ماذا قال الشافعي وبعض العلماء المسلمين عن الحجاج
من هو الحجاج بن يوسف الثقفي
الحجاج ابن يوسف الثقفي هو أبو محمد الحجاج بن يوسف الثقفي بن أبي عقيل بن الحكم الثقفي، وكان يعرف سابقا بلقب كليب، لكنه اختار لنفسه اسم الحجاج فيما بعد. ولد الحجاج بن يوسف في العام 40 هـ وتوفي في العام 95 هـ. كانت حياته مليئة بالأحداث وكان له مكانة كبيرة بين أعلام المسلمين، وذلك بسبب قدراته القيادية. توثق سيرة الحجاج في جميع كتب التاريخ عبر العصور، وذلك بسبب الجدل الذي دار حول أفعاله وأقواله. فقد قام بقتل عبد الله بن الزبير خلال حكم عبد الملك بن مروان، وعين نفسه واليا على مكة والمدينة والطائف. بعد ذلك، ضم العراق تحت سلطته بسبب وقوع ثورة في تلك المنطقة، فقام بقمعها واستمر في حكمها لمدة عشرين عاما. تحتوي تاريخه على العديد من الأحداث النادرة التي تعود للحجاج بن يوسف، وكانت هذه الأحداث ومواقف الحجاج متناقضة بعضها البعض، فبعضها كان مسموما بالقسوة وبعضها الآخر كان متسامحا
جاءت عن الحجاج العديد من الروايات الصحيحة منها والملفقة حول أفعاله وأقواله، بل إن بعضها يتهمه بالكفر. قال ابن كثير في هذا الأمر أن معظم الروايات عن الحجاج قد تكون كاذبة بسبب وجود العديد من أعدائه الذين يسعون للانتقام من أعماله. وعلى الرغم من بعض الجوانب الإيجابية للحجاج وأفعاله الحسنة، فإنه قد تم تعتيمها بسبب أفعاله الظالمة والمستبدة تجاه شعبه. ومن أشهر الأمور المذكورة عن الحجاج هي خطبته في مدينة الكوفة عندما أرسله عبد الملك بن مروان إليها لإخماد الثورة. دخل الحجاج المسجد ووجد الناس مجتمعين فقال: (يا أهل العراق! لا أعرف قدر اجتماعكم إلا عندما تجتمعون، قال رجل: نعم- أصلحك الله- فسكت للحظة ثم تكلم. قالوا: يبدو أنه يتكلم بصعوبة وحرج، فقام ورفع لثامه وقال: يا أهل العراق! أنا الحجاج بن يوسف بن الحكم بن أبي عقيل بن مسعود، ووالله إني أحمل الشر بكل ثقله وأتبعه بخطواتي وأجزيه بمثله. والله يا أهل العراق، إني أرى رؤوسا تنمو وقد حان وقت حصادها، وأنا من يجنيها. وعلى الله، يا أهل العراق، إن أمير المؤمنين عبد الملك يشبه الكنانة التي تجمع عيدانها ببعضها البعض، ووجدتها قوية وصلبة. لذا أرسلني إليكم لأعاقبكم. يا أهل العراق، أيها النفاق والشقاق والأخلاق السيئة، لقد وقعتم في فتنة وأنغامستم في ظلال الضلالة. تمادوا في سلوك الضلال والغوي. ووالله، سأحيلكم للمحاكمة، وسأجلدكم بالسوط، وسأضربكم بقوة مثل ضرب الإبل الوحشية. فوالله، سأنفذ العقاب ولا أتراجع، وسأوفي بالوعود. أنا هنا لمواجهتكم، وما هو رأيكم، وما هو كيانكم؟
قول ابن تيمية في الحجاج بن يوسف
قال شيخُ الإسلامِ ابنُ تيميةَ :(فَلِهَذَا كَانَ أَهْل الْعِلْمِ يَخْتَارُونَ فِيمَنْ عُرِفَ بِالظُّلْمِ وَنَحْوِهِ مَعَ أَنَّهُ مُسْلِمٌ لَهُ أَعْمَالٌ صَالِحَةٌ فِي الظَّاهِرِ – كَالْحَجَّاجِ بْنِ يُوسُفَ وَأَمْثَالِهِ – أَنَّهُمْ لَا يَلْعَنُونَ أَحَدًا مِنْهُمْ بِعَيْنِهِ ؛ بَلْ يَقُولُونَ كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى : ” أَلَا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ ” فَيَلْعَنُونَ مَنْ لَعَنَهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ عَامًّا . كَقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ” لَعَنَ اللَّهُ الْخَمْرَ وَعَاصِرَهَا وَمُعْتَصِرَهَا وَبَائِعَهَا وَمُشْتَرِيهَا وَسَاقِيَهَا وَشَارِبَهَا وَحَامِلَهَا وَالْمَحْمُولَةَ إلَيْهِ وَآكِلَ ثَمَنِهَا ” وَلَا يَلْعَنُونَ الْمُعَيَّنَ وَذَلِكَ لِأَنَّ اللَّعْنَةَ مِنْ بَابِ الْوَعِيدِ وَالْوَعِيدُ الْعَامُّ لَا يُقْطَعُ بِهِ لِلشَّخْصِ الْمُعَيَّنِ لِأَحَدِ الْأَسْبَابِ الْمَذْكُورَةِ : مِنْ تَوْبَةٍ أَوْ حَسَنَاتٍ مَاحِيَةٍ أَوْ مَصَائِبَ مُكَفِّرَةٍ أَوْ شَفَاعَةٍ مَقْبُولَةٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ).
قول الشافعي في الحجاج بن يوسف
قال الشَّافعيُّ : سمعت من يذكر أن المغيرة بن شعبة دخل على امرأته وهي تتخلل – أي تتخلل أسنانها لتخرج ما بينهما من أذى – وكان ذلك في أول النهار. فقال: والله لئن كنت باكرت الغذاءفإنك لرعينة دنيا، وإن كان الذي تتخللين منه شيء بقي فيك من البارحة، فإنك لقذرة. فطلقها، فقالت: والله ما كان شيء مما ذكرت؛ ولكني باكرت ما تباكره الحرة من السواك، فبقيت شظية في فمي منه، فحاولتها لأخرجها. فقال المغيرة ليوسف أبي الحجاج: تزوجها؛ فإنها الخليقة بأن تأتي برجل يسود فتزوجها يوسف أبو الحجاج. قال الشافعي: فأخبرت أن أبا الحجاج لما بنى بها واقعها فنام فقيل له في النوم: ما أسرع ما ألحقت بالمبين.
كما قال الأصمعيُّ : سمعت عمي يقول: وصلني خبر أن الحجاج، بعد أن انتهى من ابن الزبير وعاد إلى المدينة، التقى بشيخ يخرج من المدينة وسأله عن حالة أهل المدينة. فأجاب الشيخ: حالهم جيدة، ولكن قد قتلوا ابن حواري رسول الله صلى الله عليه وسلم. فسأل الحجاج: من قتله؟ فأجاب الشيخ: الفاجر اللعين الحجاج، لعنه الله وينتقم منه. إنه لم يكن يتقي الله بشكل جيد، فغضب الحجاج بشدة وقال: أيها الشيخ، هل تعرف الحجاج إذا رأيته؟ فأجاب الشيخ: نعم، ولكن الله لم يجعلك تعرفه جيدا ولا يحميك منه. فكشف الحجاج وجهه وقال: ستعلم الآن يا شيخ عندما يسيل دمك. عندما تأكد الشيخ من جدية الأمر، قال: والله، هذا أمر مدهش يا حجاج. لو كنت تعرفني، لما قلت هذا الكلام. أنا العباس بن أبي داود، أعاني الجنون خمس مرات في اليوم. فقال الحجاج: اذهب، فليس لله شفاء لأبعد من جنونه ولا يشفيه .
ماذا قال عمر بن عبد العزيز عن الحجاج
كان الخليفة عمر بن عبد العزيز يكره أفعال الحجاج وظلمه، فقال عنه: `لو تخابثت الأمم وجئنا بالحجاج لغلبناهم وما كان يصلح للدنيا ولا للآخرة.` فقام عمر بكتابة رسالة لعدي بن أرطأة، وهو أحد أولياء الله، وقال له: `وصلني أنك تتبع سننه، فإنه كان يصلي الصلاة قبل وقتها، ويأخذ الزكاة دون حقها، وكان بذلك يدمر نفسه
على الرغم مما اقترفه الحجاج وفعله في جميع الناس من أعمال شرور وظلمات التي ارتكبها ضدهم، فإن الحجاج بن يوسف الثقفي لم يظلم آل حجاج خلال فترة حكمه لبلاد المسلمين. فقد أفاد الريان بن مسلم بالقول: بعث عمر بن عبد العزيز آل عقيل إلى صاحب اليمن وكتب له: أما بعد، فقد بعثت بآل أبي عقيل، وهم أسوأ بيت في العرب، فقد انفصلوا في العمل وفقا لدناءتهم في معصية الله واعتدائهم علينا. وأتمنى لك السلام. نستنتج أن عمر قام بنفيهم فقط، ولم يعاقبهم كما فعل سليمان بن عبد الملك.
كيف مات الحجاج بن يوسف الثقفي
نهش المرض جسد الحجاج في آخر حياته، حيث أصابه مرض شديد وغريب، وكان يعاني منه في بطنه. وألقى الله عليه بردا شديدا سمي زمهرير، حتى لم يشعر بحرارة النار على جسده. وعندما أخبر الحجاج الحسن البصري بما يشعر به، قال له بأنه نتيجة أفعاله ضد الصالحين ونصحه بالابتعاد عنهم. وظل الحجاج مصابا بهذا المرض لمدة خمسة عشر يوما، وشهد فيها عذابا قاسيا، وتوفي في عام 95 هجري في شهر رمضان وهو في الخمسينات من عمره. وانتشرت أخبار وفاته عندما جاءت جارية تبكي وتقول: `إن مطعم الطعام، وميتم الأيتام، ومرمل النساء، ومفلق الهام، وسيد أهل الشام قد توفي`.