ما حقيقة منع هولندا التنانير القصيرة احتراما للمسلمين؟
تم نشر أخبار على صفحات مجموعة من المواقع الإلكترونية ومواقع التواصل الاجتماعي في أوروبا تفيد بمنع إحدى البلديات الهولندية لموظفاتها من ارتداء التنانير القصيرة في مكاتبها، وذلك لاحترام مشاعر المسلمين. استغلت اليمين المتطرف هذه النقطة لنشر شائعات حول خطر هذا القرار على الحريات الفردية والشخصية التي حاربت أوروبا من أجل تعزيزها لسنوات طويلة.
ما حقيقة الأخبار المنتشرة ؟
أعلنت بعض الصحف الأوروبية رفضها للقرار و تنديدها التام مثل صحيفة ليبيرو الإيطالية و التي أصدرت في يوم الخميس الماضي مقالا بعنوان “وداعا للتنانير، ينتظرنا مستقبل بالحجاب… في هولندا منعت التنانير القصيرة حتى لا تجرح مشاعر المسلمين”. لكن الحقيقة شيء آخر، فقد بدأت الإشاعات بعد إرسال أحد المسؤولين ببلدية في منطقة “نيو ويست” التابعة لإقليم أمستردام رسالة إلكترونية للموظفات اللواتي يشتغلن تحت إشرافه ، وكانت تحتوي الرسالة على ما يلي “الموظفات اللائي يشتغلن في الشبابيك و في احتكاك يومي بالمواطنين يجب أن يلبسن تنانير أو لباسا آخر يعلو على الركبة” ليس هذا فقط و إنما احتوت الرسالة على تحذير من الأحذية التي تغطي الساق و الذي يصل إلى الركبة و التي اعتبرها المسؤول غير مناسبة للعمل و توعد المخالفات بعقوبات إدارية.
ردود الأفعال المتباينة
في المقابل نفى “ماريو سورياني” المتحدث الرسمي باسم موظفي بلدية “نيو ويست” معرفته بتلك الرسالة، مؤكدا أن التنورة القصيرة من الممكن أن تكون محرجة لبعض الأفراد. في حين انتقدت الصحف الأوروبية استجابة المسؤول لضغوط الآلية المسلمة، مؤكدين أن العكس هو المفترض، في إشارة إلى ضرورة اندماج المسلمين في المجتمع الأوروبي و احترامهم لطقوس و عادات هولندا. كما دعمت بلدية أمستردام احترام الآخرين عندما دخلت على الخط في هذه القضية حيث نشرت في تدوينة على تويتر أن الموظفون العموميون الذين يعملون في الشبابيك يجب أن يرتدوا ملابس لائقة تاركا لهم تقدير كيفية تطبيق ذلك.
هل للقرار علاقة بالمسلمين؟
بعد الضجة التي أثارتها الهجمات على المسلمين والتضامن معهم، أصدرت البلدية بيانا في الصحف الهولندية والمواقع الإلكترونية، يفيد بأن البلدية لم تمنع النساء من ارتداء التنانير القصيرة، وأن البيان كان ردا على الاستفسارات الداخلية المتعددة ولا علاقة له بالإسلام أو المسلمين. وأكدوا أنهم لم يتلقوا أي تعليق من المسلمين بشأن زي الموظفات. ومع ذلك، لم تتخلى البلدية عن رأيها الذي يقول إن الموظفين العامين مطالبون بارتداء ملابس تتناسب مع منصبهم ومهنتهم، ويبقى لكل موظف حرية تقدير كيفية احترام قانون الزي.
المسلمين في هولندا
تعود تاريخ الإسلام في هولندا إلى أوائل القرن السابع عشر الميلادي، حيث قامت جمهورية هولندا بتوقيع اتفاقية مع المغرب. وفي القرن التاسع عشر، شهدت هولندا هجرات متفرقة للمسلمين من الهند الشرقية الهولندية، التي كانت جزءا من الإمبراطورية الهولندية. زادت التوافدات المسلمة بعد ذلك بين عامي 1960 و 1973، حيث قامت الحكومة الهولندية بتوظيف عدد كبير من العمال المهاجرين، خاصة من تركيا والمغرب، لتعزيز النمو الاقتصادي. استمرت الهجرات بعد ذلك في إطار إعادة توحيد الأسر وطلبات اللجوء السياسي.
تشير إحصائيات عام 2009 إلى أن هولندا تضم حوالي 825,000 مسلم في أراضيها، منهم 320,000 تركي و 260,000 مغربي. يعيش معظم المسلمين في المدن أمستردام وروتردام ولاهاي وأوترخت. تعتبر هولندا، المعروفة أيضا بمملكة الأراضي الواطئة أو المنخفضة، في شمال غرب أوروبا. يبلغ عدد سكانها حوالي 16 مليون نسمة، مليون منهم مسلمون، وهناك جنسيات غير تركية ومغربية تشمل الجزائرية والآسيوية. ومن أبرز ما يميز الشعب الهولندي هو وعيه السياسي العالي ومتابعته الدقيقة للأحداث الدولية والإقليمية.
شاهد : صور أمستردام.. تقرير لمن يرغب في السفر إليها