ما المقصود بـ ” البعث والجزاء “
معنى البعث والجزاء
تعتبر عقيدة البعث والجزاء من أهم المعتقدات الدينية المؤثرة، حيث ساهمت في تغيير فكر وسلوك الإنسان وجعله أكثر حكمة ووعيًا، وأيضًا أكثر تفاؤلًا، مما أدى إلى تأثير ذلك على سلوكه وحسابه لكل خطوة يخطوها في الحياة.
المقصود بالبعث والجزاء لغة واصطلاحاً
في اللغة يعرف البعث على أنه الإرسال والإحياء، ولكن في الاصطلاح يعرف البعث على أنه إعادة الأحياء بعد موتهم من قبورهم، والبعث يرتبط بشكل وثيق بالجزاء حيث يعرف الجزاء في الاصطلاح بأنه ما سيتلقاه عباد الله يوم القيامة من عذاب دائم أو نعيم مستمر.
البعث والجزاء في الدين الإسلامي
الإيمان باليوم الآخر ركن من أركان الإسلام الخمس، كل مسلم مؤمن بأن الله سبحانه وتعالى هو باعث الناس للحساب يوم القيامة بعد موتهم، وأن جميع الناس سوف ينالون الجزاء عما كانوا يفعلون في حياتهم، فالإيمان يدل على ضرورة إيمان الإنسان بقدرة الله سبحانه وتعالى وحكمته الغير محدودة، ولقد قال الله تعالى في كتابه العزيز في سورة النحل: (وَأَقْسَمُوا بِاَللَّهِ جَهْد أَيْمَانهمْ لَا يَبْعَث اللَّه مَنْ يَمُوت بَلَى وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا وَلَكِنَّ أَكْثَر النَّاس لَا يَعْلَمُونَ)، وأيضاً قول الله تعالى في سورة آل عمران: (يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَرًا وَمَا عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَدًا بَعِيدًا وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ).
تناول القرآن الكريم بتفصيل كبير موضوع التفسير للبعث والجزاء في ردٍ على كل المشككين في هذه العقائد. أمر الله سبحانه وتعالى الناس جميعًا بذكر هذا اليوم بكثرة لما له من خير ينعكس على الإنسان في الدنيا والآخرة.
أهمية الإيمان بالبعث والجزاء
- يوضح أن “الإنسان يجب أن يطيع جميع أوامر الله سبحانه وتعالى ويبتعد عن كل ما نهى عنه، ويحرص على عدم الوقوع في طرق الانحراف التي تؤدي إلى دخول الإنسان في نار جهنم، وتحرمه من نعيم الله عز وجل الدائم.
- يتعلم الإنسان الأخلاق الحميدة للتعامل مع الآخرين، مما يعمل على تقليل حدوث الجرائم المختلفة، ويساهم أيضًا في بناء مجتمعات تتقيعقاب الله سبحانه وتعالى.
- تحقيق الراحة النفسية لكل المظلومين الذين لم يستطيعوا أخذ حقهم في الدنيا، فالإيمان باليوم الآخر يرافقه العديد من الأحداث التي تثبت أفئدتهم على ضرورة طاعة الله سبحانه وتعالى والاستقامة وعدم الانحراف، وفي الاخرة سوف يقف الجميع بين يدي الله سبحانه وتعالى وكل إنسان سوف ينال جزاءه أم العذاب الدائم أو النعيم المستمر.
- يوفر الإيمان بالبعث والجزاء العديد من الإجابات على الأسئلة التي تثيرها العقول البشرية، وهذه الأسئلة يمكن أن تؤدي إلى الانحرافات الخطيرة والابتعاد عن نهج الله سبحانه وتعالى إذا لم يتم العثور على إجابات مرضية لها.
- الاعتقاد بالقيامة والمكافأة يضفي مغزى عميقا على حياة الإنسان، كما ينشر التفاؤل والصبر في نفس الشخص، خاصة في حالة تعرضه للمصائب. فمثلا، يمنح المؤمن صبرا من الله تعالى عندما يفقد أحد أحبائه، إذ يعلم المؤمن أن هذا الفراق مؤقت وسيلتقون مرة أخرى في الجنة. وهذا يمكن الإنسان المؤمن من مواصلة حياته بقلب مطمئن.
إن الإيمان بالبعث عبارة عن اليقين الذي لا يوجد فيه شك بأن الله سبحانه وتعالي سوف يقوم بإحياء جميع خلقه بعد موتهم،وقد قال الله تعالي في سورة الحج: ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِن كُنتُمْ فِي رَيْبٍ مِّنَ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن تُرَابٍ ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِن مُّضْغَةٍ مُّخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ لِّنُبَيِّنَ لَكُمْ وَنُقِرُّ فِي الْأَرْحَامِ مَا نَشَاء إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلًا ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ وَمِنكُم مَّن يُتَوَفَّى وَمِنكُم مَّن يُرَدُّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْلَا يَعْلَمَ مِن بَعْدِ عِلْمٍ شَيْئًا وَتَرَى الْأَرْضَ هَامِدَةً فَإِذَا أَنزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاء اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ وَأَنبَتَتْ مِن كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ* وَأَنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ لَّا رَيْبَ فِيهَا وَأَنَّ اللَّهَ يَبْعَثُ مَن فِي الْقُبُورِ).
والإيمان بالجزاء أيضا هو الاعتقاد الثابت بأن الله سبحانه وتعالى سيكافئ الأشخاص الصالحين على أعمالهم الحسنة وسيعاقب الأشخاص السيئين على أفعالهم السيئة، وذلك في يوم القيامة، كما ورد في سورة النجم في قوله تعالى: (وأن للإنسان إلا ما سعى * وأن سعيه سوف يرى * ثم يجزاه الجزاء الأوفى)، وأيضا في قوله تعالى في سورة النجم: (ولله ما في السماوات وما في الأرض ليجزي الذين أساؤوا بما عملوا ويجزي الذين أحسنوا بالحسنى).
مراحل البعث والجزاء
- يقف الناس على أرض المحشر بعد أن يبعثهم الله من قبورهم، وفي هذا الموقف يشتد حال الناس ويخاف الجميع خوفًا شديدًا بسبب طول مدة هذا الوقوف.
- يوضع الحوض المورود للنبي صلى الله عليه وسلم، ويتم استخدامه لسقي كل شخص مات على سنة النبي صلى الله عليه وسلم، وذلك دون تغيير أو تبديل، ثم يتم وضع حوض لكل نبي من الأنبياء فيرد الصالحون من أمتهم عليه.
- تعد شفاعة النبي محمد صلى الله عليه وسلم أعظم الشفاعات لجميع الخلائق عند رب العالمين، حتى يتم تسريع الحساب لهم.
- عرض جميع الأعمال على الله عز وجل.
- عند عرض جميع الأعمال، يتم الحساب وعرض المعايير، وغالبًا ما يحدث جدل في هذا الأمر.
- بعد تطاير الصحف، يأتي أصحاب اليمين بكتبهم بيمينهم، ويأتي أصحاب الشمال بكتبهم بشمالهم، ثم يتم قراءة الكتب.
- بعد قراءة الكتب يتم إقامة الحجة على جميع العباد في الحساب الآخر، وتقطع المعاذير أيضًا.
- ثم يتم وزن أعمال جميع العباد على الميزان.
- بعد ذلك، يتم تقسيم الناس إلى أزواج وطوائف، حيث قال الله سبحانه وتعالى في كتابه العزيز: (احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْوَاجَهُمْ وَمَا كَانُوا يَعْبُدُونَ*مِنْ دُونِ اللَّهِ)، ويعني هنا بأزواجهم أشكالهم ونظرائهم، حيث يحشرون مع الذين أنكروا البعث.
- يضرب الله ظلمه قبل جهنم، ويكون هناك نور يمشي فيه المؤمنون، ثم يفصل الله بينهم وبين الكافرين بسور، ويكون هناك باب باطن في السور يؤدي إلى الرحمة وظاهر من السور يؤدي إلى العذاب. سيسأل الكافرون المؤمنين إن كانوا معهم، ليجيب المؤمنون بنعم، ويكون الرسول صلى الله عليه وسلم على الصراط، وسيمر جميع أمته ويسقط في جهنم من كتب الله عليه العذاب وفقا لأعماله ونوره.
- يتجمع جميع أهل الجنة معًا قبل دخولهم، ويصالحون بعضهم البعض، ثم يدخلون الجنة ولا يكون هناك أي غل في قلوبهم.