النوبة هي منطقة تقع جنوب جمهورية مصر العربية، تمثل منبعا للنيل الأزرق والنيل الأبيض. وتتميز النوبة بوجود العديد من الممرات النيلية الضيقة التي يتكون معظمها من الحجر الجرانيت الصخري، وتغطي بنعومة أغلب وادي النيل. وتحتوي أسوان على شلال يفصل بين بلاد النوبة وباقي محافظات مصر، وتوجد شلال آخر يقع شمال النوبة. ورغم وجود النيل، فإن الأراضي المحيطة بها تشتهر بالرمال الصخرية والصحارى، إلى جانب الأراضي الزراعية.
بلاد النوبة
على مدى الكثير من السنين نشأت في أرض النوبة العديد من الممالك المختلفة التي جاءت بثقافاتها. ومع ذلك، ظل شعب النوبة ثابتا على وجود لغة خاصة بهم، وعادات وتقاليد خاصة بهم. هناك مجموعة من الحفريات الأثرية والحكايات المصرية القديمة التي تحكي قصصا عن بلاد النوبة. كما يوجد العديد من الاستكشافات العلمية للنوبة بدءا من القرن التاسع عشر. قبل بناء السد العالي في أسوان، كان هناك ثلاث شعوب نوبية تعيش هناك، فيديكات الناطقة بالمهاس، وكنوز الناطقة بالمطوقي، والعليقات الناطقة بالعربية. وعلى الرغم من تنوع الشعوب النوبية، إلا أنهم يشتركون في العديد من العادات والتقاليد.
مناجم الذهب في النوبة
في الماضي، كانت النوبة معروفة بصناعة المجوهرات الفريدة والمميزة، حيث يوجد تاريخ غني بأجمل أنواع المجوهرات النادرة والفريدة، وتتميز كل قطعة بأسمها الفريد الذي يعطيها معنى مميز. كانت النوبة في الماضي تحتوي على مناجم الذهب في منطقة تسمى وادي العلاقي، وهذا هو سبب تسمية النوبة بـ “أرض الذهب”. وعلى الرغم من ذلك، فإن العثور على العديد من القطع الأثرية النادرة التي تم صنعها في الماضي صعب الآن، ولكن ليس مستحيلا، حيث يوجد مجموعة نادرة لا تزال موجودة حتى الآن.
في الوقت الحالي، يعتبر العثور على المجوهرات النوبية تحديا كبيرا وصعبا. عندما تذهب إلى أسواق النوبة، ستجد قطعة أو قطعتين فقط من المجوهرات القديمة التقليدية. يعتقد من قبل العديد من المؤرخين أن تطور قطاع السياحة في النوبة وزيادة الدخل من الجانب السياحي أدى إلى تراجع كبير في سوق الذهب وصناعته في المنطقة. ولذلك، نرى عدم وجود العديد من المشغولات القديمة التقليدية في أسواق النوبة. تم استبدال المجوهرات الذهبية بأخرى فضية، وقد هاجر النوبيون إلى دول الخليج للعمل في صناعة الذهب هناك. ويقوم العديد من النساء ببيع القطع القديمة والنادرة لشراء قطع أحدث في التصميم. ولذلك، لا تتوفر العديد من القطع الذهبية.
صفات أهل النوبة
رغم وجود صفات وعادات مشتركة لدى المجموعات النوبية الثلاثة، إلا أن كل مجموعة تتميز بشيء خاص بها. ومع ذلك، العرف النوبي الذي لا يتغير هو مهر العروس. يتمثل ذلك في مجوهرات المرأة النوبية التي تحتوي على مجموعة من القطع الثابتة التي يجب على العروس ارتداؤها في حفل الزفاف. فعلى سبيل المثال، يجب على العروس ارتداء قلادة ذهبية لمدة يوم كامل. تقوم حماة العروس بشراء هذه القطع لها، لترتديها أثناء ارتداء زي الاحتفال الرسمي.
