بعد أن جاء الإسلام، انتشر وتشعب في كل مكان، ووصل إلى أماكن كثيرة في أنحاء العالم، وصل إلى أماكن كان من الصعب الوصول إليها، حيث وصلت قصة تحكي جهود وتعب الأجداد الذين بذلوا جهدهم بشكل كبير لنشر الإسلام في كل مكان، حتى يصل الإسلام وينتشر في كل بقعة من الأرض، ويعرفه الناس ويسمعوا عنه ويعتنقونه، ليعم الخير بين الناس ويبتعد الوباء والبغضاء بينهم، وينتشر العدل في جميع أنحاء الأرض، في الغرب والشرق، ويمحو الظلم، ويتعادل الناس معا، وتشرق الأرض بنور ربها، ويعم السلام والوئام بين جميع الناس بغض النظر عن طبقاتهم وحالاتهم الاجتماعية، ويرفع راية دول إفريقيا، ولكن يجمعهم الإسلام ويجعلهم كشخص واحد .
انتشار الإسلام في افريقيا
انتشر الإسلام في العديد من المناطق والبلدان في العالم، ومن بين الأماكن التي تلقت نور الإسلام وانتشر فيها هو، في وقت مبكر، تلك الأرض الممتدة على الساحل الشرقي للقارة الإفريقية والأراضي المجاورة لها، والتي تشمل العديد من الدول التي اعتنقت الإسلام، مما جعلها تبدو كدولة واحدة تحت راية الإسلام فقط .
تلك الأراضي هي إريتريا وإثيوبيا والصومال وكينيا وتنزانيا وأوغندا وجيبوتي وموزمبيق ومدغشقر وملاوي وزامبيا وزيمبابوي وبوروندي ورواندا، وجزر القمر وموريشيوس وسيشيل. كان يطلق على هذه الأراضي الساحلية اسم “أرض الزنج”، ولكن قبل أن نستكشف العلاقات الوثيقة والقوية بين الإسلام وشرق القارة السمراء أفريقيا، يجب أن نغوص معا في أعماق التاريخ لنبدأ القصة من أولها ونتعرف على انتشار الإسلام وتوطد علاقته في تلك الأرض وكثرة أتباعه. دعونا نكشف الستار عن الأحداث التي ساهمت في تعزيز تلك العلاقات الوثيقة والقوية التي جاء الإسلام ليثبتها ويوطدها ويعززها أكثر، دون أن ننسى بدايتها أو تأسيسها .
بداية العلاقات العربية الأفريقية
في البداية، كان هناك سكان يأتون من قبائل عربية في جنوب شبه الجزيرة العربية، وكانوا أول شعوب عربية يصلون إلى ساحل شرق إفريقيا. كان هدفهم الرئيسي من القدوم إلى أفريقيا هو التجارة، ولم يكن لديهم أي نية غاصبة أو غزوية في ذلك الوقت. على الرغم من قدومهم كجماعات وقبائل بأعداد قليلة، إلا أنهم استمروا في ممارسة تجارتهم في أفريقيا، وهذا كان هدفهم الرئيسي من البداية. تلاقوا مع سكان الساحل في أفريقيا وأصبحوا جزءا لا يتجزأ منهم، وأيضا تزوجوا منهم وأقاموا علاقات وثيقة معهم. أقاموا محطات تجارية واستثمروا أموالهم وممتلكاتهم هناك في أفريقيا. ولكن بعد منتصف الألفية الأولى قبل الميلاد، بدأ الطابع العربي يظهر على طول الساحل الأفريقي، ولم يفقد هذا الساحل هويته وملامحه المميزة، إذ استمر في استقبال الأشخاص القادمين من جزيرة العرب والخليج العربي ومناطق أخرى متنوعة .
هجرة المسلمين إلى الحبشة
عندما بعث النبي محمد صلى الله عليه وسلم برسالة الإسلام وأمره الله تعالى بنشرها، قام النبي بأوامر وتعاليم ربه وبدأ في نشر الإسلام. وعندما بدأ النبي بنشر الإسلام، انضم عدد قليل من كفار مكة إلى تبعية الرسول صلى الله عليه وسلم وأسلموا. ومع مرور الوقت من بداية دعوة النبي للإسلام، زاد عدد المسلمين في مكة. ومع ذلك، بقي أعيان قبائل قريش في مكة على الشرك ولم يدخلوا في الإسلام بعد ولم يقبلوا هذا الوضع الذي يتبنى كفار مكة الإسلام، لأن الإسلام يوحد الناس ويجعلهم متساوين، ولم يرض الأعيان في مكة بهذا الوضع، فهم سادة قريش ولم يقبلوا أن يكون هناك أي شخص ينافسهم في هذا الموقع .
