ماذا يعني الحنين للماضي في علم النفس
النوستالجيا في علم النفس
تم صياغة مصطلح الحنين إلى الماضي أو النوستالجيا منذ زمن طويل، تقريبا 300 عام، وكانت تشير في الأساس إلى الحنين إلى الوطن، ولكن تم توسيع مفهومها عبر الزمن لتشمل الشوق أو الحنين لجوانب من الماضي الشخصي للإنسان، مثل الشعور بالحنين للطفولة في منتصف العمر.
الحنين هو الشوق العاطفي للماضي وتجربة عاطفية عامة وعالمية واجتماعية للغاية، تتمحور حول الشعور بالحنين للذات والروابط الاجتماعية الهامة وأحداث الحياة ذات المغزى الشخصي
يعتقد الكثيرون أن الشوق إلى الماضي مجرد تسلية، وهو شعور يستمتع به الأفراد لأنه يعيدهم إلى أيام شبابهم الأكثر راحة.
على الرغم من أن بعض الأشخاص يرونه كثباتا غير قادر على التكيف مع الماضي، فإنه قد يعكس الخوف من التغيير.
لماذا نشعر بالحنين للماضي
يعد الحنين للماضي موردا نفسيا يمكن أن يحدث عندما يتم تذكير الشخص بالماضي بطريقة صريحة، مثل الاصطدام بصديق قديم أو سماع موسيقى كنا نسمعها في أيام الشباب، أو عند تناول فطيرة كانت تعدها الجدة، ولكن السبب الأكثر شيوعا للشعور بالحنين إلى الماضي هو عندما يشعر الشخص بالإحباط أو الحزن بطريقة ما.
تشمل المحفزات النفسية الشائعة التي تؤدي إلى الحنين للماضي مشاعر الحزن والوحدة والفراغ وعدم اليقين والملل.
وجدت معظم الدراسات أن الشعور بالحنين للماضي يولد شعورًا بالسعادة ويحسن الحالة المزاجية في كثير من الأحيان.
وو وفقًا لدراسة نشرت في مجلة علم النفس الاجتماعي التجريبي، يمكن أن يساعد الحنين على وجه التحديد الأشخاص الذين يتعاملون مع الخوف من الموت، من خلال جعل الأفراد يشعرون كما لو أن حياتهم ذات مغزى وقيمة، ويمكن أن يذكرنا الحنين جميعًا أنه من الممكن التغلب على الصعوبات ويمكن أيضًا أن يمنح حياتنا هدفًا.
النوستالجيا في التسويق
تحدث بعض المحللين وقادة الأعمال بأن الحنين إلى الماضي يمكن أن يساعد بعض الشركات على بيع منتجاتها للمستهلكين عن طريق جعلهم يتذكرون الماضي، ويستخدم السياسيون أيضًا فكرة الحنين إلى الماضي في خطاباتهم للجمهور
درس الباحثون في كلية إدارة الأعمال والاقتصاد بجامعة ولاية واشنطن تفاعل المستهلكين مع الإعلانات التي تستحضر الذكريات الماضية مقارنة بتلك التي لا تستحضر الذكريات الماضية.
أظهرت النتائج أن المستهلكين الذين شاهدوا إعلانات ذات جو من الحنين إلى الماضي قاموا بتقييم الإعلان والعلامة التجارية المعلنة عنها بشكل أفضل من الأشخاص الذين شاهدوا إعلانات لا تحمل هذا الجو.
بحسب دراسة أخرى، فإن مشاعر الحنين تجعل الأشخاص على استعداد لدفع المزيد من المال مقابل الأشياء التي يهتمون بها. لذلك، فإن العلامات التجارية تستفيد من الذكريات القديمة لبناء علاقات عاطفية مع عملائها وزيادة المبيعات في النهاية.
يعتقد عملاء النفس أن للحنين تأثيرات مدهشة تجعلنا نريد المزيد، فالحنين يميل إلى جعلنا نشعر بالسعادة قدر الإمكان، وعندما يتم إثارة الحنين لدى المستهلكين، فإنهم يميلون إلى الشعور بمشاعر إيجابية.
علاوةً على ذلك، تجعل الحنين للماضي الناس أكثر دفئًا في المعنى الحرفي للكلمة، وتشير سلسلة من الدراسات العلمية التي نُشرت في عام 2012 إلى أن الاستماع إلى موسيقى الحنين للماضي يؤدي إلى ارتفاع درجة الحرارة المحيطة بالمشاركين.
