ما هي ظاهرة تداخل الحواس synaesthesia
تقريبا يمكن أن نعزو كل تجاربنا في الحياة إلى حواسنا، حيث تشكل الأحاسيس المختلفة التي نشعر بها من خلال الحواس صورتنا عن العالم والأشياء. والأعضاء الحسية الخمسة التي لدينا هي: السمع، التذوق، الشم، الرؤية، واللمس. يحدث الإدراك الحسي عندما يتم تحفيز العضو وإثارته، حيث ينتقل هذا التحفيز إلى الدماغ، ويتم معالجته في الدماغ لتكوين تصور عن هذا الشيء الذي نتفاعل معه .
كيف نشعر ونحس بالمثيرات المختلفة
إذا أخذنا مثالا على كيفية شعورنا وإحساسنا على الرؤية مثلا، فنحن عندما نرى اللون نراه لأن الضوء الذي يصدر من مصدر ضوئي قريب منا يقع على هذا اللون، ثم ينعكس على أعيننا، حيث تقوم الشبكية باستقبال المعلومات ومن ثم ترسلها إلى المخ، الذي يقوم بمعالجتها، ويشكل صورة اللون الذي نراه.
على الرغم من هذا هناك بعض الأشخاص الذين يقولون أنهم لا يرون اللون فقط بل يسمعوه أيضا، وهذا يطلق عليه ظاهرة الحواس المتداخلة أو synesthesia، وهي عبارة عن ظاهرة إدراكية تتسم بوجود خلط بين الحواس المختلفة، حيث يتسبب تحفيز مسار حسي أو إدراكي معين، في حدوث استجابة لا إرادية في مسار حسي أو إدراكي آخر .
أشهر أنواع ظاهرة تداخل الحواس
حس الحروف والأرقام الملونة
هذا هو الشكل الأكثر شيوعًا لظاهرة تداخل الحواس، حيث ينظر الشخص إلى الحروف الهجائية والأرقام كما لو كانت مظللة بالألوان .
التجسيد اللغوي للأرقام والحروف
في هذا النوع من ظاهرة تداخل الحواس يشعر الفرد أن الأرقام والحروف مجسدة، فمثلا يمكنه أن يرى الرقم 7 يبدو مثل رجل ماكر يرتب لمؤامرة مع شخص آخر، أو ربما يرى الرقم 8 مثل سيدة بدينة سمينة يعرفها، حيث يتميز الأشخاص المصابين بهذا النوع بأنهم يجسدون الأرقام والحروف ويمنحهم شخصيات وسمات كاملة .
حس التسلسل المكاني
في هذا النوع من ظاهرة تداخل الحواس، يشعر الشخص برؤية التتابعات العددية على شكل مجموعة من النقاط. على سبيل المثال، يرى الشخص الوقت كوحدات تحمل شكلا معينا أو يراها كعملية حسابية، وهذا ينطبق على كل شيء آخر في محيطه .
حس الشعور المصاحب للألوان
في ظاهرة تداخل الحواس، يشعر الشخص بقدرته على ربط الأصوات أو الموسيقى بألوان مختلفة، على سبيل المثال،صوت فتح الباب بالمفتاح، مقطع موسيقي محدد، نباح الكلب، صوت القطة، وغيرها من الأصوات، ويربطها بألوان محددة .
اضطراب الميسوفونيا
يعد هذا النوع من ظاهرة الحواس اضطراب عصبي، لأن الشخص يعاني فيه من مشاعر سلبية كالغضب والاكتئاب عندما يسمع صوت معين، لأن هذا الصوت يولد لديه إحساس بالقلق أو الضيق، وبالتالي يشعر الشخص بعدم الراحة، مثلا يمكن أن يشعر معظمنا بالغضب عندما يخدش شخص ما سطح مثل السبورة بأظافره .
إحساس المرآة
الشخص الذي يعاني من هذه الحالة من ظاهرة تداخل الحواس، يشعر بما يشعر به شخص آخر، فمثلا إذا رأى هذا الشخص شخصا آخر يضرب على رأسه سيشعر هو بالضربة على رأسه، ويرتبط هذا الإحساس بخلايا عصبية معينة تعمل مثل المرآة، توجد في المناطق الحركية للدماغ وترتبط بوجود مستوى عالي جدا من التعاطف لدى هذا الشخص .
تداخل السمع واللمس
في هذا النوع الذي يطلق عليه السمع عن طريق اللمس يمكن أن يسمع الشخص أصوات محددة تحفز لديه أحاسيس في أماكن معينة من جسمه وكأن تلك الأجزاء يتم لمسها، فمثلا ادعت امرأة تدعى كارول كرينمن أنها تشعر أن هناك فرشاة شعر تلمس مفاصل قدمها برقة عندما تسمع صوت الجيتار، وأنها تشعر بنفس الإحساس لكن على وجهها عندما تسمع الكمان .
– “هناك حوالي 80 نوعا مختلفا من حالات تداخل الحواس، وعلى الرغم من أنه يتم تشخيص هذه الحالة على أنها حالة طبية أو عصبية، إلا أن الأشخاص المصابين بها لا يعتبرونها مرضا، وإذا نظرنا إلى التفسير العلمي لهذه الظاهرة سنجد أن العلماء اعتقدوا أنها تحدث بسبب زيادة التوصيلات العصبية الناشئة جينيا في المخ، حيث يكون لدى الشخص الطبيعي وظائف حسية مختلفة مركزة في أماكن معينة في المخ، مع وجود اتصال محدد بينها، أما عند الأشخاص المصابين بتداخل الحواس، يكون تكوين المخ مختلفا، حيث يحتوي على العديد من الروابط بين خلايا الأعصاب، وبالتالي تختلف تركيبة المخ وتحدث الظاهرة .
يرى بعض العلماء الآخرين أن جميع الأشخاص يولدون بهذا التواصل العصبي الذي يؤدي إلى تداخل الحواس، ولكن مع مرور الوقت يفقد معظمنا هذا التواصل .