اسلاميات

ما هو صريح الايمان

معنى الإيمان

يعني الإيمان في اللغة، وفقًا للمعجم، التصديق والإقرار بالأمور الدينية والأخلاقية.

وفقا للشرع، الإيمان هو التصديق بالقلب والاعتراف باللسان، وهو ما يدل عليه الكتاب والسنة وإجماع السلف الصالح من الأمة. إنه إيمان بالقول واعتقاد وتطبيق عملي، يزداد بالطاعة وينقص بالعصيان. أشار إلى ذلك الله عز وجل في قوله: (الذين يؤمنون بالغيب ويقيمون الصلاة ومما رزقناهم ينفقون) [البقرة: 3]

ما هو صريح الإيمان

ذُكِرَ مصطلح `صريح الإيمان` في حديث للنبي صلى الله عليه وسلم، حيث وصف من يتعرض للشبهات على قلبه ويراها عظيمة وينكرها ويُبْطِلُها ويصمد أمامها حتى لا يذكرها أو يعترف بها.

والقصد من صريح الإيمان هو كون أمر معين (المقصود به هنا التساؤلات حول الله) أمر شديد على نفس المؤمن أن يتكلم فيه، ويمنع نفسه وقلبه من قبول ما ينزغ الشيطان به في صدره ولولا صريح الإيمان لما وجد المسلم في نفسه أن هذا الأمر، وشدته عظيم عليه ولما أنكره، والمعنى هنا ليس أن الوسوسة في حد ذاتها هي صريح الإيمان، وإنما هي من نزغات الشيطان وكيده، لكن ما هي نوع تلك الوساوس إن تلك الوساوس تنصب على ذات الله وصفاته وأفعاله، فلا ذنب من ورودها على القلب، والذهن وصرفها أما أن يستعظم القلب ذكرها، ويراه أمر عظيم منكر فهذا ما يسمى صريح الإيمان، وبمعنى آخر فإن صريح الإيمان هو أن يجد الشخص في نفسه إنكار عظيم لما ينزغه الشيطان في قلبه من نزغات، وتساؤلات عن الله، وعن ذات الله، وغيرها من الأمور التي تدور في النفس، وتنكرها النفوس السوية.

قد يشعر المسلم بالشك والتردد، وقد تثار فيه شكوك تنكر الأمور، مثل من خلق الله وكيف يعلم الله كل شيء. وقد يتعرض لأفكار سيئة وتجاوزات في حق الله وتفكيرا غير لائق بجلاله العظيم، وغيرها من الأسئلة والشكوك التي تجوب ذهن المسلم وتسبب له الضيق والتنمر الداخلي، وينكرها ويرفضها ويبرأ منها ويتوقف عن التفكير فيها، ولا يتابعها بالتعارض معها، بل يستغفر الله. في هذه الحالة، يكون الإيمان لديه قويا وواضحا كما هو مذكور في الحديث.

أحاديث في صريح الإيمان

  • عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: جَاءَ نَاسٌ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَسَأَلُوهُ: إِنَّا نَجِدُ فِي أَنْفُسِنَا مَا يَتَعَاظَمُ أَحَدُنَا أَنْ يَتَكَلَّمَ بِهِ، قَالَ: “وَقَدْ وَجَدْتُمُوهُ؟” قَالُوا: نَعَمْ، قَالَ: “ذَاكَ صَرِيحُ الإِيمَانِ”. رواه مسلم.
  • في حديث عَبْدِ اللّهِ بن مسعود رضي الله عنه قَالَ: سُئِلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عن الوسوسة، وأجاب: `تِلْكَ مَحْضُ الإِيمَانِ`، وقد رواها مسلم.
  • وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: `سيستمر الناس في الاستفسار حتى يقال: هذا خلق الله الخلق، فمن خلق الله؟` ومن وجد شيئًا من ذلك، فليقل `آمنت بالله`. وفي رواية أخرى: `آمنت بالله وبرسله`. رواه مسلم.
  • وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم: “يَأْتِي الشَّيْطَانُ أَحَدَكُمْ فَيَقُولُ: مَنْ خَلَقَ كَذَا، وَكَذَا؟ حَتَّى يَقُولَ لَهُ: مَنْ خَلَقَ رَبَّكَ؟ فَإِذَا بَلَغَ ذلِكَ فَلْيَسْتَعِذْ بِالله وَلِيَنْتَهِ “.
  •  عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه عَنْ رَسُولِ اللّهِ صلى الله عليه وسلم قال “قَالَ الله عَزَّ وَجَلَّ: إِنَّ أُمَّتَكَ لاَ يَزَالُونَ يَقُولُونَ: مَا كَذَا؟ مَا كَذَا؟ حَتَّى يَقُولُوا: هذَا اللّهُ خَلَقَ الْخَلْقَ. فَمَنْ خَلَقَ اللّهَ؟”.
  • أما رواية البخاري فمن قول النبي صلى الله عليه وسلم بلفظ: “لن يَبرَحَ الناسُ يتساءَلون حتى يقولوا”.