فقاموا بتعذيب المسلمين في مكة الذين كانوا يعتنقون الإسلام ، كان كبار كفار قريش وسادة القبائل عندما يعرفوا أن أحدا ما قد اعتنق الإسلام واتباع النبي محمد صلى الله عليه وسلم كانوا يعذبون أشد أنواع التعذيب ؛ وذلك من أجل أن يرتد عن الإسلام ويعود الكفر وعبادة الأصنام مرة أخرى ، وهذا الأمر كانت يسبب المتاعب والهلاك لدى المسلمين الذين اعتنقوا الإسلام حديثا ، فلم يكن هناك خيار لدى المسلمين الذين كانوا يلاقو أشد أنواع التعذيب هذه إلا أنهم يشكو أمرهم إلى النبي بعدم تحملهم لهذا العذاب الذي لا يطاق ، فكان أمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يترك المسلمون مكة ويهاجرو إلى الحبشة ، وبالفعل هاجر المسلمين للحبشة وقد كانت التجارة بين عرب شبه الجزيرة العربية وشعوب شرق إفريقيا ما زالت مستمرَة ومازالت بينهم إلى حين جاء الإسلام .
في وقت تعرض فيه المسلمون لضغوط شديدة من قبل المشركين في مكة، أمر النبي محمد صلى الله عليه وسلم بالهجرة إلى الحبشة لبعض أصحابه، حيث يوجد الملك النجاشي الذي وصفه الرسول بأنه عادل ولا يظلم أحد، وحيث سيعيش المسلمون براحة ويعبدون الله كيفما يشاؤون. وكان اختيار الحبشة للهجرة في بداية الأمر عندما كان عدد المسلمين والدول الإسلامية قليلا جدا، وكان الاستقبال الحافل والحفاوة البالغة التي تم بها استقبال المسلمين كفيلة باستمرارهم في الحبشة والعيش فيها .
ولكن بعد ذلك تكررت هجرتهم مرة أخرى بفوج أكبر من الفوج الأول الذي هاجر أول مرة ، فبلغ عدد المهاجرين إلى الحبشة من المسلمين إلى ثلاثة وثمانين رجلا وتسع عشرة امرأة ، ولكن قريش لم تهدأ وقد حاولت قريش الإيقاع بين المسلمين الذين هاجروا إلى الحبشة وبين الملك النجاشي في الحبشة نفسها ومن معه من النصارى ، ولكن قوة الحجة والإيمان عند المسلمين وحسْن تصرفهم حال دون هذه الوقيعة وحاولوا قدر الإمكان إبعاد الفتنة عنهم، وازداد تمسك النجاشي بهم وحمايته لهم حيث وفر لهم كل سبل الراحة والأمان .
فتح الحبشة
هاجر المسلمون الأوائل إلى الحبشة لتجنب عذاب الكفار ولعبادة الله على النحو الذي يريدونه، بموافقة النبي صلى الله عليه وسلم. لكن بعد ذلك، هاجر المسلمون إلى المدينة المنورة، وزاد عددهم يوما بعد يوم. لذلك، كان على النبي صلى الله عليه وسلم بناء وطن خاص للمسلمين ودولة لهم، حتى يصبح لهم وطنهم الخاص ويمارسون دينهم على النحو الذي يريدونه. وبتوجيهات من النبي صلى الله عليه وسلم، اتجه المسلمون لبناء دولة الإسلام وفتح الدول الأخرى، وذلك لتوسيع دولة الإسلام. وفي ذلك الوقت، لم تكن الحبشة ضمن الممالك التي استهدفتها حملات المسلمين للاستيلاء عليها وإدخالها تحت لواء الدولة الإسلامية .
