ما صحة ” حديث الصيحة في رمضان “
هل حديث الصيحة في رمضان صحيح
ويقول العقيلي رحمة الله عليه في ذلك: هذا الحديث ليس له أصل من حديث موثوق، ولا يوجد دليل يثبته. وأما ابن الجوزي رحمه الله، فيقول في باب خاص عقده باسم `باب ظهور الآيات في الشهور`: `هذا حديث موضوع على رسول الله صلى الله عليه وسلم`.
وقد تحدث عن ذلك أيضًا العلامة ابن القيم، عليه رحمة الله، في كتاب المنار المنيف (صفحة رقم 98) أن هناك بعض الأحاديث التي لا تصح مثل حديث: يكون في رمضان هدة توقظ النائم، وتقعد القائم وتخرج العواتق من خدورها، وفي شوال مهمهة، وفي ذي القعدة تميز القبائل بعضها من بعض، وفي ذي الحجة تراق الدماء.
وحديث: يحدث صوتًا في رمضان إذا كانت ليلة النصف منه ليلة جمعة يصعق له سبعون ألفًا، ويصوم سبعون ألفًا. وبالنسبة للحاكم فإنه يعتبر هذا الحديث حديثًا غريب المتن ويعتبر أنه لا يوجد دليل قوي على صحته.
حديث الصيحة بأسانيد أخرى
تمت أيضًا رواية هذا الحديث بأسانيد مختلفة، وقد كانت أطول الأسانيد هي عن ابن مسعود: وهي يكون في رمضان صوت،قالوا في أوله أو في وسطه أو في آخره؟ قال: لا بل في النصف من رمضان، إذا كانت ليلة النصف هي ليلة الجمعة، يكون صوت من السماء يُصعق له سبعون ألفًا، ويخرس سبعون ألفًا، ويُغمى سبعون ألفًا، ويضم سبعون ألفًا.
قالوا: سئل النبي صلى الله عليه وسلم: من الذي ينجو في شدائد الأمة؟ فأجاب: `من لزم بيته وتعوذ بالسجود، وجهر بالتكبير لله، ثم يتبعه صوتٌ آخر`. والصوتُ الأولُ صوت جبريل، والصوت الثاني صوت الشيطان، فالصوت في رمضان والمعمعة في شوال.
تتميز الأشهر الحرم: ذو القعدة، وذو الحجة، والمحرم، حيث يشير المحرم إلى بداية البلاء على أمتي ونهايتها بالفرح، وينجو المؤمن من الدسائس والمكائد التي تحاك ضده في ذلك الوقت.
وقد قال الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله: تم تداول نشرة تحتوي على حديث مكذوب عن النبي محمد صلى اللهعليه وسلم، ويتم في هذا الحديث المكذوب إدراج معلومات زائفة.
وعن ابن مسعود قال: قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: إذا صُرِح بالتكبير في رمضان، فإنه يتبعه الإكبار في شوال، وتتميز الأقبية في ذي القعدة، وتسيل الدماء في ذي الحجة والمحرم. وما هو المحرّم؟ يقولها ثلاث مرات، وهي “هيهات هيهات”، وفي المحرم يحدث الفوضى والاضطراب، ويقتل الناس بلا سبب. وسئل الرسول عن معنى الصيحة، فأجاب بالصوت العالي والنداء للصلاة
قال: يُعد هذا الليلة النصفية من شهر رمضان ليلة الجمعة، وهي ليلة خاصة توقظ النائمين وتجعل الساهرين يستريحون، وتخرج العواتق من أماكنها في ليلة جمعة، وذلك في سنوات تتميز بالزلازل والبرد الكثير، وإذا تزامن شهر رمضان في ذلك العام مع ليلة الجمعة فعليكم بأن تصلوا صلاة الفجر في النصف من رمضان، ثم ادخلوا بيوتكم.
يُنصح بإغلاق الأبواب وسد الكواكب والاحتماء بأنفسكم، وإغلاق الآذان، وإذا شعرتم بالخطر، فسُجدوا لله وقولوا: سبحان القدوس، سبحان القدوس، ربنا القدوس، حيث إن من يفعل ذلك ينجو، ومن لا يفعل يهلك.
بناءً على ما ذُكر أعلاه، يمكن القول إن هذا الحديث ليس له أي أساس من الصحة ويعتبر كاذبًا وباطلًا، ولقد مرت على المسلمين العديد من الأعوام التي صادف فيها يوم الجمعة نصف رمضان، ولم يحدث في تلك الليالي أي شيء إلا بفضل الله.
وبالتالي، يدرك جميع المطلعين على هذا الأمر أنه غير مقبول أن يتم الترويج لهذا الحديث الزائف، بل يجب تمزيق كل هذه الأمور الزائفة وإتلافها وتحذير الناس من باطلها، والمسلم يجب أن يتقي الله في جميع الأوقات ويبتعد عما نهى عنه الله تعالى.
ويقول الله سبحانه وتعالى لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: (اعبد ربك حتى يأتيك اليقين) يعني أن تعبد الله حتى تتأكد من الموت. والله سبحانه وتعالى قال: (يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون). وقال النبي صلى الله عليه وسلم لمعاذ رضي الله عنه: (اتق الله حيثما كنت، وأتبع السيئة الحسنة تحمها، وخالق الناس بخلق حس).
الصيحة في القرآن
تم ذكر الصيحة في العديد من الآيات القرآنية، وتتمثل هذه الآيات فيما يلي:
- وعندما جاء أمرُنا نجَّيْنا شُعَيْبًا والذين آمنوا معه برحمةٍ منا، وأخذت الذين ظلموا الصيحةُ، فأصبحوا في ديارهم جاثمين.” (الأعراف: 94).
- (مَا يَنْظُرُونَ إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً تَأْخُذُهُمْ وَهُمْ يَخِصِّمُونَ) (49 يس)
- (إِنْ كَانَتْ إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً فَإِذَا هُمْ جَمِيعٌ لَدَيْنَا مُحْضَرُونَ) (53 يس)
- في سورة العنكبوت: “ومنهم من أخذته الصيحة، ومنهم من خسفنا به الأرض.
- هؤلاء لا ينتظرون إلا صيحة واحدة ليس لها أي فائدة (15 ص)
- ذلك اليوم الذي يسمعون فيه الصيحة بالحق، هو يوم الخروج (42:ق)
- (إِنْ كَانَتْ إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً فَإِذَا هُمْ خَامِدُونَ) (٢٩ يس)
- وقد أرسلنا عليهم صيحة واحدة فأصبحوا كالحشيم المستخرج من النخيل
- (وَأَخَذَ الَّذِينَ ظَلَمُوا الصَّيْحَةُ) (67 هود)
- (فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ مُشْرِقِينَ) (73 الحجر)
(فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ مُصْبِحِينَ) (83 الحجر)
وأخذتهم الصيحة بالحقِّ فجعلناهم غثاءً” – الآية 41 من سورة المؤمنون - وأخذ الذين ظلموا الصيحة فأصبحوا في ديارهم جاثمين (٩٤: هود)
معنى الصيحة والرجفة
الصيحة تُعرف بكونها الصوت العالي والشديد، وتكون أشمل فى التأثير من الرجفة، والرجفة تعني الاهتزاز فى مكان محدد، لذلك فإن الصيحة تصل إلى عدد أكبر وتكون أقوى وأكثر في مداها من الرجفة، ومن المعلوم أن الصوت يكون أسرع وأكثر ولهذا فهو يؤثر في الكثير من الديار، ومن أجل ذلك تم استخدام كلمة (ديارهم) فى القرآن الكريم مصاحبة للصيحة.
وذلك كما في آيات سورة هود: (وَأَخَذَالَّذِينَ ظَلَمُواْ الصَّيْحَةُ فَأَصْبَحُواْ فِي دِيَارِهِمْ جَاثِمِينَ)، (وَلَمَّا جَاء أَمْرُنَا نَجَّيْنَا شُعَيْباً وَالَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مَّنَّا وَأَخَذَتِ الَّذِينَ ظَلَمُواْ الصَّيْحَةُ فَأَصْبَحُواْ فِي دِيَارِهِمْ جَاثِمِينَ)، أما عن الرجفة فهي يكون تأثيرها في مكان محدد فقط، لذلك جاء معها كلمة (دارهم) وذلك مثل في قوله تعالى (فَأَخَذَتْهُم ُالرَّجْفَةُ فَأَصْبَحُواْ فِي دَارِهِمْ جَاثِمِينَ) (الأعراف).