ماهي انواع ” كفر النعم ؟ ”
ما هو الكفر بالنعم
إن الله أنعم علينا بكثير من النعم في حياتنا، منها نعمة الصحة، والعافية، والمال، والأولاد، وغيرها من النعم. عندما تنظر حول جسدك، ستتعجب من خلق الله وستحمد وتشكر الله كثيرا على كل ما أنعم علينا به في حياتنا. ومن آيات نعمة الله علينا قوله تعالى {وآتاكم من كل ما سألتموه وإن تعدوا نعمت الله لا تحصوها إن الإنسان لظلوم كفار}(34) سورة إبراهيم، وأيضا في سورة النحل قوله تعالى {وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها إن الله لغفور رحيم}(18). وهناك درجات متعددة من الشكر لله.
حذرنا الله عز وجل من الكفر بالنعم، لأن عذابها قاس، وإذا شكرنا الله كثيرا، فإن ذلك يزيد النعمة والبركة، وحفظ النعمة يزيدها، وحثنا الله على شكر النعم وعدم الكفر بها، لأن الكفر بها يعاقب عليه الله بعذاب شديد، وقد ورد في قوله تعالى: {وإذ قال موسى لقومه اذكروا نعمة الله عليكم إذ أنجاكم من آل فرعون يسومونكم سوء العذاب ويذبحون أبناءكم ويستحيون نساءكم وفي ذلكم بلاء من ربكم عظيم}(6) سورة إبراهيم.
معنى الكفر بالنعم
يعني الكفر بالنعم نكران نعمة الله عليك وعدم الاعتراف بها أو جحودها، وعدم شكر الله على النعم الكثيرة التي أنعم بها عليك. ويقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: `من أعطى هدية وتوقع الجزاء عليها فليعط مثلها، ومن لم يتمكن من ذلك فليعدل بكلام حسن، ومن لم يفعل ذلك فقد كفر بالنعمة`.
هناك حديث آخر لرسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: `من وجد يدًا ممدودة إليه يجب عليه أن يجزيها بالحق، وإذا لم يستطع فليمدح بالخير، وإذا لم يستطع فهو قد كفر بالنعمة`. وهذا الحديث رواه ابن أبي الدنيا.
أنواع الكفر
ينقسم أنواع الكفر إلى نوعين هما:
الكفر الأكبر
هو الكفر بالله وهو الكفر الأعظم فعن محمد بن نصر قال: الكفر كفران: أحدهما ينقل عن الملة والآخر لا ينقل عنها.
يتمثل الكفر الأكبر في الخروج من ملة الإسلام، ويستكبر العبد وينكر نعمة الله عليه. وفي قول البغوي: `الكفر على أربعة أنحاء: كفر إنكار، وكفر جحود، وكفر عناد، وكفر نفاق`.
حيث تبين في هذا الحديث أنواع من الكفر الأكبر وهي :-
- كفر إنكار :يسمى هذا النوع من الكفر بكفر التكذيب، وهو عندما يكون العبد كافرا بلسانه وقلبه، ولا يؤمن بالله ولا يوحد الله. ويطلق هذا المصطلح على الملحدين الذين ينكرون وجود الله عز وجل ولا يؤمنون به، كما يقول الله تعالى: {ومن أظلم ممن افترىٰ على الله كذبا أو كذب بالحق لما جاءه ۗ أليس في جهنم مثوى للكافرين}[العنكبوت:68].
- كفر الجحود : الكفر هو أن يكون العبد مؤمنا بالله عز وجل في قلبه فقط، ولكنه لا يفصح عن ذلك بلسانه، ومن الأمثلة على ذلك كفر فرعون بموسى عليه السلام، وكفر اليهود بالنبي محمد صلى الله عليه وسلم، وهذا كله يشير إلى كفر الجحود، إذ إنهم كانوا يعرفون الحق ولكنهم لم يفصحوا عنه، ومن آيات الله عز وجل قوله “وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم ظلما وعلوا” [النمل: 14]، وفي قوله تعالى “فلما جاءهم ما عرفوا كفروا به فلعنة الله على الكافرين” [البقرة: 89].
- كفر استكبار : يعلم هؤلاء الأشخاص أن ما جاء من الله ورسوله هو حق، ولكنهم يتكبرون مثلما فعل إبليس الذي رفض السجود لله، فقد قال الله تعالى: {وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس أبىٰ واستكبر وكان من الكافرين} البقرة: 34.
