ما معنى تعويم العملة ؟
تتجه العديد من الدول إلى تحرير سعر صرف عملتها لأسباب اقتصادية، وسوف نستكشف في هذه المقالة معنى تحرير سعر صرف العملة ولماذا يستخدمه الاقتصاديون ووجهات نظر بعضهم حول هذه العملية، كما سنتعرف على طرق التحرير المختلفة .
ما هو معني تعويم العملة ؟
تعويم أي عملة يعني تحرير سعر الصرف لهذه العملة بشكل كامل حيث تكون الحكومة متمثلة في المصرف المركزي غير متحكمة في تحديد سعر الصرف مباشرة وإنما يتم التحكم في هذا السعر، السوق من حيث العرض والطلب ويتغير هذا السعر تبعا لعده ظروف منها الإقتصادية والسياسية وبالتالي يمكن أن يتغير سعر العملة العائمة عدة مرات خلال نفس اليوم.
هناك طريقتان لتعويم العملة… إما يحدد سعر الصرف من خلال سوق العملة بناء على العرض والطلب، وبدون تدخل أو سيطرة من الدولة على السعر، وهذا يسمى التعويم الكامل، أو يترك سوق العملة لتحديد سعر العملة، ولكن تحت إشراف المصرف المركزي، بهدف توجيه سعر الصرف من خلال التحكم في سعر الصرف الأجنبي، وهذه الطريقة تسمى التعويم الموجه .
يؤيد بعض الاقتصاديين تعويم العملة، ويرون مثل الاقتصادي ميلتون فريدمان أن تعويم العملة وتحرير أسعار الصرف سيساعد على توضيح العديد من المؤشرات الاقتصادية للدول، مثل معدل النمو الاقتصادي ومعدل التضخم وقيمة الفائدة وغيرها، وسيؤدي ذلك إلى توازن آلي للمعاملات التجارية. ويعتقد هؤلاء المؤيدون أن تعويم العملة بشكل كامل وتحريرها بشكل كامل وترك تحديد سعرها للسوق استنادا إلى سياسة العرض والطلب يعتمد على ثقتهم الكبيرة في قدرات وفعالية الأسواق المالية، على الرغم من أن الواقع يشير إلى العكس تماما، حيث يؤدي ترك السوق في تحديد الأسعار دون تدخل رقابي أو مركزي إلى وقوع كوارث وعواقب وخيمة. ويرون هؤلاء الاقتصاديون أيضا أن حدوث عجز تجاري يؤدي إلى زيادة الطلب على العملات الأجنبية وبالتالي انخفاض قيمة العملة الوطنية، مما يؤدي في النهاية إلى زيادة التنافس بين الدول في التجارة والصادرات وتقليل عملية الاستيراد، ويتحول هذا العجز التجاري إلى توازن من جديد.
نظام بريتون وودز… هو الموقع الذي عقد فيه مؤتمر النقد الدولي واتفق على اتفاقية الصرف الأجنبي فيه عام 1944 بالميلاد. وشاركت في المؤتمر حوالي 44 دولة، وكان نتيجته إنشاء صندوق النقد الدولي وتحديد سعر العملات الأجنبية في نظام يتذبذب بنسبة 1% حيث كانت العملات مرتبطة بالذهب. كان هذا النظام محددا في الاتفاقية الاقتصادية لعام 1944 ميلاديا، حيث أصبح كل 35 دولارا أمريكيا يعادل واحدة وقية ذهب. ولكن هذه الاتفاقية انهارت في عام 1971 ميلاديا عندما انسحبت الولايات المتحدة الأمريكية رسميا من التزامها بتحويل الدولار إلى الذهب، دون الاهتمام بمصالح الدول الأخرى، وفقد الدولار ثقته أمام الدول الأخرى. وأصبحت جميع العملات غير قادرة على الاستقرار بالنسبة للدولار، لذلك اعتمدت العديد من الدول تعويم عملاتها وترك حرية تحديد السعر وفقا للسياسات العرض والطلب في سوق الصرف.
وفي الختام … يجدر الإشارة إلى أنه بعد سنوات من اعتماد العديد من الدول على عملية تعويم العملة، والتي تعتمد على تحرير عملاتهم في الأسواق المالية، فإن عملية تعويم العملة لم تحقق التوازن التجاري كما كان متوقعا من قبل الاقتصاديين المؤيدين للتعويم. وبدلا من الوصول إلى مستويات الصرف المطلوبة، فقد خابت الآمال وحدثت اضطرابات عالمية كبيرة لم يتمكن أحد من معالجتها حتى الآن. وأثر ذلك على العديد من الدول، حيث أصبحت الدول المصدرة في إزدهار اقتصادي بسبب التعويم، بينما سقطت الدول المستوردة في الديون لأن صادراتها لم تحقق التوازن أمام وارداتها. وعوضا عن إعادة التوازن في العلاقات التجارية الدولية، أدى التعويم إلى حدوث اضطراب كبير في سوق النقد الدولي، حيث تدهورت العملات في الدول غير المصدرة وارتفعت الأسعار في الدول المصدرة، وكانت الدول النامية من بين الأكثر تضررا.
وختاما فإن الدول الأوروبية وأمريكا لم تهتم إلا إلى مصلحتها وإستفادة تجاراتها واهملت مصالح الدول النامية حتي إنهارت عملاتها وزادت ديونها وغاصت أكثر في تعويم العملة حتي إنهار إقتصادها لذلك يجب عقد مؤتمر إقتصادي عالمي ليناقش هذه القضية ويحاول أزمة هذه الدول الإقتصادية ومحاولة إنقاذها من شبح الإفلاس.