بمعنى آخر، الحنين جعلهم يشعرون بالدفء أكثر، حتى أن هؤلاء الأفراد كانوا أكثر تحملا للبرد عندما طلب منهم غمس أيديهم في الماء المثلج. وهذا أيضا يمكن أن يفسر سبب شعور المتطوعين بالحنين إلى الماضي في الأيام الباردة، لأنه يساعد أجسامهم على تنظيم درجة الحرارة.
ولذلك فإن المسوقين عادة ما يستخدمون تلك المشاعر للتأثير على المستهلكين، وهذا يتم عبر استخدام محفزات معينة تثير تلك المشاعر، على سبيل المثال قد ترى بعض المغنيين الذين زاعت شهرتهم في فترة وارتبط بهم الناس ما ثم اختفوا يظهرون في إعلانات ترويجية في التليفزيون، فهم بمثابة المحفز لمشاعر الحنين.
هناك العديد من العلامات التجارية الأخرى التي تستخدم قطعا أو شعارات الشركة التي تم استخدامها في السابق لإحياء الذكريات، وتستخدم هذه الحيلة التسويقية دائما من قبل العلامات التجارية الكبيرة مثل بيبسي أو كوكاكولا.
على سبيل المثال، أعادت شركة بيبسي إنتاج مشروب كان قد توقف إنتاجه في التسعينيات، كجزء من عرض محدود الوقت في عام 2016. قامت العلامة التجارية بالترويج لإحياء هذا المشروب من خلال حملة إعلانية مذهلة استندت إلى فكرة النوستالجيا
كيف نستخدم النوستالجيا في التسويق
لا ينبغي استخدام فكرة الحنين للماضي بشكل عشوائي، فعند محاولة محاكاة حقبة معينة، يجب الانتباه للتفاصيل، ويتعين بشدة الحصول على التفاصيل الصحيحة المتعلقة بالموسيقى والألوان والخطوط والصور.
قد لا تستطيع استخدام مقاطع من أفلام أو حتى حملات إعلانية قديمة لشركتك واستخدامها في الإعلان الحالي، ولكن يمكنك دمج عناصر من فترة زمنية محددة في حملات التسويق الخاصة بك مثل الخطوط والألوان واختيارات الموضة لإعادة إنشاء الشكل والمظهر القديم دون تجاوز.
يجب أيضا الاعتماد على تاريخ شركتك للحصول على الإلهام؛ حيث أن كل علامة تجارية لها قصة ترويها. فربما بدأت علامتك التجارية في مرآب لتصليح السيارات أو بدأت كمتجر صغير، لذلك ينبغي أن تتضمن قصة علامتك التجارية في استراتيجية التسويق الخاصة بك لإثارة الحنين إلى الماضي.
النوستالجبا في العمل
وجد علماء النفس أيضًا أن الحنين يمكن أن يساعد في بناء علاقات وفِرَق عمل قوية.
فالروابط الاجتماعية هي سمة أساسية من سمات الحنين إلى الماضي، حيث تتضمن معظم ذكريات الحنين أشخاصًا آخرين، وعندما يفكر الأفراد في هذه الذكريات، فإنهم يشعرون بمزيد من الارتباط الاجتماعي والدعم، يمكن أن يستفيد المديرين من الطبيعة الاجتماعية للحنين إلى الماضي لتعزيز العلاقات بين فريق العمل داخل المؤسسة
يمكن أن يساهم تحفيز الموظفين على مشاركة قصص الحنين إلى الماضي مع زملائهم في الفريق في بناء علاقات أعمق، لأن الحنين يدفع الناس نحو الأهداف الاجتماعية.
على سبيل المثال، وجد علماء النفس من خلال بعض الاختبارات أنه في مجموعة واحدة بعد جعل المشاركين في البحث يقضون بضع دقائق في التفكير في ذاكرة الحنين إلى الماضي مقارنة بذاكرة السيرة الذاتية العادية، مثل التسوق في البقالة أو القيادة إلى العمل زاد من رغبتهم في المتابعة في العمل والاستمرار معًا كمجموعة واحدة.
الحنين يساعد الأفراد على الحفاظ على معنى أو قيمة معينة وتعزيزها في الوقت الحاضر، حيث يفكرون في تجارب سابقة ذات مغزى، فيصبحوا متحمسين لإعطاء الأولوية لهذا المعنى والتركيز عليه في الوقت الحاضر
يمكن للمديرين الاستفادة من هذا المورد الوجودي لمساعدة الموظفين على إيجاد المعنى في العمل، قد يكون هذا مفيدًا بشكل خاص لأولئك الذين يعانون من الإرهاق في العمل أو في الحياة بوجه عام.