ما هو الامان الوظيفي

منذ الأزمة المالية العالمية والاقتصادية التي عاني منها العالم عام 2008 ، بات الكثير من العاملين والموظفين يشعرون بعدم استقرار داخل العمل ، مع وجود قلق مستمر من فقدان وظائهم ، الأمر الذي سيعرضهم بالتبعية إلى أزمات مالية طاحنة لتوفير أساسيات الحياة ، كما إن فقدان العمل يؤثر سلبًا على حياة الشباب الشخصية .

يراود الكثيرين نوبات القلق والخوف من المستقبل ، وهل في إمكانهم الاستمرار في العمل أم سيتم تسريحهم ، فمع التطور التكنولوجي وعصر الآلات أصبح الكثير من الموظفين في القطاع الخاص على اختلاف أنواعهم يشعرون بانعدام الأمان الوظيفي ، كثير منهم يشعر بالتوتر والقلق من فقدان وظائفهم في أي وقت ، مما يضعهم تحت ضغط نفسي كبير ، مما يطرح تساؤل ، ما هو الأمان الوظيفي؟ وكيف يؤثر على الموظفين ؟

الأمان الوظيفي

الأمان الوظيفي يشير إلى الخوف الشديد من فقدان الوظيفة في القطاع الخاص، ولذلك يسعى الكثيرون إلى الحصول على وظائف حكومية، حيث يعتبرونها أكثر أمانًا بسبب عدم تقييم عمل الموظف، وعلى الرغم من أن الأجور في القطاع الحكومي أقل، إلا أنها لا تزال تجذب البعض .

يؤثر الأمان الوظيفي على الحالة النفسية للعديد من الموظفين، ووفقا لما ذكر في موقع هيئة الإذاعة البريطانية BBC باللغة الإنجليزية، فإن الأمان الوظيفي يشير إلى الخوف والشعور بعدم الأمان فيما يتعلق بعملك، سواء بالبقاء فيه أو تلقي الراتب، وغيرها من الأمور التي تسبب الشعور بالعجز بسبب عدم وضوح سياسات العمل وعدم وضوح الدور الوظيفي للموظف. وهو من العوامل التي تؤثر سلبا على الفرد وتؤثر على أداء العاملين، وقد تؤدي في بعض الأحيان إلى الوقوع في نوبات اكتئاب شديدة، وفي بعض الحالات قد تصل حتى إلى الانتحار .

وعلى الرغم من وجود آثار سلبية للبيئة العمل غير المستقرة، إلا أنه يمكن استغلالها للحصول على أداء أفضل من الموظفين وتحفيزهم لزيادة الإنتاجية. وعلى الرغم من خطأ هذا الاعتقاد، فإنه لا يزال مستمرًا في العديد من المؤسسات الكبرى .

توجد العديد من أشكال الإدارة الخاطئة، بما في ذلك القاعدة التي استخدمها جاك ويلش، الرئيس السابق لشركة جنرال إلكتريك، والتي عرفت باسم “صنف واطرد”، حيث دعاإلى فصل الموظفين ذوي الأداء الضعيف، حتى لو كانوا يمثلون 10% من العاملين .

ومن بين القواعد الخاطئة الأخرى تسمى “صعود أو خروج” وهي استراتيجية تستند إلى التخلص من الموظفين الذين لا يتقدمون في السلم الوظيفي، أو لا يحصلون على ترقيات بسبب ضعف أدائهم، ويتم تطبيقها في بعض الشركات الخاصة بالقانون والاستشارات  .

تجعل حالة القلق هذه الموظفين في حالة يقظة دائمة، وتشعرهم بعدم الأمان الوظيفي المستمر في بيئة العمل، حيث يعتقد أصحاب العمل أن هذا يحفِّز الموظفين لزيادة الإنتاج، دون أن يدركوا مدى الضرر النفسي الذي يتعرض له العاملون بدلاً من التحفي .

ووفقًا لدراسة، يعتقد بعض أرباب العمل أن استخدام الأمان الوظيفي للشركات كتهديد يتعارض مع أسلوب التحفيز ويؤدي لنتائج عكسية، حيث يفقد العاملون الشعور بالالتزام ويتم تدمير الثقة في بيئة العمل .

القلق الناتج عن انعدام الامان الوظيفي

على الرغم من وجود العديد من النظريات التي تحاول التوفيق بين ما يرغب فيه صاحب العمل والموظفين دون إخلال بحق أي منهم، إلا أن القلق الناتج عن عدم الاستقرار الوظيفي لا يرتبط بصاحب العمل فقط، بل يمكن أن يكون نتيجة للتجربة الشخصية التي يعيشها الموظف على مدار حياته .

