علم النفسعلم وعلماء

ما الفرق بين النفس اللوامه وجلد الذات

النفس اللوامة

هذه هي النفس التي تلوم أصدقاءها عندما يرتكبون أخطاء، وتعني أنها تشعر بالندم، ولكن بعض الأشخاص يسيئون فهم النفس الملومة ويستمرون في لوم أنفسهم طوال الوقت ويعاملونها بقسوة ويوبخونها عند كل خطأ، على اعتبار أن ذلك يرفع من قدرهم ويجعلهم ينتمون إلى الأشخاص الذين لديهم النفس الملومة.

ذُكِرَ في القرآن الكريم في سورة القيامة النفس اللوامة التي أقسم الله بها، حيث قال {لَا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ * وَلَا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ}. والحقيقة في النفس اللومة هي النفس صاحبة الضمير اليقظ، الذي يشعر بالأسف عندما يخطأ أو يرتكب ذنب، فيتوب ويستغفر ولا يعود للذنب.

ومع ذلك، يتجنب البعض الشعور باللوم والندم، حتى لو كان الخطأ صغيرًا، وبدلاً من ذلك يقومون بتوبيخ أنفسهم ولومها، وقد تمضي أيام يلوم الشخص نفسه دون توقف، وهذا لا يتماشى مع الطبيعة الإنسانية التي تخطئ وتصيب.

من يتشدد على نفسه لا يترك مجالًا للأعذار، والمشكلة أن هذه الطريقة التي تخلو من العطف والتفهم لا تدعم الشخص ليتعلم من أخطائه ويمنعه من تكرارها، بل تجعله يقع في نفس الأخطاء مرارًا وتجعله في دائرة لا تنتهي من اللوم والاتهام.

إذا شعرالشخص بالندم والتوبة والتفهم الإنساني لخطئه بشكل متوازن، فلن يشعر بالراحة التامة تجاه خطأه ولن ينتقد نفسه بشدة، بل سيتعلم ويتحسن. ومع ذلك، يمكن أن تسبب هذه الدورة السلبية الكثير من الأذى للشخص وتؤدي إلى شعوره بالعار المؤذي.

الطب النفسي بين النفس اللوامة وجلد الذات

ذكر الطبيب النفسي محمد طه في كتابه `الخروج عن النص` أن كلمة الشعور بالذنب من أكثر المعاني التي يتم إساءة استخدامها، وأن الشعور بالذنب ينقسم إلى نوعين، صحي وغير صحي (مرضي)

  • الشعور بالذنب الصحي

الشعور المرغوب فيه عند الخطأ هو الاعتراف بالخطأ والعودة للنفس ومراجعته والتعلم منه وعدم تكراره، بالإضافة إلى الاعتذار أو التوبة إلى الله.

الشعور بالذنب الصحي يحترم إنسانيتك ويمنحك الحق الذي منحك إياه الله في الخطأ والفشل والضعف، حيث تتعلم من الأخطاء وتقبل الضعف الذي يمكن أنيكون في نفسك، وتنطلق من جديد بعد الخطأ والفشل، وهذا يعني العفو والسماح لبداية جديدة وفرصة لتصحيح الخطأ بعد كل محنة.

النوع الصحي يعطي للشخص القدرة على عدم تكرار الخطأ عن قصد، ولكن يخطأ أخطأ أخرى غير السابقة، ويتعلم منها أيضاً، ذلك النوع هو النفس اللوامة دون قسوة، والضمير اليقظ بدون المغالاة، يضمن لك التغير والنمو والحركة، وتحمل المسؤولية عن أخطائك وعيش الحياة، فذلك هو شعور الألم الإنساني بوعى.

  • الشعور بالذنب المرضي:

هو عندما ترتكب خطأً وبعد ذلك تعيِّد نفسك بدون محامٍ محاكمة قاسية لا تتضمَّن أيَّ عدالة، فتشعر بأنَّ خطأك مأساوي وأنَّه نهاية العالم، وتُعَلِّق حبل المشنقة لنفسك كل يوم، وتُجلِّد نفسك وتُلوِمها بكلِّ الطرق كلَّ ساعة.

الشعور بالذنب المرضي به تسلب نفسك حقها الرباني في الخطأ والفشل، فتقسوا على نفسك وتعنفها مع كل ضعف، وتيأس من نفسك بعد كل فشل، ومع ذلك النوع تكرر الخطأ بشكل قهري ليس له نهاية، فتلك هي النفس القاسية وضمير متعالي ومتكلف في فرض العقاب، وهذا النوع يصل بالشخص للجمد والثبات بعد الخطأ ويصل لليأس حتى الموت، وكذلك المعاناة المرضية اللانهائية.

وظيفة اللوم الذاتي

يساعد اللوم الذاتي في تحفيز ضمير الشخص ويعكس قيمه وأعرافه. لذا، يمكن أن يمنع اللوم الذاتي الشخص من القيام بأشياء لا تتوافق مع معاييره وقيمه.

شكل غير صحي من اللوم الذاتي

عند العودة إلى الماضي ومراجعة نفسك ولومها، وتقول كنت أتمنى لو كنت أكون… وهو شكل غير صحي من لوم الذات، بعد ذلك يقول الناس لو كنت قد فعلت هذا أو ذاك، ثم ما كان ليحدث ذلك أبدًا. هل تعلم ما الذي يحدث هنا؟ أنت لا تسمح لنفسك بالمحاكمة بما تعرفه الآن، أنت تحكم على الماضي، وهذا لا فائدة منه، فمن الأفضل أن تخبر هنا والآن ما الذي تفعله لك.

يثير العودة إلى الماضي مشاعر الندم واللوم على الذات. تشعر بالغضب واللوم على نفسك، ويمكن أن يصبح اللوم على الذات شعورًا بالشفقة عليها. عندما تنغمس في اللوم على الذات، لا تحصل على أي فائدة.

يظهر لديك تعاطفا مع نفسك، وهذا يتعارض مع احترامك وثقتك بنفسك، مما يقلل من احترامك لنفسك. حتى إذا ارتكبت خطأ ما، فأنت لست مثاليا أيضا. عند النظر إلى الماضي، هذا يعتبر تفكيرا جيدا، ولكن من الواضح أنك لم تكن مستعدا لذلك في ذلك الوقت، فاعتبر أنك في ذلك الوقت لم تكن تمتلك الرؤية التي تمتلكها الآن، فإلقاء اللوم على نفسك في ذلك الوقت أمر مرهق، الحيلة هي ترك هذا الشعور السيء والمضي قدما.

أضرار جلد الذات

يمكن أن يؤثر جلد الذات سلبًا على صحتك النفسية والعقلية، ويؤدي إلى تأخير حياتك في كافة جوانبها، سواء كانت مهنية أو اجتماعية أو في علاقاتك الشخصية وغيرها. وحتى يمكن أن يؤثر سلبًا على صحتك العامة. ولذلك، فإن النقطة المهمة هي أنه لا يمكنك حل المشكلات الحالية إذا واجهتك انتكاسة في كل مرة أو إذا لم تسر الأمور بالطريقة التي تريدها.

السبب أنك تملأ عقلك بإخفاقاتك المتصورة، والكثير من الجلد الذاتي يعني أنك تحرف ما يقلبك رأسا على عقب ولا ترى أحداث حياتك بدقة، ويتم وضع اللوم في سيطرتنا بينما نتعامل مع المخاوف العميقة التي تغذيها.

أسباب إدمان اللوم للذات

هناك أربعة مخاوف شائعة تحفز اللوم العنيف الذي يؤدي إلى الشعور بالذنب، ويجب أن تتذكر أن اللوم يمكن أن يؤدي إلى جلد الذات

  • تخشى عدم تحمل المسؤولية

عندما يصبح الأشخاص من حولنا غير سعداء، يمكن أن يكون من الصعب علينا تحمل ذلك، لأننا نهتم بهم ومن السهل الشعور بالعجز عندما لا نستطيع مساعدتهم في الشعور بالتحسن.

إحدى طرق التعامل مع المشاعر السلبية لأحبائنا هي إلقاء اللوم على أنفسنا لما يحدث لهم. ولذلك، قد يعود شريكك إلى المنزل بعد يوم طويل ويكون غريب الأطوار وأحادي المقطع في ردوده.

لا يمكن إقناعه بالتحدث، فقد تستنتج “يجب أن أكون أنا”،لكن عليك أن تضع في اعتبارك أنه لا يمكنك إصلاح أو تخفيف آلام الجميع، وأن بعض الأوقات علينا أن ندير أجزاء من حياتنا بأنفسنا.

  • تخشى شعور عدم السيطرة

هناكالكثير من الناس يميلون إلى اللوم الذاتي بدلاً من الشعور بفقدان السيطرة. وعندما نلوم أنفسنا، قد نشعر بالبائسة، ولكن في العمق، قد نعتقد أننا نحل المشاكل بطريقة ما، حتى إننا نتوقع أن تكرار العيوب المتصورة لدينا سيساعد على تحسين الصعوبات التي نواجهها.

قد يكون القلق والتفكير في الأخطاء التي ارتكبناها وكيفية تحسينها، محاولة للسيطرة على المواقف السيئة، ولكن في بعض الأحيان يجب علينا فقط قبول أن الحياة غير مؤكدة وأن بعض الأشياء خارجة عن إرادتنا.

  • تخشى شعور أنك لست مثالياً

تعتبر الحلقة الدائرية لإلقاء اللوم على الذات محاولة لعدم الخطأ أبداً والسعي للكمالية، ولكنها في الحقيقة تمثل تحديًا لنا لأنفسنا، حيث يجب أن نتخذ قرارات صحيحة ونفعل ما هو متوقع منا وما يجب علينا فعله.

إذا كان هذا النوع من التفكير ينقلب حياتك رأسًا على عقب ويجعلك تقضي معظم وقتك في وضع محبط يمنعك من الاستمتاع بالحياة والتواجد في اللحظة الحالية. إذا كنت تشعر أن هذا النمط يصفك، فالحل هو التخلي عن السعي وراء الكمال والاستمتاع بالحياة الآن وفي اللحظة الحالية.

  • تشعر بالقلق من الخروج من منطقة الراحة الخاصة بك

أحد الأنماط السلبية للتفكير الذاتي هو الوقوع في فخ التحليل الزائد والنقد الذاتي بدرجة أنه يصعب اتخاذ قرارات. حيث ينشغل الفرد بتحليل كل شيء بشكل مفرط ونقده بدون تحرك، مما يمنعه من الاستفادة من الفرص والمواقف الجديدة مثل الترقيات والوظائف الجديدة والمسارات التعليمية الجديدة.

يجب تجنب الذهاب إلى إعدادات اجتماعية جديدة أو التخلي عن الأشخاص القديمين للتعرف على أصدقاء جدد، حيث يمكن أن تتحول حياتك إلى مجرد مسار. وعلى الرغم من أن ذلك قد يكون مزعجًا، إلا أنه يعني أنك تعيش بأمان في منطقة راحتك.

عليك أن تدرك أن اللوم الذي تحمله قد يكون غير مدرك ويعد وسيلة لمنعك من التغيير والنمو. انظر إلى الأمور بنظرة إيجابية، وستشعر بالرضا مع تحقيق التغيير، ومع ذلك، فإن تحقيق هذا التغيير بطريقة معينة سيكون صعبًا.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى