لورنس العرب أشهر جاسوس في القرن العشرين
قبل ما يقارب القرن في بلاد العرب، وقعت حرب تسببت في تشكيل منطقة الشرق الأوسط المعاصرة، وكان رجل بريطاني المركز الرئيسي لتلك الحرب، حيث أنه أسس تحالفات هامة مع العرب ووقف إلى جانبهم في حرب التحرير، كما لعب دورا آخر بخيانته وهو لورنس العرب (توماس إدوارد لورنس) الملقب بالورنس العرب، وهو ضابط بريطاني اشتهر بدوره البارز في مساعدة العرب في حربهم التحريرية خلال الثورة العربية الكبرى عام 1916، حيث انخرط بشدة في حياة الحكام العرب آنذاك، وكتب سيرته الذاتية في كتاب يحمل اسم “أعمدة الحكمة السبعة”، ووصفه ونستون تشرشل وزير المستعمرات البريطانية آنذاك بأنه “لن يظهر له مثيل مهما كانت الحاجة ماسة له
بعد الحرب قام بالاختباء و أمضى حياة طيران عاديًا في سلاح الجو الملكي البريطاني ، تم عرض صورًا له مع الجيش العربي في مسارح العالم أجمع فكانت الفترة التي أعقبت الحرب العالمية الأولى كانت الشعوب مرهقة من التقارير المروعة للحرب في أوروبا و قد أسر الجميع بقصة هذا المحارب لورنس فقد كان أسطورة و رجل معقد ، فكان أحيانًا يتصرف على أنه رجل عادي و أحيانًا أخرى يضخم صورته بشكل كبير مع ذلك كان متمردًا و تلاعب بالنظام فقد فهم النظام و أستطاع الهروب من أمور لا يمكن أبدًا لشخص العادي أن ينجو منها فكان بذلك لاعب مهمًا أثر في التاريخ كله .
النشأة و الدراسة :-
هو لورنس العرب، ولد في عام 1888 وتوفي في عام 1935. كان ابنا غير شرعيا، وبعد هجر والده، تزوج من مربيته الخاصة دون الإعلان عن ذلك في الكنيسة. تلقى توماس تعليمه من مربية إنجليزية في فرنسا، ثم أرسله والده إلى مدرسة سانت ماري عندما بلغ ست سنوات. عاد إلى إنجلترا وعمره ثمانية أعوام، وعاشوا في مقاطعة أكسفورد، حيث تمتع طفولته بالرفاهية والنعومة. كانت حياته متنقلة بين ويلز واستكولاند وفرنسا وجزر القنال. ثم التحق بمدرسة أكسفورد الثانوية ومنها إلى جامعة أكسفورد عام 1908. قدم بحثا في التاريخ العسكري أظهر فيه موهبته المبكرة، خاصة بعدما قطع مسافة 2400 ميل بالدراجة الهوائية إلى فرنسا لجمع أجزاء هذا البحث. حصل على درجة البكالوريوس في العلوم من جامعة أكسفورد عام 191 .
كان هذا الشخص يبذل جهدًا بدنيًا كبيرًا وكان يتحدى نفسه، كما كان مهووسًا بالقراءة العسكرية، وخاصة بالحملات الصليبية والمعارك البطولية وقوانين الفروسية والأبطال الأسطوريين، وهذا الشغف بتاريخ الحملات الصليبية هو ما دفعه إلى السفر إلى الشرق الأوسط، حيثاختار دراسة تصاميم قلاع الحملات الصليبية .
رحلاته إلى الشرق :-
بدأ رحلاته إلى الشرق في سن مبكرة و تعلم علوم العربية حتى يستطيع أن يتواصل بها فقد اقترح على استاذه الأثري هو غارت أن يسافر لشرق لما يتمتع بيه من حفريات و حضارة كبيرة و سافر بالفعل على متن سفينة منغولية عام 1909 إلى بيروت و بدأ رحلته الاستكشافية فقد اعتمد في جميع تنقلاته على قدميه ، فكان يبلغ العشرين من عمره عند وصوله لشرق الأوسط كان يجوب جميع القلاع و الآثار العربية و أنخرط في الحياة العربية بشكل كبير فكان يجوب جميع ضفاف نهر الفرات .
عندما عاد إلى بلده، اكتسب سمعة كبيرة بأنه يعرف هذه المنطقة، وبالتالي كان أحد أفضل المؤرخين وعلماء الآثار الذين يستفيدون من معرفته. كان أول وظيفة له كانت كعالم آثار في الشرق الأوسط، وفي تلك السنوات كان يشاهد المنطقة وهي على وشك أن تشهد حربا ويعلم أن العالم سيتغير إلى الأبد. كانت مقرا رئيسيا له في قرقاتش، على تقاطع الطريق التجاري الرئيسي بين دمشق وشرق بغداد، وقد قام بتوظيف العرب للقيام بعمليات التنقيب وكسب ثقتهم. قضى معظم الوقت في تحسين لغته العربية. خلال ذلك الوقت، اختار عاملا عربيا يدعى دهوم، وكانت تجمعهما صداقة قوية، حيث كان دهوم يعلمه العربية وعلمه لورنس التصوير، فكان المصور الخاص به، واشتهر باسم `S,A` في كتابه `سبعة أعمدة من الحكمة` .
عمله في المخابرات:-
أثناء الصداقة الوثيقة مع العرب واقترابهم من الأتراك، شعر العمال العرب بالكراهية الشديدة تجاه الأتراك، حيث كانت الإمبراطورية العثمانية تحكم العالم العربي ولكنها كانت تضعف حتى وصفت بـ”رجل أوروبا المريض”، وكانت أوروبا في طريقها لخوض الحرب العالمية الأولى، وكان الموقع التاريخي الذي كان يعمل فيه لورنس على الطريق المحدد لبناء السكة الحديدية إلى بغداد، وكان على وشك الانضمام إلى استخبارات عسكرية .
هناك رسالة مكتوبة بخط لورنس في متحف بريطانيا، تصف خط السكك الحديدية في تلك الفترة، والتي قد تكون مفيدة للعبة الكبيرة. تم إرسال الرسالة في وقت لاحق برفقة فريق يقوم بعملية مسح عسكري في سيناء واصطحاب الدفاتر معه. وفي مذكراته، يقول لورنس إن الأتراك أرسلوا جنودا لمنعه من الوصول إلى المنطقة، لكنهم أرهقوا الجنود جميعا وتمكنوا من الوصول إلى قمة الجبل. كان لورنس في منزله في بريطانيا عند إعلان الحرب، وانضم أخواه إلى الجيش. وكان يبحث عن أي إعلان يمكنه التطوع فيه
كان الشريف حسين يفكر في قيام ثورة ضد الحكم التركي و تأسيس دولة عربية و جمع ألاف القبائل و الإمارات تحت قيادة حكومة واحدة دخلت الإمبراطورية العثمانية الحرب و كانت أكبر غلطة قامت بها منذ تأسيسها وضع البريطانيون جنودًا لهم في كل مكان و و جد لورنس دورًا له في الحرب بسبب تمكنه من اللغة العربية و معرفته بالعرب أخذ منصبًا في الاستخبارات العسكرية البريطانية في القاهرة ، تم تعينه في جزء مهم من الإمبراطورية .
كان يقوم بتجميع المعلومات الاستخباراتية حول الثورة العربية المحتملة ولقاء السجناء والمنشقين وتعيين العملاء والمساعدة في رعاية فكرة التمرد العربي، ومع مرور الوقت، أصبح دوره أكبر سياسيا. إنه يؤمن بالثورة ويعرف تماما ما يعنيه ذلك للعرب ولمصالح الإمبراطورية البريطانية. حاولت بريطانيا أن تلعب على أن العرب، إذا أرادوا حكم أنفسهم، فليس لديهم خيار سوى الحرب، وكانوا يدركون ضعف قواتهم مقارنة بالقوات التركية. لورنس كان لديه الخبرة والمهارة ليدرك أن العرب بالفعل في ثورة ستمنحهم السيادة ليصبحوا أمة جديدة
لورنس و الثورات العربية الكبرى:-
تم إرسال لورنس لقادة العرب ليعرف إذا كانوا يعرفون أن لهذه الثورة مستقبل أو لا و كان هناك خطر كبير أن يمسك به الأتراك أو يتعرض لقطاع الطرق و كان مستعد لهذه المخاطرة ، فأراد أن يصبح بطلًا ، و كان يؤمن أن الثورة على وشك الانهيار بسبب عدم وجود قيادة حقيقة و يبحث عن شخص ليكون رمزًا ، اتجه بالشمال بمقابل صفره ليقابل الأمير فيصل ، شرح له الأمير فيصل ورجاله سبب فشل الثورة من وجهه نظرهم و بدأ العمل مع الأمير فيصل كضابط اتصال ملحق بالقوات العربية و بدأ بتحديد قائمة بالمطالب العربية ، و وقفت الثورة على أقدامها مرة أخرى و لم يوافق حلفاء بريطانيا على دعمها .
اجتمعت فرنسا وبريطانيا لتقسيم المنطقة العربية بينهما قبل فوز العرب في الحرب. في ذلك الوقت، كان لورنس غير معرف بتلك الاتفاقية السرية. اقترح عليه الأمير فيصل أن يرتدي ملابس العرب إذا أراد العيش معهم. بدأ يكتشف أسلوب الحرب العربي في الصحراء واعتبره العرب صديقا يعمل معهم، وكانوا يحترمونه بشدة. ومع ذلك، كانت اتفاقية سايكس بيكو خيانة كبرى والسبب وراء المأساة التي نعيشها اليوم. كان عليه أن يخبر الأمير فيصل بأن رجاله يموتون بدون سبب، سواء كان لديهم أو لم يكن لديهم سببا، ولكنه اعترف في كتابه أنه لم يقل الحقيقة بشكل كامل. تم تورطه في المشاركة في الخيانة التي ستتبعه طوال حياته
بدأ في وضع خطة تمكن العرب من السيطرة على مصيرهم ونجح في إقناع الأمير فيصل بأنه إذا وصلت الثورة إلى مدينة دمشق قبل قوات الحلفاء، سيتمكنون من إجبار القوات البريطانية على منحهم الاستقلال. كان مصابا بالحمى في ذلك الوقت، ومع ذلك، رأى خطة بديلة تتمثل في مهاجمة العقبة، الميناء الوحيد في البحر الأحمر القادر على إرسال الإمدادات إلى الشمال. قرر في ذلك الوقت أن يتمكن العرب من السيطرة عليه. هاجم العرب العقبة وفاجأوا الأتراك تماما. بعد ذلك، تم ترشيحه لوسام الصليب الفيكتوري وترقيته إلى رتبة رائد. أخبر العرب أن الحكومة البريطانية تضمن لهم الاستقلال إذا قاتلوا إلى جانب البريطانيين .
في هذه الأثناء، أصبح العرب جزءا من الحرب، وكانت قوات الحلفاء تستعد لشن هجوم جديد يمتد من الشمال عبر ساحل فلسطين باتجاه القدس. علم لورنس أن بريطانيا لم تكن صادقة، إذ دخلوا الحرب للحصول على الاستقلال. تكبد العرب خسائر فادحة في الأرواح، وعلى الرغم من ذلك، كانت بريطانيا تعمل في مصلحة الإمبراطورية البريطانية في البلاد. وعلى الرغم من ذلك، عمل لورنس على تحقيق الوعد الذي قدمه للعرب، ووضعت الإمبراطورية البريطانية مكافأة لمن يقتل لورنس والأمير فيصل والأمير عودة، وكانت الجائزة تتزايد مع إشاعة أعمالهم الناجحة .
و بدأ بالبحث عن الأخطار فسافر إلى الشمال ليستطع إمكانية الهجوم على قلعة تركية مهمة في درعا عام 1917، ووقع في يد الأتراك يعتقد البعض أنه أخترع هذه القصة لتمثل العقاب الذي يستحقه لأنه خدع أصدقاءه العرب، انتقلت القوات البريطانية إلى القدس و سقطت القدس و أسرع ليشارك في الاحتفالات مرتديًا زي عسكري بريطاني ..!!
كانت هناك مجموعة صهيونية تمارس الضغط على بريطانيا لإقامة دولة لها في فلسطين، وأعطى بلفور وعده الشهير. كان هناك تناقض في الوعد البريطاني لشريف حسين، وحدثت أحداث لجعل العرب يستمرون في الحرب. في تلك الفترة، زار الصحفي الأمريكي لول توماس، الذي صنع تاريخا لورنس لم يكن يعلم أنه سيصبح تاريخا، ولكن لورنس هو من صنع هذه الصحفة .
لقد عرف لورنس وعد بلفور أنه كلما تقدم العرب نحو دمشق فإنهم يتقدمون نحو خطة خداعهم، ولذلك كان أمله الوحيد هو أن تصل القوات العربية قبل قوات الحلفاء، حتى تضطر بريطانيا إلى التفاوض للحصول على السلام .
دخل الأمير فيصل المدينة بعد انتصاره، ونشأ جدل حول من دخل المدينة أولا، هل كانت القوات العربية أم الحلفاء، ولكن راية العلم العربي كانت ترفرف فوق المدينة. نجح لورنس، ولكنه كان يعي تعرض العرب للضغوط والاضطراب. في اجتماع مع قوات الحلفاء وقادة العرب، اكتشف الأمير فيصل الصفقة المزدوجة واتفاقية سايكس بيكو، واعترض بشدة. سأل القادة لورنس عما قاله للعرب، وانفصل عن الأمير فيصل، ولم يذكر ذلك في كتابه. كتب رسالة وداع للمقر في القاهرة، وانتهت الحرب وانتهت وظيفته .
