اسلاميات

لماذا وصف الله بيت العنكبوت اوهن البيوت

سورة العنكبوت

سورة العنكبوت هي سورة مكية وتأتي في المصحف الشريف بالرقم 29، وهي السورة الخامسة في الترتيب الزمني للنزول، وتأتي بعد سورة القصص وقبل سورة الروم في الجزء الحادي والعشرين، وهي واحدة من السور الأخيرة التي نزلت في مكة، حيث لم ينزل في مكة سوى سورة المطففين بعدها.

سبب نزول سورة العنكبوت

قال الشعبي إن سبب نزول سورة العنكبوت هو أن بعد إسلام بعض الناس في مكة، أرسل الصحابة رضوان الله عليهم رسالة إليهم، وأعلموهم أن قبول إسلامهم يتطلب الهجرة إلى المدينة. فهاجروا إلى المدينة وتعرضوا للاضطهاد من قبل المشركين، ولذلك نزلت سورة العنكبوت على هؤلاء المهاجرين. بعد ذلك، أرسل العنكبوت رسالة إليهم يخبرهم أن الآية نزلت خصيصا لهم ليقرروا الخروج ومواجهة المشركين الذين كانوا يطاردونهم. وعندما خرجوا، تبعهم المشركون واندلعت المعركة، فقتل بعضهم وهرب البعض الآخر.

وفقًا لأحد المقاتلين، فإن سبب نزول سورة يوسف كان بسبب مقتل أول مسلم في غزوة بدر، حيث تم إطلاق سهم على المسلم عمرو بن الأعظمي وتوفي، وحزن والداه عليه، لذلك أنزل الله تعالى تلك الآيات التي تدل علىوقوع المصيبة.

سبب تسمية سورة العنكبوت

سميت سورة العنكبوت بهذا الاسم منذ عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وذلك بسبب قصة رواها عكرمة عن المشركين الذين كانوا يستهزئون بتسميتي سورة البقرة وسورة العنكبوت، ونزل في هذا السياق قوله تعالى: {إنا كفيناك المستهزئين} (الحجر:95).

تم تسمية السورة بـ `العنكبوت` بسبب ذكر العنكبوت في قول الله تعالى: `مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِن دُونِ اللَّهِ أَوْلِيَاءَ كَمَثَلِ الْعَنكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتًا` (العنكبوت: 41).

وصف الله بيت العنبكوت باوهن البيوت

قال الله تعالى: مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْلِيَاءَ كَمَثَلِ الْعَنْكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتاً وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنْكَبُوتِ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ* إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ* وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ [العنكبوت]

يُعَدُ تشبيهًا بلاغيًا حيث يُشَبِّه الله تعالى المشركين في اعتمادهم على ما يعبدون من دونه وغرورهم به، بالعنكبوت الذي يتخذ بيتًا لنفسه ويعتقد أنه سيحميه ويعصمه من أي اعتداء، ولكنه يجدأن بيته لا يحميه ولا يصمد أمام أضعف الحركات فيتمزق ويسقط.

قال ابن عاشور رحمه الله: هذه الهيئة المشابهة للهيئة المشابهة قابلة للتشبيه على أجزائها. فالمشركون يشبهون العنكبوت في الغرور الذي يمكن أن يدفعوا به، وأولياؤهم يشبهون بيت العنكبوت في عدم الاستفادة منه إلا عند الحاجة، ويمكن أن يتخلصوا منه بأدنى حركة. وأقصى ما يستفادونه منها هو السكن فيها والاعتقاد الوهمي بأنها تحميهم، تشابه رائع يبتكره القرآن الكريم كما سيتم ذكره قريبا في قوله: `وتلك الأمثال نضربها للناس` [العنكبوت: 43].

وأشار الزركشي رحمه الله: لقد أكد الله هذا المعنى بستة أشكال: إدخال حرف النون في أفعال التفضيل، وتشكيلها علىوزن الوهن، وإضافته إلى الجمع، واستخدام اللام لتعريف الجمع، وظهوره في جملة الخبر مع حرف النون.

جاء هذا التصريح كجزء من بيانه حول حرمة الأشياء المقدسة مثل القرآن وضرورة عدم التعدي عليها، وانتقد الحريري في مقامته الخامسة عشرة بعض الأفعال التي تجاوزت حدود الاحترام والتقدير.

ثبت الإعجاز العلمي في بيت العنكبوت أن خيط بيت العنكبوت أقوى من خيط الفولاذ، وأن كونه كذلك لا يتعارض مع ما ذكره الله سبحانه وتعالى.

توصلت بعض الدراسات إلى أن الإناث العنكبوتية تقم بنسج الشبكة، وتتخذ حركات جاذبة أمام الذكور لجذبها إلى الشبكة، وتسمعها أيضا بعض الألحان لتشجيعها على دخول الشبكة، وعندما يلقحها الذكر، تقتله وتأكله، ثم تأكل أيضا صغارها، وبعض الصغار يأكلون بعضا. إذا، إذا كانت العلاقة الداخلية ضعيفة، يضعف معنويا بيت العنكبوت، وقد قال الله تعالى: `وإن أوهن البيوت لبيت العنكبوت` [العنكبوت: 41]. وهذا يشير إلى أن بيت العنكبوت هو بيت ضعيف معنويا.

مقاصد سورة العنكبوت

الهدف الرئيسي لسورة العنكبوت هو تشجيع العبد على بذل الجهد في أمر الخير ونهي الشر، وأن يدعو الله وحده دون الاعتماد على غيره، لكي لا يكون ضعيفا مثل العنكبوت. فهذا يدل على أن كل من يتخلى عن الله يكون مثل العنكبوت. إنها سورة تعبر عن ضعف الكافرين وقوة المؤمنين الذين يعتدون على الله وحده لا شريك له. وهنا يتضح سبب تسميتها بالعنكبوت.

تدور سياق السورة حول ثلاثة مقاصد، كما تدور السورة حول الإيمان

  • المقصد الأول : يتضمن موضوع الإيمان والسنة في الفتن والابتلاء، ومصير المؤمنين والمنافقين والكافرين، كما يشمل الأمر التبعية الفردية حيث لا يمكن لأحد أن يحاسب آخر يوم القيامة.
  • المقصد الثاني : يتضمن عرض سيرة الأنبياء السابقين وما واجهوه من عقبات وفتن في سبيل الدعوة، ومع ذلك تعرض بياناً لأن هذه العقبات قد تبدو صغيرة عند قياسها بقوة الله سبحانه وتعالى، ويتم التأكيد على أن الحق الذي يتمثل في دعوة الرسل هو نفسه الحق الذي يتمثل في خلق السماوات والأرض.
  • المقصد الثالث : ينهى القرآن المجادلة مع أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن، ما لم يظلموا، ويتحدث عن وحدة الدين كله واتحاده مع آخر الأديان السماوية، ويؤكد على صحة الدين الإسلامي الذي يُجحده الكافرون ويُناقشه المشركون، ويختم السورة بالبشرى والتثبيت والإطمئنان للمجاهدين في سبيل الله الذين هداهم.

أما فوائد سورة العنكبوت بالتفصيل فهي:

  • كان المشركون يحاولون إثارة الفتنة بين المسلمين وصدهم عن الإسلام وعن الهجرة إلى المدينة مع الرسول صلى الله عليه وسلم والمهاجرين.
  • ومن بين الاختبارات التي ذكرت في سورة العنكبوت، هناك اختبار طويل لمدة احتلال الأعداء وسيطرتهم على المؤمنين، وقد يعتقد المؤمنون أن مدة احتلالهم هذه هي استمتاع بالقوة والسيطرة على الأمور، ولكن ذلك قد يدفعهم للابتعاد عن سبيل الله، ولذلك حذرت السورة من أن الهدف من هذه الاختبارات هو التفريق بين المؤمنين والمنافقين، وقال تعالى: {وليعلمن الله الذين آمنوا وليعلمن المنافقين} (العنكبوت:11)، {فليعلمن الله الذين صدقوا وليعلمن الكاذبين} (العنكبوت:3).
  • وعد الله سبحانه وتعالى في هذه السورة بنصر المؤمنين وخذلان المشركين وأنصارهم.
  • أمر الله سبحانه وتعالى بالفصل عن المشركين ومجافاتهم، والابتعاد عنهم حتى لو كانوا من أقرب الناس إلينا.
  • يتعين على المؤمنين الصبر على مضايقات المشركين وإخبارهم بأنهم لديهم في الأرض ما ينقذهم من أتباع الشرك.
  • يجب مجادلة أهل الذمة من أهل الكتاب بأسلوب الحوار الحسن، ما عدا الظالمين منهم.
  • أمر النبي صلى الله عليه وسلم بالثبات على نشر القرآن وشعائر الإسلام بين الناس.
  • من الأمور المهمة في الإسلام هو التأسي بأحوال الأمم التي جاءتها الرسل، وأن النبي صلى الله عليه وسلم جاء بمثل ما جاءوا به من الرسل.
  • استخدام دليل القرآن الكريم كدليل على أنه من عند الله، وتذكير المشركين بالنعم التي أنعم الله بها عليهم، لكي يتوقفوا عن عبادة ما دونه.
  • يجب على المشركين التصديق بأن الله تعالى هو الخالق للسماوات والأرض وما بينهما.
  • تشبيه اعتبار المشركين أولياء من دون الله ببيت العنكبوت، ويشير هذا إلى أن من يعتمد على الأصنام مثل العنكبوت التي تعتمد على بيتها الذي لا يتحمل أضعف الحركات، فهو شبيه بذلك بالعنكبوت، ويأتي هذا التشبيه لدعوة التوحيد الذي هو أعظم مقاصد القرآن.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى