لماذا سميت حجة الوداع بهذا الاسم
حجة الوداع” تعني الحجة التي قام فيها الرسول صلى الله عليه وسلم بتوديع الناس، وبسبب ذلك سميت باسم “حجة الوداع”. في هذه الحجة، قدم الرسول صلى الله عليه وسلم للناس دروسا في دينهم ونصحهم ببعض الأمور. والجدير بالذكر أن الحجة الوداع هي الحجة الوحيدة التي حجها الرسول صلى الله عليه وسلم بعد الهجرة، وقبل ذلك حج الرسول صلى الله عليه وسلم عدة مرات لا يعرف عددها .
حجة الوداع
في خطبة الوداع، قام الرسول صلى الله عليه وسلم بأداء مناسك الحج، ثم خطب الناس وأعلمهم ببعض أحكام دينهم مثل حرمة يوم النحر وحرمة مكة المكرمة. وطالب الناس باتباع المناسك التي قام بها. وقد ذهب صلى الله عليه وسلم إلى موقع التضحية وذبح بنفسه 63 شاة، ثم طلب من علي بن أبي طالب رضي الله عنه أن يكمل باقي التضحية. ثم حلق شعر رأسه وقام بأداء طواف الوداع في مكة المكرمة، ثم أدى صلاة الظهر، وعاد إلى منى ونام هناك حتى غروب الشمس. ثم قام برمي الجمرات في هذا اليوم وفي أيام التشريق الباقية. وفي اليوم الثالث عشر من ذي الحجة، أدى طواف الوداع ثم عاد إلى المدينة المنورة .
خطبة حجة الوداع
في حجة الوداع خطب الرسول صلى الله عليه وسلم خطبة فيها بعض الأمور وأوصاهم ببعض الأشياء، حيث قال فيها : ” أيها الناس، استمعوا لقولي، فربما لا ألتقي بكم بعد هذا العام، في هذا الموقف. أيها الناس، إن دماءكم وأموالكم عليكم حرام، حتى تلتقوا بربكم وكما تحرمون في هذا اليوم، وكما تحرمون في هذا الشهر، وستلتقون بربكم وسيسألكم عن أعمالكم التي قد بلغت. فمن كان عنده أمانة فليردها إلى من ائتمنه عليها، وإن كل ربا محظور، ولكن لكم رؤوس أموالكم، لا تظلموا ولا تظلموا، وقد قضى الله بتحريم الربا، وبالفعل الربا كله محظور، وإن كل دم كان في الجاهلية محظور، وإن أول دم يذكر من دمائكم هو دم ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب – الذي كان يرضع في بني ليث وقتله هذيل – فهو أول مثال أذكر من دماء الجاهلية ..
أمّا بعدُ أيُّها النَّاس، إنَّ الشَّيطانَ قد يئِسَ أن يُعبَدَ في أرضِكم هذِهِ أبداً، ولَكنَّهُ أن يطاعَ فيما سوى ذلِكَ فقد رضِيَ بهِ مِمَّا تحقِّرونَ من أعمالِكم، فاحذروهُ على دينِكُم. أيُّها النَّاسُ : (إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيَادَةٌ فِي الْكُفْرِ، يُضَلُّ بِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا، يُحِلُّونَهُ عَاماً وَيُحَرِّمُونَهُ عَاماً؛ لِيُوَاطِئُوا عِدَّةَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ فَيُحِلُّوا مَا حَرَّمَ اللَّهُ)، ويحرِّموا ما أحلَّ اللَّهُ، وإنَّ الزَّمانَ قدِ استدارَ كَهيئتِهِ يومَ خلقَ اللَّهُ السَّمواتِ والأرضَ، وَ(إنَّ عدَّةَ الشُّهورِ عندَ اللَّهِ اثنا عشَرَ شَهراً منْها أربعةٌ حُرُمٌ)، ثلاثةٌ متواليةٌ، ورجبُ الَّذي بينَ جُمادى وشعبان ..
أمَّا بعدُ أيُّها النَّاسُ، فإنَّ لَكم على نسائِكم حقّاً ولَهنَّ عليْكم حقّاً، لَكم عليْهنَّ أن لا يوطِئْنَ فُرُشَكم أحداً تَكرَهونَه، وعليْهنَّ أن لا يأتينَ بفاحشةٍ مبيِّنةٍ، فإن فعلنَ فإنَّ اللَّهَ قد أذنَ لَكم أن تَهجُروهنَّ في المضاجِعِ، وتضرِبوهنَّ ضرباً غيرَ مبرِّحٍ، فإنِ انتَهينَ فلَهُنَّ رزقُهنَّ وَكسوتُهنَّ بالمعروفِ، واستوصوا بالنِّساءِ خيراً، فإنَّهنَّ عندَكم عَوانٍ لا يملِكنَ لأنفسِهنَّ شيئاً، وإنَّكم إنَّما أخذتُموهنَّ بأمانةِ اللَّهِ، واستحللتُم فروجَهنَّ بِكلمةِ اللَّهِ، فاعقلوا أيُّها النَّاسُ قولي، فإنِّي قد بلَّغتُ وقد ترَكتُ فيكم ما إنِ اعتصمتُم بِهِ فلن تضِلُّوا أبداً، أمراً بيِّناً كتابَ اللَّهِ وسنَّةَ نبيِّهِ ..
أيُّها النَّاسُ، اسمعوا قولي واعقِلوهُ تعلمُنَّ أنَّ كلَّ مسلمٍ أخو للمسلِمِ، وأنَّ المسلمينَ إخوَةٌ، فلا يحلُّ لامرئٍ من أخيهِ إلا ما أعطاهُ عن طيبِ نفسٍ منه فلا تظلِمُنَّ أنفسَكمُ، اللَّهمَّ هل بلَّغتُ؟ قالوا : اللَّهمَّ نعَم، فقالَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّم : اللَّهمَّ اشْهَدْ) .