ما هي الشجرة النعمانية
يعتبر محيي الدين بن عربي، المعروف أيضا بـ `الشيخ الأكبر`، واحدا من أبرز الشيوخ الصوفيين الذين عرفوا عالميا. ربما كانت `الشجرة النعمانية` أحد كتاباته المثيرة للجدل، حيث تم تداولها على نطاق واسع منذ نشرها وحتى اليوم. لقد أثارت تفسيرات وتأويلات كثيرة، وأثارت أيضا الكثير من الجدل. لذا، سنقدم لكم اليوم نبذة عن `الشجرة النعمانية`، حيث سنتعرف على مفهومها وكيفية ربطها بالنبوءات الخفية لمصر وغيرها من الأمور .
مفهوم الشجرة النعمانية
إحدى المؤلفات التي ترجع إلى محيي الدين بن عربي هي شجرة النعمانية، وهو شيخ صوفي معروف بأنه من أهل الكرامات، حيث كشف الله له من العلم ما يؤهله للتنبؤ بالعديد من الأحداث التاريخية، ولعل نبوءاته عن مصر كانت الأكثر شهرة .
تحدث ابن عربي في الشجرة النعمانية عن تأسيس الدولة العثمانية وعن بعض الأحداث التي ستشهدها الدولة، وتحققت الكثير من نبوءاته الظاهرية والباطنية، فعلى الرغم من أن ابن عربي كان يعيش في زمن يسبق تأسيس الدولة العثمانية، إلا أنه كان يمتلك الكثير من المعرفة .
من أبرز مقولات ابن عربي في الشجرة النعمانية ” إذا دخل السين في الشين سيظهر قبر محيي الدين ” ، وهذا بالفعل ما تحقق فيما بعد ، فقد عُثر على قبر محيي الدين بن عربي في بلاد الشام أي في ” الشين ” ، وذلك بعد فتح السلطان سليم الأول لها أي بدخول ” السين ” ، وقد تحققت تلك النبوءة بعد سنوات طويلة .
أكد محيي الدين بن عربي من خلال الشجرة النعمانية ، أن المفاتيح الغيبية تنحصر في 5 مفاتيح رئيسية فقط ، منهما أثنين من المفاتيح التي يعلمها البشر ، المفتاح الأول هو وحي الله عز وجل إلى الأنبياء ، أما المفتاح الثاني فهو الإلهام الروحي ، الذي يصل إليه الإنسان بمرحلة ما من التصوف والزهد بالحياة الدنيا .
الشجرة النعمانية لابن عربي
قبل الحديث عن الشجرة النعمانية، يجب علينا التعرف على محيي الدين بن عربي، وهو الشيخ الأكبر صاحب الأسرار والخفايا، والذي يعرف باسم محمد الطائي الأندلسي، وقد ولد في بلاد الأندلس، وعاش حياة من الزهد تكفي لجعله كاشفا للعديد من الخبايا في الكون .
لم يكن ابن عربي مجرد متصوف وزاهد، بل كان فيلسوفًا أندلسيًا وشاعرًا. تأثرت حياة ابن عربي الصوفية بنشأته في بيئة متدينة، وكان لديه استعداد بالفطرة للاتجاه الروحي، وتم هذا الاتجاه الذي كشف له الكثير من خفايا الكون وأسراره .
الشجرة النعمانية لم تكن المخطوطة الوحيدة لابن عربي ، بل كانت له العديد من المؤلفات ، تلك المؤلفات التي تم ترجمتها إلى لغات متعددة ، ولاقت اهتمام المسلمين وغير المسلمين على حد سواء ، وعلى الرغم من ذلك فقد تم اتهام ابن عربي بالزندقة ، بينما ظل اسم ابن عربي في الأذهان كلما تحدثنا عن التصوف والزهد .
المهدي في الشجرة النعمانية
تناقش محيي الدين بن عربي المهدي المنتظر في الشجرة النعمانية، حيث ذكر في شرح صدر الدين بن محمد القونوي ظهور المهدي بشكل لا محالة، حيث قال: `واعلموا أنه سيخرج المهدي، حتى لو كان من الدنيا يوما واحدا فقط بإذن الله تعالى` .
أكد ابن عربي ان المهدي المنتظر سيكون من عترة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، سينشر العدل في البلاد ، ويقسم المال بالتساوي ، ويحسن من الرعية ، سيساعد في نصر الحق على الباطل ، فسوف يقول ما يفعل صدقاً ، وسوف يفعل ما يقوله ، سوف يعز الله به الإسلام بعد اندثاره ، وسوف يحيي به الإسلام في الدنيا من جديد .
وقد وصف ابن ربيع المهدي أنه سيكون له أنف أقنى، وجبهة أجس، ومصدرًا للسعادة للمسلمين في ظهوره، وهو من علامات القيامة الكبرى .
شرح كتاب الشجرة النعمانية
كتاب الشجرة النعمانية هو واحد من الكتب الشهيرة بين المسلمين وغير المسلمين. ذكر ابن عربي في هذا الكتاب مجموعة من النبوءات التي تحققت بعضها. ومن أبرز هذه النبوءات التي لفتت انتباه القراء هي نبوءات مصر، والتي تحققت بالفعل. من الفتح العثماني لمصر وبعض الأحداث التي مرت بها الدولة العثمانية، إلى ظهور المهدي في مصر .
الجدير بالذكر أن نبوءات الشجرة النعمانية عن مصر لم تنتهي بانتهاء الحكم العثماني ، بل تحدث كتاب الشجرة النعمانية بالرموز عن ما تمر به مصر من أحداث ، ليست أحداث ثابتة بينما ستكون بين الهدوء والهياج ، وقد شبه أحوال مصر من بعد انتهاء الحكم العثماني بشجر ” الحنظل ” ، ذلك الشجر ذو المذاق المر .
أكد ابن عربي أن مصر ستزدهر مع خروج مهدي مصر، وهذا يختلف عن المهدي المنتظر الذي سيخرج من مكة المكرمة، فمهدي مصر سيعيد البلاد إلى ازدهارها ومجدها، وسيتحسن الأوضاع في فترة حكمه للناس .
صاحب مصر في الشجرة النعمانية
مهدي مصر، صاحب كتاب الشجرة النعمانية، هو نفسه شخص يدعى مهدي مصر، وتنبأ ابن عربي بأنه سيكون سببًا في استعادة بلادها لمجدها من جديد، وسيؤدي ذلك إلى تحسن أوضاع البلاد وعودة مصر المحروسة إلى الازدهار .
شرح الشجرة النعمانية للقونوي
قام صدر الدين القونوي بشرح الشجرة النعمانية في كتابه الخاص، حيث شرح الرموز التي ذكرها ابن عربي في مخطوطاته الأصلية، ولمن لا يعرف صدر الدين القونوي، فهو تلميذ بارز لمحيي الدين ابن عربي، حصل على المعرفة من خلال استاذه وزواج والدته من ابن عربي .
رافق القونوي ابن عربي حتى أن توفي الأخير في دمشق ، وقد ظل صدر الدين القونوي عاكفاً لتفسير مخطوطات معلمه التي تركها من بعده ، تلك المخطوطات التي تحمل الكثير من الأسرار ، لم تكن علاقة القونوي الصوفية بابن عربي فحسب ، بل قد ربطته بجلال الدين الرومي كذلك علاقة قوية إلى أبعد الحدود .
قام صدر الدين القونوي بشرح مخطوطات شجرة النعمان التي تركها ابن عربي، وذلك عن طريق إصدار شرح مفصل لما ورد فيها، وتم تفسير هذا الشرح إلى عدة فصول لتسهيل فهمها للقراء، كما تم ترجمتها إلى عدة لغات .
يمكن للراغب في التعرف على مخطوطات الشجرة النعمانية أن يستعين بشرح القونوي الذي يفسِّر الرموز التي وردت في المخطوطات، كما يقدِّم القونوي ملخَّصًا للأحداث التي تنبأ بها معلمه ابن عربي وما تحقَّق منها بالفعل، وما هو متوقَّع أن يتحقَّق في المستقبل .