ففي ذلك العهد الأول لبداية المسلمون في الإسلام وبداية توسيع الدولة الإسلامية الذي شهد الفتوحات الإسلامية العظيمة لنشر دين الإسلام ، ويبدو أن ذلك راجع إلى عدة عوامل كثيرة وكان من بين هذه العوامل تركيز المسلمين على كسر شوكة الإمبراطوريتين المجاورتين لبلاد العرب والتي كان من المتوقع أن يقضيا على دولة الإسلام التي بدأ المسلمون في بنائها وأن ينشرو الفتنة بين المسلمين .
واللتين يخشى منهما على الدولة الإسلامية الناشئة والتي كانت في بداية عهدها وهما إمبراطورية الفرس والإمبراطورية الرومانية الشرقية ، وكذلك اعتبار المسلمين في ذلك الوقت أن مصر أكثر أهمية من الحبشة بالنسبة لهم وذلك لمركزها المهم وسبقها في ميدان الحضارة والعمران وفي المقام الأول أنها كانت الوطن الذي لجأ إليه المسلمون لكي يتجنبوا عذاب الكفار لهم ، ومن أهم الأسباب أيضا قرْب عهد المسلمين بالعَلاقات الطيبة التي كان بالملك النجاشي فيها فضل كبير مشكور ، حتى يروى أن النبي صلى الله عليه وسلم نصح بترْك الأَحباش وشأنهم طالما أنهم لم يبدأوا بالعدوان بمهاجمة المسلمين .
الإسلام في موريتانيا
أنشأت موريتانيا نفسها كجمهورية إسلامية بعد استعادة استقلالها في عام 1960. يحدد الدستور لعام 1985 الإسلام كدين الدولة والشريعة كقانون للبلاد. انتشر الإسلام في أراضي موريتانيا من خلال الحرفيين والتجار المسلمين، وانضم إليهم فيما بعد مؤسسو الإخوان المسلمين. أضاف الإسلام الموريتاني بعض المعتقدات التقليدية، ويعتقد المسلمون في البلاد بوجود عدة أرواح تم تجديدها من المعتقدات السابقة إلى الأرواح الإسلامية. يعتنق ما يقرب من 99.9٪ من السكان الموريتانيين الإسلام، وعموما يتبعون المذهب المالكي .
الإسلام في الصومال
99.8٪ من الصوماليين يعتنقون الإسلام، وهم مسلمون سنة. كان الإسلام جزءا مهما من تاريخ الصومال لأكثر من 1400 عام. سيطر الفقه الشافعي والأشرعة والصوفية على الإسلام في الصومال لأجيال، لكن السلفية اكتسبت مكانة في العقود الأخيرة. مدينة زويلة تحتوي على مسجد يعود للقرن السابع يسمى مسجد القبلتين، وتم بناؤه بعد فترة وجيزة من الهجرة. انتشر الإسلام عبر الأراضي الصومالية وساهم في نمو السلطنات والجمهوريات التي تمثلت في مراكز التجارة والدين والتجارة مثل مقديشو وبيو وميركا، على الرغم من أن دستور عام 1961 وضع أحكاما لحرية الدين. أعلنت الصومال المستقلة حديثا كدولة إسلامية .
الإسلام في الجزائر
99٪ من الجزائريين مسلمون ، وهم يراقبون الإسلام السني وكلية الفقه المالكي هناك أقلية من الإباضية يقيمون في الغالب في منطقة وادي مزاب وصل الإسلام إلى الجزائر مع الدولة الأموية في أعقاب غزو عقبة بن نافع ، قبل البربر الأصليين الدين بأعداد كبيرة ، ولكن حتى القرن الخامس عشر أصبح الطوارق مسلمون أخيرًا ، يزود الإسلام المجتمع الجزائري بهويته الثقافية والاجتماعية المركزية.
الإسلام في المغرب
99٪ من سكان المغرب يعتنقون الإسلام وهم من المدرسة السنية في الفقه المالكي. ينسب دخول الإسلام إلى المغرب إلى الغزو العربي بقيادة عقبة بن نافع عام 680، وسادت السلالات الإسلامية القوية في المنطقة لقرون، وأدى اضطهاد الأقليات المسلمة أثناء حكم الموحدين إلى تفوق الإسلام السني في الأمة. حصل الإسلام السلفي على تأثيره، وكان الملك محمد السادس يحاول كبح هذه الشعبية المتزايدة .