علامات صريح الإيمان

  •  ما يدل على صحة الإيمان هو اعتبار أن هذه الوساوس أمرًا عظيمًا وخطيرًا، وأن عدم التعامل معها بجدية هو ما يتعارض مع طبيعة الإيمان الصريح.
  • إنكار ما يجول في الفكر أو يوسوس به الشيطان للنفوس عن الله.
  • التوقف، وعدم الانسياق في هذه الوساوس.

الوسواس القهري وصريح الإيمان

تتجلى علاقة الوسواس القهري بصورة واضحة في قبول الشخص لتلك الوساوس أو رفضها، فالوساوس التي تؤثر على القلب يمكن أن تكون شديدة جدا حتى تستنكرها كل مؤمن وترفضها كل مسلم. إذا قبل الشخص تلك الوساوس، فإنه يفقد صفة الإيمان الصريحة التي تميز بين الموافقة والرفض لتلك الوساوس، ورفضها يعتبر إيمانا صريحا، وقبولها قد يستبعد الشخص من جماعة المؤمنين. وهناك أنواع مختلفة من الوساوس التي سنوضحها فيما يلي

  • النوع الأول وسوسة المعاصي، والذنوب وهذه الوسوسة قد تعرض على القلب من النفس أو من شياطين الإنس أو الجن. قل أعوذ برب الناس، ملك الناس، إله الناس، من شر الوسواس الخناس، الذي يوسوس في صدور الناس، من الجنة والناس
  • النوع الثاني هو التوهم والأفكار المرضية التي تنشأ في العقل

اختلفت آراء أهل العلم حول معنى قول النبي صلى الله عليه وسلم “ذاك صريح الإيمان” وقوله صلى الله عليه وسلم “تلك محض الإيمان” ومصطلح الصريح والمحض في الإيمان. ولقد اختلفوا في هذا الأمر على أكثر من رأي

  • الرأي الأول يعتبر وجود الوسوسة دليلا على صراحة الإيمان ، وهم يستندون في ذلك إلى حديث ابن مسعود -رضي الله عنه- الذي سئل فيه النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك فقال: (تلك محض الإيمان)
  • وفقا للرأي الثاني، فإن القلوب الفارغة من الإيمان لا تواجه الوسواس بشكل عام، بخلاف القلوب المؤمنة
  • وجهة النظر الثالثة تعتبر أن حدوث الشك في حد ذاته لا يشكل دليلا على مستوى الإيمان وقوته أو ضعفه 

الوساوس الالحادية وصريح الإيمان

يعد الإلحاد أمرًا جديدًا على البشرية، وهو نزعة فردية تجذب المرء الضعيف وتوهمه بالتميز عن غيره من الناس، رغبة في الشعور بالاختلاف والتمرد على الأصل، مثلما يفعل بعض الناس عندما يتبنون مواقف تتعارض مع العرف والدين، لمجرد الرغبة في أن يتميزوا عن من حولهم.

هنا تأتي الآيات لترد على كل عاقل توضح لكل ذي لب بالدليل والبرهان على وجود الله ( أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ ) الحج/46.

عندما تتعرض الشبهات اللاهوتية للقلب ولا يجدون لها مكانًا هناك، يتبين معنى الإيمان الصريح وبالمقابل، يعني قبول هذه الشبهات قبول الإلحاد.

صريح الإيمان في القرآن

يظهر من الآيات كيف أن علم الله شامل كل شئ حتى ما يدور في نفس الإنسان وهذا يعني أن شرط الإيمان الصريح الذي جاء في حديث النبي لا يخرج عن علم الله ، (وَلَقَدۡ خَلَقۡنَا ٱلۡإِنسَـٰنَ وَنَعۡلَمُ مَا تُوَسۡوِسُ بِهِۦ نَفۡسُهُۥۖ وَنَحۡنُ أَقۡرَبُ إِلَیۡهِ مِنۡ حَبۡلِ ٱلۡوَرِیدِ) (ق ١٢-٢٢).

كذلك فإن وساوس الشيطان التي يقذف بها في قلوب العباد كلها يعلم بها الله ولا تخفى عليه ، ﴿ فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطَانُ قَالَ يَا آَدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلَى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لَا يَبْلَى ﴾.

ضعف الإيمان وصريح الإيمان والفرق بينهما

يعني الإيمان الصريح رفض الشبهات التي تؤثر على القلب وتكبيرها، بالمقابل، الإيمان الضعيف هو قبول الشبهات والوساوس وغيرها من الأفكار التي لا يقبلها المؤمن المسلم ذو القلب والعقل السليم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى