لم لا يستطيع الإنسان الكتابة باليدين بنفس الجودة

عندما يبدأ الطفل في استخدام قلم التلوين، ربما يشعر بالراحة عند استخدام يده الأكثر إتقانًا في الرسم والتلوين. باستثناء العدد القليل من الأشخاص الذين يمكنهم استخدام كلا اليدين بنفس المهارة، فإن معظم الناس لديهم يد واحدة تسيطر عليها ويستخدمونها في المهام اليومية

سبب سيطرة إحدى اليدين

تُشير الإحصائيات إلى أن حوالي 85 إلى 90% من الناس يستخدمون يدهم اليمنى في المهام اليومية، ولا يوجد أي شعب على الأرض يكون فيه الأشخاص الذين يستخدمون يدهم اليسرى هم الأغلبية

– كان هذا التفرق غير المتكافئ له بعض التأثيرات السلبية على الأشخاص اليساريين في التاريخ، حيث كانوا مجبرين على استخدام المقصات والسكاكين والملاحظات التي كانت مصممة بشكل أساسي للأشخاص الذين يستخدمون أيديهم اليمنى.

معظم الأشخاص اليسروايين أجبروا على الكتابة بيدهم اليمنى (من ضمنهم بعض الأمثلة الشهيرة كالملك جورج السادس لبريطانيا). لقد تم اعتبارهم موضع شك وتم التمييز بينهم، لأن كلمة Right (يمين) في اللغة الإنكليزية كانت تعني الحق. وإرجاع كلمة الشر في اللغة الإنجليزية يمكن تتبعه في اللغة اللاتينية إلى كلمة يسار.

وبعد مرور الزمن، تلاشت وصمة العار المرتبطة باليد اليسرى في معظم المناطق، ومع ذلك، لا يزال الباحثون يشعرون بالارتباك بسبب تفضيل الناس لاستخدام أيديهم اليمنى. ويواصل الباحثون دراسة كيفية استخدام الشخص ليده اليمنى وجعلها اليد السائدة.

في المستوى الفردي، يظهر تفضيل اليد على الأخرى في مراحلمبكرة جدًا من التطور. وقد أظهر العلماء أن الجنين يظهر تفضيلًا ليد دون أخرى أثناء وجوده في رحم أمه، وذلك بلمس إبهام يده دون الآخر، ويستمر هذا التفضيل حتى بعد الولادة

على الرغم من عدم وجود جينات يمينية أو يسارية، إلا أن الحمض النووي يلعب دورا كبيرا في تفضيل استخدام اليد الواحدة على الأخرى. قام الباحثون بفحص الحمض النووي في دراسة أجروها على عدد كبير من الأشخاص ووجدوا أربع مناطق في الجينوم ترتبط عموما بتفضيل اليد اليسرى. ثلاث من هذه الأربع مناطق كانت ذات صلة بتطور وهيكل الدماغ. يأمل بعض الباحثين أنه من خلال دراسة الاختلافات البيولوجية بين الأشخاص الذين يستخدمون يدهم اليمنى أو اليسرى، يمكنهم فهم كيفية تطور التخصصات الدماغية في نصفي الكرة اليمنى واليسرى

كيف تتماشى اليد مع الشفرة الجينية

العلماء درسوا كيف تتماشى اليد مع الشفرة الجينية، وكشفت الأبحاث أن هناك شبكة من الجينات التي ترتبط مع تفضيل الشخص ليده اليمنى أو اليسرى. وهذا التفضيل يحدث عند الجنين حتى قبل ولادة الطفل، حيث تتحول الكرة الكروية من الخلايا الموجهة إلى جنين يمكن تمييزه من الجانبين الأيمن والأيسر

يرى الباحثون أيضًا أن الجينات قد لا تكون السبب الوحيد لتفضيل استخدام اليد اليمنى، وأن السلوك والتدريب يمكن أن يكون لهما علاقة باليد التي يفضل استخدامها الطفل، وهذا مثال آخر مهم على دمج العوامل الوراثية والتربوية

اليد اليسرى و النصف الأيمن من الدماغ

الدماغ مصمم بطريقة غير متناظرة وهذا يعني أن الجوانب اليمينة واليسارية للأشخاص يمكن ان تكون مسؤولة عن أشياء مختلفة. هذا يشبه تقسيم المهام بين الشخص وصديقه في السكن، أحدهم يجلي والآخر يطبخ. فإن نصف الكرة المخية الأيمن مسؤول عن التحكم بالوظائف العاطفية ونصف الكرة المخية الأيسر مسؤول عن المهارات الفكرية

يتم التحكم في استخدام اليد اليسرى من خلال النصف الأيمن من الدماغ، وهو الجانب العاطفي. وقد أظهرت إحدى الدراسات أن الأشخاص اليساريين قد يكونون أكثر عرضة للاكتئاب والعواطف السلبية، حيث يتم تنشيط هذا الجانب من الدماغ بشكل أكثر انتظامًا.

تعالج غالبية الأشخاص الذين يستخدمون اليد اليمنى اللغة في النصف الأيسر من المخ، بينما يكون لدى الأشخاص الذين يستخدمون اليد اليسرى توزيع متساو لهذه المهارة في أدمغتهم. يؤدي هذا العدم التماثل إلى مهارات أكثر عشوائية وأقل تحديدا. يحمل هذا التوزيع الواسع فوائد صحية، فإذا تعرضت الشخص الأعسر لسكتة دماغية في الجانب الأيسر من الدماغ (جانب معالجة اللغة)، فإنه يتعافى بشكل أسرع بفضل انتشار مهارات معالجة اللغة في الدماغ. ومع ذلك، هناك بعض النقص.

– قد يزيد وجود المزيد من القدرات اللغوية الموزعة من تعقيد النظام وزيادة قابليته للتأثر بالتشوهات والاضطرابات النمو العصبي، ويعتقد العلماء أن الانحراف الذي يحدث في نمو الدماغ ربما يعتمد على اليد

الأشياء اليمينية

محاولة الإجابة عن سؤال لماذا يفضل الناس استخدام اليد اليمنى من وجهة نظر تطورية هي مسألة معقدة أيضا. كان الباحثون يتتبعون استخدام اليد في السجلات الأثرية من خلال دراسة بعض السمات التشريحية في الهياكل العظمية قبل التاريخ. بمعنى آخر، قام الباحثون بدراسة عدم التناظر في حجم اليدين وكثافة عظام الذراعين من خلال دراسة أدوات ما قبل التاريخ

عندما يتم معرفة كيف تم استخدام الأدوات وحملها، يمكن للأثريين تتبع الآثار لتحديد ما إذا كانت الأداة استخدمت باليد اليسرى أو اليمنى. ويمكن للعلماء أيضا الاستنتاج من الخدوش المائلة على الأسنان المتحجرة الواقعة في الفم، كيفية استخدام الناس لتمزيق اللحوم وجلود الحيوانات. ويعتقد الباحثون أن اليمنيين كانوا الأكثر سيطرة على السجل الأثري لمدة تصل إلى 500 ألف سنة. وكان أجدادنا الذين انقرضوا كذلك يستخدمون أيديهم اليمنى بشكل قوي.

يجعل هذا الانقسامبين اليد اليمنى واليد اليسرى البشر مختلفين عن الحيوانات بشدة، فبالرغم من أن الأنواع البشرية والقرود الكبيرة تفضل اليد الواحدة على الأخرى، إلا أن الانقسام بين اليد اليمنى واليد اليسرى يكون تقريبًا متساويًا بنسبة 50-50

النظرية التطورية

ما هو السبب الذي يجعل الناس يفضلون استخدام أيديهم اليمنى بشكل أكبر من اليسرى، من وجهة نظر تطورية؟ إذا فرضنا أن الناس طوروا استخدام أيديهم اليمنى لأنها تكون ذات فائدة أكبر، فإنه يجب أن نفترض أن اليد اليسرى ستزول تماما. ويرون العلماء أيضا أن استخدام اليد اليسرى لديه بعض العيوب، مثل ارتفاع نسبة حوادث العمل، وربط الباحثون بين استخدام اليد اليسرى وصعوبة التعلم

هناك فرضية قد تفسر لماذا يستخدم الأقلية من الناس اليد اليسرى وهي فرضية القتال

في القتال باليد، يستخدم معظم الناس يدهم اليمنى، لذلك يمكن أن يكون هناك فائدة في استخدام اليد اليسرى في القتال، حيث يمكن أن يكون لليد اليسرى ميزات معينة في بعض الرياضات الفردية مثل المبارزة

إذا كانت هذه الفرضية صحيحة، فإن ذلك يعني أن فرضية القتال قد منحت الأشخاص اليساريين فرصة للبقاء والاستمرار كأقلية، ورغم الجوانب السلبية لليسار، إلا أن ميزة الأشخاص اليساريين فيالقتال منحتهم فرصة قتالية على الأقل، لكي لا ينقرضوا في النهاية

كيف يكون تفضيل إحدى اليدين مفيدا

أظهرت الدراسات أن توجه الطفل لاستخدام إحدى الأياد يعد دليلا على خطر الإصابة باضطرابات اللغة، عندما يفشل الأطفال في فهم اللغة الأساسية، يمكن أن يقلل التشخيص المتأخر من فوائد العلاج التي كان ممكنا أن تكون مفيدة جدا من خلال العلاج المبكر. يمتاز دماغ الأطفال بمرونة كبيرة ويمكن أن يؤثر التدخل المناسب على تطور صحتهم ومهاراتهم العقلية

لا يقتصر التفضيل على اليد فقط، حيث يتميز العديد من الأشخاص بنصف كرة مخية أيمن يتحكم في استجابتهم للخطر، وهذا يعني أن الناس يكونون أسرع في التعرف على الوجوه والتعبيرات المهددة عندما تظهر على الجانب الأيسر، بالمقارنة مع الجانب الأيمن

يوفر فهم الطرق التي يتبعها الدماغ في التحيزات الحركية طريقة جديدة لفهم العلاقة بين تنظيم الدماغ ووظيفته والسلوك بشكل أفضل