ما هو مفهوم الحداثة
يشير مفهوم الحداثة الذي ظهر في أعقاب عصر التنوير في أوروبا بعد انتهاء العصور الوسطى وظهور عصر النهضة الأوروبية إلى الفكرة الجديدة التي ظهرت في ذلك الوقت. وتختلف المواقف الفكرية العربية بشأن الحداثة، ومفهومها الخاص بها .
مفهوم الحداثة هو
يُعد مفهوم الحداثة أحد أبرز تخصصات علم الاجتماع، وقد نشأ في القرن التاسع عشر كصورة جديدة للوجود البشري تناسب المجتمعات الحديثة .
ومن النقاط الأبرز في مناقشات الحداثة في علم الاجتماع هي كيفية تشكيل النظام الاجتماعي ، والنظام السياسي في ظل الاغتراب ، وما هو شكل إنتاج المعرفة الذي يتعلق بهذا النظام ، وما هي الطريقة المناسبة للتمكن من فهم الذاتية الحديثة ، وأيضًا فهم التوجه الأخلاقي في هذه المجتمعات بهذه الظروف ، وما يتعلق بها من تقليل الوجود البشري .
استند علم الاجتماع خلال بحثه التناقضي حول المحتوى الاجتماعي الخاص بالظروف الحديثة في المجتمع، مثل الاغتراب والشذوذ وخيبة الأمل، على عدد من أهم علماء الاجتماع وهم كارل ماركس وإيميل دوركيم وماكس ويبر “فيبر .
وعلى هذا ، ونتيجة للبحث الاجتماعي للحداثة ، والدراسة من ناحية مجال الأنثربولوجيا المقارنة للتحديث ؛ قد توفر لدى علم الاجتماع تعبيرين متعلقين بالاختلاف الاجتماعي السياسي ، والزمني ، والجغرافي الثقافي ، وعلى هذا فإن محاولة الربط بين الاختلاف الزمني ، والاختلاف الجغرافي الثقافي مع شرح محاولة الربط تُمثل تحديًا أساسيًا لمفهوم الحداثة ، والتحديث .
تهتم الحداثة بحالة معينة من الوجود الاجتماعي، والتي تختلف تمامًا عن كافة التجارب الإنسانية السابقة .
من مظاهر الحداثة
يختلط بعض الناس بين مفهومي الحداثة والتحديث، حيث يعني التحديث تحسين المرافق العامة ونشوء التكنولوجيا الحديثة، في حين أن الحداثة تشير إلى مفهوم فلسفي يعبر عن تطور الفكر البشري وتغير التفكير الاجتماعي، وتتمثل بعضويات من الثقافة والفن والأدب والعلوم والفكر
- تتضمن المفاهيم البيروقراطية والديمقراطية وتقسيم العمل، والعلمانية والابتعاد عن المفاهيم الدينية وإهمال المفاهيم المقدسة
- تطور الفكر البشري وتغير المفاهيم المجتمعية
- التحضر: يتم تحويل المدن الصغيرة إلى مدن كبيرة وربط المناطق البعيدة عن بعضها البعض
- التقدم الفكري والمعرفي
- تتطلب الموضوعية والتفكير العقلاني التخلي عن الأفكار البالية والتقاليد وحتى العقائد
- التركيز على المعرفة: الانشغال باهمية المعرفة، والانفتاح على العالم
- التحفيز الروحاني: هو الإدراك بأن الروح البشرية هي نتيجة لرغبات عديدة وعلى الشخص أن يحقق هذه الرغبات وأن يتجاهل التقاليد التي تدعوه للسيطرة على نفسه.
الحداثة في الفكر الغربي
الحداثة هي واحدة من الظواهر الاجتماعية والاقتصادية والسياسية التي بدأت تظهر تدريجيًا بعد العصور الوسطى، ومن ثم ظهرت قيم عصر التنوير التي تهدف إلى التقدم من خلال العقل والعلم واستخدام التكنولوجيا، وانتشرت هذه القيم في أوروبا .
وهناك فرق بين كل من مصطلح الحداثة ، ومصطلح العصر الحديث ، ومصطلح التحديث ، وبالرغم من ذلك فهذه المصطلحات مترابطة ، وهامة فالتراجع ، والاضمحلال الذي كان في أوروبا بعد ضعف الكنيسة ، والمؤسسات الأخرى للدولة في العصور الوسطى كان من أهم الأسباب التي أدت إلى الحاجة لنظام حديث يتم استبداله بالنظام القديم .
الحداثة ليست فقط في التكنولوجيا المتقدمة، أو الفن الذي تنتجه الدول، أو الاتجاهات الحديثة المختلفة، وما إلى ذلك، ولكن الحداثة تمثل النقلة النوعية الحادثة في التفكير الإنساني، والحداثة أيضا في العلاقات الإنسانية، التي أدت إلى ظهور العلوم الحديثة والتكنولوجيا والمذاهب الاقتصادية المختلفة والقومية والصناعة في المجتمعات الغربية مثل الرأسمالية وما إلى ذلك .
مفهوم الحداثة لغة واصطلاحا
- مفهوم الحداثة لغةً
تم استحداث كلمة `حداثة` من الفعل الثلاثي `حدث` الذي يعني `وقع` .
يمكن أن يحدث الشيء ويحدث حدثًا ويكون مبتكرًا، فهو جديد ومحدث، ويتمثل المحدث في الشيء الجديد .
تعتبر الحداثة من شروط الوجود الاجتماعي الجديدة والمختلفة عن كافة التجارب الإنسانية السابقة، وتعبر عن العملية التي تنتقل من المجتمع التقليدي أو البدائي إلى المجتمع الحديث .
- في اللغة الفرنسية
تعني كلمة `moderne` في اللغة الفرنسية الحديث، وهي مشتقة من الكلمة اللاتينية `modernus` التي ظهرت في القرن السادس الميلادي، واستخدمت بشكل كبير في القرن العاشر في مجالات الفلسفة والدين. وتُستخدم هذه الكلمة بمعنى الحرية والانفتاح الفكري .
الحداثة في العالم العربي
هو مصطلح ينتمي إليه جميع المجالات المعرفية، بما في ذلك الاقتصاد، والدين، والسياسة، والعلوم، والأدب، والفنون، وما إلى ذلك، حيث ينبثق مصطلح الحداثة في الأصل من تحديد معانيه الخاصة .
وبناء على ذلك، فإن الحداثة ليست مصطلحا سياسيا، أو سيسيولوجيا، أو تاريخيا، بل هي إحدى أبرز معالم الحضارة، وتتعارض مع التقليد، ولها القدرة على السيطرة وفرض نفسها على جميع العوامل والتنوعات الرمزية والجغرافية للثقافات التي تتعرض للحداثة، وتكون وحدة متجانسة عالمية، ويشمل مفهومها أيضا التطور التاريخي الكامل .
يمثل الحداثة ثورة على التراث والتقليد، وأحد الآراء الشهيرة التي تؤكد ذلك هي رأي العالم الاجتماعي الألماني يورجن هابرماس، الذي يقول: “إن الحداثة هي التعبير المستمر عن وعي العصر الذي يحدد نفسه ويفهم ذاته، نتيجة للانتقال من القديم إلى الحديث .
فالتقليد تتمثل مهمته في الحفاظ على الماضي ، والتراث ، والعادات ، ولكن الحداثة تهتم بإنشاء كل ما هو جديد، ويكون هدفها الأساسي هو التقدم دون النظر إلى الماضي وأحداثه ، وما يتعلق به ، وعلى هذا تكون الحداثة حالة ثورية اجتماعية تقدمية ، ومتفتحة إلى أعلى درجة من التكامل ، والاختلاف في جميع مجالات الوجود البشري .
أهم الأهداف التي تسعى إليها الحداثة هو التغير الذي يعتمد على القيم الجديدة تكون بديلة للتقاليد التي توارثتها المجتمعات ؛ الأمر أطلق البحث الإنساني ؛ فهي تبعد رتابة الأمور ، وتحتفظ الإبداع والأخلاق ، وتعمل على إنتاج قيم أخلاقية ، معرفية جديدة مع الاهتمام بالفرد ، ومستقبله .
الحداثة هي التجديد ، وخوض المغامرة ، والاتجاه إلى المستقبل دون التقيد بماهية الماضي ، والحاضر ، ولا يعني ذلك الهروب من الحاضر الذي نشهده ، ولكن الحداثة تُؤكد على الحاضر ؛ فالإبداع لا يحدث إلى في لحظات الحاضر ؛ فالحاضر يُمثل الأرض التي يُبنى عليها المستقبل ، وبدون استغلاله لا يُمكن بناء المستقبل .
الحداثة في الفكر العربي
تتفاوت الحداثة من عصر إلى آخر، ومن مجتمع إلى آخر؛ فلا حداثة ثابتة وموحدة وعالمية لجميع الظروف المختلفة في جميع المجتمعات؛ حيث تختلف الحداثة في القارة الأوروبية عن الحداثة في اليابان، وتختلف عن الحداثة في أي دولة أخرى، وقد وصل الأمر في بعض المجتمعات إلى `مرحلة ما بعد الحداثة` التي ظهرت في أوروبا .
يعني مصطلح التحديث اتباع مستجدات العصر والمناهج الخاصة التي تستخدم في تفسير تراث المجتمع. ويهدف التحديث إلى تطوير التراث بشكل ذاتي، ويعني ذلك أن الحداثة تتمثل في قدرة التراث على البقاء والتواجد في ظل تغيرات العصر .
مفهوم ما بعد الحداثة
هي المرحلة التي ظهرت في اوروبا ، وهي المرحلة التي تخطت مرحلة الحداثة ، وذلك انطلاقًا من الفكر بانتهاء الحداثة في أواخر القرن التاسع عشر الميلادي ؛ وذلك باعتمارها المرحلة الفكرية التي نشأت في نهايات ” عصر التنوير ” الذي كان في العصر الثامن عشر ، حيث نشأ عصر التنوير في أعقاب ” عصر النهضة الأوروبية ” في القرن السادس عشر الميلادي ؛ وعلى هذا لا تهدف الحداثة ” لتحقيق الحداثة ذاتها ” ، وإنما تُمهد المجتمعات لما بعدها ، ونشر الثقافة التي تنتج منها ؛ فالحداثة تهدف إلى التحديث المستمر الذي لا ينقطع .