طيف الانبعاث لعنصر كيميائي أو مركب كيميائي هو مجموعة ترددات الإشعاع الكهرومغناطيسي المنبعثة من ذرة أو جزيء ينتقل من حالة طاقة عالية إلى حالة طاقة أقلة، وطاقة الفوتون المنبعثة تعادل الفرق في الطاقة بين الحالتين، وهناك العديد من انتقالات الإلكترون الممكنة لكل ذرة، ولكل انتقال فرق طاقة محدد، وتشكل هذه التحولات المختلفة مجموعة من الأطوال الموجية المنبعثة وتسمى `طيف الانبعاث`، وكل عنصر له طيف انبعاث فريد لا يتكرر، وبالتالي يمكن استخدام التحليل الطيفي لتحديد العناصر ذات التكوين غير المعروف، وبالمثل، يمكن استخدام أطياف انبعاث الجزيئات في التحليل الكيميائي للمواد.
يمكن ببساطة شرح طيف الانبعاث على أنه الطاقة التي يطلقها العنصر عندما يتحرك الإلكترون من مدار طاقة أعلى إلى مدار طاقة أقل .
لماذا يختلف الطيف الذري من عنصر إلى اخر
كما ذُكر، يتميَّز كل عنصر بطيف انبعاث فريد خاص به وحده، والسبب في ذلك هو أن كل عنصر له رقم ذري خاص به، سواء كان عدد البروتونات أو عدد الإلكترونات، وبالتالي تختلف مستويات الطاقة الرئيسية في كل عنصر، بالإضافة إلىعدد الإلكترونات المثارة.
حيث يتم ترتيب الإلكترونات المحيطة بنواة الذرة في سلسلة من مستويات الطاقة المتزايدة، ويحتوي كل عنصر على عدد فريد من الإلكترونات في تكوين فريد خاص به وحده، وبالتالي فإن كل عنصر يمتلك مجموعته المميزة من مستويات الطاقة. يعمل هذا الترتيب لمستويات الطاقة كنوع من بصمة الذرة الفريدة، وبالتالي يكون لكل عنصر طيف انبعاث فريد، على الرغم من أن الحركة هي نفسها بشكل أساسي، إلا أن الطاقة لكل انتقال تختلف اعتمادا على قوى الجذب بين الإلكترونات والنواة.
تجربة طيف الانبعاث الذري
في أوائل القرن العشرين ، وجد العلماء أن تسخين السائل أو الصلب إلى درجات حرارة عالية من شأنه أن يعطي مجموعة واسعة من ألوان الضوء، ومع ذلك ، فإن الغاز المسخن إلى درجات حرارة مماثلة لن ينبعث منه الضوء إلا عند أطوال موجية معينة، ولم يفهم العلماء سبب هذه الملاحظة في ذلك الوقت.
في النهاية ، أدرك العلماء أن هذه الخطوط تأتي من فوتونات ذات طاقة معينة تنبعث من الإلكترونات التي تنتقل بين مستويات طاقة معينة للذرة، فعندما ينخفض إلكترون في ذرة من مستوى طاقة أعلى إلى مستوى طاقة أقل ، فإنه يصدر فوتونًا ليحمل الطاقة الإضافية، وطاقة هذا الفوتون تساوي فرق الطاقة بين مستويي الطاقة الذي انتقل بينهما.
التجربة الأولى لإثبات وجود طيف انبعاث ذري للعنصر
يثبت التجربة التالية أن لكل عنصر طيف انبعاث ذري خاص به، ويعتمد الاختبار على فحص لهب منطقة مضيئة بشكل خافت
الأدوات المطلوبة للتجربة
- ملح كبريتات النحاس
- الكحول
- زجاجة ساعة
- لهب
- أنابيب زجاجية
خطوات التجربة
- يتم إضافة كمية من كبريتات النحاس إلى زجاجة الساعة.
- نقوم بوضع قليل من الكحول فوق كبريتات النحاس.
- نضع اللهب فوق كبريتات النحاس.
الملاحظة
يمكن ملاحظة تغير لون اللهب إلى اللون الأخضر المزرق.
التجربة الثانية لإثبات أن لكل عنصر طيف مختلف عن الأخر
الأدوات المطلوبة
- لهب بنزن
- ساق بلاتين
- ملح كلوريد الصوديوم
- ملح كلوريد الكالسيوم
- حمض هيدروكلوريك
خطوات التجربة
- يتم استخدام ساق من البلاتين ويتم غمسها في محلول حمض هيدروكلوريك لتنقيتها من الشوائب.
- يتم جفافه ثم غمسه في ملح كلوريد الصوديوم للكشف عن طيف الانبعاث الذري للصوديوم.
- يتم عرض الساق في لهب بنزين بعد تعريضها للجزء الشفاف.
- يتم استخدام ساق أخرى من البلاتين وتكرار نفس الخطوات باستخدام ملح كلوريد الكالسيوم
الملاحظة 1
عند تعريض ملح كلوريد الصوديوم للهب، يتلون اللهب باللون الأصفر الذهبي.
الملاحظة 2
عند كشف اللهب عن الكالسيوم في ملح كلوريد الكالسيوم، يتلون بلون أحمر طوبي.
