ادبفنون

ما هي صناعة الأفلام الوثائقية

الأفلام الوثائقية هي أفلام تروي قصة لكن بطريقة مختلفة تمامًا عن الأفلام السينمائية العادية، فهو عادة ما يروي قصص حقيقية مثل كفاح شخص أو حتى أمة، وإلى جانب أنها تساهم في خلق التعاطف مع الموضوع، فإن الأفلام الوثائقية يمكن أيضًا أن تخلق الوعي حول القضايا الاجتماعية الهامة، وهي تمكن المشاهد من الوصول إلى بيئات غريبة ودول أجنبية لا يمكن الوصول إليها في العادة إلا عبر تلك الأفلام.

يمكن للفيلم الوثائقي أن يكشف الفساد والظلم، وعند ربط الواقع بالفيلم الوثائقي، يتم إنشاء مستوى أعمق من الفهم لدى المشاهد الذي يمكنه بسهولة ربط الواقع بأحداث الفيلم. ويصف الناقد السينمائي الأمريكي والمخرج باري لورنتز الفيلم الوثائقي بأنه “فيلم واقعي مثير.

تاريخ الأفلام الوثائقية

يمكن تلخيص تاريخ الأفلام الوثائقية في النقاط التالية:

كانت الأفلام الأولى التي تم إنتاجها ما قبل القرن العشرين تسمى “أفلام واقعية” لأنها التقطت مقتطفات قصيرة من أحداث “فعلية” حقيقية ، مثل قطار ينطلق إلى الرصيف أو العمال يغادرون المصنع، إذن ، في جوهرها ، كانت جميع الأفلام السينمائية الأولى التي تم إنتاجها أفلامًا وثائقية ، فنحن نشاهد القطار كما هو ولا نعرف من على متنه أو لماذا ركبوه، وقد سميت تلك  الأفلام أيضًا بالأفلام الإخبارية،  وقد استغرق الأمر حوالي عشر سنوات ، تقريبًا من عام 1895 إلى عام 1905 ، لصانعي الأفلام الأوائل لمعرفة كيفية إجراء تعديلات واستخدام السرد لرواية قصة

في روسيا عام 1920، بدأت الطبيعة الحقيقية للفيلم الوثائقي تظهر من خلال الشاعر ومحرر الأفلام الشاب دزيغا فيرتوف، حيث قام بابتكار سلسلة من الأفلام التعليمية الإخبارية التي أطلق عليها اسم “رجل مع كاميرا” خلال فترة الثورة الروسية.

أول فيلم وثائقي أصلي يسمى “نانوك من الشمال”، من إخراج المخرج الأمريكي روبرت فلاهيرتي، تم إنتاجه في عام 1922م. يسلط الفيلم الضوء على حياة عائلة إسكيمو حقيقية، وكانت مدة الفيلم الكاملة 78 دقيقة. استغرق فلاهيرتي ثلاث سنوات لتصوير نانوك وعائلته في القطب الشمالي. خلال عملية التصوير، تعرضت نصف المادة الفيلمية التي قام بتصويرها فلاهيرتي للحريق، نظرا لأن المواد الفيلمية في تلك الأيام كانت مصنوعة من النتروجلسرين. وكان عليه أن يعود ويصور اللقطات التي تعرضت للحريق من جديد.

أول من استخدم مصطلح `فيلم وثائقي` لوصف الأفلام الواقعية كان المخرج الأسكتلندي جون جريرسون عام 1926، واعتبر الفيلم الوثائقي من جانب جون معالجة إبداعية للواقع.

في الثلاثينيات والأربعينيات من القرن العشرين، أصبح الفيلم الوثائقي أداة دعائية مهمة للحكومات مثل الحكومة الألمانية والأمريكية والبريطانية، وخاصةً خلال الحرب العالمية الثانية.

مع ظهور معدات تكنولوجيا جديدة ومعدات وكاميرات خفيفة ظهرت أساليب جديدة في صناعة الأفلام والتي سمحت بالتقاط المزيد من الأحداث ” التلقائية” فظهر ما يعرف باسم سينما فيريتيه أو سينما الواقع ما بين خمسينيات إلى سبعينيات القرن العشرين، وقد كان صانع الأفلام الفرنسي جان روش من رواد تلك الصناعة.

منذ الستينيات وحتى أوائل التسعينيات، أصبح التلفزيون وسيلة هامة لإنتاج الأفلام الوثائقية.

مع التطور التكنولوجي وتوفر خدمات البث مثل Netflix و Hulu، أصبح الفيلم الوثائقي معروفًا كأحد الأشكال الفنية المهمة في سرد القصص السينمائية والصحفية والتعبير الشخصي.

أنواع الفيلم الوثائقي

هناك 5 أنواع من الأفلام الوثائقية وتختلف خصائصها بينها، وهي

  • الفيلم الوثائقي التفسيري.
  • الفيلم الوثائقي الانطباعي.
  • الفيلم الوثائقي التجريبي.
  • الفيلم الوثائقي الانعكاسي.
  • الفيلم الوثائقي الرصدي.

عناصر الفيلم الوثائقي

المقابلات

يتعين تأطير الأشخاص الموجودين في المقابلات التي تظهر في الفيلم، بحيث تملأ حوالي ثلث الشاشة، ويجب أن يتم اهتمام خاص باتجاه نظراتهم في الفضاء السلبي، وينبغي أخذ الحيطة والحذر من الانعكاسات التي قد تظهر في النظارات التي يرتديالضيوف.

القواطع

قم بتصوير العديد من اللقطات، وسوف تجد الأمور أسهل عند التحرير، ويمكن أن تشمل هذه القطات لافتات المحلات، وجوه الأشخاص، أو لقطات مشاعرية مثل رجل يجلس في الحديقة ويتأمل أو أي شيء آخر.

سينما فيريتيه (اللقطات الباردة)

تساعد اللقطات التي تلتقطها للشخصيات في فيلمك على طبيعتهم، حيث تتابعهم الكاميرا كأن المصورغير موجود، في الكشف عن الجانب العاطفي من شخصية أو موضوع الفيلم.

لقطات العمل

قد يتطلب الفيلم إظهار صوتك في الخلفية أو تصوير نفسك أثناء العمل، وفقًا لنوع الفيلم وطبيعته.

 اللقطات الأرشيفية

توجد عدة وسائل لمسح اللقطات الأرشيفية سواء كانت فيديوهات أو صور وتحويلها إلى جزء من فيلم وثائقي، وهي عنصر مهم جدًا في هذا النوع من الأفلام.

خطوات صناعة فيلم وثائقي

تُعَدُّ صناعة الفيلم الوثائقي من أصعب التحديات في مجال السينما، وبالطبع فإن إنتاج أي فيلم، بغض النظر عن نوعه، هو في الأساس فن وليس علم، ومع ذلك، هناك عدد من الخطوات الأساسية التي يجب اتباعها لصناعة فيلم وثائقي

اختر قصة تهتم بها

يجب أن يكون موضوع الفيلم الوثائقي الذي تختاره مثيرًا لاهتمامك، لأنه إذا لم تشعر بالإثارة، فإن الفيلم النهائي قد يكون فاترًا أيضًا، وستجد أن الكثير من المشاهدين في النهاية لن يفهموا فكرتك.

قم بعمل أبحاث عن الموضوع

يجب أن تعلم كل المعلومات الممكنة عن موضوع الفيلم الذي اخترته قبل أن تبدأ، فأوقات تكون جميع خطوط القصة واضحة وأوقات لا تكون كذلك، لذلك يجب أن تقوم بالكثير من البحث وتسير وراء كل الخيوط لجمع جميع الحقائق الممكنة حول الشخصيات أو موضوع فيلمك، حتى لا يضيع منك جوهر القصة في النهاية.

