ما هو المتطرف السياسي ؟
رغم التقدم السياسي والثقافي في القرن العشرين والانفتاح الشديد الذي يسود العالم حاليا، لا يزال هناك بعض الأفكار المتطرفة سواء سياسية أو عرقية أو دينية، وتسبب هذه الأفكار الضارة العديد من المشاكل في المجتمعات المختلفة، وتوجد في كل المجتمعات بما في ذلك المجتمعات الديمقراطية المتقدمة في العالم، وأحد أكثر هذه المشكلات شيوعا هو التطرف السياسي الذي يحاول فرض أفكاره السياسية رغم وجود الديمقراطية في العديد من البلدان في هذا الوقت.
المتطرف السياسي
المتطرف السياسي هو شخص يتمتع بمعتقدات تختلف عن القيم والأخلاق الاجتماعية المعتمدة، ويكون غالبا ما يكون على هامش الطيف الأيديولوجي. يكون الخوف والكراهية والغضب شائعا كدوافع للتطرف السياسي، سواء تجاه الشعب والحكومة، أو العرقيات والقوميات المختلفة. وهناك بعض الأشخاص الذين يتحركون بدوافع قضايا محددة، ومن الممكن أن تكون هذه القضايا نبيلة مثل حقوق الحيوان وحماية البيئة والقضاء على الإجهاض وغيرها..
بماذا يعتقد المتطرفون
عادة ما يكون المتطرفون السياسيون معارضين للمبادئ الأساسية لحقوق الإنسان والديمقراطية. يوجد المتطرفون بأشكال مختلفة على جانبي الطيف الأيديولوجي، فهناك المتطرفون اليساريون والمتطرفون اليمينيون، وهناك من يعارض الجهاد. ومن المعروف أن بعض المتطرفين السياسيين قد ينخرطون في أنشطة إجرامية مدفوعة بأيديولوجية معينة، بما في ذلك العنف ضد الأقليات أو الحكومة أو المؤسسات.
عادة ما يظهر المتطرفون السياسيون استهانة واستخفافا بحقوق الآخرين وحرياتهم، لكنهم في المقابل يكرهون أن يتم تقييد أنشطتهم الخاصة، وقد يقومون بمحاربة ذلك بأساليب عنيفة أو غير عنيفة، وعادة ما يتميز المتطرفون السياسيون ببعض الصفات الساخرة التي يستخدمونها كأداة سلمية للتعبير عن آرائهم المتطرفة، كما يفضلون مراقبة أعدائهم ولكنهم في العادة يلجأون إلى التهديد والتلاعب لنشر ادعاءاتهم وتأكيد ذلك، فعلى سبيل المثال، يدعي المتطرفون اليمينيون أن الله يدعمهم وغالبا يستخدمون الدين كذريعة لأعمالهم العدائية.
المتطرفون السياسيون والعنف
قدم خبير الإرهاب والجريمة، جيروم بيلوبيرا، تقارير بناء على بعض الأبحاث التي قام بها الكونغرس في عام 2017، وحذر فيها من أن الإرهاب الداخلي المتعلق بالتطرف السياسي يشكل تهديدا متزايدا في الولايات المتحدة الأمريكية
أن تركيز سياسة الولايات المتحدة على مكافحة الإرهاب ينصب على الإرهاب الجهادي منذ هجمات القاعدة على البرجين التجاريين في الحادي عشر من سبتمبر سنة 2001، ومع هذا في العقد الماضي قام بعض الإرهابيين المحليين بارتكاب العديد من الجرائم داخل الوطن وكان السبب من عملياتهم الإرهابية هذه مستلهمة من إيديولوجيات وحركات متطرفة سياسية متمركزة في الولايات المتحدة الأمريكية نفسها، وهذا تسبب في قتل بعض المواطنين الأمريكيين وتدمير العديد من الممتلكات في كل أنحاء البلاد.
وهذا يدل على أن التطرف السياسي من الممكن أن يكون أكثر عنفاً وضرراً من التطرف الديني، فمن الممكن أن يأتي من خارج أو داخل البلاد، بل أنه في الغالب يأتي بضراوة في داخل البلاد بشكل خاص، وقد جاء في تقرير من مكتب التحقيق الفيدرالي لسنة 1999 خلال الثلاثين عام الماضي أن المتطرفون السياسيون في أمريكا كانوا السبب في الأغلبية العظمى من العمليات الإرهابية في أمريكا والتي كانت فتاكة والتي تسببت في ضرر كبير للغاية.
التطرف السياسي بالغرب في الوقت الحديث
منذ نهاية عام 2016، شهدت العديد من الدول الغربية مثل المملكة المتحدة البريطانية والولايات المتحدة الأمريكية وألمانيا وبولندا وروسيا العديد من التجمعات العنيفة، وعانت العديد من المؤسسات الإسلامية والأميركيين من الأصول الأفريقية والمساجد وحتى بعض المؤسسات اليهودية في أمريكا من الاحتجاجات العنيفة والمسلحة في بعض الأحيان التي شنتها بعض الجهات المتطرفة.
استهدف العديد من المهاجرين في جرائم كراهية مشتبه بارتكابها من قبل مطرفين سياسيين في الولايات المتحدة وغيرها من البلدان الغربية، وربطت العديد من الحوادث بالمتطرفين اليمينيين، مثل الحركة الفاشية الجديدة التي انطلقت في إيطاليا، والمقاتلين اليمينيين في روسيا، وإرهاب خلايا النحل الخاصة بأزمة اللاجئين في ألمانيا.
حركة باتريوت المتطرفة
تعتبر حركة باتريوت واحدة من أشهر الحركات المتطرفة الأمريكية، وبالرغم من أن إدارة ترامب الحالية تؤيد حركة باتريوت بشكل كبير، فإن روح المعارضة للحكومة لا تزال حاضرة في داخل الحركة، وهم لا يزالون يتعرضون للحصار من قبل الدولة العميقة. وعلى الرغم من أن ترامب وإدارته اتخذوا سياسات تضطهد المهاجرين، فقد قام ترامب بتغيير سياساته المتعلقة بالعلاقات مع الدول الأخرى، والتي كانت سببا في تأييد حركة باتريوت لترامب. ومع ذلك، لا تميل الدولة العميقة الأمريكية إلى هذا الفكر المتطرف، حتى تحت إدارة ترامب التي يختلف هليها عن الكثير من الأمريكيين، ولكن يبقى الجنون بالعظمة يسيطر على أفراد الحركة، وخصوصا أمام خصومهم من المهاجرين والمسلمين الأمريكيين أو الغير أمريكيين.
يعتقد أعضاء هذه الحركة أن السياسة الحالية في الولايات المتحدة تتجاهل مبادئ المؤسسين الأصليين للبلاد، ويصفون أنفسهم بأنهم جيش التغيير الذي سيعيد الأمور إلى نصابها. وتتجلى هذه الفئة في الغالب في التجمعات اليمينية وتستخدم العديد من التكتيكات التي تتعارض مع اليسار والليبرالية.
توسعت هذه الحركة بشكل كبير في عام 2008، عندما انتخب الرئيس الأمريكي باراك أوباما، وتكونت العديد من العوامل والأفكار التي تغذي هذه الحركة المناهضة للحكومة، وأثرت التغييرات التي حدثت في السنوات الأخيرة بشكل ما على التركيبة السكانية بسبب الهجرة والاقتصاد المتعثر.
أسباب التطرف
ظاهرة التطرف هي ظاهرة عالمية، ولا تختص بدولة معينة، على الرغم من أنها تؤثر على فئات معينة. وتعتمد ظاهرة التطرف على عدة أسباب، منها:
– الفقر الفاحش في بعض المجتمعات ينجم عن البطالة وعدم المساواة في فرص العمل.
يمكن أن تحدث الاضطرابات الشخصية أو العقلية بسبب ما يمر به الأشخاص من حالات اكتئاب وقلق، وفي بعض الأحيان يلجأ هؤلاء الأشخاص إلى القيام ببعض الأعمال المتطرفة، وذلك رغبةً منهم في إثبات وجودهم أو القيام بمغامرة جديدة، أو لأنه لا يشعرون بأي قيمة لهم في الحياة.
يشمل التضييق الذي تمارسه الدولة على بعض الأفراد، منعهم من المشاركة السياسية أو تشكيل الأحزاب أو ممارسة أي نوع من حقوق الحرية السياسية.
يمكن لاحتلال دولة لدولة أخرى أن يجعل أفراد الدولة المحتلة يلجأون إلى المتطرفين للحصول على السلاح والأموال، ولمقاومة هذا الاحتلال.
– إقصاء سياسي بناء على الآراء السياسية أو التوجهات الدينية المخالفة من قبل الدولة، وسجن وحصار أو إقصاء الأفراد المنتمين لهذه الآراء السياسية أو التوجهات الدينية. يمكن أن يؤدي ذلك إلى تحويل هذه الفئات إلى مجموعة متطرفة، حتى لو لم تكن تحمل أفكارا متطرفة في البداية، وهذا يحدث في الغالب في الدول التي تنتهج التطرف السياسي تجاه الفصائل الأخرى السياسية.