ما هو التشبيه الضمني ؟” والفرق بينه وبين التمثيلي
ما هو التشبيه الضمني
إن التشبيه الضمني هو التشبيه الذي لا يأتي فيه المشبه والمشبه به في صورة من صور التشبيه المعروفة والواضحة بل يأتيان في سياق التركيب وإن هذا الضرب من التشبيه يُستخدم ليفيد أن الحكم الذي أسند إلى المشبه ممكن، ويمكّن الكاتب أو الشاعر للتعبير عن بعض أفكاره بأسلوب يوحي بالتشبيه من غير أن يصرح به في صورة من صور التشبيه المعروفة.
فوائد التشبيه الضمني
يتيح التشبيه الضمني بعض الفوائد للأدب والشعر العربي، بما في ذلك:
- إنها فرصة للشاعر أو الكاتب للتعبير بأساليب متنوعة.
- النزوع إلى الابتكار والتجديد.
- يتم إثبات البرهان على الحكم الذي يريد الشاعر تمييزه في المشبه.
- يستخدم الشاعر هذا الأسلوب بعد الكلام لإقناع المخاطب أو القارئ بالفكرة التي يتحدث عنها.
- يرغب الكاتب في إخفاء معالم التشبيه لأن الكلمات الخفية والدقيقة تكون أكثر صدقًا وأثرًا في النفس.
ونجد أن بلاغة التشبيه الضمني تكون كالتالي:
- يكون التشبيه الضمني مدعومًا بالبرهان والأدلة.
- يسلط الكاتب فيها الضوء على ما يبدو غريباً أو مستحيلاً.
- يقوم بجمع عنصرين مختلفين معًا، بالإضافة إلى جمع جنسين غير متشابهين.
- يُستخدم التشبيه في الدلالة على شيء دون استخدام الوضوح والصراحة.
الفرق بين التشبيه التمثيلي والضمني
يعني أن التشبيه التمثيلي والتشبيه الضمني هما من أقسام التشبيه، ويتكون كل منهما من أربعة أركان وهي المشبه والمشبه به وأداة التشبيه بالإضافة إلى وجه الشبه، ولكن يستخدم كل منهما في حالات مختلفة عن الآخر، والفرق بينهما يكمن في الأسلوب الذي يتم فيه استخدامهما
- إن التشبيه التمثيلي يكون فيه وجه الشبه صورة منتزعة من متعدد أمرين أو أمور وهذا ما ذهب إليه مذهب جمهور البلاغيين، وفي التشبيه التمثيلي لا يشترط أن يتم تركيب الوجه سواء كان هذا الوجه حسياَ أو عقلياً أو حقيقاً أو غير حقيقي مثال قول الله تعالى : ( مثل الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله كمثل حبة أنبتت سبع سنابل في كل سنبلة مائة حبة والله يضاعف لمن يشاء والله واسع عليم ) نجد هنا أن :
- المُشَبِّه هو من ينفق قليلاً في سبيل الله.
- يشير المشبه به إلى حالة تشبيه من زرع بذرة وأنبتت سبع سنابل.
- توضح الصورة أن العمل قليل والثمرة كثيرة؛ إذ أن وجه الشبه يُستخرج من العديد من الأمور، مثل الحبة والإنبات والحصاد، ويوجد في كل سنبلة مائة حبة.
- التشبيه الضمني لا نستطيع أن نضع فيه المشبه والمشبه به في صورة من صور التشبيه الشائعة، بل يظهر معناهما في السياق والمعنى بالإضافة إلى التركيب، وإن القسم هذا من التشبيه يأتي ليوضح أن الحكم المضاف إلى المشبه ممكن، مثال قول الشاعر:
“لا تنكري عطَل الكريم من الغنى … السيل حرب للمكان العالي”، فيريد الشاعر ضمنياً أن يقول للفتاة التي يخاطبها أن لا تنكري خلو الرجل الكريم من الغني، فإن هذا ليس غريباً، وإن قمم الجبال لا يستقر فيها ماء السيل، ونجد أن هنا تشبيه ضمني ولو أراد أن يوضح الصورة بأسلوب تشبيهي معروف لقال: إن الرجل الكريم المحروم الغني يشبه قمة الجبل وقد خلت من ماء السيل، ولكن لم يذكر الشاعر هذا التشبيه صراحة بل حاول إيصال الفكرة باستخدام التشبيه الضمني، وقد أتى بجملة مستقلة تتضمن هذا المعنى. - التشبيه التمثيلي هو أحد أنواع التشبيه التي تقوم على ملاحظة الشبه بين الأشياء.
- التشبيه الضمني هو نوع من أنواع التشبيه يتم فيه ذكر شيء دون ذكر جميع أجزائه.
يمكن ملاحظة الفرق الواضح بين التشبيه التمثيلي والتشبيه الغير تمثيلي، حيث يتم ذكر أركان التشبيه بوضوح في التشبيه التمثيلي مما يجعله ظاهرًا، بينما لا يتم ذكر التشبيه في التشبيه الغير تمثيلي، على الرغم من أن وجه التشابه في هذين النوعين من التشبيه يمكن فهمه من خلال الأمور والكلمات وليس من خلال لفظ محدد.
أمثلة على التشبيه الضمني والتمثيلي
بعد شرح الفرق بين التشبيه الضمني والتمثيلي، سنعرض بعض الأمثلة على كل منهما، وسنبدأ بأمثلة على التشبيه الضمني كالتالي:
- قول أبي فراس الحمداني: سيتذكرني أقراني عندما يحدث شيء مهم في أجدادهم. في الليالي المظلمة، سيفتقدون البدر.” هنا يقصد الشاعر أن قومه سيتذكرونه عندما يواجهون مصاعب ولكنهم لن يجدوه، وهذا أمر متوقع حيث يفتقد البدر ويحتاج إليه في الظلام. يمكن استنتاج أن هذا التعبير يحمل تشبيها غير معلن، حيث قام الشاعر بتشبيه حالته ضمنيا، حيث أن قومه يتذكرونه ولكنهم لا يجدونه، بحكمة البدر الذي يحتاج إليه في الظلام. لم يتم الإعلان صراحة عن هذا التشبيه، بل تم ذكره في جملة منفصلة وبهذا المعنى الرمزي.
- قول البحتري: في هذه القصيدة الشهيرة للبحتري “ضحوك إلى الأبطال وهو يروعهم .. وللسيف حد حين يسطو ورونق”، يعبر الشاعر عن حال الممدوح الذي يضحك في وجه الأبطال بغير اكتراث، ولكنه يوحي بأن حالالممدوح يشبه حال السيف الذي يبدو رائعًا وفتاكًا عند الضرب، حتى أن له رونقًا خاصًا، ولكن الشاعر عبر عن ذلك بشكل ضمني دون استخدام تشبيه واضح.
أمثلة على التشبيه التمثيلي:
- قول الشاعر: “اصبر على مضض الحسود فإن صبرك قاتله .. فالنار تأكل بعضها إن لم تجد ما تأكل”، فالمشبه هنا هو صورة الحسود إذا صبرت عليه وعلى حسده، أما المشبه به فهو صورة النار عندما تحرق الحطب وتأكله وعندما لا تجد شيئاً تحرقه فهي تحرق بعضها بعضاً، وجه الشبه وهو صورة شيء يترك فلا يلحق الأذى بغيره بل بنفسه.
- قال الشاعر بشار بن برد: “كأن منار النقع فوق رؤوسنا .. وأسيافنا ليل تهاوى كواكبه”، وهنا نجد أن المشبه هو الغبار المثار في معمعة القتال التي يثيرها النود، والمشبه به هو الليل الدامس الظلام الذي تتهاوى فيه الأجرام السماوية اللامعة التي تخطف الأبصار، أما وجه الشبه فهو سقوط الشيء اللامع من جوانب الظلام وتظهر الحكرة فيها.
أقسام التشبيه من حيث ذكر الأركان وحذفها
يمكن تقسيم التشبيه من حيث ذكر أركانه وحذفها إلى ثلاثة أنواع، وسنتطرق في هذه المقالة إلى هذه الأنواع ونوضحها
- التشبيه البليغ هو التشبيه الذي يحذف منه الأداة ووجه الشبه. يتمتع بأعلى درجات التشبيه في البلاغة بسبب قوته في المبالغة وعدم وجود فاصل بين المشبه والمشبه به. كما أنه لا يتم ذكر وجه الشبه لعدم وجود تقييد. وميزة أخرى تجعله في أعلى مراتب التشبيه هي إيجازه في حذف الأداة والوجه معا. مثال على هذا النوع من التشبيه: `زيد أسد`.
- التشبيه الضمني، كما أسلفنا سابقا، لا يذكر المشبه والمشبه به مباشرة، بل يأتيان ضمن سياق التركيب. ويستخدم هذا التشبيه لإقناع القارئ بفكرة الكاتب، مثالا قول المتنبي: `من يهن يسهل الهوان، عليه ما لجرح بميت إيلام`.
- التشبيه المقلوب هو تقنية تقوم فيها بتبديل المشبه والمشبه به، ويتم استخدامه للمبالغة والادعاء بأن الشبه في المشبه به هو الأقوى والأكثر ظهورا، ولذلك يتم قلبه. ونظرا لعادة العرب في أن الصفة تكون أكثر وضوحا في المشبه به من المشبه، فإن المشبه يصبح هو المشبه به في التشبيه المقلوب. على سبيل المثال، قال المتنبي: `أننقصه من حظه وهو زائد… ونبخسه والبخس شيء محرم`، وبذلك يتم تجنب الاستخدام المباشر للتشبيه ولا يكون له أي تأثير أو قوة