الشخص المهووس بالكمال هو شخص مريض يحتاج إلى علاج، لأنه يسعى إلى صفة غير موجودة في البشر. فالكمال هو حق لله وحده، العزيز والقادر المطلق، الواحد الأحد الفرد الصمد. فهو المعصوم عن الأخطاء، وهو الخالق للبشر، والذي خلق هذا العالم ليكون مكانا للخطأ ومكانا للتوبة التي يخرجون منها إلى جنة النعيم، التي تضم البشر الذين عاشوا في هذا العالم وفقا لمشيئة الله، والذين يعلمون أن الخطأ هو صفة إنسانية أصيلة لجميع بني آدم.
معنى الهوس بالكمال
نظرا للتطلع إلى الكمال والسعي للقيام بكل شيء بأفضل ما يمكن، فإن هذا شيء لا يمكن أبدا للبشر أن يحققوه، لأن الإنسان محدود القدرات، ولأن الظروف المحيطة به والعالم لن يساعدانه على التوصل إلى الكمال. بالعكس، السعي نحو الكمال لن يجعل الإنسان يعيش حياة طبيعية وبسيطة مثل سائر البشر، بل سيجعله يرى العالم مكانا مليئا بالعذاب والشقاء، وسيعمل على تقييد جميع وسائل العيش التي أعدها الله سبحانه وتعالى لعباده.
بعض المتشددين والراغبين في الكمال يرون الدنيا فقط مكانا للعبادة والذكر والصلاة، ويعتبرون الدنيا مليئة بالمغريات، ويدعون الإنسان للانغماس في المعاصي والأثام التي تحول بينه وبين الاقتراب من الله والتعبد، فيتركون الدنيا ونعمها التي خلقها الله للعبادة وينظرون إليها بطريقة سلبية غير صحيحة.
فيقول الله سبحانه و تعالى أنه قادر على أن يخلق بشر غير الموجودين في هذه الدنيا حتى يخطئوا فيغفر لهم فهو السبب الإساسي من وجودنا على هذه الأرض و أن صفة الخطأ هي صفة أساسية موجودة فينا جميعاً فيجب أن نتعامل مع هذه الحقيقة و أن السعي إلى الأفضل يكون هو السبيل إلى أن نكون أفضل من أنفسنا فيما مضى فقط.
سمات الشخصية الكمالية
هناك بعض الأشخاص يسعون للكمال في الشخصيات الموجودة في حياتهم، بما في ذلك الكمال في أبنائهم الذين يرغبون في أن يكونوا في واجهة اجتماعية ودراسية معينة، ويعتبرون ذلك واحدا من أفضل الأمور التي تسعى إليها لتحقيق الكمال في الحياة. وهناك من يسعى أيضا للكمال في زوجته وكيفية تعاملها معه وما يجب عليها فعله لتصبح الزوجة المثالية من وجهة نظرهم، دون أخذ بعين الاعتبار أهمية ذلك في حياة الزوجة وما ترغب فيه وما تحب.
وأيضا من يسعى إلى التفوق في اختيار الأصدقاء وفي التعامل مع البشر بشكل عام، وهذه الصفة التي نظرا لعدم وجودها بين الناس في هذه الأرض قد تؤدي به إلى الشعور بالوحدة طوال العمر والخوف من تصرفات البشر وعدم القدرة على التعامل مع هذه الحياة. ولن يكون قادرا على العيش والاستمتاع بالحياة التي ستختفي تدريجيا وتفقد بريقها وجمالها في عينيه. بالتأكيد، عليه أن يلجأ إلى الحصول على المساعدة والاستشارة الطبية، فهي لا تقل أهمية عن أمراض الوسواس القهري التي قد تجعل حياة المريض بها على شفا الهلاك.
كيف تتعامل مع الشخصية الكمالية
يمكن أن يكون الابتعاد هو الحل من وجهة نظرك للابتعاد عن السيطرة والتحكم القائم على الكمال لدى الشخص المهووس؛ ولكن ماذا لو كان هذا الشخص المهووس هو مديرك المباشر في العمل أو أحد أقاربك أو صديقا مقربا، فبالتأكيد ستصبح الحياة مستحيلة وقد تدفعك للخروج عن حدود السيطرة وتثير غضبك بشكل غير طبيعي. وذلك لأن معظم المهووسين من هذا النوع يكونون متطفلين بشدة ويطرحون الكثير من الأسئلة ويبحثون عن التفاصيل بطريقة تثير الغضب والثورة. وللتعامل معهم، هناك العديد من الطرق التي يمكن أن تدعم موقفك في مواجهتهم والتعامل معهم.
فهم مايحاولون الوصول إليه
في الغالب الشخصيات التى تسعى إلى الكمال هم شخصيات لديها رؤية محددة عن الموضوع الذين يرغبون في الوصول إليه؛ و عليك حتى تتجنب الصدام معهم أن تحاول أن تفهم رغبتهم في السيطرة على من حولهم أحياناً نابع من خوفهم من الفشل، فشلهم فى عملهم و فشلهم فى شخصياتهم في نظر من حولهم و خوفهم الدائم من تقليل إحترامهم في نظر الأخرين .
وإذا رغبت في محاولة فهمهم بشكل جيد، عليك أن تحاولي أن تبثي الثقة فيهم وقدراتهم، وأن ترى رؤيتهم لما يرغبون في تحقيقه كرؤية سليمة وسوف تتحقق كما يرغبون، وعليهم التعاون وفتح باب النقاش وعدم التسلط في الرأي، حتى يتم العمل بنجاح، ولن يتسنى الوصول إلى هذا الأمر إلا بعد بث روح الثقة فيهم والتي تعمل على رفع الروح المعنوية لهم.
تقديم المساعدة الطبية
بلا شك، فإن هذا النوع من الأشخاص الذين يسعون إلى الكمال وهمهم المهووس به هم في الواقع يعانون من اضطرابات نفسية ويحتاجون إلى المساعدة الطبية. وإذا كنت قادرًا على فهم طبيعة مرضهم وتحاول إقناعهم بأنهم بحاجة إلى العلاج، فقدمت لهم خدمة كبيرة ومهمة .
و الشخص المهووس كثيرا ما يكون مصاب بإضرابات في الشخصية فهو إما يكون شخص لديه شعور بالنرجسية المفرطة أو هو شخص إنطوائي غير إجتماعي و هي غالباً ما تكون نتاج عن التربية و البيئة التي نشأ فيها أو تكون نابعة من طباع شخصية و عليك بطمأنته أنه ليس بالوضع الحرج و لكن هو من الأمور الضرورية لكي ينعم بحياة طبيعية و سوية.
التأثير في الشخص المهووس بالكمال
تعتبر الشخصية المهووسة بالكمال شخصية منظمة تكره القبح وتستنكره وتسعى إلى رؤية كل شيء في وضعه الصحيح، ولكن بشكل غير مرغوب فيه يتضمن سيطرة وهيمنة وتحكم مزعج في الأشياء والأشخاص .
وبالتالي، إذا كنت قادرا على أن تكون شخصا فهمانا ومتقبلا لهذه الطبيعة، فيجب عليك محاولة التعامل معهم بما يرضيهم قدر المستطاع، ولكن دون أن تفقد نفسك. وعليك أن تعمل على أن يشعر هذا الشخص بذاته بصدق، دون رياء، وأن تطلب منه الأمور بأسلوب أدبي أكثر، وأن تحترمه أمام الناس، وتحاول إيصال فكرة أن الهيمنة والسيطرة في العمل تأتي فقط من خلال التزام صادق وفعال، في نظر الجميع .
يمكن للجميع أن يحققوا النجاح والتطور بدون السيطرة والأوامر المستمرة، ويتوجب عليهم العمل بشكل دائم على تعزيز الثقة بالنفس لديهم والعمل على تنميتها وتحسينها للتخلص من الهيمنة والسيطرة، والسعي لتحقيق الكمال الذي يتم تصوره.