ما الحكمة من ” فرض الصيام ؟ “
الحكمة من الصيام
يقترب شهر رمضان المبارك ويسعى الكثيرون لمعرفة متى يفرض الصيام وما هي الأحكام والأهداف التي يتم فرضها، وسنلخص هذه النقاط فيما يلي
وسيلة لشحذ الهمم بالعبادات : الهدف من الصلاة والتوبة إلى الله هو لطلب الخلاص وتجديد نفس المؤمن، وتقوية الصلة بينه وبين ربه، وتحقيق وحدة الأمة الإسلامية، حيث أن وحدة العقيدة والإخلاص لله في العبادة هما من أهم ما يظهر وحدة الأمة. توحيد الله هو الأساس الذي قامت عليه جميع الشرائع السماوية، وقد قال الله تعالى: “وما أرسلنا من قبلك من رسول إلا نوحي إليه أنه لا إلـٰه إلا أنا فاعبدو.
طريقة لتقوية الجسد : يهدف تعويد المؤمن على التحمل والصبر ليشعر بنعمة الله على العبد ويختبر قوة إيمانه، وتعوده على الانفاق في سبيل الله. وعندما يصوم الإنسان، يشعر بحاجة المساكين والفقراء، مما يدفعه إلى الإحسان. وبذلك يمكن تحقيق المجتمع المتكامل والمتعايش الذي يحمل معاني الألفة والمودة، ويحقق التقوى في قلب المؤمن ويطهره من الذنوب والمعاصي. وكما قال الله “يا أيها الذين آمنوا، كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون”. وقال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: “من ترك قول الزور والعمل به، ليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه.
كما حث رسول الله صلى الله عليه وسلم على الصيام عند عدم القدرة على الزواج، فالصيام هو عبادة تكسر الرغبات وتعلم النفس الصبر. قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: `يا شباب من بينكم من يستطيع الزواج فليتزوج، ومن لا يستطيع فليصم، فإن الصوم له وجاء.` قد رواه البخاري ومسلم.
تعد أهم أهداف الصيام أن أجره غير محدد، لأنه يتضاعف عدة مرات كما أشار إليه الله تعالى، حيث يكون للصائم فرحتين؛ فرحة عند فطره، وفرحة عند لقاء ربه. وأخبرنا أبو هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “كل عمل ابن آدم يضاعف، الحسنة عشر أمثالها إلى سبعمئة ضعف، قال الله عز وجل: إلا الصوم، فإنه لي وأنا أجزي به، يدع شهوته وطعامه من أجلي للصائم فرحتان: فرحة عند فطره، وفرحة عند لقاء ربه ولخلوف فيه أطيب عند الله من ريح المسك”، وذكر الله تعالى عبادة الصيام في مواضع مختلفة من كتابه العزيز، لتعليم المسلمين أهمية الصيام واتصال العبادات الأخرى بالعديد من خواصه مع ترويض النفس البشرية والتعويد على المعاناة والتغلب على الرغبات الذاتية وبالتالي تقوية العزيمة.
لماذا فرض الصيام في شهر رمضان
وربما يتساءل الكثيرون لماذا فرض الصيام في شهر رمضان؟ فقد فرض بأمر الله تعالى لحكم عظيمة وأهداف سامية، ومن هذه الأهداف ما يلي:
يقوي الإيمان ويرفع من مكانة المسلمين، حيث يهدف إلى تجنب الإصرار على الأشياء المحظورة؛ فهو حاجز وحماية من عواقب الخطايا والشرور. بفضل الصيام، يتحقق التقوى من خلال إجبار النفس على أوامر الله وتجنب منعها، وحمايتها من الوقوع في الضلال والهلاك، وتجنب استياء الله وعقابه فيما بعد. إن الصيام هو عبادة تتجدد كل سنة، ومن خلاله يتقوى الإيمان ويثبت، وتزداد سيطرة الله على النفس البشرية. يمتنع الصائم عن الطعام والشراب والشهوات لكي يحظى برضا ربه العزيز، وينعكس ذلك في صدق عبادته لربه في السر والعلانية.
تحقيق وحدة الأمة الإسلامية ولما كانت وحدة الإيمان والإخلاص لله سبحانه وتعالى في العبادات، فإن أهمها يدل على وحدة الأمة، وأن توحيد الله سبحانه و تعالى هو الأساس الذي تقوم عليه جميع الأديان السماوية وفي ذلك قال الله سبحانه وتعالى:” وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ”.
يعود الصيام إلى تعويد النفس على العطاء والتصدق، ويساهم في بناء مجتمع إسلامي متكامل ومتراحم، حيث تسود معاني الألفة والمودة.
يشعر المسلم بنعمة الهدى التي أنعمها الله عليه بدين الإسلام، ويدرك أن هناك عبادًا يتضرعون إلى الله بالصلاة والصيام والصدقة وغيرها من العبادات، وقد قال الله سبحانه وتعالى: `يا أيها الذين آمنوا، كُتِبَ عليكم الصيام كما كُتِب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون`.
مع حلول الشهر الفضيل، يبحث الكثير من المسلمين عن أنواع الصيام وأركانه وشروطه، وهذا ما سنجيب عنه في السطور التالية
أنواع الصيام
يُقسم الصيام إلى أربعة أنواع وهى ما يلي :
الصيام المفروض شرعًا
كصيام رمضان وهو صيام قد فرضه الله تعالى على عباده وفي ذلك قال تعالى:” يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُون أَيَّامًا مَّعْدُودَاتٍ فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ”.