في حالة حدوث القلق الوظيفي نتيجة للعديد من العوامل، منها طبيعة العمل الذي يقوم به الموظف، وطبيعة المهنة، والمستوى المادي والاجتماعي، وحتى موقعك داخل الشركة. على سبيل المثال، الموظفون في أوروبا يتمتعون بإجراءات صارمة ضد قرارات تقليص العمالة أكبر من العمال في الولايات المتحدة. وذلك يجعل الفئة الأولى تشعر بالأمان الوظيفي بشكل أكبر بسبب حماية القانون  .

بعض القوانين في بلدان مثل بلجيكا تلزم أصحاب العمل بإخطار الموظف قبل مغادرته الوظيفة بثلاثة أشهر على الأقل، بينما في الولايات المتحدة، يكون هذا الإخطار بمدة أقصاها 14 يومًا .

والأمان الوظيفي لا يعني التهديد بالفصل فقط ، بل القلق من تغير الرجة المهنية يطلق عليه انعدام الأمان الوظيفي النوعي ، كما إن ظروف العمل المجهدة تؤدى إلى ضعف الإنتاجية في النهاية ، وعلى الرغم من أن عدد كبير من أصحاب رأس المال يعتقدون أنه لا بأس من شعور الموظفين في مؤسستهم بانعدام الأمان الوظيفي حتى يكون لديهم الحافز لإثبات جدارتهم أمام الإدراة .

على الرغم من عدم وجود دراسات علمية حول هذه الظاهرة، إلا أن بعض الأبحاث تشير إلى أن الضغوط الناتجة عن العمل يمكنها في بعض الحالات أن تساعد على تحسين التركيز على المهام وزيادة الكفاءة .

الموارد البشرية وتعزيز الأمان الوظيفي

كما ذكرنا سابقا، فإن افتقار الأمان الوظيفي يشكل مشكلة حقيقية تواجه العاملين في المؤسسات، سواء كانت خاصة أو حكومية. ومع ذلك، قد أشارت مجلة إنسايدر بزنس إلى أنه يمكن التحكم في هذه المشكلة وتحويلها إلى شيء يمكن الاستفادة منه من خلال تعزيز العلاقة بين الإدارة والموظفين من خلال الموارد البشرية، تماشيا مع قواعد وقوانين العمل في المؤسسة .

يبدأ دور إدارة الموارد البشرية من خلال تطبيق اللوائح والقوانين في اختيار الموظفين المؤهلين وتعزيز الالتزام بين الموظفين، مما يزيد من تكافؤ الفرص بينهم ويوفر الشعور بالأمان الوظيفي، وهذا بدوره يزيد من إنتاجية الموظف الذي سيشعر بالانتماء للمكان .

ومن أهم مهام الموارد البشرية في المؤسسة متابعة تنفيذ الموظفين للمهام المطلوبة منهم ، وحل النزاعات فيما بينهم ، والحفاظ على حقوقهم فإن هذا سيخلق بيئة عمل ناجحة ، وأداء أفضل ، فشعور الموظفين بالضغط ، وتعمد توصيل شعور عدم الأمان ، والتهديد بفقدان الوظيفة هو إرهاب نفسي يؤثر سلبيًا ، ويصيب العاملين بالكثير من المشاكل ولا يعالج المشكلة .

يعتقد بعض الخبراء أن قطاع الموارد البشرية هو المسؤول عن شعور الموظفين بالرضا أو عدمه، وكلما تحسن دعم الموظفين، زاد تحسن العمل وتحسين أدائه بشكل أكبر.

الامراض النفسية الناتجة عن عدم الاستقرار الوظيفي

إن انعدام الاستقرار الوظيفي والحياة في قلق وضغط عصبي يؤثر بالسلب على الصحة الجسدية للإنسان ، وتصيبه بالإرهاق وانعدام التركيز ، وفقدان الحافز لإنتاج أى مهام بصورة جيدة ، ولا يتوقف الأمر عند هذا الحد بل إنه قد يتطور ليصبح مرضي نفسي مثل الاكتئاب ، فوفقًا لدراسة لجامعة هارفارد فإن ضعف عدم التقدير في العمل يتسبب في نحو 2500 حالة انتحار سنويًا في الولايات المتحدة فقط ، وهو من الأرقام الضخمة .