ما حكم الصلاة خلف إمام مبتدع
حكم الصلاة خلف الإمام المبتدع
في الدين الإسلامي، الصلاة هي أمر له شأن عظيم وأهمية كبيرة، وتعود أهميتها إلى عدة أسباب، منها أنها أمر من الله سبحانه وتعالى الذي أمر به عباده المسلمين، وذكر ذلك في آيات كثيرة وأحاديث متعددة. ومن الآيات التي جاء فيها أمر بالصلاة: `وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة واركعوا مع الراكعين` [البقرة: 43]
كما أن الصلاة في الجماعة لها أجر مختلف، فإن صلاة الجماعة تفضل على صلاة الفرد بسبع وعشرين درجة، وذلك حسب رواية البخاري
قد يجد المسلم نفسه في صلاة الجماعة يصلي وراء إمام مبتدع، ويتسائل عن حكم ذلك، وخاصة إذا كانت تلك الصلاة واجبة مثل صلاة الجمعة، فإذا كان هذا الإمام المبتدع تتسبب بدعته تلك في خروجه عن الإسلام، فإنه لا يمنع من الصلاة خلف ذلك الإمام، وقد قال في ذلك أئمة العلماء من المسلمين، أن الصلاة خلف كل بر وفاجر من أهل القبلة، كما هي الصلاة على من مات منهم.
وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم، صلوا خلف كل بر وفاجر رواه مكحول عن أبي هريرة وأخرجه الدارقطني، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم، في حديث آخر الصلاة واجبة عليكم مع كل مسلم برًا كان أو فاجرًا، وإن عمل الكبائر، والجهاد واجب عليكم مع كل أمير برًا كان أو فاجرًا، وإن عمل الكبائر.
من بين الصحابة، كان من الذين صلوا وراء فاسق وظالم الحجاج بن يوسف الثقفي، وكان من بينهم أنس بن مالك وعبد الله بن عمر، وذلك وفقًا لما قاله النبي صلى الله عليه وسلم في الأحاديث السابقة.
يجوز للرجل الصلاة خلف من لا يعلم عنه بدعة أو عنه فسق، وتعتبر صلاة الرجل صحيحة، ولا يشترط ذلك للإمام أو المأموم، كما لا يجب عليه البحث عن نية المأموم، أو التحقق منها، ولكن يجب على الإمام التحقق من سلامة حاله وعدم معرفته بشيء ينكر عليه، باستثناء بعض الصلوات مثل صلاة الجمعة والعيدين وصلاة يوم عرفة في الحج وصلوات أخرى ذات أحوال خاصة
يعتبر من ترك الصلوات الواجبة، مثل الجماعة والجمعة، بسبب فجور الإمام، هو بذلك يصبح مبتدعًا، وكان عبد الله بن مسعود يصلي خلف الوليد بن عقبة بن أبي معيط، الذي كان يشرب الخمر، وكان يؤدي الصلاة وكان يؤمه بصفته الإمام، حتى أنه كان يصلي صلاة الصبح أربع ركعات.
وكما جاء في الصحيح، لما منع عثمان بن عفان رضي الله عنه من الصلاة جماعة بالناس، وسأل واحد من الناس عثمان رضي الله عنه، أن من صلى بالناس إمام فتنة، فقال له عثمان رضي الله عنه، “” يا ابن أخي، إن الصلاة من أحسن ما يعمل الناس، فإذا أحسنوا فأحسن معهم وإذا أساءوا فاجتنب إساءتهم.””
مما تقدم يمكن الوصول إلى حكم الصلاة خلف إمام مبتدع، كما تبين من أراء العلماء وكما تبين في الأثر فإن حكم الصلاة خلف الإمام المبتدع تصح، وخاصة إذا كانت تلك الصلاة في الصلوات التي لا يجوز تفويتها، مثل صلاة الجماعة، والتي لا يوجد مانع منها، ومثل صلاة العيدين، وصلاة الجمعة، وما في حكم تلك الصلوات.
حكم الصلاة خلف الصوفي
من المفترض أن تكون كلمة صوفي تطلق على من زهد في الدنيا وابتغ فيما عند الله،، وهو ما يعد خير، لكن من المؤسف أن الكلمة انحرفت عن معناها، وأصبحت تقال على فئة لا ينطبق عليها المعنى، ويشوب سلوكها، واعتقادها البدع والانحرافات، لذلك فإن السؤال هنا سوف ينصب على أهل البدعة، أو الاعتقاد الخاطئ بعيد عن المعنى الحقيقي للكلمة.
