على مر العصور استخدم الإنسان الخشب في العديد من الأنشطة مثل البناء والصناعة وغيرها، وظهرت العديد من الفنون التي استخدمت الخشب بطرق معينة تمكنها من صناعة تحف فنية خشبية، ويعد فن الماركتريه من أشهر الفنون التي استخدامها الإنسان في تزيين الأثاث والمصنوعات الخشبية وبعض المصنوعات الخشبية المميزة.
فن الماركتريه
يمكن وصف هذا الفن الرائع على أنه عملية تزيين للخشب، حيث يقوم الحرفي أو الفنان بتغطية الهيكل الخشبي بقشور خشبية متعددة، ثم يقوم بتزيين الهيكل الخشبي بالقشور بشكل جمالي. يمكن استخدام العديد من القشور الخشبية المتداخلة لخلق لوحة فنية.
يستخدم الفنان أو الحرفي الخشب بأنواعه وألوانه المختلفة لتجميعها ببعضها البعض لتزيين قطع الأثاث وصنع قطع فنية مدهشة من الخشب فقط، ومن الممكن أن تستخدم بعض المواد الأخرى مثل النحاس أو الألومنيوم في التزيين.
تعد الحرف الفنية مثل حرفة فن الماركتريه جانب من جوانب فنون الحياة، والتي استطاعت أن تسترجع الصناعات اليدوية والإبداع الذي تصنعه اليد البشرية لتخرجه إلى الحياة، وخصوصاً في هذا الوقت التي أصبحت الحرف اليدوية به من أكثر الأشياء قابلية للاندثار من بين أيدينا بسبب سيطرة الآلات على المجال الصناعي.
يقوم فنان الماركتريه بإنشاء التحف الفنية من خلال تجانس الألوان الطبيعية للخشب، دون الحاجة إلى استخدام أي صبغات صناعية. ففي الأساس، يعتمد هذا الفن على استخدام الألوان الطبيعية للخشب الطبيعي، ويستند ذلك إلى التنوع الكبير في أنواع وألوان الخشب، حيث تتعدى ألوان الخشب المائتي لون طبيعي.
يجب التفريق بين فن الماركتري وفن النقش على الخشب أو حتى فن النحت باستخدام الخشب، حيث أن فن الماركتري هو فن مستقل له طريقته الخاصة في الصناعة والكثير من القواعد التي تميزه عن غيره.
يعتبر الشخص الذي يستخدم فن الماركتريه فنانًا، لكنه من نوع خاص؛ حيث لا يستخدم ألوانًا طبيعية أو صناعية ولا يستخدم فرشاة، بل يستعين بالألوان الطبيعية الخاصة بالخشب ويستخدم قشور الخشب فيالرسم على الخشب أيضًا، وهذا يختلف عن الفنان التشكيلي.
الفن التشكيلي هو فن عريق نشأ قبل فن الماركتريه بمئات السنين، وفي جميع مجالات الفنون يتحد الفنانون في النهاية بشكل عام في فكرة الإبداع لخلق الجمال من أي شيء، ولكن الاختلاف يأتي من الناحية التقنية.
نبذة تاريخية عن فن الماركتريه
بدأت تقنية تطعيم الخشب في مصر في القرن العاشر قبل الميلاد. استخدم المصريون القدماء فؤوسا من البرونز لتزيين الأثاث بالماركتريه. كان هذا النوع من الفن والصناعة مخصصا للطبقة الراقية في المجتمع المصري القديم. هناك أمثلة عديدة على ذلك، حيث عثر على الكثير من الأثاث المغطى بالماركتريه بالإضافة إلى العاج والذهب في معبد الملك توت عنخ آمون.
خلال العصور المظلمة في أوروبا، انتشرت فنون الماركتريه، حيث استخدمت بعض الورش في إيطاليا الخشب في تزيين الخشب وتطعيمه. وخلال القرن الرابع عشر والخامس عشر، نشأ العديد من المدارس التي علّمت تزيين الخشب وتطعيمه في إيطاليا، وأصبحت تشتهر بهذه الحرفة.
في هذه الحقبة تم استخدم العديد من أنواع الأزاميل ليتم تشكيل القطع السميكة من الغشاء والمواد الطبيعية التي يتم استخدامها في فن الماركتريه، وبعد مرور وقت طويل انتشر هذا النوع من الفن في كل أوروبا، وتم اختراع منشار التخريم الذي يقوم بإنشاء قشور ورقع أرق ليتم استخدامها في هذا الفن.
الفرق بين فن الماركتريه فن الباركتري
عند دراسة الفرق بين فن الماركتري وفن الباركتري، وجد أنه لا يوجد فرق كبير بينهما. فكلاهما يستخدم الخشب في تطعيم الخشب، لكن الفرق هو أن الماركتري يستخدم الخشب في صناعة الزخارف والرسومات والحروف، أما الباركتري فيستخدم الخشب في صناعة بعض الأشكال الفنية الهندسية.