قطع عروس النوبة الذهبية
يعتبر استخدام القطع الذهبية في بلاد النوبة نوعا من أحياء المكانة والمشاعر، ويجب على الحماة تقديم أفخم وأغلى أنواع القطع الذهبية، وإذا لم تحضر العروس أو عائلتها أنواعا رخيصة وغير مميزة، فإن ذلك سيسبب حرجا لعائلة العروس، ولا ينبغي للأرملة ارتداء أي نوع من المجوهرات، خاصة إذا كانت قد فقدت زوجها حديثا، باستثناء عقد جاكيد الذي يأتي من مهرها، وترتديه على ظهرها وليس على صدرها، ويتلقى الفتيات الهدايا الذهبية منذ الصغر، وهي نوعا من العادات حتى يأتي الوقت ليصبحن عروسا ويتلقين الجزء الأكبر من مجموعتهن
تتفاوت شكل ونوع المجوهرات التي يقدمها المهر العروسي وفقًا للمجموعة التي تنتمي إليها العروس، وتتضمن مجموعة متنوعة من القطع المجوهرات الضرورية في مهر كل عروس نوبية
عقد جايد
تعتبر قلادة جايد واحدة من العناصر الأساسية في مهر العروس النوبية، وتتألف من ستة أقراص دائرية مصنوعة من الذهب الخالص، حيث تحيط بها ميدالية مركزية تحتوي على تصاميم من خرزات مصر القديمة، ويتميز التصميم بالقرص المركزي الدائري بشكل يشبه إله الشمس آمون رع.
عقد النجار
يحتوي عقد النجار على قطعة مميزة ونادرة، فهو عاص بقد خاص بمجموعة الفاديكات، والتي تحظي بشعبية كبيرة بين النساء، فالأقراص مستوحاه من إله الطبل المزدوجة، وزخرفة العشرة بتلات التي تشبه العيون حيث تنتمي إلى عادة لدرء الشر، ويوجد بها أنبوب يشبه حاجب العيون، حيث يعتبر نوع من التعويذة بالحماية منذ العصور الوسطى.
بياح كولر
تتألف هذه الميدالية من ستة قلادات بشكل كمثرى مصنوعة من الذهب، وتحتوي على أشكال نجمية وهلالية منقوشة عليها، وتحيط بها كلمة “ما شاء الله”، وتستخدم هذه القلادات على شكل هلال مع إدراج خرز الزيتونة بينها كفواصل، ويُعتقد أن هذه الكلمة تعني “جسم لامع وبراق.
الدوغة
يسمى بالعقد المختنق وهو يعني ” جسم ناعم ” في السودان، وهو يحتوي على أربعة وعشرين خرزًا ذهبيًا ممدودًا، وستة من الصناديق الخاصة بالخرزات فاصلة، وستة وثلاثون خرزة ذهبية مثمنة ، وعدد من خرزات العقيق اليماني، توجد به حبات من اللون الأزرق أو الأخضر تكمل القلادة في الخلف، ولكن بسبب الميزانية والذوق يمكن أن يقل عدد الخرز الذهب في القلادة، وهذه القلادة موجودة منذ آلاف السنين، حيث كان يوجد منها في قبر الأمير خوفو خاف، وأيضا صور لهذه القلادة في المملكة القديمة.
الأقراط
تتخذ الكثير من الأقراط النوبية العديد من الأشكال المختلفة، والتي تعتبر من أشهر أنواع القلادات بين جميع السيدات في مختلف المجموعات النوبية، حيث ترتدي النساء ثلاثة قلادات في كل أذن، بدءًا من اللولب وصولاً إلى الفص، ولكن في وقتنا هذا أصبحت النساء لا يرتدن هذا النوع من الأقراط، وعادة ما يرتدن تميمة على شكل هلال بتصميم منقوش للطيور والنباتات، يأتي بشكل زمام كبير على شكل هلال أيضًا ، ولكنه مقسم في الأسفل ، مع تصاميم هندسية محفورة على السطح.
جادة الرحمن
يطلق على هذه القلادة حلية الرأس، وهو النوع الذي يشبه مثلث وممتد بخط مستطيل في الأعلى ويتدلى منها مثلث، يشبه كثيرا الشكل الشعبي في الفن النوبي، ويرمز إلى النجاح وعادة ما يتم ارتداءه أعلى الرأس بشكل مرتفع، وإذا كان المثلث مقلوبًا فإنه يرمز إلى الأرض والمياه، والتصميم الداخلي به يرمز إلى صليب تاو في مصر القديمة، ويتم ارتداء زهرة اللوتس كزخرفة على الرأس بنفس طريقة هذه القلادة، وكل هذه القلادات تم نشأتها في العصور القديمة، فهذه الثقافة طالت الطائفة المسيحية أيضا، وخاصة من هم من الفاديكات.