ما هي ” آفات اللسان ” وطرق علاجها
معنى آفات اللسان
لا يخلو أحد في الحياة من تعرضه لمشكلة من مشاكل اللسان، سواء أصابته أو طالته أو ألحقت به ضررا. اللسان هو العضو المسؤول عن التواصل والكلام في الجسم، وهو عضو هام وخطير لأنه وسيلة التواصل الأساسية بين الناس والمحيطين بهم، ورغم وجود وسائل تواصل أخرى، إلا أن اللسان هو الأهم بلا منازع. كما أن اللسان هو وسيلة الإنسان للتذكير والتلاوة، وقد يكون سببا في سعادة أو شقاء الشخص.
تعني كلمة `آفة` عند العرب المرض أو العاهة التي تفسد ما تصيبه. وبالتالي، آفات اللسان تشير إلى أمراض اللسان. ويشير مرض اللسان إلى المعنى المعنوي والحسي والروحي الذي يمكن علاجه وتنقيته من خلال التدريب والتطوير الذاتي، وليس المرض العضوي الذي يدخل في نطاق الطب والعلاج والإصابات
نظرا لخطورة اللسان وما ينطلق منه وما قد يتسبب فيه، حيث يمكن أن يكون مشابها للسلاح في حدته وقسوته، ولما يمكن أن يسببه من شقاء أو سعادة لصاحبه، لذا أولى الدين الإسلامي اهتماما خاصا بهذا العضو ومشاكله، وحذر من خطورته، وتناول ذلك في آيات قرآنية، وأشار إليه النبي صلى الله عليه وسلم في أحاديثه، وكذلك ذكر في الأثر والمؤلفات العلمية.
ومن الآيات التي تعرضت للسان الكثير، سواء في خطورتها أو وصف وظيفتها وما إلى ذلك هي مثلا [ولا تقولوا لما تصف ألسنتكم الكذب هذا حلال وهذا حرام لتفتروا على الله الكذب] (سورة النحل 116).
وفقًا لأحاديث النبي صلى الله عليه وسلم، عندما سأله الصحابة عن أهمية اللسان، أجابهم النبي بتعجب، وسأل كيف لا يحاسب الناس على ما يخرج من أفواههم، وأن اللسان هو السبب الرئيسي لكب الناس في النار، حيث يتحولون على وجوههم، والسبب في ذلك هو خطورة اللسان الكبيرة.
ما هي افات اللسان
تتسم خطورة اللسان بأنها لا تنحصر فقط على الشخص نفسه وحسابه أمام الله،بل يمكن أن تؤذي الآخرين أيضًا، لذا فإن التنبيه على خطورة اللسان وآثاره السلبية أمر هام جدًا، ومن بين آثار اللسان السلبية:
الغيبة
الغيبة هي من أخطر أنواع الأفعال التي يمكن أن يقوم بها اللسان، وحذر الدين الإسلامي بشدة منها، ونبه على خطورتها، وشدد على جزائها، حيث إن الغيبة لا تؤثر فقط على الشخص الذي يتعرض لها، بل يمكن أن تؤدي إلى تدمير المجتمعات بأكملها، وتفريق الأخوة وتقطيع العلاقات بين الناس، ومنع الخير
وقد أشار النبي صلى الله عليه وسلم في أحاديثه النبوية الشريفة إلى خطورة النميمة وقدم شرحا للصحابة وللأمة بأكملها بكلمات قليلة وعميقة وموجزة، لتحقيق الهدف والمعنى بأقل عدد من الكلمات. وهذا يعتبر من إعجازه النبوي، حيث أنه لا يتكلم بناء على هواه. فقد قال أن النميمة هي ذكر الشخص لأخيه بأمور يكرهها، وهذا توضيح وشرح واف على الرغم من بساطته لهذه الكلمة.
وحتى لا يختلط فهم الإنسان بين الآفات والذنوب المتعلقة بالسان وباقي الآفات، قام النبي بتوضيحها ، لتكون حجة على مقترفها ، أما في آيات القرآن الكريم، فقد تناولت الغيبة بالتحذير الشديد منها ﴿ وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ ﴾ ، [ سورة الحجرات آية 12].
