ما هي مزامير داود
كان داود -عليه السلام- ينتمي إلى بني إسرائيل وكان في بداية حياته فقيرا ويعمل في رعاية الأغنام. ثم نشبت حرب بين طالوت، ملك بني إسرائيل، وجالوت، عدوهم. فانضم داود – عليه السلام – إلى جيش طالوت، وأثناء المعركة، هرب جميع الجنود باستثناء داود – عليه السلام – الذي أصبح الجندي الوحيد في جيش طالوت، وظل بقية الجنود معه بعدد قليل. وبشكل غير متوقع، قتل داود جالوت، مما جعله يحظى بمكانة كبيرة بين قومه. وبعد وفاة طالوت، تولى داود الحكم وأصبح ملكا. وبعد فترة قصيرة، أنعم الله – عز وجل – عليه بأن جعله نبيا ومنحه العديد من المعجزات التي أعطاها الله – عز وجل – له، منها قدرته على صنع الحديد بيده كما ذكر في قوله تعالى: (وقتل داوود جالوت وآتاه الله الملك والحكمة وعلمه مما يشاء) .
مزامير داود في القرآن
جاء ذكر مزامير داود في القرآن الكريم وفي السنة النبوية المطهرة فقال : -عليه الصلاة والسلام- فقد جاء عن عائشة -رضي الله عنها- أنها قالت: ( أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ سمِعَ صَوتَ أبي موسى الأشعَريِّ وهو يَقرَأُ ، فقال: لقد أُوتيَ أبو موسى مِن مَزاميرِ آلِ داودَ) ، وهذا يدل على أن صوت سيدنا داود كان جميلاً وهي هبة أعطاها الله – عز وجل – له كما أنه أنزل عليه كتاب الزبور ، وكان عندما يقرأ آيات من كتاب الزبور يقرأها بكل قوة وصدق ، وصوت رائع .
وقال أغلب أهل العلم أن المقصود بمزامير داود هو الصوت الرائع الذي كان يمتلكه نبي الله داود – عليه السلام – ، فقد بلغ من جمال صوه أن الطيور والحيوانات ، وجميع أنواع المخلوقات كانت تقف وتسبح مثل ما يسبح ، وتقرأ كتاب الزبور الذي أنزله الله -عز وجل – عليه ، فأن صوته كان لا مثيل له على مستوى العالم كله ، وكان على الرغم من ذلك سريعاً في القرأة فقد جاء في الحديث عن الرسول – صلى الله عليه وسلم – أنّه قال: ( خُفِّفَ علَى داوُدَ القِراءَةُ، فَكانَ يَأْمُرُ بدابَّتِهِ لِتُسْرَجَ، فَكانَ يَقْرَأُ قَبْلَ أنْ يَفْرُغَ – يَعْنِي – القُرْآنَ ) ، فكان داود -عليه السلام- يقرأ الزبور مقدار سرج دابّته وذلك لما وهبه الله -جلّ وعلا- من خفة القراءة وسهولتها .
مزامير داود الأصلية
يزعم اليهود أن داود -عليه السلام- هو أول من أسس دولة اليهود وأنشأ لهم دولة كاملة، وهو أيضا أول من جمع بني إسرائيل وأرسى أسس دولتهم بعد أن كانوا منتشرين في كل مكان، ويقال أنه -عليه السلام- هو أول من ساعد في كتابة المزامير بيده في جميع الأسفار المقدسة، والمزامير هي أجزاء وفصول الكتاب المقدس التي أتت بها موسى -عليه السلام.
ولهذه المزامير موقفٌ معادٍ للإسلام فقد تم تحريفها وتشويهها لتناسب أهواء اليهود ومعتقداتهم ، وهذا لأنه هذه المزامير لا تريد أن يوجد الإسلام ، ولا أن يكون له أثر في الدنيا كلها ، على الرغم من أن الإسلامي لا ينفى وجود نبي الله داود – عليه السلام – ويرفض أي قول من الأقوال التي تريد تشويه صورته الشريفة ، ولكنه يختلف مع اليهود في تعريف المزامير ، كما أن الإسلام يرفض كل الكتب التي تتهم نبي الله -عليه السلام – بفعل الفواحش ، والزنا ، والقتل ، وهذا لأن الإسلام جعل للأنبياء كلهم مكانة رفيعة بعيدة عن الخطأ ، فهم معصومين من الخطأ ، والفواحش التي يقع فيها العباد ، لذلك فأن الإسلام يرفض كتب المزامير القديمة لما وقع فيها من التغيير ، والتحريف الواضح .
حقيقة استخدام داود للمزمار
- الإسلام منع الكثير من الأشياء التي كانت مباحة قبله، وعلى سبيل المثال، ليس المقصود بـ `مزمار داود` المزمار نفسه، بل الصوت العذب الذي يخرج عند تلاوة الكتاب الذي أنزله الله – عز وجل – عليه. فمن غير الصحيح القول بأن داود عليه السلام كان يستخدم المزامير للتسبيح، ولا يوجد دليل شرعي يدعم ذلك. والمقصود من قوله صلى الله عليه وسلم لأبي موسى الأشعري: `لقد أوتيت مزمارا من مزامير آل داود` في روايتي البخاري ومسلم هو أن الرسول – صلى الله عليه وسلم – أعطى الصحابي الجليل صوتا جميلا مثل صوت داود – عليه السلام – وشبهه بالنبي داود .
- قال النووي رحمه الله في “شرح مسلم” : ” قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيّ : ( أُعْطِيَ مِزْمَارًا مِنْ مَزَامِير آلِ دَاوُدَ ) قَالَ الْعُلَمَاء : الْمُرَاد بِالْمِزْمَارِ هُنَا الصَّوْت الْحَسَن , وَأَصْل الزَّمْر الْغِنَاء , وَآلُ دَاوُدَ هُوَ دَاوُدُ نَفْسه , وَآلُ فُلَان قَدْ يُطْلَق عَلَى نَفْسه , وَكَانَ دَاوُدُ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَسَن الصَّوْت جِدًّا “.
- وقال العراقي في “طرح التثريب” : – وبالمزمار هنا يقصد الصوت الجميل، وأصل كلمة المزمار هو الآلة التي يستخدمها، حيث يشبه صوته ونغمته صوت المزمار… وكانت القراءة هي أقصى مستوى للجمال في الصوت .
وقال الحافظ ابن حجر في “فتح الباري” : ” وَالْمُرَاد بِالْمِزْمَارِ الصَّوْت الْحَسَن , وَأَصْله الْآلَة أُطْلِقَ اِسْمه عَلَى الصَّوْت لِلْمُشَابَهَةِ ” . - هذا مشابه لقول أبي بكر رضي الله عنه عن الغناء، إذ يعتبره مزمار الشيطان. وعندما دخل أبو بكر على عائشة، وكان النبي صلى الله عليه وسلم عندها في يوم الفطر أو الأضحى، وكانت لديها قينتان يغنيان بما تقاذفت به الأنصار في يوم البعث، فقال أبو بكر: `مزمار الشيطان!` مرتين. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: `اتركهما يا أبا بكر، فإن لكل قوم عيدا، وإن عيدنا هذا اليوم.` ولم تلعب أي جارية على مزمار حقيقي، بل كان هذا تشبيها للغناء بالمزمار، وذلك لأنه يشير إلى الفرحة .
فضائل داود عليه السلام
- يُعرف عن داود – عليه السلام – أنه كان متفرغًا لعبادة الله – عز وجل – بالليل والنهار، فكان يصوم النهار، ويذكر الله – عز وجل – طوال الليل، ويسبحه، ويترنم بقراءة الزبور الذي أنزله الله عليه .
- وقد أعطى الله -عز وجل- النبي الكثير من المعجزات، منها أنه جعل الحديد يميل له، وجعله يفهم لغة الطير .
- عندما يكون الحديد بين يديه، يكون كالعجينة، ويستطيع صنع العديد من الأشكال دون استخدام النار أو المطرقة، ويستخدم لصنع الدروع التي تحمي الجنود من الأعداء وتصد الخطر في الحروب والمعارك.
دعوة داود عليه السلام
- كان داود -عليه السلام- يبلغ من العمر أربعين عامًا حتى اختاره الله -عز وجل- نبيًا وملكًا، وعلمه كل ما يريد وأعزه وأكرمه، فلا يوجد إكرام أكثر من أن يختاره الله نبيًا ويخصه بالدعوة والتبليغ.
- دعا نبي الله في سن كبيرة إلى الله -عز وجل- وعبادته وحده، والإيمان بالتوراة والزبور، والإيمان بجميع ما جاء بها .
- يجب الإيمان بأن الله هو الوحيد الذي يستحق العبادة، حيث أنه هو الذي خلق الكون بأكمله من الصغير إلى الكبير، وهو الواحد الأحد،وأن الله هو الذي يتحدث عنه المعجزات التي تؤكد أنه نبي من عند الله .