لورنس و دعمه لمطالب العربية :-
عاد إلى المملكة المتحدة وعمل على تنفيذ الوعد العربي، فزع المجتمع البريطاني ورفض تكريم الملك بوسام فيكتوريا، وكانت هذه حادثة فريدة من نوعها. نجح في إيصال صوته واقناع البريطانيين بدعوة الأمير فيصل إلى لندن، ولكن الحكومة البريطانية لم تظهر اهتماما تجاه المطالب العربية. أدرك أنه يجب تحويل القضية العربية إلى المجتمع الدولي، وبمساعدة لورنس، نجح الأمير فيصل في تقديم القضية
في تلك الفترة، أعلن الرئيس الأمريكي مبادئ الحرية، البند الثاني عشر من حق العرب حكم أنفسهم. استخدم فيصل ولورنس هذا البند لصالح القضية، ولكن كان عليهما إقناع منظمي المؤتمر بالسماح لهما بالتحدث. نجحوا في سرقة الأضواء ووضع قضية فيصل على الطاولة وتحقيق النجاح في ذلك. أدركوا أن هذا سيصنع التاريخ وبدأوا في باريس بوضع كتابهم “أعمدة الحكمة” السابعة. انتهى المؤتمر وتم توقيع اتفاقية فرساي، ولكن لائحة ويلسون أصبحت ذكرى بعيدة للعرب. دخلت القوات الفرنسية سوريا واعتقلت الأمير فيصل .
لورنس و الشرق الجديد :-
حول لو توماس لورنس إلى نموذج النجم الشهير وتمت مديحه وانتقاده بسبب شهرته وكانت لديه عبقرية في لفت الأنظار، فأصبح بطلا كما كان يحلم، ولكنه كتب أنه رمى جميع الميداليات ليجدها شخص ما ويتساءل عن تاريخها وعاد إلى أكسفورد وعرض عليه تشرشل وظيفة مستشارا له، وسيكون هذا آخر مجهود يبذله من أجل العرب، وسافر مع الخبراء إلى القاهرة لحضور مؤتمر آخر، وكان له رأي حول الأماكن التي ترسم فيها الحدود، فتم تنصيب الملك عبد الله على العرش وتم تنصيب فيصل ملكا على دولة العراق الجديد، وكان سعيدا لما حققه من أجل العرب، وكتب أن بريطانيا تخلت عن بلاد العرب عن طريق إيفاءها بالوعد، ورأى العرب في اتفاقية القاهرة خيبة أمل وشعروا أنهم قاتلوا من أجل لا شيء، قتلوا عشرات الآلاف من العرب ودمرت بغداد ودمش .
حياته خلف الأضواء :-
كان على وشك الانهيار حيث عاش في حالة رعب وعنف مستمر، وتكبد عواقب المشاركة في أحداث عنيفة. قضى نصف سنواته يختبئ في محاولة للهروب من شهرته، وذلك بالانضمام إلى سلاح الجو الملكي. قضى نصف حياته يتجنب المسئولية والصحافة، ولم يترك سلاح الجو الملكي لأي وظيفة أخرى. بعد ذلك، تمكنت الصحافة من العثور عليه، وتم إعلانه غير موجود في سلاح الجو الملكي بسبب إمكانية إحراجه. غير اسمه مرة أخرى وبدأ ينتقل بين سلاح الجو والبر بشكل متكرر على مدى عشر سنوات، بهدف العثور على مكان يمكنه فيه أن يبقى مجهولا. استأجر كوخا صغيرا كمخبأ له في فترة الإجازة .
الحقائق الخفية عنه :-
بعد ثلاثين عامًا من وفاته، ظهر رجل يدّعي أنه كان يدفع له مقابل ضربه، وتفسّرت الدلائل هذا بأنه كان يعاقب نفسه، ولكن بعض الناس فسّروا ذلك على أنه كان من أجل المتعة الجنسية، بالإضافة إلى وجود شذوذ جنسي
في عام 1935 كانت في السادسة و الأربعين من عمره و ترك سلاح الجو و الخدمة لأخر مرة و لكنه كان مطلوب لعمل لأن بريطانيا و فرنسا تخططان لحرب ثانيا فأراد منه تشرشل أن يقود الدفاع الوطني و الفاشيون البريطانيون الانضمام إلى القيادة و آخرون ليصبح سفيرًا لسلام و لكنه أرسل بطاقات يعلن فيها انه أنسحب من هذا العالم.
وفاته :-
في 13 مايو 1935، ذهب إلى مكتب البريد ليرسل برقية، وأثناء العودة إلى المنزل فقد السيطرة على الدراجة وحدث له حادث وتوفي بعد ستة أيام من الحادث. قامت وسائل الإعلام بتغطية خبر وفاته كما يفعلون الآن عند وفاة أحد النجوم. أرسل الرجال من القبائل التي عاش وقاتل فيها تعازيهم، وظل يطارده لعنات الخيانة طوال حياته واشتهر بها بعد وفاته ..