الانسانتنمية بشرية

ما سبب النفور من شخص معين

النفور هو شعور قوي بالكراهية أو الاشمئزاز ويعرف علم النفس النفور بأنه ” رغبة مبالغ فيها في الانفصال عن شيء أو شخص ما” ، وبالتأكيد فإن كثيرًا منا قد اختبر هذا الشعور من قبل، وفي الواقع إن النفور أكثر من مجرد شعور فهو أيضًا قد يكون تجربة جسدية في بعض الأوقات، فبعض الأشخاص عندما يشعرون بالنفور من شيء ما فإن أجسادهم قد ترتجف لمجرد ذكر هذا الشيء.

النفور هو عاطفة تتراوح بين الغضب والخوف والاشمئزاز، وفي أسوأ الحالات قد تؤدي إلى الكراهية وأعمال العنف. يمكن أن يكون النفور مبررًا عندما يرتكب شخص ما أفعالًا تبدوكريهة من وجهة نظري، مثل الزوج الذي يستمر في إيذاء زوجته، ومع مرور الوقت يشعر الشخص بالنفور منه.

أما النوع الآخر فهو الغير مبرر، فنحن لا نجد أسباب واضحة لكره شخص بدون سبب، على سبيل المثال، عندما تقابلت فتاة لأول مرة، قد يولد لديك شعور غريب تجاهها ولا تعرف ما هو، فقط تشعر بعدم الراحة عندما تراها أو تتحدث إليها، وربما يكون السبب في ذلك هو أنك وجدت سلوكها غريبا أو غير مفهوم، أو ربما أنها قالت نكتة لم تضحك عليها، وفي داخلك تعتبرها غبية.

قد يؤدي الشعور بالنفور من شخص ما دون سبب واضح إلى حمل الضغينة تجاهه، وقد نبحث عن أسباب أو نختلق قصصًا لتبرير نفورنا منه، وقد نتصرف بطريقة غير لائقة تجاهه دون أن نتوقع رد فعل مماثل منه، ويعتبر النفور في الأساس رد فعل شخصي ينبع من تصرفاتنا وتفاعلاتنا مع الآخرين.

أسباب النفور من شخص معين

قد يكون شخص مزعج

يمكن أن يكون النفور مبرر إذا كان للشخص الذي تنفر منه عادات تزعجك، فقد يكون إنسان محبط وحتى لو كان شريك حياتك فإن استمراره في نقدك والتقليل من شأنك وأفعالك قد يسبب لك شعور بالنفور تجاهه. قد يكون هذا الشخص غير صامت، أو غير صادق، أو متعجرف، أو بخيل. في دراسة أجريت في جامعة كاليفورنيا، قام الأشخاص بتقييم أكثر من 500 وصف للأشخاص بناء على أهميتهم المتصورة بالنسبة للإعجاب. وجدت الدراسة أن الصفات التي حصلت على أعلى تصنيف هي الاجتماعية والذكاء والجاذبية (الخصائص الفطرية)، لم تكن هي المصدر الأول للإعجاب. بدلا من ذلك، كانت الصفات الأكثر أهمية هي الإخلاص والشفافية والقدرة على فهم الآخر. لذلك، يشعر الأشخاص عادة بالنفور من الشخص المتعجرف، بغض النظر عن مكانته الاجتماعية أو جماله الخارجي. بالإضافة إلى ذلك، يسبب الشخص الكذاب المستمر والشخص البخيل النفور في نفوس الآخرين. قد يكون الشخص جافا في مشاعره وتعاملاته مع الناس، وهذا يمكن أن يثير الاستياء في البداية ومع الوقت يتحول إلى نفور شديد.

قد نكون نحن المخطئين

إن الكراهية هي آلية للدفاع عن النفس، يستخدمها الإنسان منذ القدم عندما يتعرض للهجوم ، وقد كانت القدرة على فصل الأعداء عن الأصدقاء بسرعة ضرورية للبقاء على قيد الحياة، ومع ذلك ، فإن معظم التهديدات الحالية لدينا هي تصورات وليست حقيقية، فنحن نحاول في كثير من الأحيان أن نخلق المعركة.

عندما تواجهنا الصعوبات، نميل إلى إلقاء اللوم على الآخرين والبحث عن كبش فداء. ونظرًا لأن الأغلبية يرغبون دائمًا في إثبات صحة مواقفهم للشعور بالأمان، فإنهم يلتمسون الكراهية كوسيلة لحماية تقديرهم لأنفسهم أومصالحهم ومعتقداتهم المجتمعية.

تنافر الأرواح

وعلم النفس ليس وحده هو الذي يفسر تلك الحالة على العكس فإن علم النفس قد يحدد الحالة لكنه لا يجد كثيرًا من التفسيرات لها، أما في الدين فإننا نجد في الحديث الشريف عن عائشة رضي الله عنها قالت، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: الأرواح جنود مجندة فما تعارف منها ائتلف وما تناكر اختلف”

يفسر الخطابي هذا الحديث بأن الخيرين يرغبون في التقرب من من هو على شاكلتهم، وكذلك الأشرار يرغبون في التقرب من من هو على شاكلتهم، وهذا هو معنى التشابه في الخير والشر.

ويقول بعض الفقهاء إن الأرواح خلقت في البداية على شكل واحد، ثم تم تقسيمها إلى فئتين. وعندما تفرقت في الأجساد، يميل كل شخص إلى أولئك الذين يشابهون صفاته التي خلقهم الله عليها. يميل الأخيار إلى الأخيار، ويميل الأشرار إلى الأشرار. ويقول ابن الجوزي إن هذا الحديث يفيد الإنسان الذي قد يجد نفسه متنفرا من الأشخاص الصالحين. في تلك الحالة، ينبغي عليه أن يراجع نفسه ويزيل المميزات المذمومة التي تكون فيه.

الحسد أو العين أو السحر

العين حق، وللحسد أو العين أو السحر أعراض كثيرة أحدها هو الشعور بالنفور بالناس بشكل عام، وقد يكون النفور تجاه شخص معين إشارة لإصابتنا بالعين أو السحر، وعلى الرغم من ذلك، لا ينبغي علينا تبرير جميع مشاعرنا أو تصرفاتنا تجاه الآخرين بأنها نتيجة للسحر أو الحسد، ولكن يجب أن نتقي الله تعالى في تعاملنا مع الآخرين ونتأكد من أننا نتصرف بطريقة حسنة بغض النظر عن مشاعرنا تجاههم. يجب أن ندرك أن كل ما يصيبنا هو بمشيئة الله عز وجل، وأنه هو الوحيد الذي يبتلينا ويكشف عنا الضر، وعلينا أن نستعين بالله أولا وندعوه دائما أن يبعد عنا كل الشرور وأن يرشدنا للحق ويمنحنا القدرة على اتباعه، وأن يظهر الباطل كما هو ويمنعنا منه، وأن يحمينا من إيذاء المسلم. فالكراهية والنفور قد تدفعنا إلى ارتكاب أفعال سيئة وتجبرنا على إيذاء الشخص الذي نكرهه أو نشعر بالنفور منه، وبذلك نحمل عبء الظلم، وعلينا أن نقرأ القرآن الكريم والرقية الشرعية باستمرار لحماية أنفسنا من شرور الحسد.

علاج النفور من شخص ما

في بعض الأحيان، يصعب علينا تجنب أو الابتعاد عن الشخص الذي نشعر بالنفور منه، والحل هو محاولة التخلص من المشاعر السلبية تجاهه

علاج أسباب النفور

للتغلب على حالة عدم الارتياح في العلاقة الزوجية، يجب معالجة الأسباب الجذرية لهذه الحالة، على سبيل المثال، إذا كانت الزوجة تشعر بالنفور من زوجها لأنه بخيل، فيجب عليها إخباره بذلك والعمل على إصلاح هذه السلوكيات السيئة التي تسبب هذه الشعور.

التركيز على الجانب الإيجابي

لا ينبغي لنا أن نغفل الجوانب الإيجابية في أي شخص، حيث أن لكل إنسان جوانب إيجابية وجوانب سلبية، وينبغي علينا أن لا نتجاهل الجوانب الإيجابية في شريك الحياة، وأن نركز على الجوانب الإيجابية في شخصية الشريك بدلاً من الجوانب السلبية التي تدفعنا للكره.

ادفع بالتي هي أحسن

يجب أن نتحرى العدل فالكره يدفع الإنسان للظلم في كثير من الأوقات، وهذا يزيد من حالة الكره والنفور، فلا يجب أن يدفعنا الشعور بالنفور لظلم شخص ما فيقوم برد فعل سيء تجاهنا مما يزيد شعورنا تجاهه سوءًا، ويجب أن نحاول بذل قصارى جهدنا لنبدأ بالمعروف ويقول الله تعالى في كتابه العزيز ” ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم” فهذه وصفة ربانية لنشر الحب والسلام بين الناس، ولأن الله تعالى يقلب القلوب، فقد يكون فعل خير ولو بسيط مع شخص نشعر بالنفور تجاهه سبب في تغيره وتبدل أحواله للأفضل وهذا قد يبدل مشاعرنا أيضًا.

الدعاء والتضرع للمولى عز وجل

فالله تعالى هو الذي يقلب القلوب، فإذا كنا نشعر بالنفور من شخص لا يمكن الابتعاد عنه، فيجب أن نلزم أنفسنا بالدعاء للمولى عز وجل ليؤلف بين قلوبنا، ويزيل أسباب النفور والضغينة، فإذا كان النفور نتيجة لعين أو غيرها من الأمور المماثلة، فإن الله تعالى هو القادر على إزالة تلك الأسباب.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى