لماذا نهى النبي عن كتابة الحديث
سبب نهي النبي عن كتابة الحديث
تم تدوين أحاديث السنة النبوية في زمن الرسول صلى الله عليه وسلم في مرحلتين مهمتين؛ مرحلة تحريم الكتابة ومرحلة السماح. في بداية الدعوة إلى الإسلام، منع النبي صلى الله عليه وسلم الصحابة من كتابة الأحاديث النبوية الشريفة، خوفا من الخلط بين السنة والقرآن الكريم.
ومع ذلك، فإن عدم كتابة الحديث في أمره أو عنه يفتح الباب لوضع الحديث ونسبه الكاذب إلى النبي أمام المتواضعين والكذابين، وكانت كتابة السنة في بدايتها تثير مخاوف النهي عنها، ولكن مع تثبيت الدعوة واستقرارها، قلت هذه المخاوف وأذن رسول الله بكتابة السنة.
نشأة تدوين الحديث النبوي
المسلمون يولون اهتماما كبيرا لتوثيق الأحاديث ونقل ما قيل أو فعله النبي محمد، سواء كانت أقوالا أو أفعالا أو رسائل، وتعد الأحاديث النبوية المصدر الثاني للشريعة الإسلامية. وقد شهدت عملية توثيق الأحاديث تطورا كبيرا مع مرور الوقت، حيث تحولت من مجرد جمع الأحاديث إلى تصنيفها وتنظيمها، وذلك بتصنيفها حسب الموضوعات الفقهية أحيانا، أو حسب الرواة أحيانا أخرى، حتى وإن كانت موضوعاتها متنوعة. وتطورت هذه العملية مع مرور الوقت لتشمل أنواعا مختلفة من كتب الحديث مثل الموطات والمصنفات والمسانيد والسنن والجوامع والمستدركات والمستخرجات. وفي القرن الخامس الهجري، توقفت عملية التوثيق لفترة، ثم انتقل العلماء إلى مرحلة أخرى وهي نقد الحديث من حيث السند والمتن، ومن ثم بدأت مرحلة إنشاء علم مصطلح الحديث.
أهمية التدوين
تعتبر السنة أمرا هاما جدا بالنسبة للمسلمين بسبب دورها التوضيحي والتنظيمي والخاص في بعض النصوص القرآنية. تم ذكر الكثير من آيات القرآن بشكل ملخص أو عام أو مطلق، وبالتالي، يقوم كلام النبي محمد بتوضيحها وتحديدها وتجسيدها. كما كان سلوك النبي محمد فيما يتعلق بالقرآن، حيث لم يتم تفسيره كدليل للمشرعين، ولذلك كان من الضروري جمع الأحاديث وتوثيقها بعناية.
في البداية، لم يتم تسجيل الحديث في عهد النبي محمد، حيث نهي عن ذلك، ولكن تم فتح الفرصة أمام بعض الأشخاص المتواضعين الذين سمحوا بنشر الحديث ونسبهم زورا إلى النبي محمد، ووصل الأمر إلى عدد كبير. كانت الفرص محدودة لدرجة أن البخاري كتب في صحيحه فقط سبعة آلاف حديث، من أصل ستمائة ألف حديث كان يتردد في تلك الفترة. وكان هناك تنافس سياسي بين السنة والشيعة، وبين الأمويين والعباسيين، بالإضافة إلى الخلافات اللفظية والشرعية في الدين. ظهر الحديث بسبب تعدد المذاهب في القرون الأولى للإسلام، حيث سعى مؤلفوه إلى إبراز أحدها على الآخر، باستخدام الاتجاه السائد في ذلك الوقت ومفضلين عدم كتابة الحديث.
أسباب تدوين الأحاديث
نظرا لأن السنة هي أحد أصول الدين ومصادر التشريع ، كان من الضروري تدوينها. لذلك ، قام ابن شهاب الزهري بتدوين السنة النبوية كاملة في كتاب واحد ، بما في ذلك جميع الأحاديث التي رواها صحابة الرسول محمد صلى الله عليه وسلم ، لعدة أسباب مهمة
- من الواجب الحفاظ على سنة النبي صلى الله عليه وسلم وأصول الدين من الضياع والكذب والتحريف الذي يقوم به أصحاب الأهواء والبدع والإلحاد.
- يتضمن ضمان فرصة لدراسة الحديث بالتحقّق والنقد والبحث، وضبط معايير تقويم الحديث، ومعرفة ما هو مقبول وما هو مشتق.
- تتيح هذه الفرصة للمسلمين اتباع منهج الرسول الذي ورد في السنة، والذي دعانا إلى الاقتداء به.
- يجب الحفاظ على الدين بعيدًا عن الأساطير والخرافات التي قد تتبادر إلى الذهن وتسبب الفساد في أذهان المسلمين.
- تأكيد إمكانية استخراج الأحكام الشرعية والفقهية اللازمة للمسلم لمعرفة ومتابعة الواجبات والتحريمات.
أشهر العلماء الذين دونوا الحديث
وكما أوضحنا أن ابن شهاب الزهري هو أول من دون الحديث تدوينا عاما، وقام علماء المسلمين بجمع سنة النبي عليه الصلاة والسلام وتنظيمها، ومن أشهر هؤلاء الأئمة ما يلي
- محمد بن إسماعيل البخاري، الملقب بأبي عبد الله، ولد في بخارى عام 194 هـ. قابل واستمع إلى ألف شيخ وجمع حوالي ستين ألف حديث، ثم اختار الأحاديث الأكثر صحة وثباتا وكتبها في كتابه “الجامع الصحيح المسند من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم وسنته ورسوله.” تعرض للنفي من قبل أمير بخارى بعد أن رفض الحضور لتعليم أولاده، فانتقل إلى مدينة خرتنك بالقرب من سمرقند وتوفي عام 256 هـ، عن عمر يناهز الستين عاما.
- أبو الحسين مسلم بن الحجاج النيسابوري، ولد بمدينة نيسابور سنة 204 هـ فطلب العلم هناك ، ثم في صغره ذهب إلى العراق والحجاز ليكمل رحلته. بحثا عن الأحاديث، وصنف كتابه الحديث لمدة خمسة عشر عامًا وهو أصح كتاب حديث بعد صحيح البخاري، وتوفي في مدينة نصر أباد عام 261 هـ عن سن السابعة والخمسين.
- أبو داود سليمان بن الأشاع السجستاني، من أئمة العظماء، وُلد في عام 202 هـ، وسافر إلى العديد من الدول للاستماع إلى الأحاديث، مثل الحجاز والعراق ومصر، ودرس الفقه على يد الإمام أحمد بن حنبل، وتوفي في عام 275 هـ.
- محمد بن عيسى الترمذي، المعروف أيضا بأبي عيسى، ولد في عام 209 هـ في مدينة الترميد بجوار النهر. سافر إلى العديد من المدن الإسلامية بحثا عن الأحاديث، مثل العراق وخراسان والحجاز، وكان يتعلم عند مشايخه، مثل أحمد بن حنبل وأبو داود. روى الأحاديث النبوية بشكل رئيسي في علوم الفقه، وقد ورد في كتابه العديد من التساؤلات والنقاشات حول الأسباب والحكم الشرعي. يعد كتابه واحدا من الكتب الستة المعترف بها، وقد أبصر العمى في النهاية، وتوفي في عام 279 هـ وعمره حوالي السبعين.
- أحمد بن شعيب النسائي، المولود في مدينة ناسا في إقليم خراسان عام 215 هـ، كان عالمًا عظيمًا في مجال الجروح والتغييرات، وعاش في مصر، حيث انتشر علمه، ثم انتقل إلى دمشق وتوفي فيها عام 303 هـ.
- أبو عبد الله محمد بن يزيد القزويني: ولد ابن ماجة عام 209 هـ في قزوين، وقد زار العديد من المدن مثل البصرة والكوفة والعراق ومصر وغيرها، وكتب العديد من الكتب بما في ذلك كتاب في التفسير وكتاب في التاريخ وسنن ابن ماجة، وتوفي في سن الرابعة والستين عام 273 هـ.
- وأخيرًا، كان من الضروري الكشف عن سبب منع الرسول صلى الله عليه وسلم من تسجيل وكتابة الأحاديث في بداية تحول المجتمع إلى الإسلام، ودراسة مراحل كتابة الأحاديث حتى يرضي المسلم الحديث في اتباعه في دينه وفي الدنيا.