ضع خطة عمل

يجب أن تصنع مخطط تفصيلي عن الطريقة التي ستخبر بها قصتك للناس، واسأل نفسك ماهو النمط الذي سأتبعه؟، هل هناك لقطات أو صور حقيقية تساعد في السرد، أم سأحتاج لتصوير كل شيء من جديد؟ ما هي عناصر المقنعة التي ستكون مقنعة؟ ما هي العناصر التي ستجعل المشاهد يشعر بكل تفاصيل المؤامرة؟، وغير ذلك من الأسئلة التي ستحدد اتجاه العمل.

قم بإنشاء قائمة باللقطات

ينبغي وضع قائمة تحتوي على جميع اللقطات والمقابلات التي يتطلبها صنع الفيلم، وبالطبع يعتمد هذا على نوع الفيلم الوثائقي ومدى تعقيد المشروع، وبناءً على تلك القائمة قد تحتاج إلى وضع ميزانية للفيلم.

وبالطبع لا توجد قواعد لعدد المقابلات التي ستجريها خلال الفيلم قد تحتاج لإجراء 100 مقابلة اعتمادًا على ظروف الفيلم، فلكل فيلم ظروفه الخاصة، لكن بوجه عام ضع في اعتبارك أن المشاهد لا يمكنه أن يتعرف على أكثر من 7 أو 8 شخصيات في الفيلم الواحد، لذلك إذا قمت بإجراء 100 مقابلة فلا تتفاجأ أنك في النهاية قد لا تستطيع عرضها بالكامل في فيلمك.

ابدأ بالتصوير

يجب عليك تحديد ما إذا كنت ستصنع فيلما وثائقيا للعرض عبر الإنترنت أو الأجهزة المحمولة أو التلفزيون أو السينما أو مزيجا منها جميعا، لأن طريقة عرض الفيلم قد تؤثر في أسلوب التصوير وطريقة سرد القصة. قد لا تظهر بعض التفاصيل الدقيقة على شاشات الهواتف، لذا يجب عليك التصوير من زوايا متنوعة للقطات، سواء كانت لقطات قريبة أو متوسطة أو واسعة.

اكتب سيناريو

بمجرد التقاط جميع اللقطات، ستحتاج إلى جمعها وتنظيمها في نص، لذا بعد التصوير، حدد العناصر الأكثر إقناعا في قصتك وابدأ في صياغة مشاهد مصغرة حول هذه الأحداث، وتذكر أن النص لا يحتاج بالضرورة ليكون تعليقا صوتيا على الفيلم، ولكنه يصف ما يراه ويسمعه الجمهور في النهاية.

ابدأ في تحرير الفيلم

إن تحرير الفيلم يشبه تجميع أحجية كبيرة رائعة، وستحتاج أولًا لاختيار جهاز كمبيوتر وبرنامج تحرير فيديو، وبمجرد أن تصبح معدات العمل جاهزة، قم بترتيب مقاطع الفيديو الخاصة بك واحدة تلو الأخرى في تسلسل مناسب، وسوف تحتاج لعرض بعض اللقطات بسرعة وبعضها ببطء لخلق تجربة مشاهدة ديناميكية في النهاية.

تحقق من المسائل القانونية وحقوق النشر والتأليف

على الرغم من أن هذه الخطوة في نهاية القائمة، فإنه يجب عليك في الواقع أن تأخذ هذا الأمر في الاعتبار منذ بداية إنتاج الفيلم وحتى نهايته، ويجب أن تولي أهمية كبيرة لهذا الجانب وأن تقرأ جميع الإرشادات القانونية بعناية حتى البسيطة قبل بدء صناعة الفيلم.

نشر الفيلم

الآن بعد أن أنهيت فيلمك حان الوقت لعرضه للجمهور، لم يكن هناك الكثير من الخيارات أمام صناع الأفلام الوثائقية في الماضي، لكن اليوم مع تعدد وسائط العرض يمكنك إيصال الفيلم الوثائقي للجمهور بسهولة وبكثير من الطرق بداية من التليفزيون وحتى الهواتف والإنترنت ومنصات العرض الرقمية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى