اسلاميات

ما معنى الشتاء ربيع المؤمن ؟ “

ما هو ربيع المؤمن

المؤمن المسلم، عابد لربه يتقرب إليه بالعبادات، ويسعى إلى رضاء ربه، والربيع هو فصل من فصول العام يتميز باعتدال الحرارة فيه، وتفتح الأزهار، ويمتلأ الجو في فصل الربيع بالورود، والخضرة، والزهور وتفتحها، وكثرة ألوان الورد، وخضرة النبات واعتدال الجو هو أكثر ما يشتهر به فصل الربيع.

يتميز فصل الشتاء ببرودة الجو وقصر نهاره وطول ليله وانخفاض درجات الحرارة، وتقليل عدد ساعات ظهور الشمس خلال النهار.

هذه الجملة `إذا ما معنى الشتاء ربيع المؤمن` هي جزء من قول للنبي صلى الله عليه وسلم، حيث أخرج الإمام أحمد عن أبي سعيد الخدري عن النبي – صلى الله عليه وسلم – قوله: `الشتاء ربيع المؤمن`، وزاد البيهقي وغيره: `طال ليله فقامه، وقصر نهاره فصامه`، وعن ابن مسعود – رضي الله عنه – قال: `مرحبا بالشتاء؛ تتنزل فيه البركة ويطول فيه الليل للقيام، ويقصر فيه النهار للصيام`.

هذا الحديث من التشبيهات النبوية البليغة، حيث اختار النبي صلى الله عليه وسلم فصلاً من فصول العام تتميز بأكبر تأثير على نفوس الناس وارتباطه بالبهجة، وهو الربيع، ليربط به العبادة، ويتميز هذا الفصل بميزات هامة للعباد المؤمنين الصالحين، وهذا يدل على حكمة النبي في اختيار الأمثل والأروع لدعوة الناس إلى الله.

يبين الحديث من خلال ألفاظه ومعانيه أن النبي يوجه المؤمنين إلى ضرورة الانتباه إلى خصائص فصل الشتاء، فهو فصل قصير وبارد نهاره، مما يجعله مناسباً للصيام بأقل مجهود، وقلة العطش والجوع بسبب قلة ساعات الصيام وانخفاض الحرارة وقلة الرطوبة.

تتميز الليالي فيها بالطول مع انخفاض درجة الحرارة، مما يشجع المؤمنين على أداء العبادات والاستفادة من الليالي الباردة للعبادة بأقل مجهود، مع الذكر والتعبد وقراءة القرآن الكريم.

التاجر المتميز هو الذي يستغل المناسبات المواتية ليحقق أرباحا من تجارته. وبالمثل، المؤمن الذكي العاقل والفطن هو الذي يسعى للاستفادة والتعبير عن أوقات الطاعة المثلى ويستغلها بحكمة، لكي يحظى برضا ربه ومغفرته، دون بذل مجهود كبير. يحرص على اختيار أوقات العبادة المثلى ويسعى ليكون عبدا مؤمنا طائعا.

العبد المؤمن يتحرى أنسب الأوقات في كل فريضة من الصلاة والصوم وغيرها، ويقدم عليها، ويتحرى ساعة إجابة الدعاء، ولا يتراجع عن الدعاء لربه. وفي فصل الشتاء، يتقرب العبد المؤمن إلى ربه بالعبادة النشطة والمشقة الأقل، حيث يصوم بأقل ساعات ويتمتع بأفضل الظروف الجوية لأداء الصلاة.

يحرص الإنسان على قضاء ليلة الشتاء في العبادة، والصلاة، والذكر، والدعاء، وقراءة القرآن الكريم، حيث تساعده ظروف الطقس وانخفاض درجة الحرارة، وبالتالي لا يشعر بصعوبة في العبادة، ويحرص على قضاءها وهو مشغوب بها، ولا تشتته حرارة الجو.

الشتاء غنيمة العابدين

وقد ورد في حديث النبي صلى الله عليه وسلم عن حال المؤمن في فصل الشتاء، وكيفية قضاء يومه في العبادة، وإذا كان المؤمن من أحبة الصيام فإنه يصوم في نهار يوم الشتاء، أو إذا كان لديه صيامات مفروضة عليه من قبل فإنه يقضيها في هذا الوقت، حتى يكون يومه مخصصًا للطاعة.

في فصل الشتاء، ليل المؤمن يكون مليئا بالعبادة والطاعات، حيث يقوم بأداء ركعات الصلاة للتقرب من ربه، أو يذكر الله في سكون الليل، أو يتلاوة القرآن الكريم بترتيل وتدبر، ويدعو ربه، وذلك تأكيدا لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم في الصحيحين وغيرهما، الذي يقول فيه أن ربنا ينزل إلى سماء الدنيا كل ليلة، حين يبقى ثلث الليل الآخر، فينادي قائلا: `من يدعوني فأستجيب له، من يسألني فأعطيه، من يستغفرني فأغفر له`.

إذن فالليل أفضل ساعات المناجاة والتعبد، حيث الجميع غافل عن العبادة إما نائم لا يذكر الله أو مستيقظ في ما تلهي الدنيا به الناس، غير مهتم بالعبادة لذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم وَعن عبدِاللَّهِ بنِ سَلاَمٍ ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قالَ: أَيُّهَا النَّاسُ أَفْشوا السَّلامَ، وَأَطْعِمُوا الطَّعَامَ، وَصَلُّوا باللَّيْل وَالنَّاسُ نِيامٌ، تَدخُلُوا الجَنَّةَ بِسَلامٍ، رواهُ الترمذيُّ وقالَ: حديثٌ حسنٌ صحيحٌ.

ومن الدليل على فضيلة صلاة الليل وأهميتها وقدرها، وما لها من تأثير، يأتي حديث النبي صلى الله عليه وسلم الذي رواه أبو هريرة، وقال: قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: أفضل الصيام بعد رمضان شهر الله المحرم، وأفضل الصلاة بعد الفريضة صلاة الليل، وهذا حديث صحيح، رواه مسلم. فإن عبقرية النبي صلى الله عليه وسلم تتجلى في ربطه بين فصل الشتاء وازدهار عبادة المؤمن وتألقها، وقد يكون لهذا الاكتشاف عدة جوانب وفوائد

  • تزداد الحسنات بصيام التطوع والذكر الكثير في العبادات، حيث تزدهر الأشجار في الربيع.
  • يتم اختيار الشتاء لانخفاض درجات الحرارة وساعات الهدوء، ولأنه مناسب للعبادة.

خطبة الشتاء ربيع المؤمن

الحمد لله الذي نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، ونشهد أن الله وحده لا شريك له، وأن محمدًا عبده ورسوله. وبعد، فهذه خطبة في العبادة خلال فصل الشتاء.

إن اختلاف الليل والنهار واختلاف الفصول وتغيرها، من الصيف للشتاء والربيع والخريف، هي آية من آيات الله سبحانه وتعالى في الكون، تدعو العباد أصحاب العقل السليم والقلب السليم إلى التفكر في الدنيا وفي خلق الله، وأن ينتبهوا لهذا التغير والتعاقب.

سبحان الله الذي يغير كل شيء، حتى فصول السنة لا تتغير 

تتعاقب الفصول وتتغير الأحوال الجوية من أمطار ورياح وكسوف وخسوف وغيرها من الظواهر التي تدل على قدرة الله سبحانه وتعالى وعلى قدرته، وتدعو للتفكر فيها وكيفية ربطها الله سبحانه وتعالى بالعبادة، وجعل ما لها من دعاء وصلاة وغيرها من العبادات.

لم يغفل الدين الحنيف عن ربط فصول العام بالعبادات، حيث ينبه العبد المؤمن الطائع الراغب في طلب عفو ربه ورضاه إلى المواسم التي تكون فيها العبادات أيسر، والمواقيت التي تكون فيها العبادات ذات أجر عظيم، والأوقات التي يتقرب فيها العبد في عبادة ربه.

وقد أشار الحديث الذي ورد عن أبي هريرة  يقول: هل أدلكم على الغنيمة الباردة؟” قالوا: نعم. فيقول: الصيام في الشتاء. وقد رواه عامر بن مسعود مرفوعا إلى النبي صلى الله عليه وسلم. قال: الغنيمة الباردة هي الصيام في الشتاء. ورواه الترمذي، وهو حديث صحيح.

فضل قيام الليل وصيام النهار 

إن فضل قيام الليل والتعبد فيه لله، ثابت بالأحاديث النبوية، وبالآيات القرآنية، وكان السلف الصالحين يحزنون إذا فاتهم موسم طاعة، ويندمون إذا لم يحصلوا العبادات، وهذا واحد منهم يبكي عند الموت فلما سألوه عن سبب البكاء إذا كان يكره لقاء ربه، فيجيبهم بل حزن على كل فرصة عبادة في ليل الشتاء فاتته.

ومن هذا يتضح أن صيام النهار وقيام الليل فضلها عظيم فقد قال الله سبحانه وتعالى عن الصيام أن الصيام لله وهو يجزي عباده به على خلاف باقي العبادات، كما بين النبي صلى الله عليه وسلم في السنة فضل القيام، وأن الله ينزل للسماء الدنيا في الثلث الأخير من الليل ليسمع حاجات عباده ويستجيب لهم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى