ما حكم طلب الرقية من الاخرين
تعريف الرقية الشرعية
الرقية الشرعية هي مجموعة من الآيات القرآنية مع الأدعية المذكورة في السنة النبوية الشريفة وأسماء الله الحسنى. يستطيع المسلم قراءتها لنفسه أو لأبنائه أو لأفراد عائلته. إنها علاج لجميع المشاكل النفسية والأمراض والشر الناتج عن الإنس والجن وقد يشمل أيضا السحر. إن الرقية الشرعية هي العلاج الوحيد الموصوف من قبل الله لهذه الحالات.
حكم طلب الرقية الشرعية من الاخرين
إن حكم طلب الرقية الشرعية من الآخرين له أمران وهما:
- عندما يرسل شخص برقية إلى شخص آخر، فإن الراقي يمكن أن يكون قام بذلك من تلقاء نفسه دون أن يُطلب منه ذلك، وهذا لا يُعتبر مكروهًا بالنسبة للراقي أو المرقي، وفي هذه الحالة يكون الراقي قد قام بذلك لصالح أخيه وذلك من باب الإحسان المشروع.
- أما عندما يكون الراقي قد فعل برقية شخص آخر بطلب من المريض أو الشخص الذي يريد الرقية فهذا الطلب مكروه لأنه ينافي كمال التوكل على الله، فإن من شروط التوكل على الله أن لا يسأل المسلم الناس شيئاً، ومن يفعل هذا لا يدخل ضمن السبعين ألفاً الذين تم ذكرهم والذين يدخلون الجنة بغير حساب.
يمكن استنتاج أنه يفضل للمسلم أن يعمل على تطوير نفسه بنفسه وأنه لا يجوز له أن يطلب الرقية. فالرقية هي أمر مباح ومستحب، وينبغي على كل شخص مصاب بمرض أن يقوم بالرقية الشرعية لنفسه. فقد قام رسولنا الكريم – صلى الله عليه وسلم – بالرقية لنفسه وقام جبريل – عليه السلام – بالرقية له، ورقى النبي – صلى الله عليه وسلم – غيره، ولكنه لم يطلب الرقية من أحد، فالمسلم لا يطلب شفاء إلا من الله تعالى.
حديث النهي عن طلب الرقية
وجدنا في صحيح البخاري حديثا ينهى عن طلب الرقية الشرعية. فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: `يدخل الجنة من أمتي سبعون ألفا بغير حساب، هم الذين لا يسترقون ولا يتطيرون وعلى ربهم يتوكلون` [رواه البخاري 6107 ومسلم 218]. ويظهر هذا الحديث الشريف فضيلة ترك طلب الرقية من الآخرين، وأهمية الاعتماد الكامل على قوة التوكل على الله سبحانه وتعالى، إضافة إلى ترسيخ اليقين؛ حيث يتنافى طلب الاسترقاء مع كمال التوكل على الله.
وإن ظاهر الحديث والله أعلم يشير أن طلب الرقية يخرج صاحبه من السبعين ألفا، الذين تم ورودهم في حديث نبينا الكريم وبأنهم يدخلون الجنة بغير حساب، وأن الداخلين والمذكورين فيه هم الذين تركوا الرقية الشرعية بهدف الاعتماد التام على قوة التوكل على الله، وقال ابن علان في شرح رياض الصالحين: والذي رجحه المصنف، والقرطبي وغيرهما من ذلك ما قاله الخطابي وغيره أن المقصود من الحديث الشريف هو ترك طلب الاسترقاء توكلاً، ورضاً بقضاء الله تعالى، قال الخطابي: وهذه من أرفع درجات المتحققين بالإيمان، وهنا نجد أن العلماء قد اختلفوا في هذا املوضوع وفي معنى الحديث مع العلم بورود الأمر في السنة بالرقية والاسترقاء ولكن الراجح في أقوال العلماء أن المقصود في ترك الرقية هو توكلاً على الله ورضاً بقضائه.
أسباب كراهية الاسترقاء
إن العلماء أكدوا كراهية الاسترقاء مثل سعيد بن جبير وداوود بن علي بالإضافة إلى ابن تيمية وابن القيم وغيرهم، وقد تم الاستدلال بحديث النهي الذي تم ذكره في المقال وقد نهى رسولنا الكريم عليه الصلاة والسلام عن طلب الرقية الشرعية من الغير، وقد رأى العلماء أن علة النهي تكمن في أن الاسترقاء :
- الاستقراء يتناول الإعتماد على الله، وهو يتعلق بحاجة الآخرين وهذا غير مقبول ولا يجوز.
- المسلم يتوجه للخالق وحده لطلب ما يحتاجه، ولا يطلبه من المخلوقين.
- إنَّ المسترقي هو الشخص الذي يطلب المساعدة من غير الله، ويتوقع الدعاء من المخلوقات، وهذا يعني أنَّ قلبه متعلِّق بالمخلوقات، بينما التوكل يُنفي ذلك جميعًا.
- يتعارض دور الراقي مع دور المسترقي، إذ يسعى الراقي لإحسان معاملته لإخوانه وإفادتهم.
من شروط الرقية الشرعية
في السنة الشريفة، كان من المسموح بالرقية والاسترقاء، ولكن ذلك لا يتعارض مع التوكل على الله ولا ينافي قوله “ولا يسترقون”. وإذا قدم لأحدهم من يرقيه، فلا يجوز منعه، ولكن ينبغي الالتزام بشروط الرقية الجائزة التي تتضمن
- يجب أن تكون وفقا لقول الله سبحانه وتعالى.
- يجب أن تكون صفات الله تعالى وأسماؤه مصفوفةً.
- يجب أن تكون بالمأثور عن النبي عليه الصلاة والسلام.
- يجب أن تكون بلسان عربي.
بالإضافة إلى وجود ثلاث مراتب بالنسبة للاسترقاء وهي :
- عندما يطلب الشخص الآخر من المسترقي أن يقوم بالرقية، فإنه في هذه الحالة يكون قد أخطأ في الاختيار، أي لا يجوز ذلك وفقا للحالة والحكم الذي ذكرناه سابقا في المقال.
- المرتبة الثانية تشير إلى أنه عندما يطلب المسترقى الرقية، لا يمكن للمسترقي أن يمنع من يرقيه، وفي هذه الحالة يفتقد المسترقي للكمال لأنه لم يسترق ولم يطلب الرقية من شخص آخر.
- النقطة الثالثة هي منع المسترقي من الرقية، وهذا مخالف للسنة الشريفة، حيث لم يمنع النبي محمد صلى الله عليه وسلم السيدة عائشة من الرقية، ولم يمنع الصحابة أحدا من الرقية، وهذا الأمر في هذه الحالة لا يؤثر على الاعتماد على الله.
إذا سار على دين الله تعالى وأدى جميع الفروض التي فرضها الله تعالى عليه، وترك ما نهى الله عنه، ولكنه يحتاج إلى الاسترقاء لعلاج مرض معين ولا يوجد علاج آخر، ففي هذه الحالة يجوز له الاسترقاء وفقًا للشريعة الإسلامية، والله أعلم، كما قال الشيخ ابن باز رحمه الله
” السبعون ألفا هم الذين استقاموا على دين الله ، وتركوا محارم الله ، وأدوا ما أوجب الله ، ومن صفاتهم الطيبة: عدم الاسترقاء ، ولكن الاسترقاء لا يمنع كونه من السبعين ألفا ، والاسترقاء: طلب الرقية ، وإذا دعت الحاجة إلى هذا فلا بأس ، النبي صلى الله عليه وسلم أمر عائشة أن تسترقي ، وأمر أم أولاد جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه وهي أسماء بنت عميس رضي الله عنها أن تسترقي لأولادها ، فلا حرج في ذلك .
إذا دعت الحاجة إلى الكي، فلا بأس بذلك، ولكن الترك أفضل، إذا تيسر غيره.” من “فتاوى نور على الدرب.
حيث أننا نجد أن هذا دليل على أنه لا حرج في طلب الاسترقاء في وقت الحاجة، حيث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : “الشفاء في ثلاث: كية نار، أو شرطة محجم، أو شربة عسل، وما أحب أن أكتوي”.
أقسام الرقية
الرقية الشرعية فعالة للغاية في علاج الكثير من الأمراض النفسية والجسدية، ولكن هناك بعض المفاهيم الخاطئة حولها، مثل:
- إيمان بأن الشخص لا يمكنه رفع مستواه بمفرده دون مساعدة الآخرين.
- يعتقدُ بعضُ الأشخاصِ أنَّ الرقيةَ لا تشفي الأمراضَ العضويةَ.
- هناك بعض الأشخاص الذين لا يقومون برقية أنفسهم، حيث يعتقدون أن رقيتهم وشفائهم يعودان إلى ارتباطهم بأشخاص معينين.
وإن الرقية تنقسم إلى نوعان هما:
- الرقية الشرعية هي نوع من الرقية الشفائية التي تتم عن طريق تلاوة آيات من القرآن الكريم، وأدعية ثابتة من السنة النبوية، ويجب على الراقي والمرقي أن يعتقدا أن الشفاء يأتي بيد الله سبحانه وتعالى.
- تعتبر الرقية محرمة إذا كانت من شخص مسلم ولكنه غير معروف بالصلاح والاستقامة، بالإضافة إلى العلم الذي يستفيض به، أو إذا كانت من شخص كاهن أو عراف، أو أيضًا إذا كانت من كافر كتابي أو غيره.