ما هو التعذيب الابيض
قام علم النفس على مدار سنوات طويلة بدراسة العديد عن ما يجول بالنفس البشرية، وخاصة تلك النقاط التي تتعلق بنقاط القوة والضعف بشخصية الإنسان. و يمثل “التعذيب الأبيض” واحداً من أشهر أساليب التعذيب التي ملأت “السجون البيضاء” لفترات طويلة؛ لأنه اعتمد في الأساس على التصدي لنقاط القوة بداخل أي إنسان، وبداخل البعض بشكل خاص.
ما هو التعذيب الابيض
- يُطلق على الاعتماد بسجن شخص في غرفة بيضاء معزولة، وارتداء ملابس بيضاء، وشرب المشروبات البيضاء من أوانٍ بيضاء، وتناول الطعام من أطباق بيضاء، وينبغي ارتداء أحذية مبطنة وملابس بيضاء، اسم “التعذيب الأبيض.
- يشمل هذا النوع من التعذيب، بالإضافة إلى التفاصيل المذكورة أعلاه، أيضًا منفذ الإضاءة، ولا يستطيع السجين في هذا النوع من التعذيب التواصل مع أي شخص، ولا حتى حراس السجن الذين يرتدون الأحذية المبطنة.
- يمكن أن يؤدي التعذيب الذي يتعرض له السجين إلى فقدان جميع حواسه، حيث لا يسمع أي شيء ولايتحدث مع أي شخص، ويشاهد الأشياء باللون الأبيض فقط في كل ما يحيط به، وربما يصاب بالهلوسة .
- يمكن لفترة `التعذيب الأبيض` أن تستمر لشهور أو حتى لسنوات دون أن يشعر السجين بمرور الوقت
- اشتهر استخدام هذا اللون من ألوان التعذيب في إيران، حيث كان يُطبق بشكل خاص علىالمعتقلين السياسيين من غير تدخل سلطات السجون.
- يضاف إلى المعذبين الصحفيين والنشطاء السياسيين، وهذا النوع من التعذيب لا يفرق بين الرجل والمرأة، فالجميع متساوٍ فيه.
كيفية حدوث التعذيب الابيض
- يبدأ الأمر دائمًا بإلقاء القبض على المتهمين من الصحفيين والنشطاء في مجالات الإعلام والسياسة، ويتم حجزهم في مراكز احتجاز سرية.
- يُعزل السجناء في غرف معزولة، تسيطر عليها اللون الأبيض بشكل كامل، حتى يتناولوا طعامهم الذي يتألف في الغالب من أرز أبيض على طبق أبيض بطبيعة الحال.
- لا يتشارك أحدٌ الإقامة في هذه الغرفة البيضاء المعزولة؛ حيث إنهم لا يتحدثون إلى أي شخصٍ، وعندما يريدون قضاء حاجتهم يتم تمرير المناديل البيضاء لهم من تحت الأبواب.
- يؤدي هذا الأسلوب الذي يستمر لفترات طويلة إلى تدمير الخلايا العصبية والحسية في المخ، بالإضافة إلى تزوير بعض المعلومات الخاطئة لأهل السجين، الأمر الذي يساهم بشكل كبير في إجباره على الاعتراف.
- يمثل “أمير عباس خرو آور” الشهير أشهر مثال للاعتقال والتعذيب في السجون الإيرانية، ووفقا لتقرير، فإنه لم يوجد أي منافذ في زنزانته، وكانت الجدران والملابس باللون الأبيض، وكانت وجباته تتكون من الأرز الأبيض المقدم على طبق أبيض، وكان عليه وضع ورقة بيضاء تحت الباب لاستخدام المرحاض، وكان ممنوعا من الكلام، ولم يتمكن من سماع أصوات أحذية الحراس الناعمة.
- بمجرد خروج المعتقلين من هذه السجون، فإنهم لا يعيشون حياة طبيعية أبدًا؛ فقد يساعدهم العلاج النفسي لبعض الوقت، ولكن الشفاء الكامل من آثار هذا التعذيب يصبح حلمًا صعب المنال، حيث تبقى آثار الموقف معهم طوال حياتهم.
- يهدف نظام التعذيب الأبيض بشكل أساسي إلى إثارة أقصى درجات الخوف والهلع لدى السجين، مما يؤدي إلى فقدانه لهويته وعدم تذكره لماضيه وأفراد عائلته، بالإضافة إلى إحساسه بالفزع والهلع من كل ما يتعلق باللون الأبيض.
- بعد الإفراج عن “أمير” من السجن بعد فترة طويلة من التعذيب الأبيض، أقر بأنه قضى هناك ما يقرب من ثمانية أشهر، ولم يكن قادرعلى تذكر وجوه أمه وأبيه بعد انتهاء هذه الفترة
- وأكمل أمير :عندما تم الإفراج عني من السجن، لم أكن شخصًا طبيعيًا على الإطلاق.
التعذيب الأبيض في شمال أيرلندا
- ذكر “جون ماكفن” في كتابه “خنازير غينيا” تفاصيل تعرض الجيش البريطاني في شمال أيرلندا للتهجير الحسي، ولقد أدانته الولايات المتحدة الأمريكية بتهمة التعذيب أمام المحكمة الأوروبية في عام 1971 .
- يتم تلخيص أسلوب التعذيب بإجبار السجين على ارتداء بذلة سميكة وساخنة تغطيه من الرأس وحتى الكاحل، ويتم إجباره على الوقوف بأطراف أصابعه على جدار، ويتم تعريضهم لما يسمى بـ`الضوضاء البيضاء`.
- قدتم تطوير هذه التقنيات بشكل أوسع من السابق، وذلك لتجنب الاتهامات بالتعذيب الجسدي في غياب أي حافز يشجع على البقاء على قيد الحياة.
- ووفقًا للتجارب التي أجريت على مجموعة من المتطوعين في كندا، تم التوقف عن تلك الممارسات التعذيبية بسبب الأعراض النفسية التي نتجت عنها.
- لا يمكننا إغفال كيف سجلت عدسات المصورين فضيحة مشابهة لفنون التعذيب الحسي والجسدي التي حدثت من قبل الجيش الأمريكي مع السجناء في سجن أبو غريب في العراق.
التعذيب الأبيض في الولايات المتحدة الأمريكية
- اتهمت منظمات العفو الدولية وحقوق الإنسان الولايات المتحدة الأمريكية باستخدام وسائل التعذيب الحسي والجسدي القصوى، مما أدى إلى وفاة العديد من المعتقلين وابقائهم في العتمة لعدة أيام.
- بسبب استمرار فنون التعذيب التي حدثت خلال فترة رئاسة الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش، اتهمت هيئة المحامين الديمقراطيين الأوروبيين الولايات المتحدة بالقيام بالتعذيب الأبيض وذلك كما جاء في بيانها الرسمي:
” تُنتهك الكثير من الحثوث الشرعية من قِبل الولايات المتحدة الأمريكية، وتقع سجون جوانتانامو تحت سطوة التعذيب الحسي، فكل عيون السجناء وكذلك أنوفهم مُغطاة بشكل كامل، وأياديهم وأرجلهم مكبلة، والأيدي مغطاة بالقفاز، كما أنهم يخضعون للمراقبة ليل نهار، وهذا ما يُسمى بالتعذيب الأبيض” .
- انتقد البروفيسور النفسي الألماني “راينر موسفيلد” هذه الممارسات.
التعذيب الأبيض في فنزويلا
- “وفقًا للمنظمات غير الربحية وحقوق الإنسان، فقد قامت المخابرات البوليفارية التابعة للحكومة الفنزويلية بنقل السجناء السياسيين إلى الأقسام الأقل ارتفاعًا في مبنى المخابرات البوليفارية المعروف باسم “القبر”، وذلك في انتهاك لحقوق الإنسان.
- تتراوح مساحة الزنازين بين مترين وثلاثة أمتار، وتحتوي على مصطبة إسمنتية للنوم وجدران بيضاء وكاميرات مراقبة، ولا يوجد أي مدخل بأبواب أو نوافذ.
- تتم ترتيب جميع الزنازين جنبًا إلى جنب، مما يعوق التواصل بين السجناء، ويزيد من احتمالية الإصابة بالأمراض، ويجب الأخذ في الاعتبار أنه لا يوجد أي علاج متاح.
- يتم إبقاء الأضواء داخل الزنازين مع ضبط درجة الحرارة تحت الصفر، ويصبح الصوت الوحيد المسموع هو صوت مترو كاراكاس، وذلك بالإضافة إلى ذلك.
- يحاول السجناء في سجون “لا تامبا” أو سجون التعذيب الأبيض الإنتحار بسبب هذه الظروف، وتهدف هذه الظروف، وفقاً للمنظمات غير الحكومية، إلى إجبار السجناء على الاعتراف بالجرائم التي ارتكبوها.
قام الفن في أوروبا ودول العالم الغربي بالتعبير عن سجون التعذيب البيضاء من خلال مثل مسلسل “ذا بريف” وفيلم “وايت”، وحتى الفنان الألماني “جورج شنايدر” صمم غرفته على غرار زنازين التعذيب البيضاء.
لقد قادت هذه الشعوب لعقود الكثير من السجناء؛ ليلقوا حتهم وهم لا يزالوا على قيد الحياة، وذلك من أجل فرض أكبر للسلطة وقتها، وكذلك تحجيم منافذ الحرية في المجتمعات، مما دمر السلام كقيمة حياتية، وحق مشروع للجميع، وقضى على الحق في التعبير عن الرأي بشكل مُسالم، وأنقص من صورة التحضر والتَقبل في هذه المجتمعات الكثير والكثير.
هذه هي السجون البيضاء التي تحمل فقط قبرا أسود