الحبنسائيات

ماهو الحب في الله

خلق الله عباده بحاجة دائمة للحب، ولا يمكن لهم الاستمرار في الحياة بدونه. وهناك أنواع متعددة من الحب، وجميعها هي القوة الرئيسية والأساسية في نشوء وتطور المجتمعات. فمحبة الإنسان لأخيه المؤمن هي فطرة وضعها الله في خلقه، وما يحدث عكس ذلك ليس صحيحا ويؤدي إلى العداوات والبغضاء بينهم. فلا يمكن للمؤمن أن يستغني عن إخوته المؤمنين، فهم بحاجة إليه وهو بحاجتهم. وعندما يسود الشعور بالمحبة والتآلف بينهم، يتحقق التوازن والاستقامة في المجتمع، وهذا هو أحد أنواع الحب الذي يكون في سبيل الله، ولا يحصد العبد ثماره فقط في الدنيا ولكن له أجر عظيم في الآخرة أيضا.

جدول المحتويات

تعريف الحب في الله

تلك المحبة التي تكون بين المسلم وإخوته في الإسلام، تنبع من محبتهم لله وابتغاء مرضاة وجهه الكريم، ومن صفات المؤمن النبيلة التي يتمتع بها وأخلاقه المحمودة، وهي الحب الذي لا ينبني على حب المال أو الجمال، وإنما ينبع من القلب الطاهر والنفس الصادقة، ويظل ثابتا ولا يتغير مع المواقف والظروف، إلا في حالة تغيير الخلق الحميد للمحبوب، ما عدا ما أحبه عليه العب.

وبالتالي، الحب في الله يختلف عن أي نوع آخر من أنواع الحب الدنيوي، حيث يستند هذا الحب على ما يلاحظ في المسلم من إيمان وتقوى وخير. وفي حالة رؤية شخص ذو خلق سيء، فيكرهه الشخص الذي يحمل هذا الحب، فالمعيار الأساسي لهذا الحب أو البغض والكراهية هو مرضاة الله سبحانه. ومع ذلك، يتواجد في جميع البشر صفات الخير والشر، فإذا غلب خير الشخص شره، فإنه سيكسب محبة الآخرين.

علامات الحب في الله

توجد علامات توضح ما إذا كان شعور المسلم تجاه إخوته هو شعور المحبة في الله أم هو حب دنيوي قائم على المصلحة، ويمكن التعرف على هذه العلامات من خلال دراسة حياة النبي ومواقفه من الحب، وينصح الحبيب المصطفى بإظهار علاقة المحبة في الله من خلال قول المسلم “أحبك في الله” لأخيه المسلم، وذلك لتعزيز العلاقة بينهما وتقوية الثقة، وتلك العلامات هي

  • كلما كان الحبيب مطيعًا لأوامر الله وملتزمًا بتعاليم دينه الإسلامي، كلما زادت محبته، في حين تنخفض تلك المحبة في حالة عصيان المحبوب لله جل وعلا وارتكاب المعاصي، خاصة الكبائر.
  • تمنى الخير للإخوة المؤمنين كما يتمناه لنفسه، ولا يحسد عليهم في أي خير أو أي شيء آخر في الدنيا أو الآخرة.
  • ينصح بالاعتدال في التعامل مع المشاعر، فلا ينبغي الإفراط في البر والإحسان، ولا الجفاء والتقصير.
  • يتفضل المؤمنون بإعطاء الأولوية لمحبة الصديق في الله على احتياجاتهم الشخصية، سواء كانت تلك الاحتياجات ذات طابع روحي أو مادي، وهذا ما يتضح من قول الله تعالى (ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم حاجة) في سورة الحشر الآية التاسعة.
  • المودة التي يظهرها المسلمون لإخوانهم وتقديم المساعدة لهم، هو ما وصفه الرسول صلى الله عليه وسلم بأنه: (مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم، مثل الجسد، إذا أُصِيبَ عضو بالألم، تداعى إليه سائر الجسد بالسهر والحمى).
  • يعتبر تبادل الهدايا والزيارات من الأسباب التي تجلب المحبة في الله وأبرز علاماتها، وذلك أن النبي الكريم قال (تهادوا تحابوا)، وكذلك المشاركة في مناسبات الحزن والفرح.
  • بذل التضحية والنصرة للأخوة في الإسلام.
  • نشر السلام وإظهاره هو تعزيز قوي لرابطة المحبة بين المسلمين، وقد وصف الرسول صلى الله عليه وسلم هذا الأمر قائلاً: “لن تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا، ولن تؤمنوا حتى تحابوا، ألا أخبركم بشيء إذا فعلتموه تحاببتم؟ أفشوا السلام بينكم.

شروط الحب في الله

الحب في الله هو أكثر أنواع الحب قوة واستدامة، حيث يتطلب ليكون صحيحًا وخالصًا الامتثال لعدة شروط وضوابط، من أهم هذه الشروط والضوابط:

  • تقديم حق الله جل وعلا على الحق الشخصي، ففي الحالة التي تتعارض بها مصلحة مصلح المحبوب في الله على مصلحة المسلم الشخصية عليه أن يقدم ما فيه محبة الله ورضاه مثلما جاء في قول الحبيب المصطفى (لا يُؤْمِنُ أحَدُكُمْ حتَّى أكُونَ أحَبَّ إلَيْهِ مِن ولَدِهِ ووالِدِهِ والنَّاسِ أجْمَعِينَ).
  • أن يجلب ذلك الحب الإخلاص في طاعة الله سبحانه، فلا يقوم على الأغراض الدنيوية أو المصالح الشخصية أو الحاجات العاطفية، بل هي محبة صادقة خالية من التكلف أو التصنع.
  • يجب على المسلم أن ينصح ويتواصى بالطاعة لله والعون عليها، وذلك بناءً على قول الله تعالى: “إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ، إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ” (العصر:1-3).
  • يعتبر الاعتدال وعدم الانشغال بالحب في الله من أهم شروط الحب، حيث يساعد على توجيه المحبين نحو عبادة الله وطاعته بدلاً من الانشغال به.

فضل الحب في الله

الحب في الله فضيلة عظيمة، وله أجر جزيل وثواب كثير، ويجلب البركة في الدنيا والآخرة، وتشير الآيات القرآنية والأحاديث النبوية الشريفة إلى أهمية الحب في الله في حياة العباد، ومن فضائله

  • العون على الطاعة يعني أن المسلمين يساعدون بعضهم البعض على أداء الأعمال الدينية وأداء العبادات. فهم يتذكرون الله باستمرار ويجلسون معا في صحبة طيبة، وبذلك يتبع المسلم مسارهم. ويساعدهم ذلك على الابتعاد عن ارتكاب المحظورات. وهذا واضح في دعاء النبي موسى عليه السلام عندما دعا ربه أن يجعل له وزيرا من أهله، هارون أخاه، ليكون عونا له في أموره، لكي يسبحوا الله كثيرا ويذكروه كثيرا، وهذا ما ورد في قول الله تعالى عنه (واجعل لي وزيرا من أهلي، هارون أخي، اشدد به أزري، وأشركه في أمري، كي نسبحك كثيرا، ونذكرك كثيرا) [سورة طه: 29-34].
  • يغبط الشهداء والانبياء والصالحين المتحابين في الله حين لقائهم يوم القيامة فقد قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم في ذلك (إنّ من عباد الله لأناساً ما هم بأنبياءٍ ولا شهداء، يغبطهم الأنبياء والشهداء يوم القيامة بمكانهم من الله، قومٌ يتحابون بروح الله من غير أرحامٍ، ولا أموالٍ يتعاطونها بينهم).
  • يغفر الله تعالى للمؤمنين ذنوبهم وخطاياهم، وهذا ما جاء في قول النبي الحبيب (إذا التقى المسلمان فتصافحا وحمدا الله عز وجل واستغفرا غُفِرَ لهما).
  • يشير الاستشعار بلذة الإيمان وما له من حلاوة في حياة المسلم إلى قيمتها العظيمة، وقد ذكر رسول الله ثلاثة أمور تمكّن المؤمن من الشعور بلذة الإيمان، وهي: أن يكون الله ورسوله أحب إليه من غيرهما، وأن يحب المرء الآخر لله فقط، وأن يكره الشخص الرجوع إلى الكفر مثلما يكره الوقوع في النار.
  • في يوم القيامة، يجتمع المسلم مع أولئك الذين أحبهم بإخلاص في الله، وهذا ما حدثنا به الرسول الحبيب، حيث سأله رجل عن موعد قيام الساعة، فأجابه صلى الله عليه وسلم قائلا: `مهما أعددت من صلوات وصيام، إلا أنك تكون مع الله ورسوله إذا كنت تحبهما.` فقال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: `الإنسان مع من يحب، وأنت ستكون مع من تحب.

المراجع

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى