ماذا يقال في العزاء والرد عليه لـ ” ابن باز – ابن عثيمين “
الكلمات المناسبة للتعزية لابن باز
قد يتساءل البعض عن الكلمات المناسبة التي يجب استخدامها عند تعزية شخص قريب له بوفاة شخص آخر، ولكن لا يوجد دعاء معين عن النبي ﷺ، بل يجوز للمعزي أن يعزي أخاه في الله بالكلمات المناسبة مثل “أحسن الله عزاءك، وجبر مصيبتك، وأعظم أجرك، وغفر لميتك” وما شابه ذلك، ولكن التعزية بالعبارات الشائعة مثل “البقية في حياتك” و “شد حيلك” ليس لها أصل.
كيفية إجابة المعزين لابن الباز
عند تساؤلك ما هو الرد المناسب الذي قد يكون ورد في السنة أو في أقوال الصالحين ، عند قول أحدهم لك أثناء التعزية إن لله ما أخذ وله ما أعطى وكل شيء عنده بأجل مسمى فلتلزم الصبر والإحتساب أو أي شئ من هذا القبيل أثناء التعزية فقال ابن الباز في هذا الأمر ” يقول ما تيسر، ما في شيء محدود ، إذا قيل له: أحسن الله عزاءك، أو قيل له: لله ما أخذ وله ما أعطى وكل شيء عنده بأجل مسمى فاصبر واحتسب، يقول: أسأل الله أن يعينني، أسأل الله أن يوفقني، الحمد لله على كل حال، أي كلمة طيبة تناسب، ما في شيء محدود، ما نعلم في هذا شيئًا محدودًا”، أي لابد من قولك اي شئ في حدود العزاء ويكون بكلمة طيبة من شخص صابر محتسب، فلم يرد في السنة نص معين في مثل هذه المواقف.
أفضل ما يقال في التعزية لابن عثيمين
لا توجد ألفاظ مخصوصة للتعزية، بل يجب على الشخص تحمل المصاب ومساعدته على الصبر، ولكن الأفضل استخدام الألفاظ التي عزى بها الرسول صلى الله عليه وسلم في التعزية.
فقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : يعني: أفضل ما يمكن استخدامه في تعزية المصاب هو ما استخدمه النبي صلى الله عليه وسلم لتعزية ابنته، وهو قوله: “إن لله ما أخذ، وله ما أعطى، وكل شيء عنده بأجل مسمى، فليصبر وليحتسب”. وهذا الحديث رواه البخاري ومسلم .
ثم قال : وأما ما اشتهر بين الناس من قولهم “عظَّم الله أجرك، وأحسن الله عزاءك، وغفر الله لميتك”، فهي كلمة اختارها بعض العلماء، ولكن ما جاء به السنة هو الأولى والأحسن
أراء العلماء في ما يقال في التعزية :
- قال الإمام الشافعي رحمه الله : يقول المثل: `ليس في التعزية شيء محدد`، أي أنه لا يوجد لفظ محدد للتعزية، بل يجب على المرء قول كلمة طيبة تساعد الشخص المتألم على تخطي البلاء وصبره عليه.
- وقال ابن قدامة رحمه الله : كان رأي قدامة في التعزية مماثلًا لرأي الشافعي في عدم اختيار كلمات محددة في العزاء، حيث قال: `لا نعلم في التعزية شيئًا محدودًا`
- وقال الشيخ الألباني رحمه الله : ويعزوهم بما يفترض أنه يسليهم ويخفف أحزانهم، ويحملهم على الرضا والصبر، وهذا ما أثبته صلى الله عليه وسلم إن كان يعلمه ويتذكره. وإلا، فعلى الأقل بإيجاد كلمات حسنة تحقق الهدف ولا تتعارض مع الشرع. وقد رأى الشيخ الألباني رحمه الله أن يعزيهم بما يساعدهم على التخفيف من الحزن وتخفيف مصيبتهم، وأن يسليهم ويجعلهم يتحملون الصبر ويأجرون على ذلك.
جاء في ” الجوهرة النيرة ” : تعني العبارة “لفظ التعزية” الدعاء للميت بالرحمة والمغفرة، والدعاء لأهله بالصبر والسلوان، ويُستخدم التعبير “عَظَّم الله أجرك، وأحسن عزاءك، وغفر لميتك، وألهمك صبرًا، وأجزل لنا ولك بالصبر أجرا” للتعبير عن هذه التعازي.
بماذا يجيب المعزَّى على من يعزيه لابن عثيمين
لم يرد شيء في السنة عن الردود التي يمكن قولها عند التعزية، ولذلك يمكن للمعزي استخدام أي لفظ حسن يريده، مثل قول “جزاك الله خيرا” أو “استجاب الله دعائك” وغيرها من الألفاظ الحسنة التي تعبر عن التعزية والتعاطف مع المعزي .
وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : ما هي الأدعية التي يقالها للتعزية وبماذا يعزى المعزى.
فأجاب : أحسن ما يمكن أن يُعزّى به هو ما قاله النبي صلى الله عليه وسلم لإحدى بناته: (إن لله ما أخذ، وله ما بقى،وكل شيء عنده بأجل مسمى، فاصبر واحتسب) ،
والمعزَّى يقول : نشكر الله لك ونسأل الله أن يعيننا على التحمل والصبر .
أراء العلماء في كيفية الرد على المعزي :
- جاء في “حاشية البيجرمي : يجب على الشخص الذي يقدم التعزية أن يرد بـ `جزاك الله خيرًا`، ويعتبر البيجرمي أن هذه العبارة كافية كرد على المعزي، وهي عبارة حسنة وتشمل دعاءً.
- ابن قدامة رحمه الله نقل عن الإمام أحمد رحمه الله قوله للمعزي: `استجاب الله دعائك ورحمنا وإياك`. وقال ابن قدامة رحمه الله إن الرد على المعزي بالدعاء هو أن يستجاب دعاؤه ويرزق بالرحمة كما تمناها لهم وللميت
- قال المرداوي رحمه الله : وكفى به قدوة ومتبوعًا” تعني أن أفضل ما يمكن للمعزي أن يقوله هو أن يشير إلى صبر الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم في مواجهة البلاء، ويحاول الاتباع لسنته في ذلك .
ما حكم البذخ والإسراف في العزاء
عندما سئل الإمام ابن الباز رحمه الله عن الإسراف والبذخ في العزاء، أجاب قائلا: `هذا لا أصل له، بل هو بدعة ومنكر ومن أمور الجاهلية، ولا يجوز للمعزين أن يقيموا الولائم للميت، سواء في اليوم الأول أو الثالث أو الرابع أو الأربعين وغيرها. كل هذه بدعة وعادة جاهلية ليس لها أساس. بل ينبغي عليهم أن يحمدوا الله ويصبروا ويشكروه على ما قدر لهم، وأن يسألوه سبحانه أن يصبرهم ويعينهم على تحمل المصيبة، ولكن لا يقدمون طعاما للناس.
أجاب بوضوح وصراحة عن كل ما يتعلق بسلوكيات أهل المتوفى بالتبذير والإسراف في العزاء وبعد ذلك، وأكد أن هذا لا يتماشى مع الدين.
قال جرير بن عبدالله البجلي – وهو صحابي جليل- : كنا نعد الاجتماع إلى أهل الميت وتحضير الطعام بعد الدفن من النياحة، ورواه الإمام أحمد بإسناد حسن.
كان الصحابة يرون أن النواح من الأفعال المحرمة، حيث زجر عنه الرسول صلى الله عليه وسلم، ولكنه أذن بإرسال أقارب الأهل للمتوفى بالطعام لأنهم مشغولون بمصيبتهم.
عندما وصل النبي ﷺ نعي جعفر بن أبي طالب -رضي الله عنه- بعدما قتل في مؤتة في الأردن، أمر ﷺ أهل بيته بتقديم طعام لعائلة جعفر. وقال: إنهم يواجهون مشكلات، أما أهل الميت فلا يجب تقديم الطعام لهم في اليوم الأول، ولا في اليوم الثالث، ولا في الرابع، ولا في العاشر، ولا في أيام أخرى.
التعزية في أهل المعاصي
عندما سُئل الإمام ابن الباز عن التعزية في حالة وفاة شخص بسبب خطيئة، مثل الانتحار أو الوفاة وهو يمارس الخطيئة، فهل يجوز تقديم التعزية لأسرته، فأجاب الله عليه بالرحمة
لا بأس بتقديم التعزية، بل يستحب ذلك، حتى لو كان الشخص المتوفى عاصيا وقد انتحر أو ارتكب خطايا أخرى. وكذلك يستحب تقديم التعزية لعائلة شخص قتل بالقصاص أو بسبب زنا محصن. وأيضا لشخص مات بسبب تعاطيه للمشروبات الكحولية، فلا مانع من تقديم التعزية لعائلته ولا مانع من الدعاء له ولأشخاص آخرين من العصاة بالمغفرة والرحمة. يتم غسله وصلاة الجنازة عليه، ولكن لا يصلى عليه من قبل شخصيات المسلمين المرموقة مثل السلطان والقاضي وما إلى ذلك. بل يصلى عليه بعض الأشخاص كونهم ينتقدون أفعاله السيئة. أما إذا كانت وفاته نتيجة للظلم الذي تعرض له من قبل شخص آخر، فإنه يصلى عليه كمظلوم، ويدعى له إذا كان مسلما. وكذلك إذا مات بسبب قصاص الجاني، كما ذكر سابقا، فإنه يصلى عليه ويدعى له ويتم تقديم التعزية لعائلته إذا كان مسلما ولم يرتكب شيئا يستدعي رفضه
حكم اجتماع أهل الميت للصلاة والدعاء له
قال الشيخ ابن باز رحمه الله، والشيخ ابن عثيمين رحمه الله، إن اجتماع المعزين في بيت أهل الميت بغرض الأكل والشرب وقراءة القرآن ليس من السنة في شيء، بل يأتي الناس لأهل الميت لتعزيتهم والدعاء لميتهم بالرحمة والمغفرة ولهم بالصبر، وأما غير ذلك فهو بدعة ولو كان فيه خيرا لفعله السلف الصالح رضوان الله عليهم، فلم يفعل الرسول صلى الله عليه وسلم هذا عندما دفن جعفر بن أبي طالب وعبدالله بن رواحة وزيد بن حارثة في غزوة مؤتة، فجاءه الخبر عن طريق الوحي فأبلغ الصحابة ودعا له.