ومثل هذا النوع أيضا كفر أبو جهل وكفار قريش برسول الله رغم معرفتهم بصدقة ، وكان الرسول ﷺ شأن عظيم بينهم ، فكانوا يعرفون أن ما قد جاء به حق ولكن استكبروا ، وجاء ذلك في قول الله تعالى ، {وَقَالُوا لَوْلَا نُزِّلَ هَٰذَا الْقُرْآنُ عَلَىٰ رَجُلٍ مِّنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ * أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَتَ رَبِّكَ نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُم مَّعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِّيَتَّخِذَ بَعْضُهُم بَعْضًا سُخْرِيًّا وَرَحْمَتُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ[الزخرف: 31-32].
- كفر إعراض : – يكون الكفر عند العبد عن الله بقلبه ولسانه، وهو لا يصدق ولا يكذب ولا يصغي إلى الله. وقد ذكر هذا في قول الله تعالى: “كتاب فصلت آياته قرآنا عربيا لقوم يعلمون، بشيرا ونذيرا فأعرض أكثرهم فهم لا يسمعون” [فصلت: 3-4]. وقال الله عن حال الكافرين: “والذين كفروا عما أنذروا معرضون” [الأحقاف: 3]
- كفر الشك : وهو عدم الاطمئنان الكامل بالأمر، والقيام بالكفر عند الظن، وهذا يؤدي إلى قلة اليقين في القول والعمل، وقد ذكر ذلك الله تعالى في قوله {ودخل جنته وهو ظالم لنفسه قال ما أظن أن تبيد هذه أبدا * وما أظن الساعة قائمة ولئن رددت إلى ربي لأجدن خيرا منها منقلبا * قال له صاحبه وهو يحاوره أكفرت بالذي خلقك من تراب ثم من نطفة ثم سواك رجلا * لكنا هو الله ربي ولا أشرك بربي أحدا}[الكهف: 35-38].
- كفر النفاق :وهو من يظهر الإسلام ولكن في باطنه الكفر بالله، ويعتبر هذا النوع أشدهم كفرا، وقد توعد الله تعالى لهم بأنهم في الدرك الأسفل من النار كما جاء في قوله تعالى: “إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار ولن تجد لهم نصيرا” [النساء: 145].
الكفر الأصغر
وهي بعض الذنوب التي قد يفتعلها العبد ولكن ، لا تصل إلى حد الكفر ، ويطلق بعض العلماء على هذا النوع بالكفر العملي الذي يقابل الكفر الاعتقادي ، وهو يعد أيضاً كفر بنعم الله ويرجع السبب وراء تسمية هذا الكفر بالكفر الأصغر نظراً لأنه لم يخرج عن الإسلام ، ولكن قد يفتعل بعض الذنوب التي قد تصل به إلى النار ولكن بدون الخلود بها ، ومن بعض امثله على الكفر الأصغر :
- يعني الحكم بغير ما أنزل الله، وذلك وفقًا لقول الله: {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ}[المائدة: 44]
- فيما يتعلق بقتال المسلمين، فقد نقل عن حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: (سباب المسلم فسوق وقتاله كفر)[44].
- انتساب الرجل إلى غير أبيه ، فقال صلى الله عليه وسلم: (لَيْسَ مِنْ رَجُلٍ ادَّعَى لِغَيْرِ أَبِيهِ – وَهُوَ يَعْلَمُهُ – إِلَّا كَفَرَ).
من عقوبات كفر النعمة
ومن آثار كفر النعم غضب الله وحرمان العبد من البركة في جميع الأمور، وتتلاشى نعمته، وتم ذكر ذلك في القرآن الكريم في قصة سبأ، حيث قال الله تعالى: `لقد كان لسبأ في مسكنهم آية: جنتان عن يمين وشمال، كلوا من رزق ربكم واشكروا له، بلدة طيبة ورب غفور. فأعرضوا فأرسلنا عليهم سيل العرم، وبدلناهم بجنتيهم جنتين ذوات أكل خمط وأثل وشيء من سدر قليل.`.
وفي قول الله تعالى {وَاللّهُ جَعَلَ لَكُم مِّمَّا خَلَقَ ظِلاَلاً وَجَعَلَ لَكُم مِّنَ الْجِبَالِ أَكْنَانًا وَجَعَلَ لَكُمْ سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ وَسَرَابِيلَ تَقِيكُم بَأْسَكُمْ كَذَلِكَ يُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْلِمُونَ}(81) سورة النحل.