تعد مدينة الداخلة واحدة من أهم المدن السياحية في العالم، حيث تم تصنيفها كواحدة من أفضل الوجهات العالمية منذ سنوات عديدة، عندما اختارها موقع “توريزم بوست” المتخصص في الوجهات السياحية كأفضل اختيار سياحي لعام 2015. تتمتع الداخلة بثروة سمكية غنية وتجذب الكثير من السياح طوال العام. تتميز المدينة بشوارعها وأحيائها النظيفة. وتضم بعض المعالم التاريخية البارزة فيها الكنيسة الكاثوليكية القديمة التي بناها الإسبان، ومنارة لمبريس والمنارة البحرية المبنية على جرف بحري في غرب المدينة. شهدت مدينة الداخلة تطورات كبيرة وتحولات هامة على مختلف الأصعدة على مر السنين. دعونا نتعرف على مدينة الداخلة، لؤلؤة جنوب المغرب.
موقع مدينة الداخلة
الداخلة هي عاصمة جهة وادي الذهب وثاني أكبر مدينة في جنوب المغرب بعد مدينة العيون، يبلغ عدد سكان المدينة 277,106 نسمة، وتتميز بالجو المشمس والدافئ طوال العام.
موجودة في أقصى الجنوب المغربي على بعد حوالي 600 كلم من الحدود المغربية الموريتانية في نقطة الكويرة، وتبعد عن مدينة العيون مسافة 650 كم، تتميز الداخلة بإطلالتها المميزة على سواحل المحيط الأطلسي و هي عبارة عن شبه جزيرة تحيط بها ثلاثة سواحل أطلسية، و تمتد مسافة 40 كلم في عمق المحيط الأطلسي .
تاريخ مدينة الداخلة
كانت الداخلة تمثل أول معاقل الصيد بالنسبة للوجود الإسباني في الصحراء المغربية، ويعود تاريخ إنشاء المدينة إلى عام 1884، حيث كانت آنذاك مستعمرة إسبانية تحمل اسم فيلا سيسنيروس (Villa Cisneros). استمر الاستعمار الإسباني في الداخلة حتى عام 1975، حيث تم إعلان المسيرة الخضراء من قبل الملك الحسن الثاني، وأعطى إشارة لحوالي 350 ألف مغربي للزحف نحو الجنوب بطريقة سلمية، حاملين الأعلام المغربية والمصاحف، لتحرير الصحراء المغربية من التواجد الإسباني الذي دام تسعين عاما. وخلال الأربعينيات والخمسينيات والستينيات، استخدمت مدينة الداخلة كمطار لاستقبال الطائرات التي كانت تعمل في أمريكا اللاتينية.
قبل انسحاب الاستعمار الإسباني من المنطقة، تركوها في حالة سياسية مشتعلة بسبب نزاع قديم ومستمر حتى يومنا هذا بين المغرب والجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب المعروفة بـ `بوليزاريو` التي تأسست في عام 1973 وتطالب بالاستقلال وتحظى بدعم من الجزائر حتى الآن. ومع ذلك، رفض المغرب تسليمها وعرض على المجتمع الدولي والأمم المتحدة حلا بالحكم الذاتي تحت سيادة الرباط ضمن إطار تنظيم إقليمي.
الداخلة تقع تحت سيادة المغرب، ويرجى التذكير بأن المغرب قد قام في عام 2010 بصنع أكبر علم في العالم في مدينة الداخلة، حيث استغرق صنعه ثلاثة أشهر، وتجاوزت مساحته 60 ألف متر مربع وبلغ وزنه 20 طنا من القماش وفقا لموسوعة غينيس للأرقام القياسية، وكان هذا إثباتا لانتماء الصحراء للمغرب. تم وضع العلم في باحة شارع الغفران بحضور عدد من الوفود الأجنبية من فرنسا والولايات المتحدة وإفريقيا جنوب الصحراء.
اقتصاد مدينة الداخلة
يعتبر الصيد البحري من أهم الموارد الاقتصادية في هذه المدينة بالمغرب، حيث تعد كنزا للثروة السمكية بلا منازع، حيث تتمتع بمخزون كبير من أنواع الأسماك البحرية الفاخرة، وخاصة المحار والأخطبوط والسردين، وتحتوي على أهم ميناء صيد بحري في إفريقيا، وتشتهر بصناعة السمك المدخن، وتستقبل أكثر من 120 سفينة أوروبية سنويا على سواحل الداخلة.
تشتهر المدينة أيضا بمزارع خاصة لتربية المحار البحري، ومن أشهر هذه المزارع مزرعة `أحمد كيدا` التي تنتج حوالي 40 طنا من المحار الكبير سنويا. بالإضافة إلى السياحة وتربية الماشية بشكل عام وخصوصا تربية الإبل، تشتهر مدينة الداخلة بإنتاج نوع نادر من الطماطم. تعد شركة تاورطة للإنتاج الفلاحي واحدة من أكبر المشروعات الفلاحية في المدينة، حيث تتألف من خمس مزارع تحتوي على بيوت مغطاة تخصصت لإنتاج الطماطم. تعتبر هذه الشركة أحد أكبر مصدري الطماطم إلى كندا وأوروبا والولايات المتحدة.
السياحة في مدينة الداخلة
تعد المدينة محطة لجذب السياح والزوار من كل أنحاء العالم، ووجهة عالمية للرياضات المائية، كما تتمتع بمجموعة من الفنادق الفاخرة التي تطل على البحر وتتمتع بمرافق سياحية مميزة. ولذلك تم اختيارها من قبل صحيفة “نيويورك تايمز” كواحدة من أفضل الوجهات في العالم، وتستقبل آلاف السياح سنويا، وقد أثارت اهتمام الباحثين والسياح بعد اكتشاف حطام سفينة ألمانية تدعى “القيصر فيلهيلم”، والتي كانت في الأصل مصممة للاستخدام المدني قبل أن تحول إلى أغراض عسكرية نتيجة للحرب العالمية الأولى، وغرقت في 26 أغسطس 1914 بعد معركة مع سفينة إنجليزية قرب شواطئ المدينة.
معالم مدينة الداخلة
تتميز المدينة بمجموعة من المعالم التاريخية أهمها كنيسة كاثوليكية قديمة تعرف بـ “نويسترا سينيورا ديل كارمن”، تم بناؤها من قبل المستعمر الإسباني قبل أكثر من ستة عقود، وتستقطب زوارا من المهاجرين الذين يعيشون في المدينة حتى اليوم. لا يزال النمط المعماري الإسباني يلقي بظلاله على المدينة بوضوح من خلال أحيائها التي كانت سابقا مأوى للإسبان قبل أن تتحول لتصبح مساكن للجنود ومقارا للإدارات العامة في وقت لاحق. تطل المنارة البحرية القديمة، التي يبلغ طولها 60 مترا، على ساحل المدينة الغربي الممتد على الساحل الأطلسي، وتم إنشاؤها لتوجيه السفن. بالقرب منها يوجد “لمبريس”، وهو معلم تاريخي قديم كان يعمل كمنارة بحرية قبل أن يتم تحويلها من قبل الإسبان إلى سجن لاحتجاز المقاومين المغاربة الذين ناضلوا من أجل طرد المستعمرين من المنطقة.
واحدة من أروع الأماكن التي يمكن زيارتها في الداخلة هي الكثبان البيضاء الرائعة التي يأتي السياح من جميع أنحاء العالم لرؤيتها. إنها موقع جميل وساحر لعشاق الحياة البرية، ويمكن أيضا زيارة المتحف الصحراوي للفنون والحرف الذي يحتوي على فنون ورموز غنية. يتضمن المتحف مجموعة متنوعة من الأشياء التي تعكس الحياة في الصحراء في الماضي، مثل الجلود والمعادن والخشب والنسيج، بالإضافة إلى مكتبة تحتوي على مخطوطات وكتب متنوعة لعشاق القراءة والأزياء والنقوش الصخرية والمسكوكات التي تعرض الثقافة والحضارة في الأقاليم الجنوبية. بالإضافة إلى السوق الشعبي الذي يعرض مجموعة جميلة من المنتجات المحلية والتقليدية، والمطاعم الشعبية المشهورة بأطباق السمك الشهية وتشكيلتها المتنوعة.
يعد موقع لابلازا معلمًا مهمًا أيضًا، حيث يوجد هذا المجسم في وسط المدينة، وتم بناؤه لإحياء ذكرى زيارة الملك الحسن الثاني للداخلة في مارس 1980.
رياضات البحر والرياح
تتميز المدينة بمواقع طبيعية رائعة ومساحات مخصصة لممارسة الألعاب المائية، حيث تعتبر الداخلة أو المدينة العائمة وجهة مفضلة لمحبي الألعاب البحرية. مياهها الهادئة والرياح القوية والجو المشمس الدافئ طوال العام، جعلتها المكان المثالي لأنشطة التزحلق على الماء وركوب الأمواج، وتعتبر منطقة آمنة وخالية من المخاطر لممارسي هذه الرياضات. وهذا ما يجعلها مضيافة لاستضافة الفعاليات الرياضية العالمية للرياضات المائية والرياح، بالإضافة إلى توفر العديد من الفنادق ومرافق الاستقبال في المدينة.
مهرجانات مدينة الداخلة
سرعان ما انتقلت المدينة إلى مصاف المدن الكبرى التي تستضيف تظاهرات ثقافية و رياضية و فنية وأحداث دولية هامة من ضمنها منتدى كرانس مونتانا العالمي المتخصص في المواضيع السياسية والاقتصادية والاجتماعية العالمية، حيث تستضيف الداخلة نخبة من كبار رجال السياسة والاقتصاد والمال على المستوى العالمي، كما تحتضن مدينة الداخلة أياما ثقافية ومهرجانات خاصة بالغناء والشعر الحساني الذي تختص به المنطقة بالإضافة إلى المهرجان السنوي الخاص بالموسيقى العربية والفلكلور الشعبي الذي تحتضنه مدينة الداخلة منذ سنة 2008.
يتم تنظيم المهرجان الدولي للسينما الذي يعد الوحيد في منطقة الجنوب بالمغرب، ويجذب سنويًا نجومًا كبار من العالم العربي والغربي.
هناك العديد من الأسباب التي تستحق زيارة هذه المدينة الجميلة والعريقة، حيث تجذب انتباه الناس بسبب معالمها التاريخية والمؤهلات السياحية الكبيرة، وهي واحدة من أروع المدن التي تطل على سواحل المحيط الأطلسي، لذا لا تترددوا في جعل هذه المدينة وجهتكم السياحية في القريب العاجل.