لمحة عن مدينة قسطنطينية في عصر الدولة الأموية
تعد القسطنطينية واحدة من أهم الدول التيحاول المسلمون الفتح عليها، وتمكنوا من ذلك، وكانت من أبرز عواصمهم في بعض الأوقات .
أهمية القسطنطينية
– كانت مدينة القسطنطينية منطقة ضرورية و ذات أهمية قصوى عند المسلمين ، لذا حاولوا بشتى الطرق التمكن من فتحها ، و ذلك لأنها كانت الرأس المدبر لتحريك الدفاع البحري التابع للدولة البيزنطية ، و فور أن أدرك المسلمين هذه الأهمية ، فهموا أن لا استقرار لفتوحاتهم ما لم يتمكنوا من السيطرة على القسطنطينية ، مثلما حدث أيام فتح المدائن أهم معاقل الفرس .
كان ذلك خلال عهد الدولة الأموية، وهي الحقبة التي غيرت مجرى التاريخ الإسلامي، وتمكن العثمانيون في عام 875 هجريًا من فتح القسطنطينية بشكل فعلي .
محاولات فتح القسطنطينية
حملة سفيان بن عوف
تمت هذه المحاولة في السنة التاسعة والأربعين للهجرة، حيث تم إرسال جيش المسلمين في أيام معاوية بن سفيان ليصلوا إلى بحر مرمرة، وكان سفيان بن عوف يقود الحملة في ذلك الوقت، ومعه عدد من الصحابة، وتمت مواجهة المسلمين حينها مع الروم .
– استشهد عدد من الصحابة في تلك المعركة وكان من بينهم أبو أيوب الأنصاري، وواجهت هذه الحملة عددا من الصعوبات الشديدة، ومنها الشتاء القارص الذي لم يتعرض له العرب من قبل وصعوبة إيصال الإمدادات، وكذلك نقص الزاد وتفشي الأمراض، ولم يتمكن المسلمون من دخول المدينة بعد حصار طويل وعادوا إلى ديارهم، وتعلم معاوية في تلك المعركة أنه يجب عليه دعم القوات البرية وتقوية الجيش .
حصار السبع سنوات
هذه هي المحاولة الثانية لحصار القسطنطينية، وامتدت في الفترة من ٥٤ إلى ٦٠ هجريا، حينها خرجت الأسطول الإسلامي من جزيرة أرواد، وكانوا تحت قيادة جنادة بن أبي أمية الأزدي، وتحركوا نحو القسطنطينية برا وبحرا، وكانوا يتحدون مع قدوم الشتاء ثم عادوا مجددا الصيف التالي، واستمروا على هذا الحال لمدة أربعة سنوات، حتى قرر معاوية الانسحاب نهائيا بعد عقد معاهدة مع قسطنطين الراب .
شهد حصار المسلمين خسائر فادحة، وكانت من أهم أسباب الفشل طول فترة الحصار التي أنهكت المسلمين، واستخدام البيزنطيين أسلحة لم يعهدها المسلمون، بالإضافة إلى بعض الفتن الداخلية .
الحصار الثالث
– كان هذا الحصار من عام 97 إلى عام 98 هجريا و كان تحت قيادة مسلمة بن عبد الملك ، حيث تم تقوية و تدعيم الجيش المسلم و تم ارسال حملة كبيرة للدولة البيزنطية ، و ما أن علم البيزنطيين بهذه الاستعدادات تم تدعيم الدفاع البحري بشكل كبير ، و لكن لم تتمكن هذه الحملة من فتح القسطنطينية بعد مرور عامين من الحصار ، و كان ذلك بعد موت مسلمة بن عبد الملك .
قام المسلمون بتوقيع اتفاقية مع البيزنطيين، وكلما فشلوا في الدخول فيها، زاد ارتباطهم وتفهمهم لأهمية هذه المدينة. كانت هذه الحصارات صعبة للغاية وتطلبت تضحيات كبيرة، حيث قتل العديد منهم وفرضوا حصارا شديدا على المدينة لعدة سنوات، تحملوا فيها البرد والثلج وموت الحيوانات. استمرت الحملات حتى وصلنا إلى أيام الدولة العثمانية بعد قرون من محاولات الأمويين، ونجح المسلمون أخيرا في دخول القسطنطينية. كانت مدينة القسطنطينية نقطة تحول في تاريخ الإسلام، حيث سقوط دولة القسطنطينية كانت نهاية الروم وبداية انتشار الإسلام في أوروبا، وبداية حكم المسلمين للعالم .