، على حساب مصالح هذه الشركات ، حيث أن هذا المنظور يعكس تصوراته حول المديرين على أنهم وكلاء ، ولهذا السبب ، أصبح منظور الوكالة هو النهج الرسمي المؤسسي المعتمد عليه في تحليل الممارسات الواقعية في مجال حوكمة الشركات.
رواد نظرية الوكالة وإسهاماتهم
في عام 1932، قام كل من بيرلي ومينز بتقديم إسهامهم العلمي في نظرية الوكالة، من خلال إبراز نتائج فصل الملكية عن الإدارة. يعتبر مبدأ فصل الملكية عن الإدارة مثالا مركزيا في نظرية الوكالة، والتي تؤسس علاقة الوكالة بين الأطراف. وهذا ينتج عنه مشكلات الوكالة بين الطرفين. في عام 1958، قدم كل من ميرتون ميلر وفرانكو موديلياني إضافاتهم النظرية على نظرية الوكالة، حيث أقروا مبدأ “التوازي بين المصالح” في علاقة الوكالة لتحقيق القرار الأمثل الذي يتسم بالحيادية ويحقق المصلح .
في عام 1972 قُدمت ورقتان حول هذه النظرية واللتان كانت بمثابة مبادرتين مختلفتين ، تمثلت الأولى في تقديم ورقة لروز حول الوكالة الاقتصادية ، و مشكلاتها واقتراح حلول لحث الوكيل للالتزام بمصلحة الموكل ، وقد أكد روز في ورقته على أن الوكالة هي رؤية شاملة ومتعددة المجالات بينما جاءت المبادرة الثانية لمتنك حول العقلانية التوكيلية.
فرضيات وأسس نظرية الوكالة
تقوم نظرية الوكالة ، على عدد من الفرضيات ، و الأساسيات الني تعكس علاقة الوكالة ، التي تتم بين الطرفين ، الوكيل والموكل ، حيث تقوم قاعدة المنظمات الأساسية على كفاءة التكاليف ، و إدارة المخاطر ، كما تقوم القاعدة الثانية على وجود علاقة تعاقدية بين طرفين أساسيين ، الوكيل الذي يقوم بخدمة الطرف الموكل ، وبين الطرف الموكل ، الذي يقوم بتفويض الطرف الوكيل من أجل القيام نيابة عنه ، بتأدية مهامه ، وفق أفضل تفضيل ، وأفضل مصلحة للطرف الموكل ، حيث تعتبر هذه العلاقة ، بين هذين الطرفين ، هما وحدة التحليل لدراسة النظرية ، في مجالي الاقتصاد ، ومجال إدارة الأعمال.
تعتمد الفرضية الثانية على أهمية تجنب الشركة المخاطر، وأن الطرف الوكيل يسعى لتحقيق مصلحته الذاتية وتكون عقلانيته محدودة، وهذا يعكس سلوك الأفراد داخل الشركات. تنشأ مشكلة تعارض الوكالة بين الطرفين أو ما يعرف بمشكلة تضارب المصالح، ولكن الكفاءة تعتبر المعيار الأساسي لتقييم المنظمة أو الشركة.
تتأسس الفرضية الثالثة على افتراض وجود فجوة في العلاقة بين الوكيل والموكل بسبب ظهور مشكلة أساسية تتمثل في “عدم تماثل المعلومات”، وهي السبب الحقيقي الذي يؤدي إلى تغلب المصلحة الذاتية للوكيل على المصلحة الأساسية للموكل.
يعتبر الخطر الأخلاقي وتعارض المصالح أهم مشكلات الوكالة، حيث ينتجان عن سعي الوكيل لتحقيق مصالحه الخاصة دون الاهتمام بمصالح الطرف المفوض له، وهو الطرف الموكل.
أطراف نظرية الوكالة في الشركات الخاصة
يعتبر كل من المدير التنفيذ في الشركة ، و المساهمون stack holders ، والملاك owners ، بمثابة الاطراف الذين تربطهم علاقة الوكالة ، في بيئة الشركات الخاصة ، حيث يشترك كل من الملاك ، وأصحاب المصالح في مصالح واحدة ، ويقومون بتفويض المدير التنفيذي في الشركة ، للقيام بمهامه الرسمية ، بما يحقق مصالحهم.
حيث يكون هناك فصل واضح ، بين الملكية ، وبين الإدارة ، فلا يمكن للمساهمين تولي عملية الإدارة ، حتى لا يحدث تحيز ، بل يكون هناك نوع من الاقصاء ، في عمليات صناعة القرارات ، خاصة للمساهمين ، الذين يكون لهم نسبة أعلى في الأسهم ، حتى لا يتحيز هذا المساهم في قراراته لصالح مصالحه الخاصة ، وأسهمه في الشركة.
من ناحية أخرى، يمكن أن يكلف المدير التنفيذي بشكل مباشر بتنفيذ مهام الإدارة، حيث يعمل وفقا للمصالح المثلى للأطراف المعنية، المساهمين وأصحاب الشركات. وعلى الرغم من وجود شركات تفوض إدارتها للمدير التنفيذي، إلا أن هناك شركات أخرى يقوم أصحابها بإدارة شؤونهم بأنفسهم، بما في ذلك شركاتهم.
يحدث خلل في العلاقة بين الوكالة والمدير التنفيذي في الشركة عندما يسعى المدير التنفيذي لتحقيق مصالحه المالية الشخصية على حساب مصالح المساهمين وملاك الشركة. هذا بدوره يؤدي إلى حدوث ظواهر متنوعة مثل الفساد والاحتيال وغيرها، نتيجة لسعي المدير وراء مصالحه الشخصية واستغلال المعلومات التي يمتلكها، ويستغل سلطته بشكل غير مشروع.
الحوكمة ونظرية الوكالة
الحوكمة هي أحد الآليات المرتبطة بنظرية الوكالة، حيث يتم تطبيقها من قبل الشركات لضمان مراقبة سلوك المديرين التنفيذيين والعاملين في الشركات، من أجل تحقيق مصالح الملاك والمساهمين بدون تحقيق مصالحهم الخاصة. تعتمد الحكومة أيضا على قواعد الحوافز لتحفيز الوكلاء للعمل في مصلحة الطرف الموكل وليس لتحقيق مصالحهم الشخصية. بالإضافة إلى ذلك، توجد قواعد لضبط السلوك لتحقيق الفصل بين مصالح الوكلاء والموكلين، وتعزيز المصلحة الأساسية للشركة التي تسعى لتحقيق الربح ومصالح المساهمين، وذلك لضمان استمراريتها في السوق التنافسية. فالفساد، الذي ينتج نتيجة لتجاوز الوكيل لتحقيق أهدافه الشخصية، يؤدي إلى تدمير مصالح الشركة وعجزها عن البقاء أمام الشركات الأخرى في السوق.