لماذا يموت الانسان
حقيقة الموت
الموت هو الحقيقة الوحيدة الأساسية في هذا الكون، وسوف يمر به الإنسان بلا محالة، ولقد اهتم العديد من العلماء بهذا الموضوع، حيث يتبع الموت المسألة الأساسية للبعث والحساب والجزاء، ويتساءل العديد من الأشخاص عن حكمة الله في موت الإنسان وكيفية حدوثه، وعلى الرغم من التطورات الحديثة في العلم وانتشار المعرفة ووجود العديد من الأجهزة الطبية الحديثة والدقيقة، إلا أن ذلك لا يمنع الإنسان من الموت لأنه حقيقة لا مفر منها.
معنى الموت لغة واصطلاحا
تعد كلمة الموت من الكلمات التي لها العديد من المعاني، وسوف نفهم معناها في الاصطلاح اللغوي.
كلمة الموت في اللغة هي اسم ومصدر للفعل الثلاثي “مَات”، وتعني زوال وانتهاء الحياة للكائن الحي. وقد ذكر الله تعالى في كتابه العزيز: “كل نفس ذائقة الموت.
تعني كلمة الموت في المفهوم الطبي انفصال الروح عن الجسد، وغالبًا ما يصف الموت كزوال وفناء صفة الحياة.
حكمة الله سبحانه وتعالي من موت الإنسان
قد كتب الله سبحانه وتعالى على بني البشر جميعا الموت، وذلك لأسباب عديدة وجليلة منها
- يظهر الله سبحانه وتعالى في هذه المقولة قدرته على خلق الإنسان من العدم، ويبين أن حياة الإنسان تمر بمراحل متعددة من عملية الخلق، حتى يصبح الإنسان بشرا قادرا على السمع والبصر والكلام والحركة، وممكنا لمعرفة الأمور بعقله وقادرا على الأكل والشرب والزواج والتكاثر، وقادرا على العيش في الأرض، وله القدرة على السعي والطلب من الله سبحانه وتعالى للرزق، وبعد ذلك يتجلى القدرة الكاملة للخالق العظيم في موت الإنسان، حيث يصبح ساكنا غير قادر على الحركة، وكل هذا بفضل قدرة الله سبحانه وتعالى القادرة على كل شيء، وهو الحي الذي لا يموت، وقد قال الله سبحانه وتعالى في كتابه العزيز: `لولا إن كنتم غير مدينين * ترجعونها إن كنتم صادقين`.
- ليصل الإنسان إلى درجة اليقين بالموت ومعرفة حقيقة النفس الإنسانية، يتعين عليه أن يدرك أن الروح خلقها الله العظيم القادر على كل شيء، وأن خلق الله تعالى الروح لم يكن عبثًا وإنما لهدف وسبب عظيم.
- لجعل البشر خليفة لله في الأرض، يتعاقبون بينهم، لأن الله لم يخلق البشر دوامًا، فإذا خلق البشر دائمًا، لن يكون هناك حاجة لجعلهم خليفة الله في الأرض.
- يبتلي الله الإنسان بالابتلاء ويجعل نهاية حياته الموت، ليعلم من يطيعه ومن يعصيه، وقد ذكر الله سبحانه وتعالى في كتابه العزيز: “الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملا وهو العزيز الغفور.
- يستطيع الإنسان الشعور بنعمة الله التي وهبها له، فإذا لم يكن هناك الموت للإنسان، فلن يستطيع الشعور بالراحة في الحياة، ولن يحظى له العيش في الأرض والاستمتاع بها.
الموت عند الفقهاء و العلماء
في الحقيقة لا يعلم حقيقة الموت إلا الله تعالى، ولقد أخذ الله تعالى الموت في علم الغيب، وله حكمة يعلمها وحده، وقد قال الله تعالى في كتابه العزيز: (إن الله عنده علم الساعة وينزل الغيث ويعلم ما في الأرحام وما تدري نفس ماذا تكسب غدا وما تدري نفس بأي أرض تموت إن الله عليم خبير)، وأيضا قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم – في الحديث الشريف: (مفاتيح الغيب خمس لا يعلمها إلا الله: لا يعلم ما في غد إلا الله، ولا يعلم ما تغيض الأرحام إلا الله، ولا يعلم متى يأتي المطر أحد إلا الله، ولا تدري نفس بأي أرض تموت، ولا يعلم متى تقوم الساعة إلا الله).
ولكن بعض الفقهاء والعلماء قالوا عن الموت بأنه عبارة عن حدوث انقطاع بين الروح والجسد وذلك لتعلق الروح بالجسد، وحدوق مفارقة بينهم، والانقطاع بين الروح والجسد ليس انقطاع تام بل انما عبارة عن تبديل للحال، و انتقال الإنسان من دار إلى دار أخرى، فعندما تنتهي حياة الإنسان الدنيوية، يدخل في حياة أخرى لا يعلم حقيقة هذه الحياة وتفاصيلها غير الله سبحانه وتعالى، وفي الشرع يكون الإنسان ميت عندما تنقطع حياته وذلك بمفارقة روحه عن جسده، وهذا الموت يعد موت نسبي وذلك بالنسبة لحياة الإنسان في دار الدنيا، وبعد موته تكون بداية حياة الانسان في دار البرزخ، ودار البرزخ هي مرحلة بين حياة الدنيا وحياة الآخرة.
وبالنسبة للمقدمات التي تحدث قبل النوت،التي تُعرف بسكرات الموت، فهي عبارة عن مجموعة من الشدة و الآلام التي تأتي للانسان وذلك عند قدوم اجله،او عند انتهاء حياته، و لو كانت هذه الشدة لمؤمن فإنها لا تدل على أي نقص في إيمانه وتقواه، وإنما هي زيادة حسناته،أو لتكفير سيئاته، ولكن الشدة في حالة الشخص الكافر فهي زيادة لعذابه.
أنواع الأموات
يوجد نوعين من الأموات، الاول ميت يكون مستريح، وآخر يكون مستراح منه، وقد روي أبي قتادة الأنصاريّ رضي الله عنه: (أنّ رسولَ اللهِ -صلّى الله عليه وسلّم- مُرَّ عليه بجنازةٍ، فقال: مُستريحٌ ومُستراحٌ منه، قالوا: يا رسولَ اللهِ، ما المستريحُ والمستراحُ منه؟ قال: العبدُ المؤمنُ يَستريحُ من نَصَبِ الدنيا وأذاها إلى رحمةِ اللهِ، والعبدُ الفاجرُ يَستريحُ منه العبادُ والبلادُ، والشجرُ والدَّوابُّ).
ما هو حكم تمني الإنسان الموت
حظر الإسلام تمني الموت للنفس، فقد ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا يتمنى أحدكم الموت، إما كان محسنا فلعله يزداد، وإما كان مسيئا فلعله يتوب)، فالإنسان المسلم المؤمن بالله لا يعلم ماذا يخبئ له المستقبل بعد وفاته، وإذا تمنى الشخص الموت بسبب شدة الألم، فذلك يعتبر جزعا من الله سبحانه وتعالى، وقد قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: (لا يتمنى أحدكم الموت من جرح أصابه، وإن كان لا بد فليقل: اللهم أحيني ما كانت الحياة خيرا لي، وتوفني إذا كانت الوفاة خيرا لي)،
توجد حالتان يسمح فيهما بتمني الموت، الحالة الأولى هي خوف الإنسان من الوقوع في الفتن، والحالة الثانية هي تمني الإنسان الاستشهاد في سبيل الله .