الصيام الواجب في الكفارات
يشمل هذا القانون كصيام من لم يجد الهدي، وكفارة القتل الخطأ لمن لم يجد رقبة مؤمنة، وكفارة اليمين، وجزاء قتل الصيد في الإحرام، وكفارة الظهار لمن لم يجد رقبة مؤمنة، وكفارة الجماع في نهار رمضان.
الصيام الواجب في النذر
وفي ذلك قال رسول صلى الله عليه وسلم: من تعهد بطاعة الله فلينفذ العهد، ومن تعهد بمعصية الله فلا يخلف العهد.
صيام التطوع
يعتبر صيام التطوع من النّوافل التي يؤجر فاعلها ولا يعاقب تاركها وما يدل عليه في الحديث النبوي الشريف عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال في حديث قدسيّ: قَالَ اللهُ:”كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ لَهُ إِلَّا الصِّيَامَ فَإِنَّهُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ، وَالصِّيَامُ جُنَّةٌ وَإِذَا كَانَ يَوْمُ صَوْمِ أَحَدِكُمْ فَلَا يَرْفُثْ وَلَا يَصْخَبْ فَإِنْ سَابَّهُ أَحَدٌ أَوْ قَاتَلَهُ فَلْيَقُلْ إِنِّي امْرُؤٌ صَائِمٌ، وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَخُلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ أَطْيَبُ عِنْدَ اللهِ مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ، لِلصَّائِمِ فَرْحَتَانِ يَفْرَحُهُمَا إِذَا أَفْطَرَ فَرِحَ وَإِذَا لَقِيَ رَبَّهُ فَرِحَ بِصَوْمِهِ”.
ومن صيام التطوعي صيام يومي الاثنين والخميس من كلّ أسبوع: عن أبي هريرة، رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “تعرض الأعمال يوم الاثنين والخميس، وأحب أن يعرض عملي وأنا صائم.
صيام ثلاثة أيّام من نصف كل شهر قمريّ وعن ابن ملحان عن أبيه قال: ”كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَأْمُرُنَا أَنْ نَصُومَ الْبِيضَ ثَلَاثَ عَشْرَةَ وَأَرْبَعَ عَشْرَةَ وَخَمْسَ عَشْرَةَ قَالَ وَقَالَ هُنَّ كَهَيْئَةِ الدَّهْرِ”.
صيام يوم عرفة وهو الصيام المسنون فعن رّسول الله صلى الله عليه وسلم إلّا على الحجّاج: فعن أبي قتادة رضى الله عنه قال:” سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ صَوْمِ يَوْمِ عَرَفَةَ فَقَالَ يُكَفِّرُ السَّنَةَ الْمَاضِيَةَ وَالْبَاقِيَةَ” (رواه مسلم).
صيام الستّة أيّام من شهر شوّال: صيام رمضان وكسب الأجر العظيم عند الله سبحانه وتعالى، وقال النبي صلى الله عليه وسلم في حديث صحيح `من صام رمضان ثم أتبعه ستًا من شوال كان كصيام الدهر` رواه مسلم.
يكفر صيام يوم عاشوراء ذنوب السنة السابقة، وفقًا لحديث الرسول الذي قال: `مَنْ صام يومًا في سبيلِ الله بعَّد الله وجههُ عن النار سَبْعِين خَرِيفًا`.
صيام يوم وإفطار يوم: وهو أفضل صيام التطوع، فعن عبد الله بن عمرو ابن العاص رضي الله عنهما أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: ”إِنَّ أَحَبَّ الصِّيَامِ إِلَى اللَّهِ صِيَامُ دَاوُدَ وَأَحَبَّ الصَّلَاةِ إِلَى اللَّهِ صَلَاةُ دَاوُدَ عَلَيْهِ السَّلَام كَانَ يَنَامُ نِصْفَ اللَّيْلِ وَيَقُومُ ثُلُثَهُ وَيَنَامُ سُدُسَهُ وَكَانَ يَصُومُ يَوْمًا وَيُفْطِرُ يَوْمًا” (متفق عليه).
صوم يوم العاشر من شهر محرم وصوم التاسع والعاشر من شهر محرم، فقد ذكر ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: `إذا بقيت إلى العام المقبل، لأصومن التاسع`. قابل هنا يعني العام القادم.
أركان الصيام
أولًا: النية والمقصود بالنية هو اليقين والاعتقاد، ومكانها في القلب، وفي ذلك قوله صلى الله عليه وسلم في حديث حفصة رضي الله عنها: `من لم يبيت الصيام قبل الفجر فلا صيام له`، وقوله صلى الله عليه وسلم: `إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل إنسان ما نوى` (رواه البخاري ومسلم).
ثانيًا: الامتناع وعدم تناول الطعام والشراب وممارسة الجماع من طلوع الفجر الصادق حتى غروب الشمس، وذلك بناء على قوله تعالى: `وكلوا واشربوا حتىٰ يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر ثم أتموا الصيام إلى الليل`.
شروط الصيام
يجب على المسلم معرفة الفرق بين شروط الوجوب وشروط الصحة، حيث أن لكل ركن من أركان الإسلام شروط وجوب وشروط صحة، ولكننا هنا سنتحدث بشكل عام عن شروط الصيام
- الإسلام:فلا يصح صيام غير المسلم.
- البلوغ:لا يجوز صيام الصبي الصغير والفتاة.
- صحة العقل: لا يجوز صيام المجنون والسكران، وكذلك الصيام بدون وجود الشروط الشرعية اللازمة.
وفي هذا الصدد، قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: `رُفِعَ القلم عن ثلاثة: عن النائم حتى يستيقظ، وعن الصبي حتى يحتلم، وعن المجنون حتى يعقل`. وكذلك، لا يجوز الصيام للمريض والمسافر، وقد قال تعالى: `فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ`.