وفي هذا الترتيب الدقيق للكون من حولنا، لا يمكن أن تكون المجرات الأخرى منتشرة بشكل عشوائي. أكد العلماء أنها تتبع عملية تنظيمية تماما، حيث تم تحديدها على بعد 12 مليار سنة ضوئية من الأرض. تمكنت الجاذبية من تجميع الكون في شبكة كونية ضخمة، تتألف من خيوط غازية خافتة الوهج تربط المجرات البعيدة ببعضها .
ما هي الشبكة الكونية
اكتشفت الملاحظات القديمة مجموعة من المجرات الضخمة المتصلة بخيوط غاز خافتة، تتكون من مئات إلى آلاف المجرات، وتقع في كوكب الدلو على بعد 12 مليار سنة ضوئية. تعد هذه المجموعة هي أكبر هياكل تجمعها الجاذبية في الكون، وكانت هذه الاكتشافات هي الخطوة الأولى نحو فهم كيف تشكل الكون بعد الانفجار العظيم. وحديثا، تم اكتشاف هذه الهياكل باستخدام أجهزة مصممة لالتقاط الهياكل الأضعف، وقال البروفيسور ميشيل فوماغالي، عالم الفيزياء الفلكية في جامعة دورهام: “من المثير أن نرى بوضوح للمرة الأولى هذه الخيوط المتعددة والممتدة في بداية الكون، ونحن نمتلك الآن طريقة لدراسة هذه الهياكل بشكل مباشر وفهم دورها بشكل مفصل في تنظيم الثقوب السوداء والمجرات الهائلة
ظهر هذا الهيكل لأول مرة منذ عقود عندما تم الكشف عنه من خلال المحاكاة الحاسوبية بشكل واضح لرؤية الضوء والمجرات، لكن الغاز الخافت الذي يربط بينهما ظل صعب الالتقاط بشكل مصوّر .
تم التقاط آخر صورة للكون عندما كان عمره لا يتجاوز 2 مليار عام، وعلى الرغم من أن الصورة لم تكن واضحة بما يكفي، إلا أنها كانت الأفضل التي تمالتقاطها حتى الآن .
ضوء الشبكة الكونية
اكتشف العلماء الشبكة الكونية بشكل غير مباشر ، حيث عندما تنظر إلى الشبكة الكونية يظهر نورًا لامعًا على مسافة الطريق بين المجرات بالتدقيق فيه أكثر يظهر كغابة من الخطوط المتداخلة ، تلك الخطوط امتصت الهيدروجين من جميع الشعيرات التي صادفتها ، ولكن ليس هناك الكثير منها ولكن ذلك الغاز الرابط بين المجرات موجودًا لكنه لا ينبعث منه الضوء بشكل كبير .
يمكن أن يكون الغاز مضيئا بسبب الضوء الناتج عن المجرة نفسها، حيث تنفجر المجرات التي تحتوي على النجوم الجديدة أو الثقوب السوداء المملوءة بالغاز، مما يسبب انتشار الهيدروجين المشع على جوانب المجرة
تعمل المجرة UM 287 كمصباح كهربائي فلكي، حيث تكون قادرة على إضاءة خيوط طولها 1.5 مليون سنة ضوئية، وتم الكشف عن هذا الأمر .
كشافات كونية
رصد فريق أومهاتا مجموعة من الكشافات الكونية باستخدام مستكشف الطيف متعدد الوحدات “MUSE”، ووضعوه على تلسكوب هائل الحجم التابع للمرصد الجنوبي الأوروبي في تشيلي. تم التركيز في هذا الرصد على مجرات بعيدة تسمى “SSA22″، ويستغرق وصول ضوئها إلى الأرض 12 مليار سنة ضوئية. تقوم هذه المجرات بإضاءة الغاز الموجود بينها، وهذا هو سر التوهج .
تم اكتشاف بقع مضيئة في غاز الهيدروجين الذي يربط المجرات باستخدام “MUSE”، وتم الكشف عنها أيضاً في المناطق الخافتة بين المجرات التي تربط بينها .
يشير علماء الفلك إلى أن منطقة الشبكة الكونية التي تقع بين المجرات تحتوي على كمية هائلة من الغاز يمكن تقديرها بالتريليونات، ولكن هذا الغاز ليس ثابتًا وقابلًاللتحرك، ومن الممكن أن يتدفق إلى المجرات مما يساعد في تكوين النجوم أو يزيد من نشاط الثقوب السوداء .
ولعل من أغرب ما لدينا أن تلك الراصدات الكونية التي نملكها لا يمكنها إلا رصد الكون البعيد أو المجرات البعيدة ، حيث يمتد الضوء في أطوال الموجات فوق البنفسجية إلى أطوال موجبة تسهل رؤيتها ، وحتى الأشعة تحت الحمراء خلال مرورها في الكون الفسيح ، ولكن لكي نراقب الكون القريب يجب أن نستطيع الوصول إلى أطوال موجات فوق البنفسجية وتلك هي التي يقوم بحجبها الغلاف الجوي للأرض .
ويقول إريكا هامدن من جامعة أريزونا: – لا بد من وجود قمر صناعي للأشعة فوق البنفسجية لمساعدة على استكشاف التاريخ الكوني الكامل من خلال انبعاثات الغاز، وذلك يتطلب إدخال تلسكوب كبير للأشعة فوق البنفسجية إلى الفضاء، وهذا يشكل تحديًا لأسباب لوجستية ومالية .
الشبكة الكونية ونمو المجرات
أظهرت الدراسات الحديثة أن الغازات المحيطة بالمجرات والمتصلة بينها تساهم في تغذية نمو المجرات الصغيرة، وهذا يفسر تطور الكون مع مرور الوقت. في السابق، أشارت الأبحاث إلى أنه بعد الانفجار الكبير قبل 13.8 مليار سنة، انهار جزء كبير من الهيدروجين، وهو الغاز السائد في الكون، ليتجمع في هيئة صفائح عملاقة. ثم انفصلت تلك الصفائح وتكونت شبكة ضخمة من الخيوط التجمعية .
أظهرت المحاكاة الحاسوبية أن حوالي 60% من الهيدروجين الناتج عن الانفجار الأعظم يتواجد في هذه الخيوط الشاسعة، ورغم أن كل هذه النظريات كانت بعيدة المنال من التأكيد نظرًا لصعوبة الوصول إلى هذه الغازات الموجودة في تلك الخيوط أو الشعيرات .
وقال البروفسير وعالم الفلك أومهاتا: لم أكن أتوقع أن أرى هذه الخيوط على الإنترنت، كنت أعتقد أنها لا تظهر بوضوح مثلما يمكن رؤيتها بالعين المجردة .