ما هي صفات ؟ ” السبعين ألف الذين يدخلون الجنة بغير حساب
صفات السبعين ألف الذين يدخلون الجنة
الجنة هي الهدف والغاية لكل إنسان، ودومًا يسعى الناس لتحقيق القرب من الجنة والابتعاد عن النار. من ينسى هذا الهدف يتوه ويبتعد، لذا يجب الحفاظ على محفزات دائمة للعودة والانتباه. ومن المعروف أن الجميع سيشترك في النار بما يتناسب مع ذنوبهم، إلا من رحمة الله وأراد له المغفرة والعفو.
لذلك، فإن معرفة وجود بعض الناس الذين يدخلون الجنة بلا حساب وعددهم سبعون ألف يجعل الشخص يفكر ويحاول ويسأل ليجتهد في معرفة صفاتهم، متمنيًا أن يكون من بينهم، لأن سلعة الله الغالية هي الجنة.
يمكن التعرف على صفات السبعين ألف شخص الذين سيدخلون الجنة بدون حساب من خلال حديث النبي صلى الله عليه وسلم، وذلك لتعرف الناس عليهم ويستطيعوا اتباع هدي النبي صلى الله عليه وسلم الذي يوجههم ويدلهم على الطريق الصحيح، وهدفهم الرئيسي هو مرضاة الله ودخول الجنة. وقد روى الإمام البخاري رحمه الله تعالى في صحيحه عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال
عرضت علي الأمم فجعل النبي والنبيان يمرون معهم الرهط والنبي ليس معه أحد حتى رفع لي سواد عظيم قلت ما هذا؟ هل هذه أمتي؟ قيل لا، بل هذا موسى وقومه، ثم قيل لي انظر إلى الأفق، فرأيت سوادا يملأ الأفق، ثم قيل لي: “انظر هنا وهنا في آفاق السماء”، فرأيت سوادا يملأ الأفق، وقيل لي: “هذه أمتك.
وَيَدْخُلُ الْجَنَّةَ مِنْ هَؤُلاءِ سَبْعُونَ أَلْفًا بِغَيْرِ حِسَابٍ ثُمَّ دَخَلَ وَلَمْ يُبَيِّنْ لَهُمْ فَأَفَاضَ الْقَوْمُ وَقَالُوا نَحْنُ الَّذِينَ آمَنَّا بِاللَّهِ وَاتَّبَعْنَا رَسُولَهُ فَنَحْنُ هُمْ أَوْ أَوْلادُنَا الَّذِينَ وُلِدُوا فِي الإِسْلامِ فَإِنَّا وُلِدْنَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ ؟ فَبَلَغَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَخَرَجَ فَقَالَ : هُمْ الَّذِينَ لا يَسْتَرْقُونَ وَلا يَتَطَيَّرُونَ وَلا يَكْتَوُونَ وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ .. “. رواه البخاري.
من الحديث النبوي الشريف السابق، يتضح صفات السبعين ألف الذين سيدخلون الجنة بغير حساب، وهم مرتبون على النحو التالي وفقًا لحديث النبي صلى الله عليه وسلم
الذين لا يسترقون
الرقية هي قراءة القرآن الكريم على شخص تعرض لعين الحسد، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: “من استطاع منكم أن ينفع أخاه فلينفعه”، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ الرقية، ولكن الهدف الحقيقي والغرض المقصود هنا ليس فقط قراءة الرقية على شخص آخر
الغرض هنا أن يذهب شخص لآخر يطلب منه أن يرقيه، والطلب هنا هو المعني، وذلك لأنه يطلب الشفاء من الله بكلام الله وآياته، وبين المسلم وربه لا يوجد حجاب، ولا حاجز، ولا واسطة، ولا كهنوت، ليكون لشخص الوسيلة الأقرب من الله، فعلى من يحتاج الرقية أن يؤدي ذلك بنفسه أو لنفسه، دون طلب من بشر.
القرآن متوفر ومحفوظ، والله الواحد الأحد الصمد باقٍ وواجدٌ، ولا يوجد شيء يمنع العباد من التوجه إليه والاستعانة به. إنه يسمع ويرى، ويستجيب لنداء المضطر، لذلك يجب على الشخص الذي يحتاج الرقية الشرعية أن يؤديها بنفسه ويعالج نفسه.
لكن كيف أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر أحد النساء أن ترقي أولادها، الغرض هنا في الطلب وليس في مشروعية الرقية ذاتها، والمعنى المقصود هو أن يذهب شخص إلى غيره طالب منه الرقية، مع العلم أن الرقية ليست عسيرة، فلا حاجة لطلبها من الغير وجعل واسطة في الدعاء بين الفرد وربه، والتذلل بذلك الطلب.
يعد تطوع الشخص بنفسه لإجراء رقية على شخص آخر أمرا جائزا ومستحبا دون أي مشكلة، لأنه يعتبر عملا وتطوعا فرديا ولا يوجد فيه أي رجاء من الشخص المراد رقيته أو وساطته، ويشبه هذا الفعل حالة المساعدة دون سؤال. والخلاصة أنه لا يوجد مانع من تطوع الشخص لإجراء رقية على شخص آخر دون أن يطلب منه ذلك، والطلب المباشر للرقية يعد غير مستحب، لأنه يمكن أن يؤدي إلى الشرك بين الله والراقي، ويجعل القلب يتعلق بالراقي بدلا من الله، وهذا الفعل يجعل الشخص يخرج من بين السبعين ألف الذين يدخلون الجنة بغير حساب.
الذين لا يتطيرون
في الجاهلية وقبل الإسلام، كان الناس يتطايرون، وذلك يعني أنهم يعلقون على الطيور لمعرفة مصيرهم. فإذا رأى الشخص غرابا أو بومة ويريد السفر، كان ذلك يعتبر نذيرا للشر بالنسبة له، وكذلك إذا رأوا بومة أو غرابا فوق المنزل أو بالقرب منه، يعتقدون أن المصائب ستحدث لأهل هذا الدار، وغير ذلك من الأمور المشابهة
كان بعضهم يربط مصير تحركاته بحركة الطير، فإذا وجد الطير يتجه لليمين عندما يريد الإقدام على أمر ما، يعتبر ذلك دليلا على قدوم خير، وإذا وجد الطير يتجه للشمال، يشعر بالتشاؤم. وكان رجل يرافق ابن عباس رأى غرابا وحاول أن ينشر التفاؤل وقال “خير خير”، وذلك لأنه يريد التخلص من التشاؤم الذي قد يؤثر على نفسه. ولكن أخبره ابن عباس بأن حركة الطير لا تدل على الخير أو الشر بأي شكل من الأشكال، بغض النظر عن نوع الطير سواء كان بومة أو غراب أو غير ذلك.
وخطورة ذلك هي تعلق القلب والعقل بشيء غير الله، والاعتقاد بوجود الخير والشر فيها، وكأنها ترسل إشارات أو تحمل معان. كما لو أنها تعلم الغيب الذي لا يعلمه إلا الله سبحانه وتعالى. فإن أراد أحد أن يتعرف على الغيب، فلا يكون طائرا، بل هم الملائكة هم من يستحقون حمل تلك الأمانة. كما قال سبحانه وتعالى في أواخر سورة الجن، إن الله لا يطلع على غيبه أحد إلا بشروط، وليس الطيور أو النجوم أو غيرها مما يستبشرون به الجاه.
في الإسلام، لا يوجد معنى للتشاؤم أو التفاؤل بشيء محدد، ولا يتم ربط الرؤية بالكائنات المشرقة مثل الشمس أو النجم أو القمر. كما لا يتم ربط الأمور بمظاهر خارجية مثل العمى أو العرج أو المظهر البدني الذي خلقه الله بناء على إرادته. فإن ما يحدث هو قضاء مكتوب من قبل الله، ويشمل ذلك الأمراض الأخرى أيضا، ولا علاقة لهذه الأمور بالتشاؤم أو التفاؤل، ولا يجلب الخير ولا يدفع الشر. ومن لا يحمل في قلبه وعقله التفاؤل أو التشاؤم، مع مراعاة باقي الحديث، فسيكون من السبعين ألف الذين يدخلون الجنة دون حساب
الذين لا يكتوون
هناك من يدخل الجنة بغير حساب، وهم من لا يعانون من طلب العلاج بالنار مادام هناك علاج آخر متاح، وربما يكون استخدام النار في العلاج حكمة من حكم الله، والمهم هو أن الكي بالنار محرم إلا للضرورة بعد المحاولة في العلاج بسبل أخرى، وفقا لقول النبي صلى الله عليه وسلم
بمحرم، والنبي ﷺ قال: الشفاء في ثلاثة: شربة عسل، وقطعة قماش محجمة، وكية نار. وقد حرمت أمتي عن الكي.
لذلك، فإن من يقوم بفعل ما نهى عنه النبي بصفة متعمدة وليس بالضرورة بسبب الضرورة أو عدم وجود بدائل له، سواء كانت هذه الأفعال مذكورة في حديث النبي صلى الله عليه وسلم أو يتعلق بطلب العلاج الطبي، فإنه يقوم بفعل مخالف لما نهى عنه الرسول صلى الله عليه وسلم، وبالتالي فهو لا يدخل ضمن السبعين ألفاً الذينيدخلون الجنة.
الذين على ربهم يتوكلون
أما الذين على ربهم يتوكلون، وهو معنى هنا بالتوكل على الله في كل أمر من أمور الحياة وشؤون المسلم، و التوكل عمل قلبي، وليس فعل وتحرك محسوس، ولا يعلم عنه شيء سوى الله سبحانه وتعالى، والذي يتوكل على ربه، هو الذي يسعى بالأسباب، ويعلم أن الخير كله وما يرجوه بيد الله سبحانه وتعالى.
ربما يكون ترتيب كل ما سبق في حديث السبعين ألف الذين يدخلون الجنة بغير حساب، مرده في النهاية إلى معنى واحد وغرض واحد، وهو التوكل على الله سبحانه وتعالى، وهو آخر صفة من صفات السبعين ألف الذين يدخلون الجنة بغير حساب.