فيما يتعلق بالصلاة خلف إمام صوفي، إذا كان هناك إمام من أهل السنة والجماعة متاح، فلا يجوز الصلاة خلف إمام صوفي. ولكن إذا لم يكن هناك إمام من أهل السنة والجماعة متاحا، فمن الممكن الصلاة خلف الإمام الصوفي حتى لا يتشتت المصلون. وقد صرح شيخ الإسلام رحمه الله بأن الصلاة خلف إمام مبتدع أو صوفي مسألة تحتاج إلى بعض التفصيل. فإذا صليت خلف إمام صوفي، فإن حكم الصلاة يكون مثل حكم الصلاة خلف إمام مبتدع، ويصح الصلاة خلفه في الضرورة القصوى، كما تم شرح هذا في الإجابة على سؤال حول حكم الصلاة خلف إمام مبتدع
والأمر في ذلك متروك لوجود بديل فإن كان هناك بديل صحيح الاعتقاد لا يصلي خلف المبتدع، ولا خلف الصوفي، ومن في حكمهم، أما إن كان لا يجد غيره، فلا يجوز ضياعه لصلاة الجماعة والصلاة منفردا، ويصلي خلف ذلك الإمام، وذلك لأن صلاة الجماعة خير من صلاة الفرد، ما دامت الصلاة في ذاتها صلاة صحيحة
وفيما يتعلق بتفصيل رأي الأئمة والمذاهب في هذا الموضوع، يرون مذهب الشافعية والإمام أبو حنيفة النعمان أن الصلاة صحيحة، أما بالنسبة للإمام مالك والإمام أحمد بن حنبل فهما في رأي متعارض حول هذا الموضوع، ويقصدان بالبدعة ما يتعارض مع الكتاب والسنة بشكل واضح، مثل الجهمية والرافضة وغيرهما.
هل يجوز الصلاة خلف إمام يكرهه
قد يضطر المرء للصلاة وراء شخص يكرهه، وهذا أمر يزعجه، ولا يعرف ما إذا كان هناك مشكلة في صلاته أم أنها صحيحة ومقبولة، وقد يكون الكره تجاه الإمام مبنيا على عدة أسباب، بما في ذلك اعتقاد المرء أن الإمام ليس على العقيدة الصحيحة أو أنه إمام يعصي الله، أو أمور شخصية لا علاقة لها بالدين.
إذا كان السبب الذي يؤدي إلى الصلاة بإمام لا يحبه أو يكرهه لأسباب شخصية غير متعلقة بالطاعة والذنوب، فإن الحب والكره لا يؤثران على صحة صلاة الفرد، وتبقى الصلاة صحيحة إذا كانت الأداء صحيحا وفقا لشروط صحة الصلاة، ولكن إذا كان السبب في عدم حب الإمام أو كرهه يعود إلى ديانته الخاصة، مثل أن يكون على بدعة أو يرتكب معصية أو غير ذلك من الأمور المتعلقة بالدين، فقد يكون هذا السبب غير صحيح ومتوهم، وفي هذه الحالة تبقى الصلاة صحيحة
قد يكون الكراهية للإمام حقيقية وليس من الضروري التحقيق في أسرار الإمام والاقتصار على ما يظهر منه فقط، طالما أنه لا يؤثر على صحة الاعتقاد. فإذا كان الإمام زانيا أو يرتكب معاصي تثير الكراهية، فإن الصلاة صحيحة، أما إذا كان السبب هو أنه مشرك أو مبتدع أو خارج عن أهل السنة والجماعة، فينبغي أن يصلي الشخص وراء غيره إلا إذا لم يكن هناك غيره، فيصلي الشخص وراءه لحفظ صلاة الجماعة
حكم الصلاة خلف إمام عاصي
قد يظهر للناس في إمامهم ما يسؤهم من معاصي أو ذنوب ظاهرة وقد يكون لا علاقة للأمر بما يظهر لهم ويكون مجرد ظن أو شك، او كلام متداول لا دليل على صدقه وصحته، وفي كل الأحوال ليس واجب على المأموم أن يفتش وراء الإمام ويبحث في خباياه، ويتتبع الذنوب، وتبقى الصلاة صحيحة، وذلك لأنه ليس من شروط الإمامة أن لا يكون الإمام عاصي، لكن منها الإسلام والبلوغ وأن يكون الإنسان ذكر عاقل، وعليه فلا تصح إمامة المرأة للرجل في الصلاة، كما لا تصح إمامة الكافر.