العالمدول

ما اسباب انهيار وتفكك يوغسلافيا

يوغسلافيا

تمتد جمهورية يوغسلافيا في الجزء الغربي المتوسط من شبه الجزيرة البلقانية، وتقع في أوروبا وتحديدا في الجزء الجنوبي الشرقي. وهي إحدى الدول الفدرالية القديمة وتعد واحدة من دول البلقان. استمرت وجودها بين عامي 1918 و 2006. وتعد القبائل السلافية من بين أقدم القبائل التي استوطنت تلك المنطقة. تم إنشاء الاتحاد اليوغسلافي في عام 1171، ومنذ ذلك الحين أصبحت يوغسلافيا معروفة باسم دولة صربيا. وقد نشبت صراعات عديدة بينها وبين الدولة العثمانية، ولكن بعد أن سيطرت الدولة العثمانية عليها، ظلت تحت حكمها حتى تفككت الدولة العثمانية. وبعد ذلك، اكتسبت دول البلقان الاستقلال بالكامل. بلغ أبعد مدى لها حوالي 247،542 كيلومترا مربعا، وكان عدد سكانها حوالي 24 مليون نسمة في عام 1991

عاشت البلقان حقبة ذهبية تحت حكم يوغوسلافيا، وبخاصة خلال حكم الزعيم تيتو، حيث كانت جمهورية يوغوسلافيا الاتحادية الاشتراكية سابقا ذات أهمية كبيرة في المجتمع العالمي، وذلك لأن الاتحاد كان يتألف من ست جمهوريات ومقاطعتين تتمتع بالحكم الذاتي، وكانت يوغوسلافيا تقع في منطقة هامة تاريخيا في البلقان. ومع ذلك، بعد وفاة تيتو، واجهت البلقان أزمة كبيرة، حيث تم حل الاتحاد اليوغوسلافي في بداية التسعينيات من القرن الماضي، وتم تقسيمه إلى خمسة دول منفصلة، وشهدت البلقان حربا أهلية دامية، ويمكن تجميع أسباب سقوط يوغوسلافيا تحت عناوين مثل الأسباب القومية والاقتصادية والسياسية والثقافية.

اسباب انهيار وتفكك يوغسلافيا

الأسباب القومية

بعد وفاة تيتو، أصبحت يوغسلافيا هشة، ورغبت المجموعات العرقية داخل البلد في أن تصبح دولة منفصلة بذاتها، تتمتع بجمهورية خاصة بها حيث تكون هي الأكثرية ولا يحكمها آخرون. حاول الصرب إيقاف التفكك عن طريق اتخاذ خطوات هامة، وكان هدف الصرب تحقيق وحدة جميع الجماعات العرقية داخل يوغسلافيا تحت سقف واحد. ولتحقيق هذا الهدف، شغل الصرب مواقع مهمة في يوغسلافيا. ومع ذلك، بسبب تجاهل الجماعات العرقية الأخرى وإهمالها لآرائهم، تسارع تفكك يوغسلافيا وتمهيد الطريق لنشوء دول جديدة.

وبالإضافة إلى ذلك، لم تشعر بعض الجماعات العرقية بأي روابط مع يوغوسلافيا أو مع العرق السلافي ، بل على العكس من ذلك ، فقد شعر السلوفينيون والكروات على وجه الخصوص أنهم ينتمون إلى أوروبا الوسطى بسبب الروابط الدينية والاقتصادية ؛ ونتيجة لذلك ، بدا من المستحيل العيش تحت سقف واحد مع الصرب.

الأسباب السياسة الدوليّة

أدى سقوط الشيوعية في الخارج إلى تراجع الاشتراكية في يوغوسلافيا، وبالتالي لم تعد الأيديولوجية المشتركة التي جمعت البلاد التي تتكون من أبجديتين وثلاث ديانات وأربع لغات وخمس قوميات وست جمهوريات قائمة. وكان من الصعب الحفاظ على هذا النظام في النظام الدولي الجديد الذي كان يتغير بشكل سريع. ثم بدأت التغييرات الديمقراطية في أوروبا في النفوذ في يوغوسلافيا، حيث لم تعد تهديدا من الاتحاد السوفيتي، وبالتالي فقدت يوغوسلافيا أهميتها الجيوسياسية في العالم بعد الحرب الباردة. ومع ذلك، فقدت يوغوسلافيا بعض الائتمانيات والفوائد الاقتصادية التي كانت تتمتع بها في السابق، وتأثرت بالتبعات باتجاه التعددية الديمقراطية والتعبئة العرقية المتمحورة. وكان انهيار الإطار الأيديولوجي كارثيا ليوغوسلافيا، حيث طردت جميع الانقسامات الأخرى، واستبدلت الأيديولوجية المشتركة بالقومية، مما يعني استبدال المبادئ الوطنية.

الأسباب الاقتصادية

في الحقيقة، تم تقسيم الاتحاد إلى قسمين. الجزء الشمالي، الذي يعتبر اقتصاديا متقدما، يشمل جمهورية سلوفينيا وكرواتيا وشمال صربيا، بما في ذلك مدينة بلغراد ومنطقتها، ومقاطعة فويفودينا التي تتمتع بالحكم الذاتي. والجزء الجنوبي، الذي يعاني من تأخر كبير في التنمية الاقتصادية، يشمل جمهورية مقدونيا والجبل الأسود والبوسنة والهرسك، وبقية صربيا مع التأكيد على إقليم كوسوفو الصربي. نتيجة لذلك، بدأت الصراعات بين الجزئين، وأدت إلى معضلة، حيث لم يجد الجزء الشمالي التنمية الاقتصادية الكافية في الجزء الجنوبي، واعتقدوا أن هذا الوضع يؤثر سلبا على تطورهم. اتهمت البلدان في الجزء الجنوبي كرواتيا وسلوفينيا بعدم تقديم المساعدة الاقتصادية الكافية، وعدم القيام بما يكفي لمساعدتهم وتأخيرهم دائما. ولذلك، فإن المجموعة الاقتصادية في يوغوسلافيا كانت السبب الرئيسي والأساسي لتفكك يوغوسلافيا.

ساهم هذا الوضع في كسر التضامن داخل الاتحاد، حيث كانت التنمية في سلوفينيا وكرواتيا أكبر من بقية الدول الأخرى، وزادت التطورات الزراعية فيهما من الفجوة الاقتصادية الموجودة بالفعل. استثمارات السياحة والصناعة في يوغسلافيا جلبت الكثير من الدخل لهاتين البلدين، مما أتاح لهما الفرصة للاندماج السريع في الاقتصاد السوقي الكامل. ومع ذلك، رغبت الجمهوريات الأخرى في نموذج اقتصادي مختلط مع بعض جوانب التسويق. ومع مرور الوقت، زادت حصة كرواتيا وسلوفينيا في الاقتصاد تدريجيا، مما أدى إلى تصاعد الصراع بينهما؛ إذ استخدمت هاتان البلدين الأموال التي تلقياها بطريقة أفضل. ولتحقيق التوازن داخل الاتحاد، تم تحويل الأموال من الدول الغنية إلى الدول الفقيرة، بهدف تطوير المناطق الفقيرة والاستثمار فيها. ومع ذلك، لم تؤت هذه المحاولات نتائج ناجحة، حيث أدت إلى زيادة الغيرة والتوجهات السياسية المختلفة في البلاد. أصبح التفكك أكثر وضوحا، وتحولت الأزمة الاقتصادية إلى روابط عرقية ودينية في المجتمع، مما يدل على أن تفكك يوغوسلافيا ناجم عن انتقال المجتمع الاشتراكي إلى الاقتصاد الكلي. وبما أن الاقتصاد هو القوة الدافعة في أي مجتمع وعامل مهم في مبدأ التضامن، فإن عدم التضامن أدى إلى انهيار يوغوسلافيا.

البطالة تعد المشكلة الرئيسية، ولكن البطالة ذاتها لم تكن كافية لحل الاتحاد، بل كانت الضغوط من أجل تغييرات في السياسة الاقتصادية اليوغوسلافية والإصلاح السياسي، ولكن ليس من قبل القوى السياسية المحلية، بل من النظام العالمي. ووفقا لهذا التفكير، طلب الدائنون الدوليون التغييرات، واستجابت الإصلاحات لهذه الطلبات. في الوقت نفسه، طالبت القيادتان السلوفينية والكرواتية بتلك الإصلاحات التي ستكون تغييرات منهجية بطبيعتها، وبالتالي، أدى هذا الوضع بالضرورة إلى اللامركزية وحل الاتحاد اليوغوسلافي في النهاية.

الأسباب الثقافية

فشل الاتحاد اليوغوسلافي يعود إلى فشل في إنشاء ثقافة يوغوسلافية موحدة. عندما تخلت النخبة عن السيطرة المركزية السياسية وبدأت سياسة اللامركزية الإدارية، تخلينا عن أي فكرة لتحقيق ثقافة يوغوسلافية موحدة. عندما نتحدث عن يوغوسلافيا، نشمل البلقان. تفسير واحد لتفكك يوغوسلافيا في التاريخ هو تقسيم الأراضي بين الإمبراطورية النمساوية المجرية في الشمال والإمبراطورية العثمانية في الجنوب. تأثيرات وثقافات هاتين الإمبراطوريتين تركت أثرا على شعوب يوغوسلافيا. كما كانت أراضي يوغوسلافيا منطقة تتعارض فيها الأديان الرئيسية، الكاثوليكية والأرثوذكسية والإسلام.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى