ماهو التوازن النفسي
يسعى الإنسان بشكل دائم ، إلى الوصول لحالة جيدة من الاتزان الذهني والنفسي ، ذلك أن المخ له آليات مختلفة ، بين الكيميائية والكهربية تساعده في الحفاظ على التوازن ، وكلما استطاع الفرد أن يوازن بين تلك الآليات ، كلما أتيحت له فرصة أفضل ، في الحفاظ على اتزانه لأطول فترة ممكنة.
تعريف التوازن النفسي
التوازن النفسي في علم النفس هو المستوى الثالث في الصحة النفسية. يجب أن يحققه الشخص ويعيش فيه. يسبقه السعادة والرضا النفسي، وكلاهما نمطان مرتبطان بالمشاعر والرضا عن كل ما يعطى للفرد. عندما يصل الشخص إلى مرحلة التوازن النفسي، فإنه يصل إلى حالة ديناميكية فريدة، تجمع بين فوائد السعادة والرضا، وتتوازن مع شعوره بالاستقرار النفسي.
من المعروف أن البيئة المحيطة بالشخص ، في حالة مستمرة من التغيير ، والإنسان نفسه يدور في مثل تلك الحالة المتغيرة ، ولهذا فإن الحالة الدينامية قد تتعرض للارتباك في بعض المراحل ، نتيجة بعض الاضطرابات المؤقتة المفاجئة ، ولكن سرعان ما يحاول الإنسان ، إعادة التوازن مرة أخرى ، إلى نفسه والبيئة من حوله ، في محاولة منه للوصول إلى الاستقرار النفسي المطلوب لراحته.
مرادفات التوازن النفسي
للتوازن النفسي عدد من الأسماء المختلفة ، منها الثبات الانفعالي ، والتوافق النفسي ، والثبات النفسي ، والصلابة النفسية أو الانفعالية ، ولكن يجب علينا الحذر أثناء التعامل مع مفهومي الثبات والجمود ، وكذلك التصلب والصلابة ، فكل منها مفاهيم مختلفة ، ولها دلالات بعيدة كل البعد عن مفهوم التوازن النفسي ، كما أن متناقضة مع بعضها.
كيفية الوصول إلى التوازن النفسي
يعتمد وصول الإنسان للتوازن النفسي ، على قدرته بشأن تقدير ذاته ، فمن يُقدّر قدراته ومواهبه وملكاته ، فهو بذلك يعمل على تقدير ذاته ، ومن ثم توازنه النفسي ، ويساعد التوازن النفسي على تخطي المشكلات ، نظرًا لأنه يأتي نتيجة مواقف وخبرات متراكمة ، ويعتمد على وجود هدف واضح للشخص في الحياة.
عوامل الوصول إلى التوازن النفسي
عثر علماء نفس وباحثون على عدد من العوامل التي تعد أساسًا قويًا للوصول إلى حالة توازن نفسي، ويمكن تلخيصها في النقاط التالية:
1.الصحة الجسمانية : يعني الحفاظ على صحة الجسم عدم وجود أي أمراض مزمنة تعيق الإنسان عن العمل أو تحقيق أهدافه، ويمكن تحقيق ذلك من خلال ممارسة الرياضة وتناول الطعام المتوازن والصحي، بالإضافة إلى الحصول على قدر كافي من النوم والراحة.
2. الاستقرار المهني : تعني الحصول على وظيفة ثابتة وعدم الخوف من الانتقال منها إلى مكان آخر أو تركها رغمًا عن الإرادة، أن يتعرض الشخص للعديد من المشاكل والضغوط التي يفقد معها توازنه النفسي وقد تؤثر على حياته الشخصية.
3. الاستقرار الأسري : تعني قدرة الإنسان على تشكيل أسرة أن تقوم على الهدوء والتفاهم، وأن تستند إلى أسس قوية من الرحمة والمودة، وهذا يمنح الإنسان الاستقرار النفسي الذي يمكِّنه من الحصول على الاستقرار المهني والصحي أيضًا.
4. تجنب الضغوط : يجب على الشخص أن يتجنب التعرض للضغوط ، سواء أكانت نفسية أم اجتماعية ، فالنزاعات والمعارك مع المحيطين بك ، قد تجعلك تتشتت في الاتزان ، وتبدأ في الاضطراب النفسي تدريجيًا ، ولهذا يأتي الحل ، بكبح الجماح للرغبات والشهوات ، وألا تهرع للحصول على أشياء تفوق طاقتك ، وأن تتجنب الدخول في جدال ، خاصة الفكري بشكل كبير.
5. مهارات حل المشاكل : يجب أن تتمتع بقدرة جيدة على طرح حلول ، لأية مشكلة تواجهك ، فالأمر قد يبدو في البداية عسيرًا ، ولكن مع الوقت ستجد نفسك ، تقف بثبات جيد جدًا أمام ما يواجهك من مشاكل ، فلن يعدم الإنسان حدوث المشاكل ، طيلة حياته ولكن يجب عليه مواجهتها بحكمة ، فإذا استطاع أن يفعل ذلك ، فقد يصل بسهولة لاتزان نفسي أكثر من قوي.
6. التخلص من الطاقة السلبية : يعد التخلص من الطاقة السلبية بشكل دوري ومنتظم، وخاصة تلك المشاعر المحملة بالغضب والحزن والغيرة، من الأمور المهمة للأشخاص، ويمكن تحقيق ذلك من خلال جلسات مستمرة مع الأشخاص الذين نحبهم، أو عن طريق الخروج والتوجه إلى الأماكن المفتوحة، حيث يمكن لذلك أن يساعد في تصفية الذهن.
7. الاستعداد للطوارئ : يجب على المرء ، أن يضع اعتبارًا لأية نتائج ، بالطبع التفاؤل أمر جيد ، ولكن يجب على الإنسان أن يدرس معطياته ، حتى لا يصطدم بالواقع ونتائجه ، فلا يجب مثلا على الشخص أن ينفي وينكر الموت ، ثم يصطدم بوفاة أقرب وأعز الناس إلى قلبه ، لذا لابد للجميع أن يعملوا على تهيئة نفوسهم لمنغصات الحياة المتفرقة.
8. التمسك بالعلاقات الإنسانية : لم يخلق الإنسان ليعيش وحيدًا، بل ليكوّن جماعاتٍ ومجتمعاتٍ تبدأ بالأسرة وتنتهي بالمجتمع ككل. ولذلك، فتكوين علاقاتٍ جيدةٍ مع الأصدقاء وزملاء العمل وشركاء الوطن، كلها سبلٌ جيدةٌ للوصول إلى الاستقرار والثبات النفسي.
9. الاستقرار الروحي : تتحقق سعادة الإنسان في حياته عندما يمتلك طاقة روحية تجعله قادرًا على فهم هدف وجوده. وعلى الرغم من اختلاف الديانات، فإن هناك معتقدات غير دينية تسعى لفهم حكمة خلق الإنسان. وكلما ازداد الجانب الروحي للإنسان، كلما شعر بالاستقرار النفسي بشكل أكبر.
10. التعلم من التجارب : بالطبع، يمر الإنسان بتجارب مستمرة، تتضمن التجارب الجيدة والسيئة، ولذلك يجب على كل فرد ألا يعتمد فقط على تجاربه الشخصية، بل يجب أن يتعلم من تجارب الآخرين، خاصة أولئك الذين يقفون بجواره، والذين يتمتعون بالحكمة والتعقل. فهذا الأمر يزيد من كفاءة التأهب للمواقف والاستعداد للطوارئ طوال الوقت، مما يجعل الإنسان يشعر بالثقة والاستقرار نفسيا بسبب ثقته واطمئنانه بقدراته.
البحث العلمي والتوازن النفسي
اتجهت الأبحاث العلمية مؤخرًا في البحث بشأن التوازن النفسي ، وما قد يؤدي إليه من عوامل ، وكذلك ما قد يعيقه ، وأكدت أغلب البحوث على قيمة الصلابة النفسية ، كإحدى عوامل الاتزان النفسي ، والتي تؤدي إليه وتدعمه ، ولم تختلف نتائج البحوث التي أجريت في هذا الشأن ، عن بعضها وعن العوامل التي ذكرناها بالأعلى.
إجمالًا، تعتبر التفاؤل هي العامل الأساسي المسؤول عن التوازن النفسي والعاطفي، فهو يساعد على تجاوز العقبات والمصاعب بشكل إيجابي، وبالإضافة إلى ذلك، يلعب التحلي بالأخلاق والالتزام بالدين والطاقة الروحية دورًا مهمًا في تحقيق التوازن النفسي
لا تقتصر السيطرة على الحالة النفسية على العلاج النفسي فحسب، بل يشمل ذلك أيضًا اهتمام الإنسان بالرياضة والعلاقات الاجتماعية القوية والصداقات المتميزة والروابط الأسرية، حيث تعتبر جميعها عوامل تجذب الإنسان لتحقيق السيطرة على حالته النفسية والحصول على الاتزان النفسي اللازم لمواصلة الحياة بشكل جيد دون مخاوف أو ضغوط.