مامعنى كما تدين تدان ؟

بسم الله والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد… نتحدث في موضوعنا اليوم عن معنى الحديث `كما تدين تدان` .

يعني المثل الشهير `كما تدين تدان` أن الأفعال التي تقوم بها اليوم ستعود عليك في المستقبل. فكما تفعل سيتم العمل بك .

الحمد لله على نعمة الإسلام ، وأن الله سبحانه وتعالى لا يظلم الناس شيئاً ، كما يحاسب كل إنسان على ما عمل :”فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ (7) وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ (8)” . كما ورد في سورة الكهف ” وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا وَلا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا (49)” .

مامعنى كما تدين تدان ؟
تعني المقولة “كما تدين تدان” أو “الجزاء من جنس العمل” أنك سوف تحصل على ما تستحقه في النهاية، وهي حكمة بليغة ونقلتها الناس منذ القدم. ويوجد العديد من الأدلة من الكتب والسنة التي تؤكد صدق هذه المقولة، فهي سنة كونية جعلها الله سبحانه وتعالى عبرة وعظة للناس .

يشير الآية 60 من سورة الرحمنإلى أن جزاء الإحسان هو الإحسان فقط

قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم :
البر لا يبلى، والإثم لا ينسى، والديانة لا تموت، فكن كما تشاء، فكما تدين تدان.” – ذلك ما قاله الحافظ ابن حجر في كتابه “فتح الباري” (13/466)، وقد ضعفه الألباني في كتابه “ضعيف الجامع .

وعن مالك بن دينار قال : يذكر في التوراة عبارة `كَمَا تَدِينُ تُدَانُ، وَكَمَا تَزرَعُ تَحصُدُ`، وهذا نص مأخوذ من كتاب `اقتضاء العلم العمل` للخطيب البغدادي

قال ابن قتيبة رحمه الله : يقولون `كما تدين تدان` أي أن أفعالك ستعود عليك بالمثل، وسوف تجازي بما تعمله .

يقول ابن كثير في تفسير قوله تعالى : “وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُواْ أَيْدِيَهُمَا جَزَاء بِمَا كَسَبَا نَكَالاً مِّنَ اللّهِ وَاللّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ” المائدة – الآية 38

وفقاً لما جاء في كتاب الله تعالى، هناك تناسب بين الأجر والثواب لبعض الأعمال وفق المثل الشهير (كما تدين تدان)، ومن الأعمال التي تنطبق عليه ذلك:

وقوله سبحانه : “وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ” سورة النور – الآية 22

وقوله تعالى : فاذكروني أذكركم واشكروا لي ولا تكفرون”، آية 152 من سورة البقرة

وقوله سبحانه : يقول الله تعالى في سورة محمد، الآية 7: `يا أيها الذين آمنوا، إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم`

وقوله تعالى : “وَأَوْفُواْ بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ” سورة البقرة – الآية 40

وعن ابن عمر رضي الله عنهما : قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم:
“المُسلِمُ أَخُو المُسلِمِ لا يَظلِمُهُ وَلا يُسْلِمُه ، مَن كَانَ فِي حَاجَةِ أَخِيهِ كَانَ اللَّهُ فِي حَاجَتِهِ ، وَمَن فَرَّجَ عَن مُسلِمٍ كُربَةً فَرَّجَ اللَّهُ عَنهُ بِهَا كُربَةً مِن كُرَبِ يَومِ القِيَامَةِ ، وَمَن سَتَرَ مُسلِمًا سَتَرَهُ اللَّهُ يَومَ القِيَامَةِ” رواه البخاري (2442) ومسلم (2580)

وفي القاعدة الشرعية ، نجد أن كل إنسان رهنٌ بما اكتسب ، وبما فعل ولا يحمل أحد وزر غيره ، وكما ذكر في سورة الأنعام:” قُلْ أَغَيْرَ اللَّهِ أَبْغِي رَبًّا وَهُوَ رَبُّ كُلِّ شَيْءٍ وَلاَ تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلاَّ عَلَيْهَا وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ثُمَّ إِلَى رَبِّكُم مَّرْجِعُكُمْ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ (164)” .

وفي سورة الإسراء:” مَّنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدي لِنَفْسِهِ وَمَن ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً (15)” .

وفي سورة فاطر :”وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى وَإِن تَدْعُ مُثْقَلَةٌ إِلَى حِمْلِهَا لا يُحْمَلْ مِنْهُ شَيْءٌ وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى إِنَّمَا تُنذِرُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُم بِالغَيْبِ وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَمَن تَزَكَّى فَإِنَّمَا يَتَزَكَّى لِنَفْسِهِ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ (18)” .

وفي سورة الزمر :إذا كنتم كافرين فإن الله غني عنكم ولا يرضى بكفر عباده، وإذا كنتم مؤمنين وشاكرين لنعمه يرضى عنكم، ولا تحمل كل فرد ذنباً آخر، وسوف تعودون جميعاً إلى ربكم الذي سيخبركم بأعمالكم، إنه عليم بما في صدوركم .

وفي سورة النجم :هل لم يُنَبَّأ بما في صحف موسى وإبراهيم الذي وفى؟ ألا يحمل المرء ذنب ذنب آخر، وأن للإنسان فقط ما يسعى إليه، وسيتم رؤية جهوده، ثم سيتم مكافأته بالشكل الأكمل .

والخلاصة
المعنى واضح في أن من يعمل بالخير يجازى بمثله، ومن يعمل بالشر يجازى بنفس الفعل، لذلك لا تخشى من أن الزمن يعاملك فيما بعد كما عملت في دنياك .