الاستنتاج
كل عنصر في الطيف الذري له انبعاث مميز يميزه عن باقي العناصر.
تاريخ اكتشاف طيف الانبعاث للعناصر
في بدايات القرن العشرين، أثبتت التجارب التي أجراها إرنست رذرفورد أن الذرات تتكون من سحابة من الإلكترونات ذات شحنة سالبة تحيط بنواة صغيرة كثيفة موجبة الشحنة. وبناء على هذه البيانات التجريبية، اعتبر رذرفورد بطبيعة الحال نموذجا كوكبيا للذرة. كان نموذج رذرفورد عام 1911 يتضمن إلكترونات تدور حول نواة شمسية، ولكنه واجه مجموعة من الصعوبات التقنية، منها قوانين الميكانيكا الكلاسيكية (مثل معادلة لارمور) التي تتنبأ بأن الإلكترون سيطلق الإشعاع الكهرومغناطيسي أثناء الدوران حول النواة، وبسبب فقدان الإلكترون لطاقته، فإنه سيدور بسرعة نحو الداخل وينهار داخل النواة في زمن بلغ حوالي 16 بيكو ثانية. هذا النموذج الذري كان كارثيا لأنه يتنبأ بأن جميع الذرات غير مستقرة.
كما يزداد الانبعاث بسرعة في التردد عندما يدور الإلكترون نحو الداخل ويصبح المدار أصغر وأسرع. ومع ذلك، أظهرت تجارب في نهاية القرن التاسع عشر على التفريغ الكهربائي أن الذرات تصدر الضوء (أي الإشعاع الكهرومغناطيسي) فقط عند ترددات منفصلة محددة.
لحل مشكلة ذرة رذرفورد، قدّم نيلز بور في عام 1913 ثلاثة فرضيات تلخّص معظم نموذج بور لتفسير أطياف العناصر.
لماذا فشل نموذج بور في تفسير أطياف العناصر الأثقل من الهيدروجين
في عام 1913، اقترح العالم الفيزيائي الدنماركي نيلز بور نموذجا نظريا لذرة الهيدروجين لتفسير طيفها الانبعاثي. قام بور ببناء نموذجه استنادا إلى افتراض واحد فقط، وهو أن الإلكترون يتحرك حول النواة في مدارات دائرية ولا يمكن أن تكون لها سوى نصف قطر محدد مسموح به. كما افترض نموذج رذرفورد السابق للذرة أيضا أن الإلكترونات تتحرك في مدارات دائرية حول النواة، وأن الذرة متماسكة بفضل التجاذب الكهروستاتيكي بين النواة الموجبة والإلكترون السالب، على الرغم من أننا نعلم الآن أن افتراض المدارات الدائرية غير صحيح. ومع ذلك، رؤية بور تشير إلى أن الإلكترون يمكن أن يشغل مناطق محددة فقط من الفضاء المحيط بالنواة.
استنادًا إلى الفيزياء الكلاسيكية، أثبت نيلز بور أنه يمكن الحصول على طاقة الإلكترون في مدار معين باستخدام المعادلة التالية:
En = −Rhcn2
حيث الثابت R هو ثابت ريدبرغ ، والثابت h هو ثابت بلانك ، والثابت c هو سرعة الضوء ، والمتغير n هو عدد صحيح موجب يتوافق مع الرقم المخصص للمدار ، حيث يتوافق n = 1 مع المدار الأقرب للنواة ، وفي هذا النموذج ، يتوافق n = ∞ (عدد لا نهائي) مع المستوى الذي تكون فيه الطاقة التي تمسك الإلكترون والنواة معا وتكون مساوية للصفر ، وفي هذا المستوى ، ينفصل الإلكترون عن النواة ويتم فصل الذرة إلى أيون سالب الشحنة (الإلكترون) وأيون موجب الشحنة (النواة) ، وفي هذه الحالة ، يكون نصف قطر المدار أيضا لانهائي.
وفقًا لنموذج بور الفرق في الطاقة (ΔE) بين أي مدارين أو مستويات طاقة، يمكن تحديده بالمعادلة التالية
يتم حساب ΔE = En1 – En2، حيث n1 هو المدار النهائي وn2 هو المدار الأولي.
وقد حصل بور على جائزة نوبل عام نموذجه في عام 1922م والذي كان مبنى على ذرة الهيدروجين، إلا أنه لم ينجح في تفسير الطيف الذري لأي ذرة أخرى تحتوي على ذراتها على أكثر من إلكترون واحد مثل الليثيوم، والهيليوم الذي يحتوي على 2 إلكترون فقط ، والسبب في ذلك:
- لنفترض أنه يمكن تحديد موقع وسرعة الإلكترون حول النواة في أي وقت، ومع ذلك، فهذا يعد مستحيلاً عمليًا بسبب تأثير جهاز القياس على موقع وسرعة الإلكترون، مما يجعل عملية القياس غير دقيقة.
- أهمل بور الخواص الموجية للإلكترون واعتبره جسيما ماديا فقط.
- فُرِضَ أن الإلكترون يدور في مسار دائري، وهذا يعني أن الذرة مسطحة، وبعد ذلك تم إثبات أن للذرة اتجاهات فراغية ثلاثة.