علاقة الإنسان بوطنه هي علاقة مقدسة، ويجب على كل إنسان الحرص على حماية وطنه والزيادة عنه ضد الخونة والعملاء، وقد أوصانا الخالق عز وجل ورسوله الكريم، صلى الله عليه وسلم، بضرورة العمل على رفعة الوطن وحمايته وتعزيز روح الانتماء إليه وأداء حقوق الوطن على أبنائه .
مفهوم المواطنة
يُشير مُصطلح المواطنة إلى العلاقة الاجتماعية التي تنشأ بين الإنسان وبين الوطن الذي يحيا ويقيم به وينتمي إليه ويحمل جنسيته ويخضع إلى القوانين المنظمة لهذا الوطن ، ويحصل كل مواطن داخل الدولة على حقوقه كاملة بالمساواة مع باقي المواطنين دون تمييز ، ومن ناحية أخرى ؛ تشير المواطنة أيضًا إلى قيام كل مواطن أيضًا بأداء واجباته تجاه هذه الدولة ، وبالتالي فإن هذا المُصطلح هو التوصيف الدقيق للعلاقة المتوازنة بين المواطن والدولة .
قيم المواطنة
تعتبر قيم المواطنة جزءا لا يتجزأ من القيم الإسلامية التي تحثنا دائما على الحفاظ على قيم الاحترام والعدل والمساواة وحب الوطن، وأهم أبعاد وقيم المواطنة هي
– يجب التحلي بالحرص على بناء علاقات إيجابية تتسم بالاحترام والثقة بين المواطن والحاكم، من خلال أداء كل طرف لواجباته المنوطة به والحصول على حقوقه بالكامل أيضا. ومن مظاهر ذلك؛ حق الحاكم في الاحترام والتقدير والدعم والتعاون معه والولاء له طالما كان حاكما عادلا، ومن حق المواطنين الحصول على المنافع وتعويض الأضرار وتحقيق راحتهم وسعادتهم وما فيهما .
-احترام قوانين الدولة والأنظمة المتبعة بها ، وقد أكد الدين الإسلامي على ذلك حيث أوضح ضرورة طاعة الحاكم في كل ما يرضي الله والالتزام بما يتم إصداره من قوانين منظمة للدولة من أجل الحفاظ على المجتمع من الفوضى والخلل ، وفي الدولة الإسلامية حرص رسول الله – صل الله عليه وسلم – والخلفاء الراشدين من بعده على إعلاء روح العدالة والقانون والقضاء على المحاباة والظلم والفوضى والتمييز .
-ومن أهم قيم المواطنة أيضًا هي التعايش السلمي في المجتمع من خلال الحفاظ على النفس والعرض والمال وعدم الاعتداء على الاخرين حتى وإن كانوا مختلفين في الفكر والدين ، وبالتالي فإنه من المهم أن يتم بناء علاقات سلميّة بين أبناء الدولة مهما كانت اختلافاتهم العقائدية والفكرية طالما أنهم لا يؤذون غيرهم .
-كما يُعد التكافل الاجتماعي أيضًا والعطف على الفقراء والمساكين والمحتاجين من أهم مظاهر قيم المواطنة ؛ لأن الشعور باحتياجات الاخرين سواء المادية أو المعنوية من شأنه أن يُساعد في تعزيز روح الألفة والحب والتوائم بين أفراد المجتمع ومن ثَم يُساعد ذلك على التقدم والرفعة والتنمية والخير لكل أفراد المجتمع .
لتحقيق قيم المواطنة بشكل إيجابي، يجب على كل فرد أن يبدأ بالعناية بنفسه والاهتمام بمن لهم حقوق عليه، سواء كانوا من العائلة أو الأصدقاء أو الأقارب. يجب توطيد صلة الرحم وبناء العلاقات الاجتماعية الإيجابية التي تستند إلى المحبة والاحترام المتبادل .
أهمية المواطنة
تساعد قيم المواطنة على جني عدد كبير من الفوائد الهامة في أي مجتمع، مثل:
– تعزيز الروابط الإيجابية بين المسلمين وبين أفراد المجتمع بشكل عام، لأن المواطنة تساعد في خلق بيئة اجتماعية خالية من الصراعات والنزاعات والخلافات والأنانية .
تهدف الحفاظ على حقوق كل مواطن وضمان أداء واجباته تجاه الدولة ، إلى توفير مجتمع آمن ومستقر للمواطنين ، حيث يشعر المواطن بوجوده في المجتمع واهتمام الدولة بحفظ حقوقه ، مما يعزز من الثقة بين المواطنين وحكومة الدولة .
تحقيق العدل والمساواة هما من أهم إيجابيات تحقيق المواطنة، حيث يؤديان إلى تحقيق المساواة بين جميع المواطنين أمام القانون دون تمييز أو تحيز لأي شخص على حساب آخر .
عند النظر بتمعن إلى الأوطان التي تنعي مبادئ وقيم المواطنة، سنجد أنها من أنجح الدول في التاريخ على كافة الأصعدة، ومن أبرز الأمثلة على ذلك هي الدولة الإسلامية في عهد رسول الله – صلى الله عليه وسلم – والخلفاء الراشدين بعده .