النميمة
تعتبر النميمة أكثر خطورة من الغيبة، نظرا لأن النميمة تشمل التحرك بين الناس ونقل الكلام المسيء والشر والفساد بينهم. ومن خطورة هذا الأمر، قد ذكر النبي في حديثه الشريف أن النمام لا يدخل الجنة. وفي القرآن الكريم وصف هؤلاء النمامين بأنهم لا يطيعون الحق ويتمنون لو يلطفون في التصرفات، ولا يطيعون أيمنا مهينا، وهم مشاؤون ومنتشرون بين النميمة.
ذكر النبي صلى الله عليه وسلم تلك الصفة في أحاديثه، ووصف صاحب تلك الصفة بأنه أشر الخلق وأسوأهم، نظرًا لإفسادهم بين الناس واستغلالهم لما يسمعونه منه في إثارة الشر والفتن.
علاج آفات اللسان
كما أن لكل مرض دواء، فإن لكل آفة من الآفات علاجا، ولآفة اللسان أيضا علاج وحلا، وتعتبر حفظ اللسان الخطوة الأساسية في هذا العلاج، ويمكن أن تساعد الخطوات العملية التالية الإنسان في التخلص من آفة اللسان وتحقيق الحسنات واستبدال السيئات، وعلى الرغم من خطورة هذه الآفة وعظمها، إلا أن علاجها سهل ولا يتطلب تكلفة أو مجهودا كبيرا، ومن بين هذه الخطوات
- تعويد اللسان على الذكر المستمر يؤدي إلى تراكم الأعمال الصالحة والسيئة.
- ابتعد عن الاجتماعات مع الأصدقاء أو العائلة إذا كانت مزدحمة.
- مخالطة الأتقياء.
- التذكية للنفس ، وحضور مجالس العلم.
- – يجب الحفاظ على قراءة القرآن الكريم بشكل دوري وحفظ ورد يوميًا.
- التصديق على أهل الخير والصلاح، والتقرب منهم، والتقليد لما فيهم من الخيرِ.
- قوة الإرادة والتصميم، والرغبة الصادقة في التخلص من تلك الخطيئة.
- الدعاء لله للمساعدة في الابتعاد عن هذه الخطيئة.
- تذكر أجر وعقاب الله لمن يرتكب مثل تلك الذنوب.
آفات اللسان للنابلسي
يقول الدكتور راتب النابلسي إن من ينتبه لكلامه يحافظ على نفسه من عذاب النار، وأن الكلام السيء يسبب الكثير من المشاكل ويؤدي إلى الإحباط بين الناس ويمكن أن يدفعهم إلى الخطأ.
ويعد طيب الكلام من الصدقات، وفي الكلمة الخبيثة يسقط صاحبها في نار جهنم إلى سبعين خريفا، ولا تعد الأخلاق ، وصيانة اللسان عن الناس ، والتعرض لهم، وأعراضهم ، وحفظ اللسان من السب ، واللعن ، والنميمة والغيبة ، لا تعد تلك الصفات ضعف ، بل إن اعتبار ذلك ضعف هو عامل في هدم الدين الإسلامي في النفوس ، ولا يمكن للأنسان أن يسلم من كل ذلك إلا بحفظ لسانه.
التحذير من آفات اللسان
حذر الله سبحانه وتعالى عباده من الكلام الذي ينطق به اللسان، حيث قال في القرآن الكريم: “سنكتب ما قالوا” [آل عمران: 151]. ووجه النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه والمسلمين عامة إلى ضرورة حفظ اللسان. وربط بين الإيمان وحفظ اللسان، فقال: “من يؤمن بالله واليوم الآخر، فليقل خيرا أو ليصمت”، ليحفظ لسانه.
دل النبي صلى الله عليه وسلم في السنة النبوية على خطورة كثرة الكلام بدون داعٍ، وأنَّ أكثر الكلام شرًا، إلا ما كان للصلح بين الناس، أو للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
عرف السلف الصالح والعلماء والتابعين في أمة الإسلام خطورة آفات اللسان، وحذروا منها بشدة، ودعوا إلى تجنب الغيبة والنميمة وتقليل الكلام